PDA

View Full Version : ( حـالة قد نواجهها ..) _ مشكلة وحل _


بو عبدالرحمن
15-11-2000, 09:39 PM
-

قال الراوي :
صليت العصر يوماً إلى جنب أخ أعرفه جيداً ، وهالني وأنا في الصلاة أحاول
أن أجمع قلبي فيها ، هالني أن أشعر به بقربي يبكي ويئن ، رغم محاولاته
أن يكتم ذلك .. وقلت في نفسي : إن في الأمر سراً .. وانصرفت على الفور
بعد الصلاة لأنتظره في الخلف .. وبقي على وضعيته ، جاثياً مطأطئ الرأس
ناظراً إلى حجره ، قد غطى رأسه بغترته ..
وأخذ الناس يغادرون المسجد ، حتى لم يعد فيه إلا أفراداً معدودين متفرقين
على جوانب المسجد ، منهم من يتلو القرآن ، ومنهم من يذكر الله ، وكلٌ
منهم مشغول بنفسه ..
وبقي صحابي على نفس الوضعية لم يبرح .. وأيقنت أن في الأمر سراً ..

-

-

-
-
-
-
-
- وذهبت إليه ، وكأنما فزع حين رآني قد جلست فجأة إلى جانبه وأنا أسلم
عليه ، وهالني مرة أخرى أن أرى عينيه نضاحتين بالدمع . حتى أنني
تلعثمت في البداية .. حاول أن يعتذر عن الكلام ، وألححت عليه ، فقال :
ليس شيء مما قد تظن .. وإنما أصبحت أخاف على نفسي ..
بادرت أقول مبتسماً : من مغريات الدنيا وشهواتها .. !؟
وبقي على جده ، وطلب مني أن لا أقاطعه .. وقال : بل أصبحت أخاف على
ديني أن يُسلب مني !

-

-

-

-

- وشعرت بهزة عنيفة تسري في بدني كله .. وسألته عن خبره هذا اليوم ..
فقال : أتعرف فلاناً .. ؟ كان يصلي معنا هنا ، وكان أكثرنا حرصاً على
مجالس العلم ، وكان .. وكان .. قلت في فزع : ما خبره ؟ قال وهو يكاد
يجهش بالبكاء : لقد انتكس .. وارتكس .. وضاع الطريق من بين قدميه ..!
وعاد أسوأ مما كان عليه قبل أن يعرف طريق الهداية ..

-

-

-

-

-

-

- مرة ثانية شعرت بهزة عنيفة تضربني من مفرق رأسي ، إلى أخمص
قدمي .. وصمت لحظات ، أما هو فقد أطلق العنان لنفسه فذهب في موجة
من البكاء ..
جمعت نفسي وقلت له : وما الذي يبكيك ؟ قال: إذا كان هذا الذي كنت أجعله
قدوة ، صار له ما صار ، فكيف سيكون الأمر معي أنا ..!؟ أخشى أن ينطبق
عليّ وعليه الحديث الذي يخبر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
سيأتي على الناس زمان يصبح الرجل مؤمناً ، ويمسي كافراً .. والعياذ بالله
..

-

-

-

-

-

-

- قلت له : هوّن على نفسك .. خوفك هذا علامة قوية واضحة أنه لن
يصيبك ما أصابه ، بشرط أن يبقى هذا الخوف يصاحبك .. وكأنما سريت عنه
، فاستنار وجهه ، وأشرقت ملامحه . وطلب مني دليلاً على هذا .. فذكرت له
ما تيسر معي ساعتها ، ووعدته أن أزيده في وقت لاحق .. فكأنما أراد أن
يقبلني .. غير أنه عاد يسأل عن قصة صاحبه ..
-
-
( من تعب من المواصلة ، فيكفيه هذا القدر ، لأن القصة ذات شجون .. أما
البقية فعليهم أن يلحقوا بي !! )

-

-

-

-
-
-

- ذكرت له قصة سمعتها منذ زمن .. وفحواها أن شيخاً رأى رجلاً يوماً
أشبه بالحائر ، فسأله عن شأنه ، فأخبره أن أخاً له في الله قد انتكس بعد
سير طويل في الطريق .. فابتسم الشيخ وقال : لا تعجب ممن تغيّر وتبدّل ،
ولكن اعجب ممن ثبت كيف ثبت ..! ثم وضح له المقصود : أن الإنسان
مسكين تواجهه أعاصير من الفتن والمغريات والأهواء والشهوات التي
تدع الحليم حيران ومن جهة الشيطان لم يمت ..! والدنيا لا زالت تتزخرف
بشكل رهيب .. وأهل الباطل يزينون باطلهم بألف ألف وسيلة .. الخ ..
فالعجب ممن ثبت كيف ثبت ، وسط هذه الأعاصير ..!
ولكن الله يثبت من يشاء كيف يشاء .. ولكن ..

-

-

-

-

-

-

-

- ولكن هناك أسباب ومسببات .. هناك خطوط حمراء لا ينبغي الاقتراب منها
.. هناك دوائر لا يجوز بحال الدخول فيها .. والقاعدة الواضحة في هذا : من
حام حول الحمى ، يوشك أن يقع فيه .. فلا يأتي إنسان صالح مستقيم ، ثم
يقول سأجرب نفسي ..! ويشرع ينخرط في سلوكيات ما كان ينبغي له
الاقتراب من دائرتها أصلاً .. مثل هذا لا يؤمن عليه الفتنة .. ولقد قالوا في
المثل : الباب الذي يأتيك منه الريح ، سده تستريح ..! لا تفتح على نفسك
نافذة قد تهب عليك منها ريح تقتلع إيمانك ..! وهناك أشياء أخرى ..

-

-

-

-

-

-

-

- قد يكون هذا الإنسان _ الذي ظهر لعيوننا صالحاً مستقيماً _ قد يكون
مبتلى بمرض قلبي خطير وهو لا يشعر ، فظن نفسه على خير ، وهو في
الحقيقة يعبد الله على حرف ..!
ولقد سمعنا مثل هذا كثير ، ثم يتبين للناس أن الرجل كان مغروراً ، أو
متكبراً ، أو يرى الناس بعين الاستصغار والاحتقار لأنهم ليسو مثله ، أو أنه
كان يسيء الظن بالآخرين أو .. أو … الخ نسال الله العفو والعافية
والرحمة لنا ولجميع المسلمين ..

-

-

-

-

-

-

-

-

- فيا عزيزي .. ابق على حالة الخوف التي أنت فيها .. فهي حالة راقية ،
ومقام عال ، لا يتحصل عليه إلا من اصطفاهم الله .. هذا من ناحية .. ومن
ناحية أخرى : فتش قلبك باستمرار وتفقده ليل نهار ، حتى لا يتسرب إليه
مرض مهلك ، يوصلك إلى مثل تلك الانتكاسة .. ومع هذا وذاك عليك بكثرة
ذكر الله تعالى ، والإلحاح في الدعاء ، والضراعة بين يديه سبحانه أن لا
يكلك إلى نفسك طرفة عين ..

-

-

-

-
-

-

-

-

- ويبقى أن أبشرك بكلمة :
أن عدداً من أولئك الذين ينتكسون ، إذا وجدوا من يتلطف بهم ، ويترفق
معهم ، ويحرك في قلوبهم معان إيمانية عالية ، تجدهم سريعاً ما يفيئون إلى
الله تعالى ولعل تلك الاتنكاسة العارضة تكون سبباً في زيادة أعمالهم ،
واستجاشة خوفهم ، وتحريك رجائهم ، وتهييج حيائهم من الله .. فينطبق
عليهم عند ذلك قول القائل :
رب معصية أورثت ذلاً وافتقاراً ، خير من طاعة أورثت عزاً على الناس ،
واستكباراً ..

-

-

-

-

-

-

-
-
- وأشرق وجه صاحبي وتهلل ، وكاد يضحك ، وتنفس الصعداء ، ثم أخذ
بيدي ، وهو يقول : أتمنى أن يكون أخي ذاك من هذا الصنف الممتاز من
عباد الله ، الذين يفيئون إلى ربهم شوقاً وخوفاً ورهبة وحياء . ..

-
-
معذرة على هذه الإطالة ولكن الموضوع ذو شجون .
وأحسبكم خرجتم من هذه الرحلة الطويلة بفوائد جليلة ،
ويبقى الآن أن أسألك الدعاء لي أن يهديني الله ويثبتني على دينه ..
- -
aalawi60@hotmail.com

سليمان.
15-11-2000, 09:50 PM
ويهدينا الى اجمعين

اللهم آمين

اخي الكريم
لا املك الا ان اقول كل جزاك الله عنا كل خير وجمعنا بك ي جناته انه على ذلك قدير. اللهم آمين

نجمة المساء
16-11-2000, 12:52 AM
ربي اهدنا فيمن هديت وعافينا

وتولنا في رحمتك يا ارحم الراحمين
ثبتنا علي ذكرك ....

بو عبدالرحمن
16-11-2000, 08:50 AM
_
من حقك ابتداء أن أرحب بك ..
فمرحى مرحى .. وحياك الله وبياك وجعل الجنة مأواك
وأسأل الله عز وجل أن ينفعك ، وينفع بك
وشكراً على المشاركة .

سليمان.
16-11-2000, 04:42 PM
شكرا لحسن لطفك في ردك :)

العفو اخي الكريم

بو عبدالرحمن
16-11-2000, 06:14 PM
_
شكراً لك على المشاركة ..
وجزاك الله خيراً على هذه المتابعة الواعية
وأسأل الله أن يبارك فيك ، ويبارك لك ..

بو عبدالرحمن
16-11-2000, 06:16 PM
_
أمت تستحق مزيد من الترحيب
وما قلناه لك أقل من حقك ..
وأنا سعيد أن أتعرف بأمثالك من الطيبين
أسأل الله أن يكرمك بكرامة الصالحين المقربين
وأن يحشرنا وإياك تحت لواء محمد صلى الله عليه وسلم