PDA

View Full Version : رد حلو ولا يتنساشي على الشيخ سليمان الخراشي


Misrمصر
23-06-2004, 05:03 PM
قبل الشروع في الرد ينبغي لي التأكيد على أمر هام جدا هو أننا لا ننكر كون تغطية الوجه أمرا مشروعا مستحبا في الدين الإسلامي الحنيف، ولا ننازع من تغطي وجهها في ذلك، غاية ما في الأمر أننا نرد على حملة شرسة مفتعلة ضد من يقولون بـ (جواز) كشف الوجه، فقد تعرضوا لهجوم غريب عجيب في الآونة الأخيرة، وهي حملة لا تستهدف القائلين بذلك من العلماء المعاصرين بقدر ما تستهدف التشكيك في السنة النبوية المطهرة وفي الفقهاء الأعلام الذين تبنوا هذا الرأي بدء من الأئمة الأربعة وحتى الإمام الشوكاني مرورا بالإمام ابن تيمية رحمهم الله جميعا.

الوقفة الأولى –وهي طويلة قليلا-:
استدل الشيخ الخراشي بـ 4 نصوص لابن حجر والنووي والغزالي وابن رسلان للتأكيد على أن تغطية الوجه إنما هو السائد والمستمر في كل بلاد الإسلام.
وقد كفاني الشيخ الألباني رحمه الله مؤونة الرد على المدعو الخراشي وأوضح التدليس الواضح في نسبة الإجماع إلى النووي فقال (عن ابن رشد: أن مذهب أكثر العلماء على وجه المرأة ليس بعورة وعن النووي مثله )
وأما التدليس في نسبة الكلام لابن رسلان وبتره من سياقه فيفضح هذه الجريمة الشيخ الألباني رحمه الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله:

"البحث الخامس: هل أجمع المسلمون على أن وجه المرأة عورة وأنها تمنع أن تخرج سافرة الوجه؟
ذلك ما ادَّعاه الشيخ التويجري-هداه الله وقلده فيه بعضهم- يعيد ذلك ويكرره في مواضيع كثيرة وفي صفحات عديدة متقاربة من كتابه لا يكل ولا يمل! (156و197و 217و244و245و147) يفعل هذا وهو يعلم في قرارة نفسه أن لا إجماع فيه لأنه يمر على الخلاف ولا ينقله وقد ينقله ثم يتجاهله! كما سيأتي بيانه قريباً بما لا يدع أي شك في ذلك وكلامه في ذلك مختلف لفظاً متفق معنىً وحسبي أن أنقل منه نصين فقط طلباً للاختصار:
الأول: قوله (ص197 و 217) بالحرف الواحد:
" وحكى ابن رسلان: اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه. نقله الشوكاني عنه في (نيل الأوطار) "
فأقول: إليك نص ما في " نيل الأوطار" (6/98- البابي الحلبي) تحت حديث عائشة:
" يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه":
" وفيه دليل لمن قال: إنه يجوز نظر الأجنبية. قال ابن رسلان: وهذا عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو دونه أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق. وحكى القاضي عياض عن العلماء: أنه لا يلزم ستر وجهها في طريقها، وعلى الرجال غض البصر للآية وقد تقدم الخلاف في أصل المسألة".
قلت: يشير إلى بحث له في الباب الذي قبل حديث عائشة المذكور آنفاً شرح فيه آية: { ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} (النور: 31) ونقل تحتها تفسير الومخشري للزينة فيها ومنه قوله:
"فما كان ظاهراً منها كالخاتم والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب…".
ثم قال الشوكاني عقبه:
" والحاصل: أن المرأة تبدي من مواضع الزينة ما تدعو الحاجة إليه الحاجة عند مزاولة الأشياء والبيع والشراء والشهادة، فيكون ذلك مستثنى من عموم النهي عن إبداء مواضع الزينة وهذا على ما يدل على أن الوجه والكفين مما يستثنى"
فتأمل أيها القارئ الكريم! هل المسألة مجمع عليها كما قال الشيخ أولاً؟! وهل كان أميناً في نقله لكلام ابن رسلان، ثم لكلام الشوكاني ثانياً؟! والذي تبنى ما دل عليه حديث عائشة الذي قويناه في الكتاب (ص 75- 60) كما تبنَّاه مجد الدين ابن تيمية رحمه الله بترجمته له بـ" باب أن المرأة عورة إلا الوجه والكفين"، أما الشيخ فضعفه بشطبة قلم –كما يقال- ولم يعرّج على الشاهد وعمل السلف وتقوية الحافظ البيهقي وغيره كما سيأتي فأغمض عينيه عن ذلك كله مكابرة وعناداً وبطراً وتورَّط به ما واحد من الكتابين المقلدين في هذه المسألة.

-والآخر من نصيبه: قوله في بعض أجوبته (ص243):
" الصواب مع المشايخ الذين يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة لا يجوز لها كشفه عند الرجال الأجانب ودليلهم على ذلك الكتاب والسنة والإجماع"!

بطلان الإجماع الذي ادعاه:
فأقول وبالله وحده أستعين:
لم ينطق بكلمة " الإجماع" في هذه المسألة أحد من أهل العلم فيما بلغني وأحاط به علمي إلا هذا الشيخ وما حمله على ذلك إلا شدَّته وتعصبه لرأيه، وإغماضه لعينيه عن كل ما يخالفه من النصوص فإن الخلاف فيها قديم لا يخلو منه كتاب من الكتب المتخصصة في بحث الخلافيات ولو كان في قوتي متسع لألّفت رسالة خاصة أسرد فيها ما تيسّر لي من أقوالهم في هذه المسألة ولكن لا بدَّلي من أن أنقل هنا بعضها، مما يدل على بطلان الإجماع الذي ادَّعاه فأقول:

الأول: قال ابن حزم في كتابه" مراتب الإجماع" (ص29) ما نصه:
" واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟"
وأقرَّه شيخ الإسلام ابن تيمية في تعليقه عليه، ولم يتعقبه كما فعل في بعض المواضع الأخرى.

الثاني: قال ابن هبيرة الحنبلي في " الإفصاح" (1/118-حلب):
" واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالك الشافع: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها وخاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي".
وفاتته رواية ثالثة وهي: أنها كلها عورة حتى ظفرها كما بأتي مع بيان رد ابن عبد البر لها قريباً.

الثالث: جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (1/167-الطبعة الثانية):
" أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة".
ثم استثنى من ذلك مذهب الشافعية وفيه نظر ظاهر لما تقدم في " الإفصاح" وغيره مما تقدم ويأتي.

الرابع: قال ابن عبد البر في "التمهيد" (6/364) - وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنمه قول الائمة الثلاثة وأصحابهم وقول الأوزاعي وأبي ثور-:" على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها!"
ثم قال ابن عبد البر:
" قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به وأجمعوا أنها لا تصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! وقد روي نحو قول أبي بكر هذا عن أحمد بن حنبل…"
قلت: وقد كنت نقلت فيما يأتي من الكتاب (89) عن ابن رشد: أن مذهب أكثر العلماء على وجه المرأة ليس بعورة وعن النووي مثله، وأنه مذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن أحمد فبعض هذه الأقوال من هؤلاء العلماء الكبار كافية لإبطال دعوى الشيخ الإجماع فكيف بها مجتمعة؟! وإذا كان الإمام أحمد يقول فيما صح عنه: " من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعل الناس اختلفوا؟!" إذا كان هذا قوله فيمن لا يدري الخلاف، فماذا كان يقول يا ترى فيمن يدري الخلاف ثم يدعي الإجماع؟!
فإن قيل: فمن أين لك أن الشيخ يعلم الخلاف المذكور ومع ذلك فهو يتجاهله ويكابر؟
فأقول: علمت ذلك من كتابه أولا، ثم من كتابي الذي ردَّ عليه ثانياً.
أما الأول فإنه نقل (ص157) عن الحافظ ابن كثير: أن الجمهور فسر آية الزينة بالوجه والكفين وأعاد ذلك (ص234).
وأما الآخر فقد ذكرت في غير موضع من كتابي من قال من العلماء بخلاف إجماعه المزعوم مثل ابن جرير وابن رشد والنووي ومنهم ابن بطال الذي نقلت عنه فيما يأتي في الكتاب (ص63) أنه استدل بحديث الخثعمية أن ستر المرأة وجهها ليس فرضاً.
تأويل الشيخ لكلام العلماء وتعطيله إياه: فتجاهل الشيخ ذلك كلّه ولم يتعرض له بجواب اللهم إلا جوابه الذي يؤكد لكل القراء أنه مكابر عنيد وهو قوله (ص236):
" إن المذهب الذي نسبه الألباني لأكثر العلماء- ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية عنه- إنما هو في الصلاة إذا كانت المرأة ليست بحضرة الرجال الأجانب"!
وقلّده في هذا القول جمع ممن يمشي في ركابه كابن خلف في " نظراته"، وأخينا محمد بن إسماعيل الإسكندراني في" عودة الحجاب" (3/228) وغيرهما كثير والله المستعان.
ونظرة سريعة في قول ابن بطال المذكور يكفي في إبطال جواب الشيخ هداه الله وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيخ خرِّيت ماهر- ولا فخر!- في تضليل قرائه وصرفهم عن الاستفادة من أقوال علمائهم بتأويله إياها وإبطال دلالاتها الصريحة تماماً كما يفعل أهل الأهواء بتعطيلهم لنصوص الكتاب والسنة وأقوال الأئمة المتعلقة بالأسماء المتعلقة بالأسماء والصفات الإلهية وهذا شيء يعرفه الشيخ منهم فيبدو أنه قد سرت عدواهم إليه حفظه الله ولو في مجال الأحكام هداه الله.
وتأكيداً لهذا الذي ذكرت لا يسعني هنا إلا أن أذكر مذاهب الأئمة الذين افترى الشيخ عليهم بتأويله لكلامهم على خلاف مرادهم فأقول:

أولا: مذهب أبي حنيفة:
قال الإمام محمد بن الحسن في " الموطأ" (ص 205 بشرح التعليق الممجّد- هندية):
" ولا ينبغي للمرأة المحرمة أن تنتقب فإن أرادت أن تغطي وجهها فلتستدل الثوب سدلاً من فوق خمارها. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا".
وقال أبو جعفر الطحاوي في " شرح معاني الآثار" (2/392- 393):
" أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".

ثانياً: مذهب مالك: روى عنه صاحبه عبد الرحمن بن القاسم المصري في "المدونة" (2/221) نحو قول الغمام محمد في المحرمة إذا أرادت أن تسدل على وجهها وزاد في البيان فقال:
" فإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل".
ونقله ابن عبد البر في " التمهيد" (15-111) وارتضاه.
وقال بعد أن ذكر تفسير ابن عباس وابن عمر لآية: {إلا ما ظهر منها} بالوجه والكفين (6/369):
" وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء في هذا الباب. (قال (هذا ما جاء في المرأة وحكمها في الاستتار في صلاتها وغير صلاتها". تأمل قوله:" وغير صلاتها"!
وفي " الموطأ" رواية يحيى (2/935):
" سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
قال الباجي في" المنتفى شرح الموطأ" (7/252) عقب هذا النص:
" يقضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها".

ثالثاً: مذهب الشافعي:
قال في كتابه" الأم " (2/185):" المحرمة لا تخمِّر وجهها إلا أن تريد أن تستر وجهها فتجافي…"
وقال البغوي في " شرح السنة" (9/ 23):
"فإن كانت أجنبية حرة فجمع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة".
فهل هذه النصوص- أيها الشيخ! – في الصلاة؟!

رابعاً: مذهب أحمد:
روى ابنه صالح في " مسائله" (1/310) عنه قال:
" المحرمة لا تخمِّر وجهها ولا تتنقب والسدل ليس به بأس تسدل على وجهها".
قلت: فقوله: " ليس به بأس" يدل على جواز السدل فبطل قول الشيخ بوجوبه كما بطل تقييده للرواية الأخرى عن الإمام الموافقة لقول الأئمة الثلاثة بأن وجهها وكفيها ليسا بعورة كما تقدم في كلام ابن هبيرة وقد أقرّها ابن تيمية في" الفتاوى" (15/371) وهو الصحيح من مذهبه كما تقدم عن" الإنصاف" وهو اختيار ابن قدامة كما تقدم في " البحث الأول" وعلل ذلك بقوله:" ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما بالنقاب لأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء".
ومثل هذا التعليل ذكر في كثير ممن الكتب الفقهية وغيرهما ك" البحر الرائق" لإبن نجيم المصري (1/284) وتقدم نحوه عن الشوكاني في أول هذا" البحث الخامس" (ص27).
ومما سبق يتبين للقراء الكرام أن أقوال الأئمة الأربعة متفقة على تخيير المرأة المحرمة في السدل على وجهها وعدم إيجاب ذلك عليها خلافاً للمتشددين والمقلدين هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فقد دل قول مالك في " الموطأ" وقول ابن عبد البر:"وغير صلاتها" على تأويل التويجري المذكور وكذلك تخيير الأئمة المحرمات بالسدل لأن ذلك خارج الصلاة.
فأريد الآن أن أتبيَّن لقرائنا الأفاضل علماً كتمه المذكورون- أو جهلوه وأحلاهما مر‍-: أن سلف الأئمة رحمهم الله تعالى- فيما سبق- أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قولاً وفعلاً.
أما القول فهو:" المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوباً مَسَّه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ولا تَلَثَّم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت".
أخرجه البيهقي في "سننه" (5/47) بسند صحيح وعزاه إليه الحافظ في " الفتح" (4/52-53) ساكتاً عليه فهو عنده فهو شاهد قوي لحديثها المتقدم في هذا " البحث الخامس" صفحة (27-28): " يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض… ". وكذلك يشهد له حديثها الآتي.
وأما الفعل فهو ما جاء في حديث عمرتها من التنعيم مع أخيها عبد الرحمن قالت:
" فأردفني خلفه على جمل له قالت: فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلّة الراحلة قلت له:و هل ترى من أحد…".
أخرجه مسلم (4/34) والنسائي في "السنن الكبرى" (2/223- المصورة) والطيالسي أيضاً في " مسنده" (1561) لكن بلفظ:
"فجعلت أحسر عن خماري فتناولني بشيء في يده …".
فسقط منه قولها:" عنقي" ورواية مسلم أصح سنداً وأرجح متناً كما بينته في "المقدمة" ولذلك لم يعزه الشيخ إلى مسلم وتبعه على ذلك بعض المقلدة- كالمدعو درويش في " فصله" (ص43) - لأنها حجة عليهم من جهة أن الخمار لا يغطي الوجه لغة كما تقدم وكونها معتمرة فلا يجوز لها أن تلثم به كما قالت آنفاً فتغطيتها لوجهها بالسدل- كما في بعض الروايات- فعلٌ منها نقول به، ولكن لا يدل على الوجوب خلافاً لزعم المخالفين.
قلت: فبطل بهذا البيان تأويل الشيخ المذكور لمخالفته أقوال أئمة الفقه المصرّحة بجواز الكشف عن الوجه في الصلاة وخارجها بحضرة الرجال ولتعليل بعضهم الجواز بحاجة المرأة إلى البيع والشراء والأخذ والإعطاء وبجواز المؤاكلة أيضاً. فهذه الأقوال يحملها الشيخ على الصلاة وليس بحضرة الرجال
فما أبطله من تأويل بل تعطيل. فأنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم إن مما يؤكد جهل الشيخ بالفقه وأقوال الفقهاء- أو على الأقل تجاهله وتحامله عليَّ وبَطره للحق- أن من مراجع كتابه (ص 109) ابن مفلح في " الآداب الشرعية" وابن مفلح هذا من كبار علماء الحنابلة في القرن الثامن،ومن تلامذة ابن تيمية وكان يقول له:" ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح". وقال ابن القيم فيه:
" ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح".
إذا عرفت هذا فقد قال المفلح هذا في كتابه المذكور " الآداب الشرعية " (1/316) ما نصه:
" هل يسوغ الإنكار على النساء الأجانب إذا كشفن وجوههن في الطريق؟
ينبني (الجواب) على أن المرأة هل يجب عليها ستر وجهها أو يجب غض النظر عنها؟ وفي المسألة قولان قال القاضي عياض في حديث جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم. قال العلماء رحمهم الله تعالى: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي. ذكره الشيخ محيي الدين النووي ولم يزد عليه".
يعني: غي " شرح مسلم" قبيل (كتاب السلام) وأقرَّه.
ثم ذكر المفلح قول ابن تيمية الذي يعتمد عليه التويجري في كتابه (ص170) وتجاهل أقوال جمهور العلماء وقول القاضي عياض الذي نقله المفلح وارتضاه تبعاً للنووي. ثم قال المفلح:
" فعلى هذا هل يشرع الإنكار؟ ينبني على الإنكار في مسائل الخلاف وقد تقدم الكلام فيه فأما على قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم: إن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة.
قلت: هذا ما قاله هذا الإمام الحنبلي قبل ستة قرون (ت763) تبعاً لمن اقتديت بهم من الأئمة السالفين أفلا يعلم الشيخ ومن ضلَّ –هداهم الله- أنهم رحمهم الله ينالهم القدح الذي وجهه إلي في آخر كتابه- كما تقدم- وهو قوله:
"ومن أباح السفور للنساء واستدل على ذلك بمثل ما استدل به الألباني فقد فتح باب التبرج على مصراعيه…" إلى آخر هرائه هداه الله."أ.هـ من كلام الألباني

الوقفة الثانية:
يقول الخراشي "ومما يؤكد هذا أنك لا تجد مسألة كشف الوجه من عدمه قد أخذت حيزًا كبيرًا في مصنفات الأئمة ، ولم تستغرق جهدهم ووقتهم ، بل لا تكاد تجد – فيما أعلم – مصنّفًا خاصًا بهذه المسألة ؛ ولو على شكل رسالة صغيرة"
والرد من وجوه، أولها أن هذه السفسطة لا تعد دليلا شرعيا يعتد به عاقل أو راشد فضلا عن طويلب علم، فإن ابتداء مناقشة مسألة فقهية بنقولات وكلام أقرب للمنطق الفلسفي منه للدليل الشرعي لا يعد بداية مشجعة بقدر ما يعد دليلا ملموسا على محاولات يائسة لفتح منافذ الهروب والتمييع للموضوع.
ثاني هذه الوجوه هو كون المسألة لم تستغرق حيزا قد يكون راجعا إلى كونهم سلموا بالخلاف الوارد في مسألة كشف الوجه، بدليل النصوص التي أوردتها نقلا عن الألباني في الوقفة الأولى من هذا الردّ.
ثالثا تعليقا على مسألة (رسالة صغيرة) لا أعتقد أن السلف الصالح كانوا معتادين على أسلوب قسر المتلقي على رأي بعينه عبر طبع مطويات صغيرة تروج لرأي واحد بعينه، فالعهد بالسلف الصالح أنهم كانوا يعطون المسائل حقها من البحث والتنقيب والدراسة فما كان فيه خلاف قبلوه برحابة صدر واتساع أفق.

الوقفة الثالثة:
يقول الخراشي "ولم يبدأ انتشار السفور وكشف الوجه إلا بعد وقوع معظم بلاد المسلمين تحت سيطرة الكفار في العصر الحديث، فهؤلاء الكفار كانوا يحرصون على نشر الرذيلة ومقدماتها في ديار الإسلام لإضعافها وتوهين ما بقي من قوتها. وقد تابعهم في هذا أذنابهم من العلمانيين المنافقين الذين قاموا بتتبع الأقوال الضعيفة في هذه المسألة ليتكئوا عليها ويتخذوها سلاحًا بأيديهم في مقابلة دعاة الكتاب والسنة. لا سيما في الجزيرة العربية ، آخر معاقل الإسلام"
والرد عليه يسير بحمد الله، فإنه لم يأت بدليل تاريخي واحد على ما يقول، وإلا فماذا يقول عن الخثعمية الحسناء التي طفق الفضل ينظر إلى وضاءة وجهها، هل كان الفضل منافقا يتتبع ضعيف الأقوال أم ماذا؟
ثم لماذا نذهب بعيدا، لقد قال صلى الله عليه وسلم (إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفّاها) فهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا يدعو إلى الرذيلة؟! ولو سلّمنا –جدلا وخطأ- بأن هذا الدليل منسوخ، فهل يعقل أن يأمر الرسول بفاحشة قط؟ بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
أما القول بأن الجزيرة العربية آخر معاقل الإسلام فقول يحتاج إلى دليل، لأن الدليل ورد بأن الإيمان يأرز ما بين مكة والمدينة كما تأرز الحية إلى جحرها، ولا علم لي بدليل يوسع الأمر إلى أبعد من ذلك، وإلا فقد وردت أحاديث في فضل اليمن والشام وآثار في جيش مصر.

الوقفة الرابعة وهي هامة جدا:
يدندن الكثيرون من المتشددين الموجبين لتغطية الوجه حول قضايا سئمنا منها، كـالتحذير من تحرير المرأة وأن الطريق الأول للانفلات الأخلاقي هو كشف الوجه، وكأنهم أعلم من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حين وجه أسماء بنت أبي بكر إلى أنّ المرأة (إذا بلغت المحيض فلا يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفّاها).
وكالعادة، مضى الشيخ يحلق في عالم آخر، من الحديث عن الغرب وحضارته الزائفة بعيدا عن صلب الموضوع.
بل إنه مضى ينقل عن من يبرر –ويا للعجب- كشف الوجه بأنه جاء نتيجة انتشار الانفلات الخلقي الذي سببه الاستعمار فأفتى الفقهاء بذلك تماشيا مع الجو السائد في بلدانهم! بالله أيّ نوع من الإرهاب الفكري يمارسه هذا الرجل؟
أنقل الآتي من الرد المفحم للألباني رحمه الله:
"الرابع: قال ابن عبد البر في "التمهيد" (6/364) - وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنمه قول الائمة الثلاثة وأصحابهم وقول الأوزاعي وأبي ثور-:

" على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها!"

ثم قال ابن عبد البر:
" قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به وأجمعوا أنها لا تصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! وقد روي نحو قول أبي بكر هذا عن أحمد بن حنبل…"

قلت: وقد كنت نقلت فيما يأتي من الكتاب (89) عن ابن رشد: أن مذهب أكثر العلماء على وجه المرأة ليس بعورة وعن النووي مثله، وأنه مذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن أحمد فبعض هذه الأقوال من هؤلاء العلماء الكبار كافية لإبطال دعوى الشيخ الإجماع فكيف بها مجتمعة؟! وإذا كان الإمام أحمد يقول فيما صح عنه: " من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعل الناس اختلفوا؟!" إذا كان هذا قوله فيمن لا يدري الخلاف، فماذا كان يقول يا ترى فيمن يدري الخلاف ثم يدعي الإجماع؟!"



الوقفة الخامسة:
يقول الخراشي سدده الله:" مما يؤسف له أنك تجد أصحاب الهوى - رجالا ونساء - ممن يعاندون في وجوب تغطية الوجه عندما تنكر عليهم صنيعهم يواجهونك " بأن الشيخ الألباني يرى جواز كشف الوجه " !! ثم تتفاجأ بأن هؤلاء النسوة الكاشفات لم يقتصرن على كشف الوجه ! ولم يتقيدن بالشروط التي وضعها الشيخ رحمه الله للحجاب ! لتعلم حينها أن رأي الشيخ مجرد ترس يتترسون به أمام من ينكر عليهم"
فالرد عليه من وجوه، أولا: أن كون هؤلاء النسوة الكاشفات فرطن في حجابهن وكشفن مازاد على الوجه والكفين، أقول إن فعلهنّ هذا لا يعد –ولا عند أي من أوتي ذرة من العقل- دليلا ضد العلماء القائلين بجواز كشف الوجه _بدءا من ابن عباس رضي الله عنهما [ اعتبره من الزينة الظاهرة المستثناة] وانتهاء بالألباني رحمه الله_ فليتق الله كل امرؤ فيما يكتب، وليدع أقوام عنهم التعصب للرأي والتحزّب للعادات والتقاليد.
إنّ وجود فئة من النسوة –هداهن الله- يكشفن وجوههن وفي نفس الوقت يكشفن ما يزيد على الوجه ويبرزن مفاتنهن، أقول إن هذه الفئة خطؤها على نفسها ولا يتحمل وزرها الشيخ الألباني ولا غير الألباني.

الوقفة السادسة:
قدد قرر الألباني رحمه الله في (الرد المفحم) ما نصه "ثانياً: قد قررنا مراراً أن تغطية المرأة وجهها هو الأفضل" وإنما الاعتراض –وأكرر هذا للمرة الألف- على من يضربون بخلاف العلماء عرض الحائط ويريدون أن يجبروا الناس على رأيهم بوجوب التغطية بل ويتحايلون بشتى الحيل للانتصار لرأيهم.

الوقفة السابعة:
يعاند ويكابر المتشددون القائلون بوجوب تغطية الوجه في تفسير معنى (الخمار) على أنه تغطية الوجه، ويستدلون ببيتين من الشعر ، رغم أن الحديث النبوي الكريم (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يجمع الجميع على أن المرأة لا تغطي وجهها ولا كفيها في الصلاة، وسأكتفي بإحالة القارئ إلى رسالة الألباني، المبحث الرابع منها (البحث الرابع: الخمار والاعتجار، قوله تعالى: { وليضربن بخمرهن على جيوبهم}) ومنه أنقل بإيجاز أسماء علماء جمعها الألباني قد أجمعت كلها على ذكر الرأس دون الوجه في تعريفهم للخمار "فمن المفسرين: إمامهم ابن جرير الطبري (ت310) والبغوي أبو محمد (169) والزمخشري (538) وابن العربي (553) وابن تيمية (728) وابن حيان الأندلسي (754) وغيرهم كثير كثير ممن ذكرنا هناك.
2- ومن المحدثين: ابن حزم (ت456) والباجي الأندلسي (474) وزاد هذا بياناً وردّاً على مثل الشيخ وتهوّره، فقال: " ولا يظهر منها غير دور وجهها".
وابن الأثير (ت606) والحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852)، ونص كلامه:" والخمار) للمرأة كالعمامة للرجل""ا.هـ.
وليرجع إلى رسالة الألباني لمزيد بيان.

الوقفة الثامنة:
أحال الخراشي القارئ لمقال آخر له يرد فيه –بزعمه- على الشيخ الألباني رحمه الله، والواقع أنه يثبت لي كل يوم أن كشف الوجه جائز ولا شيء فيه، انظر مثلا لاستدلال الخراشي على تغطية الوجه بالحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم : "لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" إذ فسره كالآتي ((فقوله صلى الله عليه وسلم : "كأنه ينظر إليها" دليل على أن النساء كن يُغطين وجوههن وإلا لما احتاج الرجال إلى أن تُنعت لهم النساء الأجنبيات، بل كانوا يستغنون عن ذلك بالنظر إليهن مباشرة))ا.هـ من كلام الأخ الخراشي.
ومعلوم بداهة أن هذا الرد من الخراشي لا يسلم به عاقل، فإن المتبادر للذهن عند قراءة هذا الحديث الشريف، هو النهي عن أن تصف المرأة المرأة لزوجها وصفا يحاكيها في الحقيقة حتى لكأن الرجل ينظر إليها، وهذا الحديث عام كما ترون (كأنه ينظر إليها) فتنسحب على كون الرجل كأنه ينظر إلى جمال قوامها وطول جسدها ودقائق ملامحها من تفاصيل النهد والخصر والفخذ والكتف ونحوه، فلا مبرر –البتة- لسحب الدليل على كشف الوجه، فهل نعت المرأة للمرأة يقتصر على الوجه؟؟ فلماذا –يا ترى- لم يسحب الخراشي الدليل كما ينبغي على عمومه بدلا من الفلسفة فإنّه حتى لو رأى الإنسان امرأة كاشفة وجهها مكملة حجابها ما وسعه أن يستشف شيئا من تفاصيل وصف جسمها اللهم إلا من طول ونحوه مما يظهر للعيان رغما عن الحجاب.
وهنا يظهر لنا عسف الشيخ الخراشي في قوله هداه الله (- الألباني رحمه الله لم يستطع الرد على أدلة الموجبين ستر الوجه فهو في كتابيه يتتبع أي نص يظنه يشهد لقوله - ولو أداه ذلك للتكلف) فالخراشي هدانا الله وإياه يواصل الإيحاء للقارئ أنّ الألباني قد انفرد عن أقرانه بالقول بجواز كشف الوجه، وبدلا من أن ينصرف الخراشي إلى التدقيق فيما ينقله، إذ حكى الإجماع عن ابن رسلان عن التويجري مبتورا عن النص الأصلي رغم أن الألباني رد على التويجري، إلا أن الخراشي لم يبال بالأمر وواصل النقل دون تدقيق، فهو إما أنه لم يقرأ رسالة الألباني ، وإما أنه الانتصار الأعمى للرأي عافانا الله من الهوى والتعصب.

الوقفة التاسعة:
مع الدليل المحرج المزعوم، المتعلق بآية الإدناء، التي فسرها ترجمان القرآن عبد الله بن عباس فيما صح عنه، فقال:"تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به"، كما سيأتي تخريجه.
وأما ما يتعلق بآية (فاسألوهن من وراء حجاب) فنتابع الرد مع الألباني الذي ينقل لنا نصا متميزا عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله:"
يزعم كثير من المخالفين المتشددين: أن (الجلباب) المأمور به في آية الأحزاب هو معنى (الحجاب) المذكور في الآية الأخرى: { فاسألوهن من وراء حجاب} (الأحزاب: 53)، وهذا خلط عجيب، حملهم عليه علمهم بأن الآية الأولى لا دليل فيها على أن الوجه والكفين عورة، بخلاف الأخرى، فإنها في المرأة وهي في دارها، إذ إنها لا تكون عادة متجلببة ولا مختمرة فيها، فلا تبرز للسائل، خلافاً لما يفعل بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن، وقد نبَّه على هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تميمة فقال في " الفتاوى" (15/448):
" فآية الجلابيب في الأدرية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن".
قلت: فليس في أي من الآيتين ما يدل على وجوب ستر الوجه والكفين.
أما الأولى فلأن الجلباب هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها- وليس على وجهها- كما هو مذكور فيما يأتي من الكتاب (ص83)، وعلى هذا كتب اللغة قاطبة، ليس في شيء منها ذكر للوجه البتة.
وقد صح عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها:" تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به"أخرجه أبو داود في " مسائله" (ص 110)".

الوقفة العاشرة والأخيرة:
اتقوا الله أيها القائلون بوجوب تغطية الوجه، لا ينازعكم أحد في أفضلية تغطية الوجه، بل إن نساء أسرتي يغطين وجوههن، قد يقول قائل فلم ترهق نفسك؟ أقول: دفاعا عن الحقيقة أن تندثر وقد قذفت المطابع بعشرات الكتب تروج لوجوب تغطية الوجه، ورغم أن عددا من العلماء سوى الألباني ردوا على الأخطاء الواردة فيها إلا أن الكل ينقل عنها، فما رده الشيخ الألباني على التويجري ومحمد إسماعيل المقدم، وقع في نفس الخطأ أخونا سليمان الخراشي عفا الله عنه، فتشعر أن الأمّة يراد لها أن تبقى في دوامة هذا الجدل ولمصلحة من؟ لا أحد يدري.
وها هي النتيجة تظهر، مطابع على الجانب الآخر تقذف بكتب من على شاكلة (تنبيه الأصحاب إلى تحريم النقاب) إلى آخر المهازل الذي تحدق بالمرأة المسلمة.

ونذكر بحديثين للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم:
الأول عن سهل بن سعد قال:"لما عرَّس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاماً ولا قدمه إليهم إلا امرأته أم أسيد… فكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهي العروس".رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

الثاني: :حديث " إن الدين يسير، ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا…" رواه البخاري.

والله من وراء القصد.


الرد المفحم، على من خالف العلماء و تشدد و تعصب، و ألزم المرأة بستر وجهها و كفيها وأوجب، و لم يقتنع بقولهم: إنه سنة و مستحب
http://arabic.islamicweb.com/sunni/rad_muf7im.htm

مسدد
26-06-2004, 05:01 PM
لا يجوز شرعا لكائن من كان أن يظهر له رأي شرعي ويتبنى غيره ، فمن يرى أن الرأي الشرعي المستساغ شرعا في مسألة ما هو المنع فلا يجوز له أن يقول بالجواز ، بل الأصل لديه المنع ، وهذه مسألة أصولية لا غبار عليها.