PDA

View Full Version : قصة وعبرة....


بنت الأحزان
14-06-2000, 05:25 AM
كنتُ ضائعة … بحثت عن شخص يحميني … شخص يمد لي يده … شخص يرشدني للطريق … وحيدة في الصحراء … كانت الشمس في كبد السماء … لكن وحش البرد كاد أن يتمكن مني … قاومته … صرخت بوجهه … مسكت بعود الثقاب … حاولت قتل الوحش … لكنه كان أكبر من أن يَغلبه ناري … كان النوم يسيطر على جفوني … حاولت مقاومته أيضا … لكن … كيف لي مقاومة وحش البرد والنوم معا؟!! حاولت الهروب منهما … وصلت لكهف لم أره من قبل … كيف لي أن أراه وأنا ضائعة منذ عشرون عاما … كل يوم أكتشف الجديد … دخلت الكهف بحثا عن الدفء والراحة … دخلته، ليت قدمي لم تطأ أرضه … بـمجرد دخولي للكهف… سُد باب الكهف … بدأت أشعر بالوحدة من جديد … قررت استكشاف المكان، بما أني صرت سجينة الكهف بعدما كنت سجينة الصحراء … كان الظلام يغطي جدران الكهف … كنتُ أشعر بالبرد يتسلل إلى أضلعي … كنتُ أشعر بمن يقترب مني … شيئا فشيئا وإذ بي أشعر بيد على كتفي … التفتُ بسرعة … وإذ بشخصٍ يقف أمامي … سألته من تكون؟ قال محكوم علي بالضياع … محكوم علي بالنسيان … شعرتُ بصدق كلامه … شعرتُ بنقاء قلبه … سألته عن قصته … تنهد تنهيدةً وقال آآآه … شعرتُ مدى حزنه وتألمه … شعرتُ بأنه كان يبحثُ عمن يحدثه … كان يبحثُ عمن يسرد له قصته … تنبهتُ والدمع بعينيه … صدّ بوجهه عني … يخفي دمعه وضعفه … قال اسمي … قاطعته ليس مهما اسمك… بل أخبرني قصتك … ابتسم لي … وكان وجهه بالنور يشع … بادلته البسمة … وقلت له … أخبرني بقصتك … قال … حياتي انتهت هنا … وبدأت هنا … !! قبل أن أبادره بالسؤال … نادى عليّ قائلاً تعالي واجلسي بجانب النار … فالبرد قارس اليوم … ثم أجابني موضحا قصده … هنا انتهت حياتي مع العالم … وهنا بدأتُ حياةً جديدة مع نفسي وربي … كنتُ من أكابر البلاد … كنتُ أملك المحلات والجنان وينابيع المياه … كانت لي زوجة أحببتها وأخلصتُ لها … رُزقنا بصبية ما رأينا أجمل ولا أرق منها … وصبيٌّ كان يتمتع بالوسامة والفروسية … وكنانا مخلصين لله شاكرين لنعمته علينا … إلى أن جاء يومٌ غرتني إحدى جاريات المدينة … صرتُ أتبعها كظلها، بعدما سرحتْ بعقلي وفكري … صرتُ أغدق عليها بالهدايا والعطايا … نسيت زوجتي الحبيبة، نسيت أولادي، أو تناسيتهم … تلك الجارية عرّفتني على رجلٍ أوهمني بحبه لابنتي … أخبرني انه متيمٌ بهواها … طلبتُ مهلة لمشاورة صاحبة الشأن … ثارت وهاجت (الجارية) واتهمتني بأني لا أثق باختيارها … ضغطت علي … خيرتني بينها وبين ابنتي … اخترتها هي… زوجتُ ابنتي ورحّلتها لبيت بعلها … والدمع بين جفنيها كمصب النبع الساخن … كنتُ أعلم بعشقها لأحد أبناء المدينة … لكني كتمتُ على مشاعري ودستُ عليها … ثم … تغير الحال بيني وبين من بقي بالبيت … أبيتُ ليلتي خارج المنزل … لا أرهم إلا صدفةً أو إذا مروا على مكان عملي … وكنتُ أطردهم إذا جاءوا للسؤال عن المال أو للخدمة … أهملتهم كثيراً … في يوم ليس للقمر نور ليخرق ظلمة الليل … رأيتُ ولدي … … رأيته معها … تلك الجارية التي أغدقتُ عليها بالهدايا والأموال … لم أعلم سببا للقياهما في الخفاء … لم أترك له فرصة للدفاع عن نفسه … فأنا لم أسألهم بالأساس … هجمتُ عليه ضرباً وسباً … لم أشعر بنفسي إلا والجارية تصرخ بوجهي وتقول … كفاك … قتلتَه … قتلتَه … !!! لم أسمعها … فقد كنتُ مشغولاً بالهجوم على فلذة كبدي … فلذة كبدي … كيف لم أشعر به حينما مددتُ يدي عليه بسبب تلك العاهرة؟!! كيف لم أرحمه وأنا أرى الدم يسيل من جبينه؟!! كيف لم أشفق عليه وهو يناجيني ويدعوا الله أن يسامحني؟!! يدعوا الله يسامحني وأنا أقتله؟!! قتلته… قتلته ثم هاج بالبكاء الحار … حاولتُ تهدئته … لم أعرف كيف … رأيتُ كأساً به القليل من الماء … قدمتهُ له … وكلي أمل بأن يهدأ … أخبرته بأنه ليس مضطراً لإكمال حديثه … لكنه أصر على المتابعة … تابع وهو يشعر بغصة تخنقه … لو رأيته وهو غارق في دمائه … لو رأيته والنور بوجهه … لقد قتلتُ فلذة كبدي … قتلتُ خير شباب المدينة … قتلته … وقتلتُ معه ما بقي من رحمة بقلبي … دفنتهُ بغير عزاء … أخبرتُ أمه بأنه سقط من فرسه … أخبرتها أنه سقط بوادٍ سحيق قرب نبع الماء … لم تصدقني … ثارت وهاجت … طلبت أن ترى جثته … أعلنت أنه لم يمت … أعلت أني أخفي الحقيقة … ظلتْ ليلتها تناجي الله بحفظه … ظلتْ ليلتها تطلب رحمة الله له … وفي الصباح … دخلتُ لأسألها عن أمرٍ ما … ناديتُ عليها … لم تجبني … كانت تجلس تنظر تجاه الباب… والدمع بعينيها … ووجهها شاحب … قطّعت فؤادي … باتت ليلتها تنتظره … أخرتها أنه لن يرجع … صرخت في وجهها أنه مات … مات … مات … ولم أشعر بنفسي إلا وأقول لها … قتلته بيدي… قتلته ودفنته … لم تأبه بقولي … لم تحرك ساكنة … لم ترمش بعينيها … ذهبتُ إليها … مسكتُ بيدها… وإذ بي أشعر ببرودة جسدها … وما هي إلا غمضة عين … وإذ بها تهوى على الأرض كما يهوي الطير الجريح من السماء … ماتت بحسرتها عليه … ماتت ولم تعلم أني من قتل فلذة كبدها … انتشر خبر وفاتها … علمت ابنتي بالخبر … جاءتني تواسيني … وزوجها يقف بالباب يأبى الدخول … صرخ عليها قائلاً … ابتعدي عن قاتل ابنه… ابتعدي عنه … التفتت إليه… ونظراتها توحي بالتساؤل… من ؟؟ كيف ؟؟ ولماذا ؟؟ وأسئلة أخرى… سألته… من أخبرك؟؟ لم أحاول إنكار الاتهام … فأجابني غير مبالٍ … أنـا من أخبر ابنك عن علاقتك بالجارية … أنـا من أخبر زوجتك بقاتل ابنها … وأنـا … لـم أتركه يكمل … هجمتُ عليه كالوحش الضار … أردتُ خنقه بيدي …هنـا سمعتُ ابنتي تقول … أتريد قتلي أنا أيضاً… اقتلني قبله… حتى لا أراك قاتلا أبداً … اقتلني قبله… لأرتاح من همه… اقتلني قبله … لألحق أمي وأخي … وسقطتْ أرضا مغشيا عليها … فهربتُ إلى تلك الجارية … أسألها عن حال ابني قبل رؤيتي لهما معاً … أجابتني قائلة … جاء يسألني عنك…جاء ليلتها يسألني إن كنتُ زوجة لك أم لا … سألته عن سرِّ سؤاله … فأجابني … إن كنتِ زوجته فأنتي مثل أمي … وإن كنتِ عشيقته … فاطلبي منه الزاج أو الفراق … لكنك لم تتركه يكمل حديثه … فكانت نهايته أقرب من أي شيء آخر … هربتُ منها … ركضتُ كالمجنون في الطرقات … وصلتُ للصحاري … تابعتُ خطواتي إلى أن وصلتُ للكهف … بكيتُ بحرقة ألماً وندماً… ولكن ما ينفع الندم بعدما حدث وانتهى… فقد صار لي عشرون عاما منقطعٌ عن العالم … أبيتُ ليلتي بالاستغفار لربي… وأقضي نهاري بطلب العفو والمغفرة منه سبحانه … ثم واصل بكاءه بحرقةٍ نادماً على ماضيه … سألني بعدها من أكون…؟ أجبته والدمع يتساقط من عيني … أنـا مِن رحمة الله إليك … أنـا من أغمي على أمي لحظة سماعها لحقيقة والدها … أنـا من هجرها جدها وقبلها والدها… أنـا من ربتني أمي على حبِّ جدي الذي لم أره …والدعاء لوالدي بالمغفرة… مسحتُ على عينيه وقلتُ له… أيمكنني أن أناديك بـــجدي الحبيب؟!! أيمكننا العودة لأمي الوحيدة؟!! أيمكننا ذلك يـا جدي العزيز؟!!


====================

السموحة على الإطالة..




------------------
ماهو صحيح ان البشر سهل ينسون
وشلون ننسى والظماير تنــــوحي
هــم وغم وليل واحزان وشــــجون
يالله تعيــن القلـب وتعـيــن روحي
======= ========
قابل للتغيير ؟؟!!

BRABUS
14-06-2000, 05:35 AM
شي رائع حزونة

-----------

بس حلوة هاي "السموحة" :)

------------------
ما أقولك لا تسوي عمرك اتعرف كل شي

شجون المحبه
14-06-2000, 07:19 AM
جميل ما كتبتي ... :) :)

بس الصراحه طويييييييييييييييله.. :(

------------------
شجـــــــــون

بنت الأحزان
16-06-2000, 08:03 AM
مساكم الله بالخير...

أهلين برابوس :)
الحمدلله اني لقيت رد منك .. فيه شي من الرضا ;)
بس يعني لازم التعليق في النهاية .؟ ;)

=======

شجون المحبه :)
عاش من شافك ... وين هالغيبه؟!!
مشكورة يالغالية :)
وأدري انها طويلة ...
شو أسوي.؟؟؟! :)
عشمي فيكم :)

تحياتي :)

------------------
ماهو صحيح ان البشر سهل ينسون
وشلون ننسى والظماير تنــــوحي
هــم وغم وليل واحزان وشــــجون
يالله تعيــن القلـب وتعـيــن روحي
======= ========
قابل للتغيير ؟؟!!

wildorchid
16-06-2000, 08:14 AM
:( :( :( :( :( :( :( :( :(
قصة رائعه حزونه :( :( :(

بنت الأحزان
16-06-2000, 08:26 AM
أهلين أوركيد...
اذا انها رائعه...
ليش الحزن؟!!
الصراحة القصة تنقصها شي؟!!
ماأدري شو؟!!

يمكن أنتظر تعليق الناس... :)

------------------
ماهو صحيح ان البشر سهل ينسون
وشلون ننسى والظماير تنــــوحي
هــم وغم وليل واحزان وشــــجون
يالله تعيــن القلـب وتعـيــن روحي
======= ========
قابل للتغيير ؟؟!!

BRABUS
16-06-2000, 08:29 AM
أفا عليج حزونة

كل شي تكتبينه رائع ....

بس عن التعليق هذا شي مب بإيدي ;) بريلي :)

------------------
ما أقولك لا تسوي عمرك اتعرف كل شي

قايد الريم
16-06-2000, 09:46 AM
مساء الخير ......بنت الأحزان .....
بصراحه خطيره جداً .....
رائعه و أكثر ....
و ينقصها ينقصها ماذا ؟؟
.
.
.
.
تحياتي الريم :)

بنت الأحزان
16-06-2000, 09:53 AM
برابوس..
ايديك ولا ريولك..
المهم انك اقتنعت بشي من الي أكتبه ;)

-----------

:) الريم :)
عاش من شافك :)
ما تتصوري فرحتي بشوفتك أكثر من كلامك :)
المهم انك بخير...
وانشالله أعرف شو الي ناقص القصة :)

تحياتي :)

------------------
ماهو صحيح ان البشر سهل ينسون
وشلون ننسى والظماير تنــــوحي
هــم وغم وليل واحزان وشــــجون
يالله تعيــن القلـب وتعـيــن روحي
======= ========
قابل للتغيير ؟؟!!