PDA

View Full Version : هل رأيت أعدل من هذا القاضي ؟؟؟؟؟؟؟؟


الخير
21-09-2001, 12:30 AM
شريك بن عبد الله 00

قاضي الكوفة عظم أمر الله ، قأذل الله له عظماء خلقه :

روى عمر بن هياج بن سعيد قال : أتت امرأة يوماً شريك بن عبد الله قاضي الكوفة وهو في مجلس الحكم ، فقالت :

أنا بالله ، ثم بالقاضي ، قال : من ظلمك ؟ قالت : الأمير موسى

بن عيسى ابن عم أمير المؤمنين ؛ كان لي بستان على شاطئ

الفرات فيه نخل ، ورثته عن أبي ، وقاسمت إخوتي ، وبنيت بيني

وبينهم حائطاً ، وجعلت فيه رجلاً فارسياً يحفظ النخل ويقوم به ،

فاشترى الأمير موسى بن عيسى من جميع إخوتي وساومني ،

ورغّبني فلم أبعه ، فلما كانت هذه الليلة ، بعث خمسمائة غلام

وفاعل ، فاقتلعوا الحائط ، وأصبحت لا أعرف من نخلي شيئاً ،

واختلط بنخل إخوتي ، فقال شريك لحاجبه : يا غلام ، أحظر ورقة

، ثم ختمها بخاتمه وقال لها : امضي إلى بابه بالختم حتى يحضر

معك ، فجاءت المرأة بالورقة المختومة ، فطرقت باب الأمير

فأخذها الحاجب منها ، ودخل بها على موسى ، وقال له : قد أعدَى

القاضي عليك ، وهذا ختمه 0

فقال موسى : ادع لي صاحب الشرطة ، فدعا به 0

فقال له : امض إلى شريك وقل : يا سبحان الله ! ما رأيت أعجب

من أمرك ؛ امرأة ادّعت دعوى لم تصح ، أعديتها عليّ ؟!

فقال صاحب الشرطة : إن رأى الأمير أن يُعفِيني من ذلك ؟

فقال الأمير : امضِ ، ويلك !! فخرج صاحب الشرطة وقال لغلمانه

: اذهبوا وأدخلوا إلى حبس القاضي بساطاً وفراشاً وما تدعوا

الحاجة إليه في السجن !! ثم مضى إلى شريك ، فلما وقف بين يديه

أدّى الرسالة 0

فقال القاضي لغلام الحبس : خذ بيده فضَعه في الحبس ، فقال

صاحب الشرطة : والله لقد علمت أنك تحبسني ، فقدمت ما أحتاج

إليه إلى السجن ، وبلغ موسى بن عيسى الخبر ، فوجه الحاجب إلى

شريك ، وقال له : رسول أدى رسالة ، أي شئ عليه ؟!

فقال شريك : اذهبوا به إلى رفيقه إلى الحبس ، فحبس ، فلما صلى

الأمير موسى العصر ، بعث إلى إسحاق بن الصباح الأشعثي ،

وإلى جماعة من وجوه الكوفة من أصدقاء القاضي شريك ، وقال
لهم : امضوا إلى القاضي ، وأبلغوه السلام ، وأعلموه أنه استخف

بي وأني لست كالعامة ، فمضوا إليه وهو جالس في مسجده بعد

صلاة العصر ، وأبلغوه الرسالة ، فلما انقضى كلامهم قال لهم :

مالي أراكم جئتموني في غـَثَـرة( أي ظلمة وغشمة) من الناس

فكلمتموني ، ثم التفت حوله ونادى : من ها هنا من فتيان الحي

فأجابه جماعة من الفتيان ، فقال لهم : ليأخذ كل واحد منكم بيد

رجل من هؤلاء ، فيذهب به إلى الحبس ، ثم وجه الكلام إلى وجوه

الكوفة وهم يسحبون فقال : ما أنتم إلا فتنة ، وجزاؤكم الحبس 0

فقالوا : أجادٌّ أنت ؟!!

قال حقاً ، حتى لا تعودوا برسالة ظالم ، فعلم موسى فركب في

الليل إلى باب السجن ، وفتح الباب وأخرجهم كلهم ، فلما كان الغد

وجلس شريك للقضاء ، جاءه السجّان فأخبره ، فدعا شريك

بالقِمطر فختمه ، ووجه به إلى منزله ، وقال لغلامه :

الحق بثقلي إلى بغداد ، والله ما طلبنا هذا الأمر منهم ، ولكن

أكرهونا عليه ، ولقد ضمنوا له فيه الإعزاز إذ تـقـلـدناه لهم ، ومضى

نحو قنطرة الكوفة في الطريق إلى بغداد وبلغ الخبر موسى بن

عيسى ، فركب في موكبه ولحقه ، وجعل يناشده الله ويقول :

يا أبا عبد الله تثبّت ، انظر إخوانك تحبسهم ، دع أعواني 0

قال شريك :نعم لأنهم مشوا لك في أمر لم يجز لهم المشي فيه ،

ولست ببارح أو يُردّوا جميعاً إلى الحبس ، وإلا مضيت إلى أمير

المؤمنين المهدي فأستعفيه مما قلدني فأمر موسى بردهم جميعاً إلى

الحبس 0

فقال شريك لأعوانه :

خذوا بلجام دابة الأمير بين يدي إلى مجلس الحكم ، فمروا بين

يديه حتى أُدخل المجلس وجلس في مجلس القضاء ، وجاءت المرأة

المتظلمة وقال لها :

هذا خصمك قد حضر ، فقال موسى – وهو إلى جانب المتظلمة

بين يديه- : قبل كل أمر أنا قد حضرت ، أولئك يخرجون من

الحبس ، فقال شريك : أما الآن فنعم ، أخرجوهم من الحبس 0

وقال شريك للأمير : ما تقول فيما تدعيه هذه المرأة ؟

وأجاب موسى : صدقت ، قال : ترد ما أخذت منها وتبني حائطاً

سريعاً كما كان 0

قال موسى : أفعل ذلك كله ، واتجه شريك نحو المرأة وقال : أبقى

لك عليه دعوى ؟؟ قالت : بيت الفارسي ومتاعه ، قال موسى :

ويرد ذلك كله 0

قال شريك : أبقى لك عليه دعوى ؟؟ قالت : لا ، وبارك الله عليك

وجزاك الله خيرا ، فأمر شريك المرأة بالانصراف فانصرفت ، فلما

فرغ قام وأخذ بيد موسى بن عيسى وأجلسه في مجلسه ، وقال :

السلام عليك أيها الأمير ، أتأمرني بشئ ؟

قال الأمير : أي شئ آخر ؟! وضحك ،

فقال شريك : أيها الأمير ، ذلك الفعل حق الشرع ، وهذا القول الآن

حق الأدب ، فقام الأمير وانصرف إلى منزله وهو يقول :

((من عظّم أمر الله أذل له عظماء

خلقه))0

========================

من كتاب ( ترطيب الأفواه بذكر من يظلهم الله )

================