PDA

View Full Version : مقال يستحق ان يكتب بالذهب


دمدم
29-01-2004, 06:31 AM
http://writers.alriyadh.com.sa/images/alahmade.jpg

المشكلة ليست في الفرشة

التاريخ: الاثنين 2004/01/26 م
بعد خروجي من صلاة الجمعة الماضية وجدت شاباً لا أعرفه يقف بقرب سيارتي. سلمت عليه وركبت السيارة فبادرني بالسؤال "هذه سيارتك!؟" قلت "من الواضح انها كذلك" قال "تدري ويش قصة الفرشة؟" قلت "ماذا تعني بالفرشة" قال "هذه التي تحت قدميك؛ مكتوب أسم الله تحتها".. رفعت قدمي وسحبت "الفرشة" فلم أر شيئا. ولكنه ادخل رأسه من الشباك وقال "أنظر جيدا إلى هذه الخطوط الثلاثة وحرف الهاء على يسارها"؛ تمعنت جيدا وقلت "بصراحة لا أرى غير ثلاثة خطوط متفرقة ومثلث صغير - ثم أين الخط الرابع؟". ولكنه أصر وقال: "لا؛ هذا اسم الله، وهي إهانة مقصودة اعتذرت عنها الشركة لاحقاً. ولانني لم أقتنع بما رأيت دخلنا في نقاش طويل ذهب خلاله الناس واغلق المسجد أبوابه وبدأت أم حسام ترن بالجوال..
وأعترف أنني تضايقت حينها وتذكرت تلك السنوات التي انتشر فيها هاجس رؤية اسم الجلالة على كل شيء مهان.. في تلك الايام أخبرني رئيس مركز الدعوة والإرشاد بالمدينة انهم أصبحوا يتلقون من خمسة إلى عشرة بلاغات في اليوم تتعلق بكتابات وهمية على الاحذية والبسط وكفرات السيارات - بل ان أحدهم احضر ذات يوم مغسلة مطبخ مشبوهة!!
@ واذكر أنني رأيت شخصيا في مسجد الحي ملصقاً عليه صورة مكبرة لكفر كتب تحته: "أخي المسلم تضم كفرات تويوتا الجديدة اسم الله عمدا لاهانة الإسلام والمسلمين فعليك بمقاطعة سيارات تويوتا ان استطعت". ويبدو ان الكاتب ادرك اننا شعب لا يستغني عن "الونيت" و"الكريسيدا" فانهى نصيحته بـ (ان استطعت). وحين دققت في الصورة لم ار غير ثلاثة خطوط متوازية لا توحي بشيء ولكن الملصق انتشر لدرجة ان الوكيل المحلي اضطر للاعتذار علنا - رغم ان الكفرات لا تخصه - وقال ان التصميم تم بالكمبيوتر وليس له اي معنى خاص!!
ولعلكم مثلي رأيتم مرارا وتكرارا ذلك الملصق الذي يدعي ان الاحرف الاولى من كلمة بيبسي pepsi تعني ادفع بنسا لتقتل مسلما (وهو استنتاج خطير لا يخطر على بال شارون نفسه).. وحين كنت في جريدة المدينة نشرت الصفحة الاسلامية صورة معكوسة لكلمة كوكا كولا (Coca Cola) وادعت انها تقرأ من اليمين لليسار (لا محمد لا كعبة).. وكما حصل مع تويوتا قدمت كوكاكولا اعتذارها حيال هذا التشابه - وكان واضحا انها تجامل عقولنا الصغيرة لان الاسم ذاته سجل كماركة تجارية قبل 114عاما من هذا الاكتشاف الرائع!!
@ بقي ان اوضح لماذا اتضايق شخصيا من ادعاءات كهذه:
أولاً - لانها ليست حقيقية (أو صريحة) وتتضمن قدرا كبيرا من الهوس وتضخيم الذات.. ثانيا - لانها هي ذاتها قد تتطاول على الذات الإلهية كالترجمات المزعومة لاسماء البوكيمون (فاكرينه!؟)
ثالثا - لانها تدل على عدم ثقتنا بانفسنا والاعتقاد اننا ضحية لمؤامرة تحيكها ضدنا شعوب العالم (ولانها تخاف منا.. تفعل ذلك سرا!!)
رابعا - لانها تتجاهل حقيقة ان الشركات الكبرى (حتى وان كرهت الإسلام واهله) لا يمكن ان تدمر مصالحها التجارية بحركات صبيانية كهذه!!
خامساً - لان هذه الادعاءات تبسط قضايانا المصيرية بطريقة مؤلمة.. فأنا مثلا لا أفهم كيف تسببت مشاهدة البوكيمون في غزو افغانستان وشرب البيبسي في احتلال فلسطين!؟
واخيراً - لاننا أصبحنا اضحوكة العالم.. تخيل أنت كم سيضحك العالم لو أصدرت أمريكا قرارا بتحريم حرف الـ(C) لانه يشبه الهلال. أو كيف سننظر نحن لشركة جنرال موتورز حين تتخلى عن صنع ست ملايين سيارة في العام وتتفرغ لإنتاج "فرشات" مدسوسة..
أما حين تعتذر الشركات الاجنبية عن خطأ كهذا فإنها تفعل ذلك ولسان حالها يقول (انهم شعب من الشكاكين، اعطهم ما يريدون ليستمر تعاملنا معهم)!!
وبصراحة يعلم الله اننا شعب من الشكاكين؛ فنحن نرى في كل تقاطع صليب، وفي كل "ارابيسك" نجمة داود، وفي كل ثلاثة خطوط لفظ الجلالة. هاجس المؤامرة جعلنا نعتقد ان لا هم للشركات العملاقة غير تمرير الخدع علينا - في حين ان شركات كهذه تدرك جيدا ان ازدهارها التجاري يعتمد على احترام عقلية المجتمع الذي تتعامل معه..
في الحقيقة نحن من نهين انفسنا حين نعتقد اننا اكتشفنا خدعة مصيرية على كفرات الونيت أو فهمنا (اليوم) اهانة كتبتها كوكاكولا عام 1887.اما حين نعتقد ان البيكيمون سيدمر امة ذات تاريخ وحضارة عريقة فهذا ضعف في المنطق وتضخيم لهاجس الشك يجب البحث عن أصله!

تعليقي...احترام كبير لهذا الكاتب والموافقه على كل حرف خطه الاستاذ فهد.