بو عبدالرحمن
06-10-2003, 07:59 AM
نظر الرجل الضخم الجثة وهو مضطجع إلى نملة صغيرة
تدب على يده التي يضعها تحت رأسه
فابتسم وهو يتابعها ، ثم ضحك عاليا وهو يرى ضآلتها
وقال في نفسه :
تُرى كم هي المساحة التي تحتلها هذه النملة ، من جسم إنسان ضخم مثلي !
لا شك أنه مساحة لا تساوي شيئا ألبتة ..!
مسكينة هذه النملة ، يا لهوانها على الناس ...!!
**
نظرت إليه ( الحجرة ) التي كان فيها ،
وهزت رأسها في عجب ، ثم قلّبت شفتيها وقالت :
بل أنت قزم إذا قورنت بي ..! فكم هي مساحة جسمك الضخم
إلى مساحتي الواسعة التي لا تحتل أنت منها سوى جزء فيها ..!!
مسكين أنت أيها ( الإنسان ) المغرور ..!!
**
تمتمت ( الدار ) الواسعة وهي تنظر إلى هذه الحجرة
التي تطن طنينها مفاخرة بنفسها ، ثم قالت :
يا لك من مغرورة صغيرة العقل حقاً !
وإلا فماذا تكونين أنت إذا قورنت بي ، وما أنت سوى
واحدة من حجرات كثيرة تعج بها مساحتي ..!
نصيحتي لك أن لا تتشدقي طويلا ،
وفكري كثيرا قبل أن تسخري من غيرك !!
وتذكريني دوماً فإني أبتلعك ..!!
**
تبسم ( الحي ) الذي تقع فيه تلك الدار ، ثم قهقه عالياً وقال :
لقد أنطقك الله بما كنت سأقوله لك ..!!
وعليك أن تتعلمي أنت الدرس ابتداءً ..
وإلا فما هو حجمك أيتها المغرورة
إلى مساحتي التي تضيعين فيها تماماً بين أكداس هذه الدور
التي تتناثر في كل مكان ..!!
**
وسرعان ما هزت ( المنطقة ) رأسها في عجب !!
ثم قالت توبخ الحي :
كما ذكّرتَ غيرك ، فتذكر أيها الحبيب ..!
إنما أنت أشبه بقطعة سكر صغيرة تغمس في كوب كبير من الشاي ..!!
أنسيت أنك ضائع في مساحتي ، بل أنت منسي عندي
لكثرة أمثالك في دائرتي ..!!
**
قهقهت ( الدولة ) طويلاً حتى تحدّر دمعها !!
ثم قالت : يا لكِ من بليغة في الكلام أيتها المحافظة ..
أنت تجيدين وصف ما يمكن أن أقوله لك ...!!
ابتلعي لسانك كلما هممت بالسخرية من أحد !
***
واستمر الحوار من كبير إلى أكبر ، ومن عظيم إلى أعظم منه
حتى انتهى الحوار إلى ( السماء الدنيا ) ..
فإذا هي تقول في لهجة حادة ، ونبرة مؤثرة :
يا عجباً لهذه الهباءة الضائعة تماماً .. هذه التي يسمونها ( المجرة ) !!!
ترى كم تحتل من مساحة الفضاء السحيق تحتي ؟!
وكم هي أعداد المجرات التي تزاحمها في هذا الفضاء
المترامي الأطراف !؟
إني لا أكاد أراها ولا أكاد اسمع صوتها وهي تفاخر الآخرين
أنها ، وأنها ، وأنها ، وأنها ...!!
ألا قاتل الله الغرور ماذا يفعل بأصحابه !!!؟
ولكن ...
ولكن أين تلك الكرة المتناهية في الصغر ..
تلك التي يسمونها ( الأرض ) ..!!
أين هي !!؟؟ ألا زالت في موقعها تدور،
أم قد زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت أثقالها وقال الإنسان مالها ؟؟!!!
بل .........
بل أين ذلك المخلوق المتعجرف الذي يطأ الأرض برجله
وهو يحسب أنه يطأ الثريا ..!!
أين هذا الهزيل الضعيف الذي نحتاج إلى منظار ضخم
يكبر الأشياء ملايين الملايين من المرات فلعلي أراه ...!!
نعم ، أين ذلك ( اللاشيء ) المغرور
الضائع في هباءة ضائعة ، هي بدروها ضائعة في ضائع في ضائع !!!
إنسان ضائع في الأرض ، وأرض ضائعة في المجموعة الشمسية
وهذه ضائعة في المجرة ، وبدورها هي الأخرى ضائعة في كون الله الفسيح ..!
وتردد صدى الصوت في الآفاق ينادي ويجلجل :
أين أنت أيها الإنساااااااااااااااااااااان .!!؟
وخيم صمتٌ رهيب ، ثم تعالى الصوت من جديد :
( قتِلَ الْأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ*
مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) ..
***
مع هذا كله .. ورغم هذا كله .. يبقى قول الحق سبحانه
هو الأصل الأصيل الذي منه ننطلق وإليه نرد :
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) ..
نعم هذا هو الأصل .. غير أن كثيرين جداً من الناس
لم يقدروا الله قدره جل جلاله ..
فيحتاجون منا أن نذكرهم بمثل هذه القضية
ليعرفوا أقدارهم الحقيقة في هذا الكون الفسيح ، وأنهم ( لاشيء )..
لعل مثل هذا الطرح يسوقهم سوقا ويدفعهم دفعاً
إلى دائرة التفكر والتأمل والتدبر ..
فلولا فضل الله سبحانه على هذا الإنسان لكان فعلاً لا يسوى شيئاً
لا يستحق حتى الالتفات إليه ، ولا الاهتمام به ..!
والمرءُ من غير دينٍ ** لم يسوَ في الكونِ شيئا
فإذا أضفت إلى ذلك قول الحق عز وجل المتقدم بتكريم الله لهذا الإنسان
بل وآيات أخرى تقرر وتصرح أن الله ما خلق هذا الكون كله
سماءه وأرضه إلا من أجل هذا الإنسان ..!!
تكريما وتشريفا واحتفاء به ، واجلالا له ، وامتحاناً له
لو أضفت هذا كله إلى بعضه ..
ألا ترى أن ذلك مدعاة إلى توليد معانٍ طيبة مشرقة ربانية
تتوالد في قلب الإنسان العاقل ..
ألا ترى لو أن الإنسانَ فكر في مثل هذا الطرح ونحوه
لربما اهتز من مفرق رأسه إلى أخمص قدمه
هزةً يتولد عنها ثمار كثيرة منها :
تحصيل محبة الله جل جلاله ، وخشيته ، والحياء منه ..
وفي تحصيل هذه الثمار كفاية للمكتفي ..
على أن يراقب هذا الإنسان نفسه وقلبه ، فإن لم تترجم هذه الثمرات
عمليا في دنيا الواقع سلوكا تراه عيون الدنيا
فكأنك يا بو زيد ما غزيت !!
والخلاصة ..
أننا نرى أن أمثال هذا الطرح سيتولد عنه معانٍ قلبيه رائعة
ويبقى على الإنسان أن يترجمها في واقع حياته
وبذلك ينال مزيداً من القرب والرعاية والنصرة والتأييد
نسأل الله سبحانه أن يُعرفنا جيداً بحقيقة أنفسنا حتى لا يصيبنا الغرور ..
وحقيقة هذا الكون الذي نعيش فيه ،
حتى لا تتعلق قلوبنا بشيء سواه جل جلاله ..
وبالله التوفيق .
تدب على يده التي يضعها تحت رأسه
فابتسم وهو يتابعها ، ثم ضحك عاليا وهو يرى ضآلتها
وقال في نفسه :
تُرى كم هي المساحة التي تحتلها هذه النملة ، من جسم إنسان ضخم مثلي !
لا شك أنه مساحة لا تساوي شيئا ألبتة ..!
مسكينة هذه النملة ، يا لهوانها على الناس ...!!
**
نظرت إليه ( الحجرة ) التي كان فيها ،
وهزت رأسها في عجب ، ثم قلّبت شفتيها وقالت :
بل أنت قزم إذا قورنت بي ..! فكم هي مساحة جسمك الضخم
إلى مساحتي الواسعة التي لا تحتل أنت منها سوى جزء فيها ..!!
مسكين أنت أيها ( الإنسان ) المغرور ..!!
**
تمتمت ( الدار ) الواسعة وهي تنظر إلى هذه الحجرة
التي تطن طنينها مفاخرة بنفسها ، ثم قالت :
يا لك من مغرورة صغيرة العقل حقاً !
وإلا فماذا تكونين أنت إذا قورنت بي ، وما أنت سوى
واحدة من حجرات كثيرة تعج بها مساحتي ..!
نصيحتي لك أن لا تتشدقي طويلا ،
وفكري كثيرا قبل أن تسخري من غيرك !!
وتذكريني دوماً فإني أبتلعك ..!!
**
تبسم ( الحي ) الذي تقع فيه تلك الدار ، ثم قهقه عالياً وقال :
لقد أنطقك الله بما كنت سأقوله لك ..!!
وعليك أن تتعلمي أنت الدرس ابتداءً ..
وإلا فما هو حجمك أيتها المغرورة
إلى مساحتي التي تضيعين فيها تماماً بين أكداس هذه الدور
التي تتناثر في كل مكان ..!!
**
وسرعان ما هزت ( المنطقة ) رأسها في عجب !!
ثم قالت توبخ الحي :
كما ذكّرتَ غيرك ، فتذكر أيها الحبيب ..!
إنما أنت أشبه بقطعة سكر صغيرة تغمس في كوب كبير من الشاي ..!!
أنسيت أنك ضائع في مساحتي ، بل أنت منسي عندي
لكثرة أمثالك في دائرتي ..!!
**
قهقهت ( الدولة ) طويلاً حتى تحدّر دمعها !!
ثم قالت : يا لكِ من بليغة في الكلام أيتها المحافظة ..
أنت تجيدين وصف ما يمكن أن أقوله لك ...!!
ابتلعي لسانك كلما هممت بالسخرية من أحد !
***
واستمر الحوار من كبير إلى أكبر ، ومن عظيم إلى أعظم منه
حتى انتهى الحوار إلى ( السماء الدنيا ) ..
فإذا هي تقول في لهجة حادة ، ونبرة مؤثرة :
يا عجباً لهذه الهباءة الضائعة تماماً .. هذه التي يسمونها ( المجرة ) !!!
ترى كم تحتل من مساحة الفضاء السحيق تحتي ؟!
وكم هي أعداد المجرات التي تزاحمها في هذا الفضاء
المترامي الأطراف !؟
إني لا أكاد أراها ولا أكاد اسمع صوتها وهي تفاخر الآخرين
أنها ، وأنها ، وأنها ، وأنها ...!!
ألا قاتل الله الغرور ماذا يفعل بأصحابه !!!؟
ولكن ...
ولكن أين تلك الكرة المتناهية في الصغر ..
تلك التي يسمونها ( الأرض ) ..!!
أين هي !!؟؟ ألا زالت في موقعها تدور،
أم قد زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت أثقالها وقال الإنسان مالها ؟؟!!!
بل .........
بل أين ذلك المخلوق المتعجرف الذي يطأ الأرض برجله
وهو يحسب أنه يطأ الثريا ..!!
أين هذا الهزيل الضعيف الذي نحتاج إلى منظار ضخم
يكبر الأشياء ملايين الملايين من المرات فلعلي أراه ...!!
نعم ، أين ذلك ( اللاشيء ) المغرور
الضائع في هباءة ضائعة ، هي بدروها ضائعة في ضائع في ضائع !!!
إنسان ضائع في الأرض ، وأرض ضائعة في المجموعة الشمسية
وهذه ضائعة في المجرة ، وبدورها هي الأخرى ضائعة في كون الله الفسيح ..!
وتردد صدى الصوت في الآفاق ينادي ويجلجل :
أين أنت أيها الإنساااااااااااااااااااااان .!!؟
وخيم صمتٌ رهيب ، ثم تعالى الصوت من جديد :
( قتِلَ الْأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ*
مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) ..
***
مع هذا كله .. ورغم هذا كله .. يبقى قول الحق سبحانه
هو الأصل الأصيل الذي منه ننطلق وإليه نرد :
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) ..
نعم هذا هو الأصل .. غير أن كثيرين جداً من الناس
لم يقدروا الله قدره جل جلاله ..
فيحتاجون منا أن نذكرهم بمثل هذه القضية
ليعرفوا أقدارهم الحقيقة في هذا الكون الفسيح ، وأنهم ( لاشيء )..
لعل مثل هذا الطرح يسوقهم سوقا ويدفعهم دفعاً
إلى دائرة التفكر والتأمل والتدبر ..
فلولا فضل الله سبحانه على هذا الإنسان لكان فعلاً لا يسوى شيئاً
لا يستحق حتى الالتفات إليه ، ولا الاهتمام به ..!
والمرءُ من غير دينٍ ** لم يسوَ في الكونِ شيئا
فإذا أضفت إلى ذلك قول الحق عز وجل المتقدم بتكريم الله لهذا الإنسان
بل وآيات أخرى تقرر وتصرح أن الله ما خلق هذا الكون كله
سماءه وأرضه إلا من أجل هذا الإنسان ..!!
تكريما وتشريفا واحتفاء به ، واجلالا له ، وامتحاناً له
لو أضفت هذا كله إلى بعضه ..
ألا ترى أن ذلك مدعاة إلى توليد معانٍ طيبة مشرقة ربانية
تتوالد في قلب الإنسان العاقل ..
ألا ترى لو أن الإنسانَ فكر في مثل هذا الطرح ونحوه
لربما اهتز من مفرق رأسه إلى أخمص قدمه
هزةً يتولد عنها ثمار كثيرة منها :
تحصيل محبة الله جل جلاله ، وخشيته ، والحياء منه ..
وفي تحصيل هذه الثمار كفاية للمكتفي ..
على أن يراقب هذا الإنسان نفسه وقلبه ، فإن لم تترجم هذه الثمرات
عمليا في دنيا الواقع سلوكا تراه عيون الدنيا
فكأنك يا بو زيد ما غزيت !!
والخلاصة ..
أننا نرى أن أمثال هذا الطرح سيتولد عنه معانٍ قلبيه رائعة
ويبقى على الإنسان أن يترجمها في واقع حياته
وبذلك ينال مزيداً من القرب والرعاية والنصرة والتأييد
نسأل الله سبحانه أن يُعرفنا جيداً بحقيقة أنفسنا حتى لا يصيبنا الغرور ..
وحقيقة هذا الكون الذي نعيش فيه ،
حتى لا تتعلق قلوبنا بشيء سواه جل جلاله ..
وبالله التوفيق .