سردال
03-09-2002, 09:45 PM
المصدر: جريدة البيان - ملحق بيان الكتب (http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2002/issue226/foriegnlib/3.htm)
http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2002/issue226/photos/14.gif
تأليف: أوسكار لافونتين
الناشر: ايكون ـ ميونيخ 2002
الصفحات: 272 صفحة من القطع المتوسط
المؤلف أوسكار لافونتين من مواليد 1943 انتسب للحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1966 وبعد عشر سنوات صار عمدة «ساربروكين» وفي عام 1985 رئيساً لوزراء «السار» ورشح في عام 1990 لمنصب رئاسة وزراء المانيا، وبعد خمس سنوات انتخب رئيساً للحزب، وبالتعاون مع شرويدر استطاع في عام 1998 الاطاحة بحكومة كول ليضع حزبه مع الخضر في السلطة مكانها، ولم يمض عام على ذلك حتى استقال من كافة مناصبه السياسية والحزبية لخلافات مع شرويدر يصعب جسرها. مؤلفه الاول «القلب ينبض مع اليسار» تصدر سوق المبيعات في حينه. عندما يتصدى سياسي عريق مثل اوسكار لافونتين، عركته الحياة والتجارب السياسية في المسائل الاكثر حساسية والتي لا تتعلق بالمانيا وسياستها الداخلية فحسب، بل بامتدادها نحو الخارج وعلاقاتها بالعولمة وحلف شمال الاطلسي «الناتو» والولايات المتحدة الاميركية والشرق الاوسط لابد فيما يقوله ان يكون من الاهمية بمكان بالنسبة الينا. يشرع رئيس الحزب الاشتراكي السابق بإبراز مثالب حكومة شرويدر على ابواب الانتخابات المقبلة في 22 سبتمبر المقبل في ضوء مهمات التحديث ومعدلات النمو الاقتصادي التي طرحتها كبرنامج لها ومعدلات العطالة عن العمل السلبية واعفاء الاغنياء من بعض الضرائب والهدايا بالمليارات للمؤسسات الكبرى ويركز في نقده على سياسة شرويدر الخارجية وتدعيمها بالقوة العسكرية مستعرضا كمثل عليها الحرب في كوسوفو وافغانستان.
ويؤكد المؤلف على المواقف الواضحة والتي من دونها لا يمكن الحديث عن يسار ويمين، وفي الفصول التالية يستعرض ايضا دور الامم المتحدة ومستقبل حلف شمال الاطلسي «الناتو» وتحدي الارهاب والحرب الافغانية واللعبة الكبرى الدائرة حول البترول والغاز وصراع الحضارات والعولمة والامم الصغرى والكبرى.. الخ.
ومن اجل توضيح الحدود المميزة لليسار واليمين تم وضع النقاط فوق الحروف، وراجع لافونتين برامج الاشتراكيين الديمقراطيين السابقة وما لحق بها من اجتهادات تبعدها عن مرماها الاصيل، فوجد ان المهمة الاولى التي يجب ان يتصدى لها برنامج الديمقراطيين الاشتراكيين تنصب على تحقيق السلام ثم الحفاظ عليه، ويتذكر ان فيلي برانت عندما تولى رئاسة الحزب، حاز على جائزة نوبل من اجل السلام وتخفيف التوتر الدولي، ولكنه يستطرد لتوضيح التمايز فيقول: ان اي سياسي من المحافظين يمكنه ان يزعم بأنه يرغب في تحقيق السلام ومن الممكن ان اصدق دعوته تلك ولكن اليساري يربط السلام دوماً بالعدالة الاجتماعية، وهنا يكمن الجوهر ومفترق الطرق والقائم على علاقة العدالة الاجتماعية بالسلام والتي نعتبرها القضية المحورية بالنسبة للعولمة.
ولما كان من الصعب التنكر لضرورة التوزيع العادل فإن الصراع والجدل جرى ويجري حول ما هو عادل، وبالطبع لن نجد جوابا قاطعا حول هذه المسألة، لكن الانسان العادي سيشعر بالغبن عندما يلاحظ سيلان فوائد الاموال من البلدان الفقيرة الى البلدان الغنية اكثر بما لا يقاس مما يجري بالاتجاه المعاكس وسيدرك ببساطة بأن هذه الظاهرة بعيدة كل البعد عن اية عدالة.
ولما كان الواقع هو ما يحدد الوعي، ومصالح من يملك تختلف عنها عند من لا يملك، فإن مفهوم العدالة سيختلف بينهما: بين من يملك وبين من يتلقى المساعدات الاجتماعية.
والمساعدة الاجتماعية جاءت بالطبع من اجل تحسين ظروف الامن الداخلي، اذ لا لزوم لأن يصبح الفقراء اداة خطرة على النظام واستقراره، من خلال دفعهم للتسول او السرقة او نقل الامراض والعدوى نتيجة لعدم توفر امكانيات العناية بالنظافة والصحة العامتين.
ومنذ عهد قريب تفتق ذهن ارباب الرأسمالية المتوحشة عما هو جديد معتمدين في ذلك على مقولات الفيلسوف الاميركي جون راولز: اذا كان في زيادة العدالة الاجتماعية ان يكسب الفقراء اقل، فإن ذلك يعني ان التوزيع غير العادل هو في مصلحة الفقراء وتكمن في خلفية ذلك الاشارة لفكرة المدير الكفء، وامكانية تكاسله في العمل والمبادرة والابداع، اذ لم يكن دخله الصافي بالملايين حافزاً له، وعندما تخمد رغبته بالعمل فلن يضر ذلك بارباب العمل لوحدهم بل وبالاقتصاد عامة وبدولة العدالة الاجتماعية ايضا، وبمعنى آخر باستثناء الدخل العالمي للنخبة سيسوء وضع الجميع.
وبعدها يتطرق لسياسة الولايات المتحدة تجاه العراق مشيراً لبحثها عن الجمرة الخبيثة ويرى ان ارتيابها بأن العراق ليس خارج هذه اللعبة، اساسا واقعيا، حيث ان المخابرات الاميركية قد زودت لسنوات عديدة بالجراثيم المعدة لانتاج الاسلحة البيولوجية.
ففي السنوات 1985 ـ 1989 حصل العراق على 70 عينة جرثومية منها 21 نوعا لاصناف الجمرة الخبيثة، ولم يقتصر الامر على الولايات المتحدة في ذلك المنحى بل شاركت كل من فرنسا، المانيا، اليابان ايضا بتقديم انواع مختلفة من البكتيريا ثم قامت مؤسسات غربية عديدة بتهريب المزارع الجرثومية المناسبة لانتاج الكميات الوفيرة من الاسلحة الكيميائية والبيولوجية، كما ان مسئولية برنامج التسلح البيولوجي في العراق، قد اتمت دراستها وتخصصها في علم الاحياء «البيولوجيا» في بريطانيا، ومن يحفر حفرة لغيره يقع فيها.. فصادرات الدول الصناعية الكبرى من الاسلحة البيولوجية تشكل عاملاً اساسيا في الحروب، وتسليح الاصدقاء لابد وسيرتد لا محالة على مصدره وسياسيو الولايات المتحدة الاميركية امثال هنري مورغنتاو، ج. ف. كينان، وهنري كسنغر، اصحاب المدرسة السياسية العريقة التي شعارها، لا يوجد اصدقاء دائمون او اعداء دائمون وانما هناك مصالح دائمة.
ولذلك يعتبر هؤلاء ان عدو عدو الولايات المتحدة صديق لها، وهكذا كان صدام حسين صديقا للولايات المتحدة طالما بقي عدواً لايران، واسامة بن لادن صديقا لها بمعاداته للاتحاد السوفييتي، وتحالف الشمال صديقا ايضا بمعاداته للطالبان، وينظر هؤلاء ايضا للمؤسسات الدولية، بغض النظر عما ترفعه من شعارات واهداف ورفع شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان من زاوية خدمتها لمصالح الولايات المتحدة ويتضح من خلال ذلك تقاعسها وعدم رغبتها بالموافقة على العديد من الاتفاقيات الدولية المهمة.
وتحت عنوان مثير «استغلال العالم الثالث ـ التجارة الحرة اليوم» يستعرض المؤلف هذا الموضوع الحساس بشفافية تبعث على امتعاض دعاة اللبرالية المنفلتة والرأسمالية المتوحشة.
http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2002/issue226/photos/14.gif
تأليف: أوسكار لافونتين
الناشر: ايكون ـ ميونيخ 2002
الصفحات: 272 صفحة من القطع المتوسط
المؤلف أوسكار لافونتين من مواليد 1943 انتسب للحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1966 وبعد عشر سنوات صار عمدة «ساربروكين» وفي عام 1985 رئيساً لوزراء «السار» ورشح في عام 1990 لمنصب رئاسة وزراء المانيا، وبعد خمس سنوات انتخب رئيساً للحزب، وبالتعاون مع شرويدر استطاع في عام 1998 الاطاحة بحكومة كول ليضع حزبه مع الخضر في السلطة مكانها، ولم يمض عام على ذلك حتى استقال من كافة مناصبه السياسية والحزبية لخلافات مع شرويدر يصعب جسرها. مؤلفه الاول «القلب ينبض مع اليسار» تصدر سوق المبيعات في حينه. عندما يتصدى سياسي عريق مثل اوسكار لافونتين، عركته الحياة والتجارب السياسية في المسائل الاكثر حساسية والتي لا تتعلق بالمانيا وسياستها الداخلية فحسب، بل بامتدادها نحو الخارج وعلاقاتها بالعولمة وحلف شمال الاطلسي «الناتو» والولايات المتحدة الاميركية والشرق الاوسط لابد فيما يقوله ان يكون من الاهمية بمكان بالنسبة الينا. يشرع رئيس الحزب الاشتراكي السابق بإبراز مثالب حكومة شرويدر على ابواب الانتخابات المقبلة في 22 سبتمبر المقبل في ضوء مهمات التحديث ومعدلات النمو الاقتصادي التي طرحتها كبرنامج لها ومعدلات العطالة عن العمل السلبية واعفاء الاغنياء من بعض الضرائب والهدايا بالمليارات للمؤسسات الكبرى ويركز في نقده على سياسة شرويدر الخارجية وتدعيمها بالقوة العسكرية مستعرضا كمثل عليها الحرب في كوسوفو وافغانستان.
ويؤكد المؤلف على المواقف الواضحة والتي من دونها لا يمكن الحديث عن يسار ويمين، وفي الفصول التالية يستعرض ايضا دور الامم المتحدة ومستقبل حلف شمال الاطلسي «الناتو» وتحدي الارهاب والحرب الافغانية واللعبة الكبرى الدائرة حول البترول والغاز وصراع الحضارات والعولمة والامم الصغرى والكبرى.. الخ.
ومن اجل توضيح الحدود المميزة لليسار واليمين تم وضع النقاط فوق الحروف، وراجع لافونتين برامج الاشتراكيين الديمقراطيين السابقة وما لحق بها من اجتهادات تبعدها عن مرماها الاصيل، فوجد ان المهمة الاولى التي يجب ان يتصدى لها برنامج الديمقراطيين الاشتراكيين تنصب على تحقيق السلام ثم الحفاظ عليه، ويتذكر ان فيلي برانت عندما تولى رئاسة الحزب، حاز على جائزة نوبل من اجل السلام وتخفيف التوتر الدولي، ولكنه يستطرد لتوضيح التمايز فيقول: ان اي سياسي من المحافظين يمكنه ان يزعم بأنه يرغب في تحقيق السلام ومن الممكن ان اصدق دعوته تلك ولكن اليساري يربط السلام دوماً بالعدالة الاجتماعية، وهنا يكمن الجوهر ومفترق الطرق والقائم على علاقة العدالة الاجتماعية بالسلام والتي نعتبرها القضية المحورية بالنسبة للعولمة.
ولما كان من الصعب التنكر لضرورة التوزيع العادل فإن الصراع والجدل جرى ويجري حول ما هو عادل، وبالطبع لن نجد جوابا قاطعا حول هذه المسألة، لكن الانسان العادي سيشعر بالغبن عندما يلاحظ سيلان فوائد الاموال من البلدان الفقيرة الى البلدان الغنية اكثر بما لا يقاس مما يجري بالاتجاه المعاكس وسيدرك ببساطة بأن هذه الظاهرة بعيدة كل البعد عن اية عدالة.
ولما كان الواقع هو ما يحدد الوعي، ومصالح من يملك تختلف عنها عند من لا يملك، فإن مفهوم العدالة سيختلف بينهما: بين من يملك وبين من يتلقى المساعدات الاجتماعية.
والمساعدة الاجتماعية جاءت بالطبع من اجل تحسين ظروف الامن الداخلي، اذ لا لزوم لأن يصبح الفقراء اداة خطرة على النظام واستقراره، من خلال دفعهم للتسول او السرقة او نقل الامراض والعدوى نتيجة لعدم توفر امكانيات العناية بالنظافة والصحة العامتين.
ومنذ عهد قريب تفتق ذهن ارباب الرأسمالية المتوحشة عما هو جديد معتمدين في ذلك على مقولات الفيلسوف الاميركي جون راولز: اذا كان في زيادة العدالة الاجتماعية ان يكسب الفقراء اقل، فإن ذلك يعني ان التوزيع غير العادل هو في مصلحة الفقراء وتكمن في خلفية ذلك الاشارة لفكرة المدير الكفء، وامكانية تكاسله في العمل والمبادرة والابداع، اذ لم يكن دخله الصافي بالملايين حافزاً له، وعندما تخمد رغبته بالعمل فلن يضر ذلك بارباب العمل لوحدهم بل وبالاقتصاد عامة وبدولة العدالة الاجتماعية ايضا، وبمعنى آخر باستثناء الدخل العالمي للنخبة سيسوء وضع الجميع.
وبعدها يتطرق لسياسة الولايات المتحدة تجاه العراق مشيراً لبحثها عن الجمرة الخبيثة ويرى ان ارتيابها بأن العراق ليس خارج هذه اللعبة، اساسا واقعيا، حيث ان المخابرات الاميركية قد زودت لسنوات عديدة بالجراثيم المعدة لانتاج الاسلحة البيولوجية.
ففي السنوات 1985 ـ 1989 حصل العراق على 70 عينة جرثومية منها 21 نوعا لاصناف الجمرة الخبيثة، ولم يقتصر الامر على الولايات المتحدة في ذلك المنحى بل شاركت كل من فرنسا، المانيا، اليابان ايضا بتقديم انواع مختلفة من البكتيريا ثم قامت مؤسسات غربية عديدة بتهريب المزارع الجرثومية المناسبة لانتاج الكميات الوفيرة من الاسلحة الكيميائية والبيولوجية، كما ان مسئولية برنامج التسلح البيولوجي في العراق، قد اتمت دراستها وتخصصها في علم الاحياء «البيولوجيا» في بريطانيا، ومن يحفر حفرة لغيره يقع فيها.. فصادرات الدول الصناعية الكبرى من الاسلحة البيولوجية تشكل عاملاً اساسيا في الحروب، وتسليح الاصدقاء لابد وسيرتد لا محالة على مصدره وسياسيو الولايات المتحدة الاميركية امثال هنري مورغنتاو، ج. ف. كينان، وهنري كسنغر، اصحاب المدرسة السياسية العريقة التي شعارها، لا يوجد اصدقاء دائمون او اعداء دائمون وانما هناك مصالح دائمة.
ولذلك يعتبر هؤلاء ان عدو عدو الولايات المتحدة صديق لها، وهكذا كان صدام حسين صديقا للولايات المتحدة طالما بقي عدواً لايران، واسامة بن لادن صديقا لها بمعاداته للاتحاد السوفييتي، وتحالف الشمال صديقا ايضا بمعاداته للطالبان، وينظر هؤلاء ايضا للمؤسسات الدولية، بغض النظر عما ترفعه من شعارات واهداف ورفع شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان من زاوية خدمتها لمصالح الولايات المتحدة ويتضح من خلال ذلك تقاعسها وعدم رغبتها بالموافقة على العديد من الاتفاقيات الدولية المهمة.
وتحت عنوان مثير «استغلال العالم الثالث ـ التجارة الحرة اليوم» يستعرض المؤلف هذا الموضوع الحساس بشفافية تبعث على امتعاض دعاة اللبرالية المنفلتة والرأسمالية المتوحشة.