PDA

View Full Version : هذه وصيتي لكل من يكتب للدين وينافح عنه فهي لكم خاصة@@@


الغالي محمد
16-12-2000, 03:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف العباد والمرسلين
وبعد:
إن العلم الشرعي من أعظم المطالب وأعز المراتب التي سعى إليها المسلم وقد شرف الله جلا وعلا أهل العلم ونوه بذكرهم ورفع درجاتهم وجعل لهم من المكانه مالم يجعله لغيرهم.
قال تعالى يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات
وقدنوه النبي عليه الصلاة والسلام بفضل العلم وشرف أهله فقال عليه الصلاة والسلام : من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقاً إلى الجنة رواه أحمد وأبن حبان في صحيحه.
ومن أعظم الأسباب المعينة على طلب العلم وتحصيله والمؤدية لشحذ الهمم هي قراءة سير وتراجم العلماء السابقين فهي والله حياة للقلوب ومعطرة للسامع لأنك تعرف كيف كانت أفعالهم وزهدهم وورعهم وديانتهم وانصرافهم عن الدنيا واحتقارهم لها وصبرهم على الشدائد والطاعات والمصائب في الله وطلبهم للعلم والمصاعب التي ألمت بهم فيتخلق الناظر بأخلاقهم ويتعطر السامع بأحوالهم فالطبع منقاد والأنسان معتاد والأذن تعشق قبل الأذن أحيانا.
وما أجمل ماقاله معالي الوزير الشيح صالح آل شيخ حفظه الله في محاضرة بعنوان سيرةالإمام محمد بن عبد الوهاب والتي ألقاها بمكة قديماً قال:إن تقديم هذه السيرينعش النفوس ويصل الشباب الحاضر بإئمتهم الماضين حتى يعلموا أن العلم لاينال براحة الإنسان وأن التأثير والدعوة ليست كلمة تقال وإنما لابد فيها من العلم والعمل كما أمر جلا وعلا نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك. أ ـ هـ. غفر الله له
ولهذا سوف يكون الحديث هذه الليلة إن شاء الله تعالى عن علماء سلف الأمةوكيف وصلوا إلى ماوصلوا إليه من العلم والمكانه بين الناس.
قد يسأل سائل منكم ويقول لك لماذا الحديث عن هذا الموضوع بالذات؟
نقول نتحدث عن هذا الموضوع لأن أي صحوة إسلامية لاتقوم على العلم الشرعي الصحيح المبني على الكتاب والسنة وبفهم سلف الأمة. وليس بفكر فلان وفلان بل بفهم سلف الأمة رضوان الله عليهم فإن مصيرها إلى التهاون ومن ثم السقوط والضياع والإضمحلال كما في بعض الجماعات التي نراها اليوم، لأنها متى ماخلت وتجردت عن العلم الشرعي الصحيح صارت كالريشة في مهب الريح ، فتارة تحركها العواطف ذات اليمين، وتارة ذات الشمال، وحينئذ تكون النتيجة الحتيمة وهي الضياع لأن الصحوة بهذه الصورة هي التهاوي والسقوط بكل أسف وفي فترة زمنية قصيرة جداً لذلك يقول الشيخ عبد العزيز السدحان في مؤلفه الجديد معالم في طريق الإصلاح ص27 وأما تلك العواطف الهوجاء التي لايميز صاحبها حقاً من باطل بل ينتصرلما يوافق هواه ومشربه فهذه طامة عظيمةإذ يفسد في تلك الحال أكثر مما يصلح أ ـ هـ رحمه الله.
وعلى النقيض من ذلك، إذا ربي شباب الإسلام على طلب العلم الشرعي الموافق للأدلة الشرعية والنواميس الكونية الربانية وعلى العمل بمقتضاه والتمسك به فإن هذه الصحوة تنموا شيئاً فشيئاً وتبدأ تزهر وتكبر إلى أن تصل إلى مرحلة النضج ثم بعد ذلك تبدأ في إيتاء الثمار الطيبة الناضجة كماقال تعالى والبلد الطيب يخرج نباته بإذن الله والذي خبث لايخرج إلا نكدا وحينئذ يعلوا صوت الحق ويخفت صوت الباطل وأهله ويوميئذ يفرح المؤمنون بنصر اللهينصرمن يشاء .
نعم أحبتي في الله نتحدث عن هذا الموضوع لأنه وجدت بين صفوف شباب الأمة دعوات ضاله مسعورة تدعي أنها على منهج السلف رحمهم الله وهي تدعوا إلى أهمال العلم الشرعي والأعراض عنه وتحثهم على الأهتمام والأشتغال بأمور وخزعبلات فارغة ، وتربيهم على المناهج الهزيلة الدخيلة على هذه البلاد.
وقد سمعت في أحد المساجد خلال الأيام الماضية كلمة إستغرقت 17 دقية لم يستشهد صاحبها بدليل من الكتاب والسنة. وفي وقت ألقى سماحة الشيخ عبد العزيز بن رحمه الله كلمة مقدارها15 دقيقة ذكر فيها خمسة وثلاثين دليل من الكتاب والسنة.
وتطرق إلى كلمتة إلى تهييج الشباب وغيرهم من النساء إلى أمور سياسية. أكثر الحاضرين كانوا مابين كبير في السن وصغير حتى بدء تأثير هذه الكلمة عليهم وذلك بذكر سلسلة قضايا إجتماعية في دول منحرفة وكافرة وذكر بؤر الفساد وذكر الحال التي هم عليه من ضياع الدين وفشو الزنى ولاحول ولاقوة إلى بالله تعالى. دون أن يربطهم بالقرآن والسنة .
وليس هذا هو بيت القصيد وجنات الحب والحصيد وإنما العلاج الذي ذكره في نهاية الكلمة وهو:
قال :وبما أن الغرب يهاجمنا بالفكر فنحن أيضا يجب علينا أن نهاجمهم بالفكر!!
فقلت سبحان ربي!
فكر من ومن، فكري ولافكرك ولافكر زيد عمر. ولماذ لايكون العلاج بقال الله وقال رسوله وقال السلف رحمه الله. وصدق أحد علماء السلف حينما قال: كل كلام خلا من قال وحدثنا فهو خلٌ وبقلٌ.
العلم قال الله قال رســوله**** قال الصحابة هم أولوا الفرقان
ماالعلم نصبك للخلافة سفاهة **** بين الرسول وبين رأي فلان

واقول نقل هذه الأحداث ومافيها من إشاعة الفتن والبلاء والخنا والزنى،ونقل أحداث لاتكاد تذكر ونسمع بها من علماءنا الربانيين مع إنها موجودة حتى تكون..بلسان قائلها قصراً مشيداً،بعد أن كانت في واقعها بئر معطلة.تخويف وتهويلات.
بقصد تذكير الناس بما سوف يكون في الغيبيات…وهكذا دواليك..
حتى ولكأنهم النذير العريان الذي يخبرك بأن العدو إن لم يصبحك جاء على غرة في المساء..!!!!
أو أتى بخبر لم يأتي به الهدهد لسليمان عليه السلام!!!
وهكذا نسمع ونرى…
قوم…لاهم لهم إلاتجنيد نفسه لمثـل هذه الأعمال.
وثمت أمراً آخر وهو إنني سمعت أجد الدعاة في هذه البلاد وممن يشار إليهم بالبنان عندم سأل عن حكم إقامة مظاهرات تكون شعاراً ووقفة للفلسطنيين وقال إنها ليست محرمة بل هذا أقل واجب يعمل تكلم بذلك في وقت أجاب العلامة الرباني الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بإن هذه المظاهرات من الفتنة ومن أسباب الشرور. وقال وهي تسبب شرأً عظيماً على الدعاة،وقال الشيخ عبد الله بن جبرين لاشك أن هذه الثورات لاتصدر من أهل العلم والصلاح وكذلك قال مثل هذا الكلام وحوله الشيخان صالح الفوزان محمد بن عثيمين عافاه الله .
فهذه والله القضايا لاتخرج الشاب المسلم الصادق المحصن بالعلم الشرعي والتربية الإيمانية. وأقول ياليت هؤلاء وغيرهم ممن هم في الساحة اليوم بذلوا جهودهم في نشر تعاليم الدين الأسلامي بين محتاجيه من عقيدة وعبادة وخلقاً وسلوكاً وأدباً وربط الناس بالعلماء متى ماحل بالأمة فتنة ياسمح الله بقدر مايستطيعون متخذين من القرآن منهجا ومن السنة الصحيحة مدخلاً ومخرجاً قبل أن يهيجوا الناس ويزلزلوا أمنهم وإستقرارهم بإسم الغيرة على الأسلام وصلاح أمة الأسلام.
أعود وأكرر لماذا نطرح مثل هذا الموضوع؟
لأننا والله نريد أن نرى علماء ربانيين وطلاب علم صادقين الذين ينقذون الأمة من الخطر القادم عليها و الذين تلين القلوب برؤيا سمتهم ووقارهم وزهدهم في الدنيا ورغبتهم وإقبالهم على ألأخرة.
نعم نريد علماء وطلاب علم يعضون الناس بلسان حالهم قبل أن يعظوهم بمقالهم فهولاء هم قادة الأمة ومصابيح الدجى وهم الذين يهتدى بهم في ضلمات البدع والشهوات وهم زينة في الأرض ورجوما لكل مبتدع وزنديق ملحد. وإليهم بعد الله المفزع والملتجى.
نعم نريد دعوات صادقة ترجعنا إلى السيرة العطرة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه وسيرة التابيعن والنظر في سيرهم وحالتهم والأخذ منهم فهي والله النجاة. وأما ماعدا ذلك من الخزعبلات والكتب الفكرية فماهي والله بالعلم النافع الذي يرجى منها ذلك الخير فاحذرها كل الحذر. وهذا أبو زرعة رحمه الله عندما سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه فقال للسائل:(إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات ، عليك بالأثر) ولايخفى عليك أخي غفر الله لك أن المحاسبي بحر من بحور العلم وله ردود على أهل البدع لكن كلامه سقط لأنه رد على أهل الكلام بالكلام ولم يرد بالسنة فافهم بارك الله فيك وعليك بالأثر كماقال سفيان الثوري رحمه الله: إن أستطعت ألاتحك رأسك إلا بأثر فافعل!!.
نعم نريد علماء ربانيين وطلاب علم مثلهم صادقين وهذه الربانية لايحصلها المرء إلا بتريبة النفس على أعمال القلوب والعبادة والإكثار من النوافل والزهد ومراقبة الله وخشية في السر والعلن وازدياد التربية الإيمانية.
ورحم الله الحسن البصري حين وصف لنا حال العلماء وطلاب العلم في عصره فقال( كان الرجل _ يعني_ من السلف يطلب العلم فلا يلبث يسيراً حتى يرى أثر العلم في صلاته وخشوعه وكلامه وسمته)
نعن أخوة الإيمان نريد علماء مثل ماذكر الحسن البصري رحمه الله لأننا اليوم ننتظر والله خطر قادم، ونحن في زمن قل فيه العلماء الرابانيون وكثر فيه علماء الظلالة والشهوات والبدع والخزعبلات والواقع يشهد بذلك.
وقلي بربك كم مات من العلماء خلال السنوات الخمس الماضية ستجد والله إن الإجابة مفزعة ومخيفة.
وقلي بربك من سيقود الأمة في هذا الوقت الذي نرى فيه الخطر قد أحدق بالأمة الأسلامية شرقها وغربها وجنوبها وشمالها وأنا وأنت نرى ونشاهد أنتهاك السنة ونصر البدعة وإخفات نور السلف وأئمة الهدى والإشادة برؤوس الضلالة ورفع أعلامهم.
وأنت تنظر اليوم في حال المسلمين وتدرك خطورة الأمر وفداحة الخطب . وقد تداعت على السنة أمم الكفر والشرك من خارجها وطوائف البدع والأهواء من داخلها.
ومانراه اليوم من تمزق صفوف ألأمة وتبعثر جهودها لهو مصادق لما جاء في الكتاب والسنة من حديث إفتراق الأمة.
قلي من يأخذ بزمام الأمة في هذه الحالة ومن سيربي الشباب ومن الذي سيقوم بتعليم الناس دينهم ومن الذي سيتصدر للأفتاء وبيان أحكام الشريعةفي الوقائع التي تحدث وتستجدمنهم_ من هم _عبيد الدرهم والدنيار ولاعبيد القنوات الفضائحية. وخاصة ونحن في إزمة قلة وجود علماء وليست والله أزمة إفتصادية كما يظن البعض.
ولترى دليل ذلك إستمع لمحمد بن سيرين وهو يقول في عصره رحمه الله:( ذهب العلم وبقيت منه شذرات في أوعيةٍ شتى) أ _ هـ رحمه الله وهذا الكلام يقوله ابن سيرين للتابعين فليت شعري لو أدرك ابن سيرين زماننا المعاصر ماذا عساه أن يقول؟؟ لعله سيقول ذهب العلم كله فلم يبقى منه شئ والله المستعان على كل حال.
فيأخي بارك الله وسدد الله خطاك إعلم إنك إن تخاذلت وتكاسلت عن طلب العلم الشرعي فإن الفساق وطلاب الدنيا سيمسكون بالزمام بدلاً عنك فالساحة والله لن تبقى وحينها أعذرني إذا تمثلت بهذه ألأبيات:
تصدر للتدريس كل مـــهوس **** بليد تسمى بالفقــيه مدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ببيتٍ *** قديمٍ شاع في كل مجلـــس
لقد هزلت حتى بدا من هـزالها **** كُلاها وحتى سامها كل مفلسِِ
فيأخي رعاك الله إننا ننظر إليك لتقدم للأمة ماينفعها فمالمانع أن تكون واحداً من الكفاءات والكوادر البشرية المسخرة لخدمة الدين.
ومالمانع أن تكون أنت واحد ممن يخلف هؤلاء العلماء في مهمة نشر العلم وتبيليغه للناس وقيادة الأمة إلى بحر الأمان وهذا والله ليس عليه بعزيز متى ماصدقت مع الله.
فياأخي بارك الله فيك جد واجتهد في طلب العلم ولاتتخاذل ولاتنفر عن تحصيله فأنت رجل المستقبل وعماد الفجر وأمله المرتقب بإذن الله.
إن لم تكن للحق أنت فمن يكون**** والناس في محراب لذات الدنيا عاكفون.
هذه مقدمة وخواطر أحببت أن أتكلم بها وهي ليست أصل الموضوع حقيقة ولكنها وقفات علمت أنني والله بحاجة إليها قبلكم ولهذا عرضتها عليكم سائلاً المولى جلة قدرته أن ينفع بها السامع والمتكلم.

الغالي محمد
16-12-2000, 03:30 PM
شذرات وعبر من سير حياة سلف الأمة
أحبتي في الله إن لتتبع سير العالمين والصالحين ومدى حرصهم على إستغلال لحظات أعمارهم في الطاعات دوراً كبيراً في إشعال الهمة وإيقاظ الحماسة في قلب المرء المسلم لأستغلال وقته في طاعة رب العالمين.
ولاعجب في ذلك فإن الحكايات والأخبار السلفية هي كما قال عنها بعض السلف جند من جنود الله يثبت الله بها قلوب أوليائه قال سبحانه وتعالى وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل مانثبت به فؤداك.
وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه لآنها آداب القوم وأخلاقهم .
ولهذا سوف نتجول وإياكم معاً في رياض السلف العطرة ونقطف من أزهارها سائلين المولى أن تكون سبباً لشحذ الهمم إلى الخيرات وسوف نأخذ من كل باب موقف أو موقفين وذلك حسب ماتقتضيه الحاجة إلى ظرب الأمثلة والله ولي التوفيق.
معرفة مدى حرص السلف على تحصيل العلم.
قال جعفر بن درستويه رحمه الله. ( كنا نأخذ المجلس في مجلس علي بن المديني رحمه الله وقت العصر لمجلس الغد فنقعد طوال الليل_ أي في أماكننا_ طوال الليل مخافة ألا نلحق من الغد موضعاً نسمع فيه_ أي من شدة الزحام_ ورأيت شيخاً في المجلس يبول في طيلسانه ويدرج الطيلسانه حتى تفرغ_ لماذ فعل ذلك؟ حتى لايؤخذ مكانه إن قام للبول.
والطيلسانه هو نوع من اللباس كالجبة.
معرفة كيف كان السلف يتحسرون ويبكون على فوات العلم.
ولعلي أكتفي بذكر مثال واحد فقط. وتأمل هذه الحرقة والحسرة العجيبة من فوات العلم العلم الشرعي والتي يحدثنا بها الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله فيقول :( إني لأذكر الحديث ويفوتني _ أي سماعه من الشيخ_ فأمرض من ذلك _ أي من شدة حسرة والحزن على فوات ذلك)

معرفة كيف باع السلف حاجتهم و ملابسهم لأجل العلم.

ومن ذلك ماقاله شعبة بن الحجاج رحمه الله تعالى:( بعت طست أمي بسبعة دنانير لأجل الحصول على مال لطلب العلم.
بل إستمع إلى أعجب من ذلك من الإمام بقي الدين بن مخلد الأندلسي رحمه الله وهو يقول لطلبته:( أتنم تطلبون العلم؟!!_ متعجبا من حالهم _ وهكذا يطلب العلم _ أي أنكم ماشعرتم ولاذقتم شيئاً من مشقة طلب العلم والتضحية في سبيله بالغالي والنفيس.
ثم قال وإني لأعرف رجلاً _ويعني نفسه رحمه الله_ باع سراويله التي يلبسها غير مرة في شراء كاغداً _ وهو ورق الكتابة.
وقال الشيخ بكري في ترجمة الشيخ أحمد الحجاز. وكان رحمه الله يحب إقتناء الكتب حتى سمعنا أنه رأى كتاباً يباع ولم يكن معه دراهم وكان عليه ثياب فنزع بعضها وباعها واشترى الكتاب في الحال.
فتأمل رعاك الله _ هذا البذل وتلك التضحية لأجل العلم وقدر عزة النفس التي كان عليها طلاب العلم الشرعي والواحد منا مرة عليه السنين تلو السنين ولم يشمر لأغتناء كتب شرعية تكون له ذخراً في الدنيا والآخرة . والله المستعان.
معرفة كيف ضحى السلف بأنفسهم لأجل العلم.

يقول بعض الفقهاء بقيت سنين أشتهي الهريسة فلم أقدر عليها لأن وقت بيعها هو وقت سماع الحديث.
وأستمع يارعاك الله إلى هذه القصة العجيبة التي بها من المواعض مالله به عليم لمن تدبر ذلك.
قال أبن خلكان في ترجمة المفسر المشهور محمود بن عمر الزمخشري،وكانت إحدى رجلي الزمخشري ساقطة وكان سبب سقوطها أنه كان في بعض أسفاره يطلب العلم ببلاد خوارزم فأصابه ثلج كثير وبرد شديد في الطريق فسقطت منه رجله بسبب شدة البرد وكان معه شهادة بأن رجله أنقطعت لهذا السبب لئلا يظن الناس أنها قطعت لجريمة أرتكبها.
وعن خزيمة بن علي قال: سقطت أصابع عمر بن عبد الكريم رحمه الله في الرحلة لطلب العلم وذلك من شدة البرد.
فيأخي بارك الله فيك هذه أخبار الصالحين وتلك تضحياتهم وإنجازتهم فهل من سائر على دربهم وهل من مقتفٍ لأثرهم؟ ليسعد في الدنيا والآخرة.
وهنا موقف من نوع آخر كيف ترك السلف النوم لأجل طلب العلم.
ذكر أبوبكر بن اللباد أن محمدالقيرواني رحمه الله صلى الصبح بوضوء العشاء ثلاثين سنة خمسة عشرة سنة في طلب العلم الشرعي وتحصيله وخمسة وعشرين سنة يقضيها في العبادة وقيام الليل.


صبر السلف على الجوع والعطش لأجل طلب العلم.

قال النظر بن شميل رحمه الله: لايجد الرجل لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه.
واستمع أيضاً إلى هذا الموقف العجيب ، قال: أبن خراش رحمه الله شربت بولي أثناء الرحلة لطلب العلم خمس مرات_ وكان ذلك بسبب العطش الشديد الذي ألم به رحمه الله.
وقال البخاري أمام المحدثين وشيخهم خرجت إلى آدم بن أبي إياس عسقلان_ وذلك لطلب العلم عنده_ فتأخرت نفقتي حتى جعلت أتناول حشيش الأرض، ولاأخبر بذلك أحد فلما كان اليوم الثالث أتاني رجل لاأعرفه فأعطاني صرة فيها دنانير وقال أنفقها على نفسك.
فهنيئاً لهولاء الأئمة الأبرار والطلبة الأخيار.
معرفة كيف تحمل السلف المشاق والمصاعب لأجل طلب العلم.

وأترككم مع محمد بن طاهر المقدسي وهو يحدثكم عن تلك المصاعب التي ألمت به قائلاً : لقد بلت الدم في طلب الحديث مرتين مرة ببغداد ومرة بمكة وذلك أني كنت أمشي حافياً في حر الهواجر بها( أي مكة وبغداد) أي أثر علي ومرضت حتى بلت الدم بدل البول في سبيل طلب العلم ، وماركبت دابة في طلب الحديث إلا مرة وذلك في أسفاره _ وكنت أحمل كتبي على ظهري.
وقال أحمد بن الواسطي بلغني أن أحمد رهن نعله عند خباز على طعام إشتراه منه عند خروجه من اليمن راجعا إلى بلده.
معرفة كيف باع السلف دوراهم وممتلكاتهم لأجل العلم.

قال أبن القاسم رحمه الله أمضى طلب العلم بالأمام مالك إلى نقض سقف بيته فباع خشبه.
وحكى الحافظ بن حجر عن زياد بن عبد الله الكسائي رحمه الله أنه باع داره وخرج مع أبن إسحاق يدور على العلماء والحلق حتى سمع منه كتاب المغازي.
معرفة كيف صبر العلماء على العري لأجل العلم.

إذا كان ستر المرء لجسمه وبدنه بالثياب والملابس أمراً مشروعا ومطلوباً فإن ستره لعيوب النفس وزلاتها والتي طبعها الجهل والتقصيروالعصيان بلباس العلم والإيمان والتقوى أشد والله أهمية وأعظم شأن لأن لباس التقوى خيرولباس التقوى ذلك خير
وهذا علي بن حرب يقول أتينا الإمام زيد بن الحباب الخراساني رحمه الله_ أي لطلب العلم_ فلم يكن له ثوب يخرج فيه إلينا فجعل الباب بيننا وبينه حاجزاً وحدثنا من ورائه.
وقال عمر بن حفص الأشقرفقدنا الإمام البخاري رحمه الله أيام من كتابة الحديث بالبصرة.
قال فطلبناه فوجدناه في بيته وهو عريان وقد نفذ ماعنده ولم يبقى معه شئ _ أي من المال_ فاجتمعنا وجمعنا له الدراهم حتى أشترينَ له ثوباً وكسوناه ثم أندفع معنا في كتابة الحديث.



معرفة حال السلف مع مذاكرة العلم.

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجتمعوا تذاكروا العلم وتلوا سورة.
وقال قتيبة بن سعيد كان وكيع بن الجراح رحمه الله إذا صلى العشاء ينصرف معه أحمد بن حنبل فيقفان على الباب فيتذاكران الحديث فما يزالان يتذاكران حتى تأتي الجارية وتقول قد طلع الكوكب أي قرب الفجر.
فهذه حال سلفنا الأبرار ، وتلك أخبار طلاب العلم الأخيار، أفما تشتاق أن تكون مثلهم؟ أوما تحن إلى مثل صنيعهم؟ أوما تنطلق نفسك إلى التضحية والبذل، في سبيل طلب العلم الشرعي ، كما بذلوا وضحوا؟
إذن فهيا سارع إلى الخيرات، وسابق إلى الباقيات الصالحات، وسطر بعزمك وهمتك الصفحات المضيئات ، وأشعل لنا باجتهادك في تحصيل العلم المصابيح النيرات، فقد هتفت بك المعالي ، فهلا أجبت نداءها
الخاتمة
أخواني في الله هذه سطور وقطوف وزهور أحببت أن أنثرها على مسامعكم لأننا والله في زمن الغربة الذي حكى عنه النبي عليه الصلاة والسلام.
أخواني في الله إني أصارحكم وأصارح نفسي المقصرة هل نحن شعرنا بالمسؤلية التي أنيطت بنا وهل قمنا بواجبنا على أكمل وجه.
هل شمرنا عن أذرعنا وسلكنا سبيل سلفنا رحمهم الله.
هل تعبنا مثل ماتعبوا؟
لعلي أذكرك أخي بهذا الموقف فلعله يلقى مكانا في قلبك.
هذا عبيد بن جناد يقول : سمعت سفيان بن عيينة رحمه الله يقول بعد أن سألوه أن يحدث فقال: ما أراكم للحديث موضعاً_ أي لستم_ لتحمل حديث النبي عليه الصلاة والسلام ولا أراني أن يؤخذ عني أهلاً، ومامثلي إلا كماقال الأول أختصموا فاصطلحوا.
فتأمل بارك الله فيك هذا الكلام الذي قال سفيان لطلاب العلم في زمانه .
وتأمل حال من يطلب العلم اليوم.
كم طالب علم يعمل بعلمه اليوم؟
كم منهم يصلح أن يكون قدوة في الخير؟
كم منهم إذا رأيته ذكرك بسيرة المصطفى وصحابته وذلك بإتباعه للسنة؟
كم منهم إذا رأيته ظهرت عليه علامات طالب العلم الصادق من الخشية والسمت والخشوع والزهد والوقار وحفظ اللسان عن فضول الكلام وعن اللغو.
إنهم قليل في قليل.
أخواني في الله قال بقية بن الوليد واصفاً غربة طلاب العلم الصادقين في زمانه.
إن أصحاب الحديث إذا أشتهى أحدهم شهوة_ أي طعام أو شراب_ أنفق عليها الدراهم فإذا صار إلى الكتابة _أي العلم وتقييده_ كتب بخط دقيق وورق ضعيف _ أي أنه يبخل أن ينفق مالاً لشراء ورق جيد بينما يسهل عليه إنفاق ماله في الأكلات والشهوات.
وأقول ومأشبه الليلة بالبارحة!
فكيف لو أدرك بقية رحمه الله زماننا ورأى أكثر طلاب العلم الشرعي إلا مارحم ربي وأحدهم ينفق على شهوات بطنه وفرجه الآف الريالات وتمر عليه السنين وهو لم يزد في مكتبته التي في بيته إلا صحناً أو صحناناً أو كأساً أو كأسان أو مزهرية أو مزهريتان ويبخل أن ينفق خمس مائة ريال لشراء كتب علمية أو مجموعة دروس تربوية نافعة لبعض أهل اعلم الربانيين ولذلك نقل الذهبي رحمه الله في ترجمة القاضي عبد الرحيم اللخي قال:( وبلغنا أن كتبه التي ملكها بلغت مائة ألف مجلد ، وكان يحصلها من سائر البلاد.
ولانستغرب عن ماورد عن بعض السلف أنهم دفنوا كتبهم أو أحرقوها قبيل موتهم وإمتناعهم عن تحديث الناس بحديث النبي عليه الصلاة والسلام فكل هذا محمول على أنهم شعروا بغربة العلم ولم يجدوا همة ولا إخلاص في الطلاب ولا الجدية في التحصيل ومن ذلك ماقاله الإمام جلال الدين الشيرازي رحمه الله المتوفى سنة918 قال لو علم الأسلاف أنه يخلف من بعدهم نضائرنا من الأجلاف لأوصوا أن تدفن كتبهم في قبورهم بل لم يظهروا قط مافي صدورهم.

وفي الختام أسأل الله جلا وعلا ان يلهمني وأياكم الرشد والسداد وأن يقينا الزلل والعثار وأن يجعل صوابنا أكثر من خطئنا وأن يرزقنا وأياكم العلم النافع وتحصيله وتبيلغه على منهج السلف.
ونسأل الله أن يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ونسأله أيضا أن يصلح ولاة أمرنا لما فيه صلاح البلاد والرعية وأن يرزقهم البطانةالصالحة التي تعينهم على فعل الخيرات وترك المنكرات وأن يباعد بينهم وبين أهل البغي والفساد هو ولي ذلك والقادر عليه
شكرا لكم عى حسن إصاغكم وسماعكم وعذراً للأطالة.
هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على أشرف العباد والمرسلين.
الغالي محمد

شيرمان
16-12-2000, 04:11 PM
على الجهد المبذول
والله يوفقك

أبو علي909
19-12-2000, 12:32 PM
جهودك في مجال الدعوه ملموسه ومشكوره بارك الله فيك

تنبيه بسيط: لا تنسى عند كتابة موضوع أو لصقه أن تختار( إلغاء خاصية أشكال التعابير داخل الموضوع (الإيقونات))

وأن تختصر بقدر الأمكان علشان يقرأه الكل .

شكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا لك