الطارق
15-11-2000, 08:01 PM
عدت من تلك المدينة التي ذهبت
إليها بسيارتي وحيدا ًمضطراً ...
وهاأنا أسير في طريق العودة لمدينتي ومستقري من جديد ...
بدأت أسير في طريقي وقد سرح فكري في ملكوت هذا الكون الواسع .
كم من شخصاً قد مر بهذا الدرب كم من دابة قد سعت في طريقها الطويل ..
لاحت أمام عيني .. قواعد قرية قد اجتثت أعمدتها وسقوفها وأصبحت
مجرد أطلالاً قديمة .........
بدأت التساؤلات تحيط بعقلي ..
كم من البشر قد عاشوا في هذه القرية ؟ ...
وأي حياة تلك التي يعيشها أهل تلك القرية ؟ ..
وكم من فلاحاً قد خرج من بيته يفلح الأرض ويسعى فيها بحثاً عن رزق ؟
وكم من أمً قد قلقت على طفلها الصغير ؟ ..
وكم من طفلاً قد مرح ولعب في هذه الأرض ؟
وكم من ابتسامة قد ارتسمت في تاريخ هذه القرية ؟ ...
وكم من يوماً قد أشرقت الشمس الضاحكة على هذه القرية ؟ ..
وكم من بكاء وعويل قد عصف بهم ؟ ..
وكم من أيام حزناً وبأس قد أحاطت ؟ ..
وكم من شخصاً قد خرج في ليل
ونظر إلى السماء الصافية والقمر
المضيء والنجوم المزهرة ..
يتأمل هذا الكون الواسع ..
يتأمل عجائب ما خلق الله ..
وقد قطع تأمله صوت عواء ذئباً شرس ..
===========
قطع كل تأملاتي حادثا رهيب في الطريق.....
كان المنظر مريع ... فقد أصبحت كلتا السيارتين مهشمتين
تماما .
ورجال الإسعاف يحاولون إنقاذ المصابين و إخراج الموتى من
السيارتين .... وقد أحاط بهم عدة أشخاص قد تجمهروا من حولهم وسمعت
من أحدهم يخاطب أخر قائلاً : لقد حدث هذا منذ أكثر من ساعة ....
لقد تجاوز الشاب سيارة أمامه وكان مسرعاً و من سوء الحظ أن كانت هناك سيارة -أجزم أنها لعائلة- قادمة في الاتجاه المعاكس نفسه فحدث ما حدث .....
أكملت طريقي وأنا أتذكر الماضي ...
كانوا ثمانية ...... هم عائلة ...وكان في فجر يوماً من الأيام .... حملوا من أخر المسجد حتى وضعوا أمام الإمام وقد أحاط بهم المصلين وعلامات الأسى والحزن
بادية في العيون برغم أن تلك العيون لم تلتقي بهم من قبل ...
==============
أثارت في نفسي كل هذه الأفكار الكثير من العجب من هذا
الإنسان ...
كم من نفساً قد ماتت منذ أن خلق هذا الإنسان في هذا الكون ....
وكم من بشراً قد أودعت هذه الأرض في بطنها ...
منذ عصور التاريخ الموغلة في القدم... منذ أدم ...
وملوك فرعون وحكام بابل والصين والهند وبني يونان والروم ودولة العرب وحكام أوروبا وكل دولة قد سادت فبادت .....وحتى عصرنا الحالي ....
وكم من نفس قد علمنا باسمها وكم من نفوساً لم نعلم .
وكم من عائلة قد فقدت حبيب وكم من عائلة قد فقدت وحيد
وكم من نفسا هربت فراراً من الموت فبلغها الموت حيث كانت
هذا الإنسان الذي أصبح خصيما مبين .....
هذا الإنسان الذي أعتقد أنه مالك هذا الكون .
هذا الإنسان الذي اعتقد انه حاكم هذه الدنيا .
هذا الإنسان الذي أعتقد أن علمه بلغ به درجة الكمال في هذا الكون .
اعتقدوا أنهم بوصولهم القمر أنهم قادرون أن يحكموا هذا الكون الواسع .
ولم يعلموا أن مذنباً لو انحرف قليلا نحو الأرض فلن يبقي فيها ولا يذر .
===============
بدأت أتأمل هذه الأرض التي أسير فيها بدأت أعجب منها وكأني أراها لأول مرة ،
كم من أمم قد عاشت بها وكم من أمم قد بكت لفقد حبيباً لها .
بدأت أعتقد أننا مجرد أشخاص نسير فيها جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن ،
ونحن لا نملك من الأمر شيء ..........
فنحن مجرد أسماء تسير علي هذه البسيطة ...
وحتى يأتي أجلنا فنصبح مجرد ذكرى على الأكثر ، أو لا شيء في كثيراً من الأحيان ...........
===============
أكملت طريقي وأنا أعيد ذكرياتي مع هذا الطريق ....
كم من مرة قد سرت في هذا الطريق ؟ ..
لا أذكر جيدا فقد كانت مرات كثيرة لا أكد احصرها .
بدأت أحاول أن أذكر أول مرة سرت في هذا الطريق لم أتذكر .....
ولكني لا زلت أذكر تلك الليلة ......
كنت في السادسة من عمري أو ما يقربها .........
والدي ووالدي وأخوتي وأنا وسائقنا وسيارتنا........
كانت النجوم مزهرة جميلة ، والقمر بدراً والجو صافي ، وروائح النخيل تحيط بنا من كل مكان ......
وأصوت والدي وهو يحكي لنا قصصاً من قصصه العجيبة يصل إلي ممتزجاً بصوت أم كلثوم :
وابتدا قلبي يدوبني بآهاته
وابتدا الليل يبقى اطول من ساعاته
واسهر واسمع نبض قلبي بيناديك
روحي فيك مهما جرى أنا روحي فيك
تسوى ايه الدنيا وأنت مش معايا
هي تبقى الدنيا دنيا إلا بيك .
وبدا النعاس يداعب عيني وقد احتضنت أمي وهي تهمس لي : نم يا حبيبي
أن رغبت في ذلك .
وأنا الآن وحيداً في هذا الطريق ....
=================
تجاوزت السيارة مسرعاً لأصل إلى مدينتي وفجأة رأيت أمامي سيارة
في الاتجاه المعاكس ..............
اقتربت مني كثيراً .......
اعتقدت أن السيناريو الماضي ( الحادث ) سيتكرر مرة أخرى في نفس الطريق وفي نفس الساعة .....
فجأة رأيت السيارة التي تجاوزتها تبتعد عني حتى أخر أتساع الخط
مفسحة لي مكاننا أحتمي به من السيارة القادمة التي بدورها قد ابتعدت حتى أخر أتساع الخط من الجهة الأخر ليتسع الطريق لثلاث سيارات في نفس الوقت .....
فعلمت أني لست وحيداً في هذا الطريق ...........
================
اقتربت من ذلك الجبل الذي تختبئ مدينتي خلفه .....
هاهو ذلك الجبل بدأ يكبر في نظري لحظ بعد أخرى .....
أصبحت في محاذاته ...... تجاوزته رويداً رويدا ..........
حتى أصبح ذلك الجبل خلفي ...... ومدينتي ومستقري أمامي ..........
وأنا تحت ظل الجبل ........
إليها بسيارتي وحيدا ًمضطراً ...
وهاأنا أسير في طريق العودة لمدينتي ومستقري من جديد ...
بدأت أسير في طريقي وقد سرح فكري في ملكوت هذا الكون الواسع .
كم من شخصاً قد مر بهذا الدرب كم من دابة قد سعت في طريقها الطويل ..
لاحت أمام عيني .. قواعد قرية قد اجتثت أعمدتها وسقوفها وأصبحت
مجرد أطلالاً قديمة .........
بدأت التساؤلات تحيط بعقلي ..
كم من البشر قد عاشوا في هذه القرية ؟ ...
وأي حياة تلك التي يعيشها أهل تلك القرية ؟ ..
وكم من فلاحاً قد خرج من بيته يفلح الأرض ويسعى فيها بحثاً عن رزق ؟
وكم من أمً قد قلقت على طفلها الصغير ؟ ..
وكم من طفلاً قد مرح ولعب في هذه الأرض ؟
وكم من ابتسامة قد ارتسمت في تاريخ هذه القرية ؟ ...
وكم من يوماً قد أشرقت الشمس الضاحكة على هذه القرية ؟ ..
وكم من بكاء وعويل قد عصف بهم ؟ ..
وكم من أيام حزناً وبأس قد أحاطت ؟ ..
وكم من شخصاً قد خرج في ليل
ونظر إلى السماء الصافية والقمر
المضيء والنجوم المزهرة ..
يتأمل هذا الكون الواسع ..
يتأمل عجائب ما خلق الله ..
وقد قطع تأمله صوت عواء ذئباً شرس ..
===========
قطع كل تأملاتي حادثا رهيب في الطريق.....
كان المنظر مريع ... فقد أصبحت كلتا السيارتين مهشمتين
تماما .
ورجال الإسعاف يحاولون إنقاذ المصابين و إخراج الموتى من
السيارتين .... وقد أحاط بهم عدة أشخاص قد تجمهروا من حولهم وسمعت
من أحدهم يخاطب أخر قائلاً : لقد حدث هذا منذ أكثر من ساعة ....
لقد تجاوز الشاب سيارة أمامه وكان مسرعاً و من سوء الحظ أن كانت هناك سيارة -أجزم أنها لعائلة- قادمة في الاتجاه المعاكس نفسه فحدث ما حدث .....
أكملت طريقي وأنا أتذكر الماضي ...
كانوا ثمانية ...... هم عائلة ...وكان في فجر يوماً من الأيام .... حملوا من أخر المسجد حتى وضعوا أمام الإمام وقد أحاط بهم المصلين وعلامات الأسى والحزن
بادية في العيون برغم أن تلك العيون لم تلتقي بهم من قبل ...
==============
أثارت في نفسي كل هذه الأفكار الكثير من العجب من هذا
الإنسان ...
كم من نفساً قد ماتت منذ أن خلق هذا الإنسان في هذا الكون ....
وكم من بشراً قد أودعت هذه الأرض في بطنها ...
منذ عصور التاريخ الموغلة في القدم... منذ أدم ...
وملوك فرعون وحكام بابل والصين والهند وبني يونان والروم ودولة العرب وحكام أوروبا وكل دولة قد سادت فبادت .....وحتى عصرنا الحالي ....
وكم من نفس قد علمنا باسمها وكم من نفوساً لم نعلم .
وكم من عائلة قد فقدت حبيب وكم من عائلة قد فقدت وحيد
وكم من نفسا هربت فراراً من الموت فبلغها الموت حيث كانت
هذا الإنسان الذي أصبح خصيما مبين .....
هذا الإنسان الذي أعتقد أنه مالك هذا الكون .
هذا الإنسان الذي اعتقد انه حاكم هذه الدنيا .
هذا الإنسان الذي أعتقد أن علمه بلغ به درجة الكمال في هذا الكون .
اعتقدوا أنهم بوصولهم القمر أنهم قادرون أن يحكموا هذا الكون الواسع .
ولم يعلموا أن مذنباً لو انحرف قليلا نحو الأرض فلن يبقي فيها ولا يذر .
===============
بدأت أتأمل هذه الأرض التي أسير فيها بدأت أعجب منها وكأني أراها لأول مرة ،
كم من أمم قد عاشت بها وكم من أمم قد بكت لفقد حبيباً لها .
بدأت أعتقد أننا مجرد أشخاص نسير فيها جيلاً بعد جيل وقرناً بعد قرن ،
ونحن لا نملك من الأمر شيء ..........
فنحن مجرد أسماء تسير علي هذه البسيطة ...
وحتى يأتي أجلنا فنصبح مجرد ذكرى على الأكثر ، أو لا شيء في كثيراً من الأحيان ...........
===============
أكملت طريقي وأنا أعيد ذكرياتي مع هذا الطريق ....
كم من مرة قد سرت في هذا الطريق ؟ ..
لا أذكر جيدا فقد كانت مرات كثيرة لا أكد احصرها .
بدأت أحاول أن أذكر أول مرة سرت في هذا الطريق لم أتذكر .....
ولكني لا زلت أذكر تلك الليلة ......
كنت في السادسة من عمري أو ما يقربها .........
والدي ووالدي وأخوتي وأنا وسائقنا وسيارتنا........
كانت النجوم مزهرة جميلة ، والقمر بدراً والجو صافي ، وروائح النخيل تحيط بنا من كل مكان ......
وأصوت والدي وهو يحكي لنا قصصاً من قصصه العجيبة يصل إلي ممتزجاً بصوت أم كلثوم :
وابتدا قلبي يدوبني بآهاته
وابتدا الليل يبقى اطول من ساعاته
واسهر واسمع نبض قلبي بيناديك
روحي فيك مهما جرى أنا روحي فيك
تسوى ايه الدنيا وأنت مش معايا
هي تبقى الدنيا دنيا إلا بيك .
وبدا النعاس يداعب عيني وقد احتضنت أمي وهي تهمس لي : نم يا حبيبي
أن رغبت في ذلك .
وأنا الآن وحيداً في هذا الطريق ....
=================
تجاوزت السيارة مسرعاً لأصل إلى مدينتي وفجأة رأيت أمامي سيارة
في الاتجاه المعاكس ..............
اقتربت مني كثيراً .......
اعتقدت أن السيناريو الماضي ( الحادث ) سيتكرر مرة أخرى في نفس الطريق وفي نفس الساعة .....
فجأة رأيت السيارة التي تجاوزتها تبتعد عني حتى أخر أتساع الخط
مفسحة لي مكاننا أحتمي به من السيارة القادمة التي بدورها قد ابتعدت حتى أخر أتساع الخط من الجهة الأخر ليتسع الطريق لثلاث سيارات في نفس الوقت .....
فعلمت أني لست وحيداً في هذا الطريق ...........
================
اقتربت من ذلك الجبل الذي تختبئ مدينتي خلفه .....
هاهو ذلك الجبل بدأ يكبر في نظري لحظ بعد أخرى .....
أصبحت في محاذاته ...... تجاوزته رويداً رويدا ..........
حتى أصبح ذلك الجبل خلفي ...... ومدينتي ومستقري أمامي ..........
وأنا تحت ظل الجبل ........