تسجيل الدخول

View Full Version : كنت إباضيا


فلاح
04-01-2003, 04:22 AM
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعـوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وآله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد :

فهذه وريقات حررتها على روية نصحا للعباد ، وأداء للواجب ، وإبراء للذمة أمام الله عز وجل ، بينت فيها حقيقة الفرقة الإباضية ، عقائدها وأصولها ، منهجها ومنطلقها ، معتمدا في ذلك على أوثق مراجعها ، وأصح مصادرها التأريخية والعلمية ، حرصت على أن أجعلها مختصرا – قدر المستطاع - في أسلوب سهل ينتفع به عامة المسلمين ومثقفوهم بشكل عام ، وجعلته على هيئة عناوين ووقفات تمثل – في وجهة نظري على الأقل – أهم الأصول العقائدية والمنهجية لهذه الفرقة ، لأن غيرها من الأصول والعقائد بله الأحكام إنما تعتمد على هذه المقررات التي أجمع عليها أئمة هذه الفرقة ودانوا بها لله ، فاتبعوا بذلك سبيلا غير السبيل الذي بينه الله جل وتعالى في كتابه ، والنبي محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – في سنته ، وغير منهج خيرة القرون المشهود لهم بالخيرية !! .

لقد كنت كغيري أسمع عن هذه الفرقة ، وأحسب أن الأحداث قد تجاوزتها ، وصارت في ذمة التأريخ ، حتى التقيت بأحد الإباضية الذين جاؤوا للدراسة ، وبعد محادثة معه تبينت أنه إباضي ، فاحتفيت به على اعتبار أنه يمثل عندي عنصرا لفرقة ما كنت أحسب لها وجودا ، وكأني على عتبة باب جديد من أبواب المعرفة ، وفعلا بعد لقاءات وجيزة أهداني ، كتاب ( الحق الدامغ ) لمفتي الإباضية في سلطنة عمان ، فقرأت الكتاب ، وإذا بي أغرق في موجة عاتية من الأسف والحزن !! نعم.. أسفت ، وحزنت حزنا شديدا لما تضمنه من تقريرات لعقائد بالية ، فيها من المشاقة لله تعالى ، ورسوله – عليه الصلاة والسلام - والاعتداء على حرمة الإسلام ما يندى له الجبين حياء من الله ورسوله !! ، ولكني في الوقت ذاته حمدت الله تعالى أن هتف لي هذا العبد الذي يحمل هذا البرهان على حقيقة هذه الفرقة ، ولم يجعلني أسير بريق إعلامي يزور الحقائق ، ويقلب المفاهيم ، ويسقي الناس السم القاتل في كأس من ذهب !!

وبعد مدة ليست بالقصيرة يسر الله تعالى لي فالتقيت ببعض من كانوا ينتمون لهذه الفرقة ، بل ويتعصبون لها ، ويقررون معتقداتها ، ثم من الله تعالى عليهم بالهداية إلى الحق والسنة .. حدثني هذا التائب عن معاناته في رحلته من البدعة إلى السنة ، وكيف استطاع بفضل الله تعالى أن يعبر حواجز الباطل ، بصبر وجلد ، وعزيمة وثبات حتى آل به الأمر إلى الطمأنينة التي كان ينشدها في اتباع أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - وتابعيهم بإحسان من سلف هذه الأمة ، وقرائها ، وأئمتها ، ومجاهديها الأبرار ، فتخلص من ضيق الصدر ، وجفاف الروح ، وقسوة القلب ، وكثير من الأمراض السلوكية القلبية التي كان يجدها في صدره ولا يعرف لها تفسيرا حتى أذن الله له بالتوبة .. .

أهداني صورة مخطوطة من مذكرات [[1]]كان قد كتبها لنفسه إبان صراعه مع البدعة .. جمعتني به أخوة في الله ، فطلبت منه بعض المراجع لأصول المذهب الإباضي ، فتكرم باليسير ، واعتذر عن الكثير ، وكانت هذه هي بداية رحلتي في التعرف على هذا المذهب عن قرب من خلال مصادره ومراجعه الأصيلة .

بفضل الله تعالى تيسر لي ما أردت ، وكانت لي لقاءات مع بعض الإباضية ممن يمثلون مرجعية في إقليمهم الصغير !! فكانت هذه الرسالة !! .

من خلال هذه المصادر الموثقة عرفت أن الإباضية يعلنون البراءة من جماعة ليست بالقليلة من كبار أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – كما سيأتي تفصيله وبيانه - يقرر ذلك خلفهم ومعاصروهم تقليدا لأسلافهم الخوارج ، ويحيون من الفتنة ما أراح الله منه المسلمين ، ويعلمون ذلك ناشئتهم في المناهج تحت أبواب ما يسمى عندهم بـ : الولاية والبراءة . التي هي من أصول المذهب الإباضي ، ولا ينكر عليهم ذلك أن لو كانت بالمفهوم القرآني المعلوم في ولاية المؤمنين والبراء من الكافرين ، فهذا من أصول الإسلام المقررة ، ولكن أن يجعل هذا الأصل مطية لإعلان البراءة من كبار الصحابة وأئمة الإسلام العظام ، سيما وأن هذه البراءة كما يعرفونها عندهم – وسيأتي بسط ذلك إن شاء الله تعالى – تعني البغض بالقلب ، واللعن والشتم باللسان ، والجهاد بالجوارح ، والقيام بكل لوازم العداوة ..!!

كما عرفت من خلال المصادر الإباضية ذاتها أنهـم يقطعون بالنار لكل من خالف ( الدين !! ) الإباضي ولو في حرف واحد ، في المقابل يقطعون بالجنة لكل إباضي ، وكلما زاد غلو أحدهم وإمعانه في تطبيق مبادئ المذهب كلما كان أحرى بالحمد عندهم في الدنيا ، والفردوس الأعلى في الآخرة !!

وترتب على هذا تضليل أئمة الإسلام والمحدثين والفقهاء بل والسخرية بالأئمة الأربعة والهزء بهم ، والتحقير لهم ، واعتبار الأئمة والمحدثين دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم ، قذفوه فيها !!، ومن ههنا جاء الحكم بالتضييق على مخالفيهم في دور عبادتهم أي المساجد بل حتى في أداء شعائرهم التعبدية ، وتعلم دينهم ، وقد نقل لنا مؤرخوهم أن أئمتهم وعلماءهم عندما حكموا كانوا يمارسون هذا الدور الرهيب في كبت حريات المخالفين حتى في رفع أيديهم في الصلاة أو في القنوت في صلاة الصبح بالنسبة للشافعية أو في الوتر بالنسبة لغيرهم !! .

ومن هنا – أيضا - ينبثق الحكم الإباضي بالقتل على كل من يصرح بتخطئة أي مسألة من ( الدين !!) الإباضي مما اختلفت فيه الأمة ، بل حتى لو لم يصرح بتخطئتهم وإنما أشار إلى ذلك فحكمه القتل ، يقيم عليه الإمام ( الحاكم الديني المتعصب للإباضية ) حد القتل ، وإن لم يكن لهم إمام أي كانوا في مرحلة ما يسمي عندهم بالكتمان فيجوز قتل الطاعن ( المخطئ ) غيلة ، وهذا تشريع وإقرار لمبدأ الاغتيالات ،وتصفية المخالفين سرا لأجل المذهب !! فيا لله ويا للمسلمين من مركب وعر يراد للأمة أن تركبه ، ومن شر يراد بالأمة أن تتبناه وتلجه ، وقد كانت أمتنا في غنى عن هذا كله .

رأيت هذا فأشغلني عن غيره من أصول فاسدة ، وعقائد مجانبة للهدى الذي جاء به محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – وقلت في نفسي إن كنا نحمد الله تعالى على بعدنا الشخصي عن مواطن نشر هذه الكتب والمقررات التي تؤصل هذه الأفكار المتطرفة والتي تهيج أبناء المجتمع المسلم المتراحم على بعضهم البعض ، وتؤجج نار الغلو في صدور الناشئة والأحداث من معتنقي هذا الفكر فإنا نضع أيدينا على قلوبنا من حاضر يعيشه إخوتنا المسلمون في تلك الأقاليم الذين – وبلا أدنى شك – يتألمون لمثل هذه الحملات المسعورة من المراجع والكتب والنشــرات والدوريات التي تتولى كبر الترويج لهذا الفكر في أوساطهم ، وما نرى أنفسنا إلا حضور في تلك الساحة ، وذلك الميدان ، لأن المستهدف بالدرجة الأولى الإسلام الممثل في السنة النبوية ونقلتها وهم أهل الحديث – زادهم الله شرفا في الدنيا والآخرة – ثم وحدة المجتمع المسلم وترابطه وتماسكه ..

هذا كله جعلني أشعر بواجب النصرة للحق ، بخطوة عملية ولو كانت تقتصر على مجرد كشف الباطل وبيانه ، فهي مرحلــة وإن كان البعض يستهونها إلا أنها في غاية الأهمية ، بل هي الدور الرئيس الذي أناطه الله جل وتعالى بالأمة على وجه العموم ، وبالعلماء على وجه الخصوص ، فإن كشف المغرضين ، والمنافقين ، والمتربصين بالإسلام وأهله منهج قرآني مجمع عليه ، فما سورة البقرة وما تضمنته من فضح لأمثال هؤلاء ، وسورة آل عمران ، بل سورة التوبة والتي من أسمائها "الكاشفة " إلا أمثلة جلية تقرر هذه الشعيرة العظيمة ، فكيف بسائر القرآن ، فكيف بالسنة المطهرة !!نسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، برحمته .. .

......................
http://www.geocities.com/abadymazhab/1a.htm#_ftn1






--------------------------------------------------------------------------------