PDA

View Full Version : شرعية العمليات الاستشهادية في فلسطين المحتلة


المبتسم
15-04-2002, 11:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو الرد:
شرعية العمليات الاستشهادية في فلسطين المحتلة
بقلم الدكتور يوسف القرضاوي

تساءل الكثيرون بعد التفجيرات الأخيرة التي تمت في القدس وتل أبيب وعسقلان، وقتل فيها من قتل من الصهاينة، نتيجة العمليات الاستشهادية التي قام بها شباب من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) .. تساءلوا عن حكم هذه العمليات التي يسمونها (انتحارية) هل تعد جهاداً في سبيل الله أو إرهاباً؟ وهل هؤلاء الشباب الذين يضحون بأنفسهم في هذه العمليات يعتبرون شهداء أو يعتبرون منتحرون، لأنهم قتلوا أنفسهم بأيديهم؟ وهل يعتبر عمل هؤلاء من باب الإلقاء باليد في التهلكة الذي نهى عنه القرآن في قوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة: 195.

وأود أن أقول هنا: إن هذه العمليات تعد من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله وهي من الإرهاب المشروع الذي أشار إليه القرآن، في قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" الأنفال: 60.

وتسمية هذه العمليات (انتحارية) تسمية خاطئة ومضللة، فهي عمليات فدائية بطولية استشهادية، وهي أبعد ما تكون عن الانتحار، ومن يقوم بها أبعد ما يكون عن نفسية المنتحر.

إن المنتحر يقتل نفسه من أجل نفسهعذأع، وهذا يقدم نفسه ضحية من أجل دينه وأمته، والمنتحر إنسان يائس من نفسه ومن روح الله، وهذا المجاهد إنسان كله أمل في روح الله تعالى ورحمته، المنتحر يتخلص من نفسه ومن همومه بقتل نفسه، والمجاهد يقاتل عدو الله وعدوه بهذا السلاح الجديد، الذي وضعه القدر في يد المستضعفين ليقاوموا به جبروت الأقوياء المستكبرين: أن يصبح المجاهد (قنبلة بشرية) تنفجر في مكان معين وزمان معين في أعداء الله والوطن، الذين يقفون عاجزين أمام هذا البطل الشهيد، الذي باع نفسه لله، ووضع رأسه على كفه مبتغياً الشهادة في سبيل الله.

فهؤلاء الشباب الذين يدافعون عن أرضهم – وهي أرض الإسلام- وعن دينهم وعرضهم وأمتهم ليسوا منتحرين، بل أبعد ما يكونون عن الانتحار، وإنما هم شهداء حقاً، بذلوا أرواحهم – وهم راضون – في سبيل الله، ما دامت نياتهم لله، وما داموا مضطرين لهذا الطريق لإرعاب أعداء الله، المصرين على عدوانهم، المغرورون بقوتهم، وبمساندة القوى الكبرى لهم والأمر كما قال الشاعر قديماً:

إذا لم يكن إلا الأسنة مركب

فما حيلة المضطر إلى ركوبها !



وليسوا بمنتحرين، وليسوا بإرهابيين، فهم يقاومون – مقاومة شرعية – من احتل أرضهم وشردهم وشرد أهلهم، واغتصب حقهم، وصادر مستقبلهم، ولا زال يمارس عدوانه عليهم، ودينهم ويفرض عليهم الدفاع عن أنفسهم، ولا يجيز لهم التنازل باختيارهم عن ديارهم، التي هي جزء من دار الإسلام.

ولا يعد عمل هؤلاء الأبطال من الإلقاء باليد إلى التهلكة، كما يتصور بعض البسطاء من الناس، بل هو عمل من أعمال المخاطرة المشروعة والمحمودة في الجهاد يقصد به النكاية في العدو، وقتل بعض أفراده، وقذف الرعب في قلوب الآخرين، وتجرئة المسلمين عليهم.

والمجتمع الصهيوني مجتمع عسكري، رجاله ونساؤه جنود في الجيش، يمكن استدعاؤهم في أي لحظة. وإذا قتل طفل أو شيخ في هذه العمليات، فهو لم يقصد بالقتل، بل عن طريق الخطأ، وبحكم الضرورات الحربية، والضرورات تبيح المحظورات.

ولا بأس أن أسوق هنا ما ذكره الفقهاء في هذا الجانب وما ذكره المفسرون في آية "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة: 195.



ما قاله الجصاص الحنفي:

قال الإمام الجصاص الحنفي في كتابه (أحكام القرآن) في تفسير هذه الآية: قد قيل فيه وجوه:

أحدهما: ما حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال حدثنا بن وهب عن حيوة بن شريح وابن لهيعة بن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمر أن قال: غزونا بالقسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه ‌‍! لا إله إلا الله! يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب: إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه الإسلام، فقلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة: 195.فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة، أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد.

قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية[1]، فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله، وأن الآية في ذلك نزلت، وروي مثله عن ابن عباس وحذيفة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك.

وروي عن البراء بن عازب وعبيدة السلماني: الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو اليأس من المغفرة بارتكاب المعاصي.

وقيل: هو الإسراف في الإنفاق حتى لا يجد ما يأكل ويشرب فيتلف.

وقيل: هو أن يقتحم الحرب من غير نكاية في العدو، وهو الذي تأوله القوم الذي أنكر عليهم أبو أيوب وأخبر فيه بالسبب، وليس يمتنع أن يكون جميع هذه المعاني مرادة، بالآية لاحتمال اللفظ لها، وجواز اجتماعهما من غير تضاد ولا تناف..

فأما حمله على الرجل الواحد يحمل على حلبة العدو، فإن محمد بن الحسن ذكر في السير الكبير: أن رجلاً لو حمل على ألف رجل، وهو وحده لم يكن بذلك بأس، إذا يطمع في نجاة، أو نكاية، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية، فإني أكره له ذلك، لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين، فإن كان لا يطمع في أي نجاة ولا نكاية ولكنه يجرئ المسلمين بذلك، حتى يفعلوا مثل ما فعل، فيقتلون وينكون العدو فلا بأس بذلك إن شاء الله، لأنه لو كان طمع من النكاية في العدو ولا يطمع في النجاة، لم أر بأساً أن يحمل عليهم، فكذلك إذا طمع أن ينكى غيره فيهم بحملته عليهم فلا بأس بذلك، وأرجو أن يكون فيه مأجوراً، وإنما يكره له ذلك: إذا كان لا منفعة فيه على وجه من الوجوه، وإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية، ولكنه مما يرهب العدو، فلا بأس بذلك لأن هذا أفضل النكاية، وفيه منفعة للمسلمين.

قال الجصاص: والذي قال محمد من هذه الوجوه صحيح لا يجوز غيره، وعلى هذه المعاني يحمل تأويل من تأوَّل في حديث أبي أيوب أنه ألقى بيديه إلى التهلكة يحمله على العدو، إذ لم يكن عندهم في ذلك منفعة، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن يتلف نفسه من غير منفعة على الدين ولا على المسلمين، فأما إذا كان في تلف نفسه منفعة عائدة على الدين، فهذا مقام شريف مدح الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" التوبة: 111، وقال "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون" آل عمران: 169، " ومن الناس من يشري[2] نفسه ابتغاء مرضاة الله"البقرة: 207، في نظائر ذلك من الآيات التي مدح الله فيها من بذل نفسه لله.

قال: وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه متى رجا نفعاً في الدين، فبذل نفسه فيه حتى قتل كان في أعلى درجات الشهداء قال الله تعالى: "وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور" لقمان:17، وقد روى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله"[3]. وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"[4]، وذكر الجصاص هنا حديث أبي هريرة مرفوعاً: "شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع"[5] قال: وذم الجبن يوجب مدح الإقدام والشجاعة فيما يعود نفعه على الدين وإن أيقن فيه بالتلف، والله تعلى أعلم بالصواب.[6]


ما قاله القرطبي المالكي:

وقال الإمام القرطبي المالكي في تفسيره: اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، فقال القاسم بن مخيرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة، وكان لله بنية خالصة، إن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة.

وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فيحمل، لأن مقصوده واحد منهم، وذلك بيّن في قوله تعالى: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله".

وقال ابن خويز منداد: فأما أن يحمل الرجل على مائة، أو على جملة العسكر، أو جماعة اللصوص المحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: ن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمله عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم أو غلب على ظنه أن يقتل، ولكن سينكي نكاية، أو سيُبلى، أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل منهم، فصنع فيلاً من طين وأنس به فرسه حتى ألفه، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل، فحمل على الفيل الذي كان يقدمها، قيل له: "أنه قاتلك. فقال: لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين! وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الحجفة[7] وألقوني إليهم، ففعلوا وقاتلهم وحده حتى فتح الباب.

قال القرطبي: ومن هذا ما روي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً؟ قال: (فلك الجنة) فانغمس في العدو حتى قتل [8]، وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه[9] قال: "من يردهم عنا وله الجنة؟".

فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ما أنصفنا أصحابنا" هكذا الرواية (أنصفْنا) بسكون الفاء (أصحابنا) بفتح الباء، أي لم ندلهم للقتال حتى قتلوا، وروي بفتح الفاء ورفع الباء، ووجههما أنها ترجع لمن فر عنه من أصحابه والله أعلم. ثم ذكر القرطبي كلمة محمد بن الحسن: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف في غر منفعة المسلمين[10]… الخ.


http://www.palestine-/info.info/arabic/fatawa/alamaliyat/qaradawi.htm

يعسوب
15-04-2002, 11:27 PM
يعطيك العافية ...

متشيم
15-04-2002, 11:44 PM
سألني بعض طلبة المدارس عن حكم هذه العمليات ، هل هي مباحة أم حرام ، فقلت لهم أنه إذا لم يكن ينكأ في جراح العدو غيرها ولا يبث الرعب فيه نفوسهم سواها ، فهي ليست حرام ولا حلال ، بل تصبح واجبا شرعيا.

النكاية بالعدو وبث الرعب في نفوسهم كما نشاهده الآن أمر حاتم لازم ولا يكون ذلك إلا بالعمليات الاستشهادية.

لقد وجدنا من طلبة العلم من يقاتل لتحريم هذه العمليات ولم نشاهده يقول كلمة واحدة منذ أول يوم في الانتفاضة.

النعمان
16-04-2002, 02:13 AM
فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله من كل سوء
يقوم المجاهدون في فلسطين والشيشان وغيرهما من بلاد المسلمين بجهاد أعدائهم والإثخان بهم بطريقة تسمى العمليات الاستشهادية .. وهذه العمليات هي ما يفعله المجاهدون من إحاطة أحدهم بحزام من المتفجرات، أو ما يضع في جيبه أو أدواته أو سيارته بعض القنابل المتفجرة ثم يقتحم تجمعات العدو ومساكنهم ونحوها ، أو يظهر الاستسلام لهم ثم يقوم بتفجير نفسه بقصد الشهادة ومحاربة العدو والنكاية به .
فما حكم مثل هذه العمليات ؟ وهل يعد هذا الفعل من الانتحار ؟ وما الفرق بين الانتحار والعمليات الاستشهادية ؟ جزاكم الله خيرا وغفر لكم ..



الجواب ..

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن تعلم أن مثل هذه العمليات المذكورة من النوازل المعاصرة التي لم تكن معروفة في السابق بنفس طريقتها اليوم ، ولكل عصر نوازله التي تحدث فيه ، فيجتهد العلماء على تنـزيلها على النصوص والعمومات والحوادث والوقائع المشابهة لها والتي أفتى في مثلها السلف ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقال عليه الصلاة والسلام عن القرآن : ( فيه فصل ما بينكم ) ، وان العمليات الاستشهادية المذكورة عمل مشروع وهو من الجهاد في سبيل الله إذا خلصت نية صاحبه وهو من انجح الوسائل الجهادية ومن الوسائل الفعّالة ضد أعداء هذا الدين لما لها من النكاية وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح ولما فيها من بث الرعب والقلق والهلع فيهم ،ولما فيها من تجرئة المسلمين عليهم وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء والإثخان فيهم ولما فيها من التنكيل والإغاضة والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية .

ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله .

أولا : الأدلة من القرآن :
1 – منها قوله تعالى : ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد ) ، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم ، ( تفسير القرطبي 2 / 361 ) .
2 – قوله تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون .. ) الآية ، قال ابن كثير رحمه الله : حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله .
3 – قوله تعالى : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ، والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم .
4 – قال تعالى في الناقضين للعهود : ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) .

ثانيا : الأدلة من السنة :
1 – حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح ، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله ، وهذا نوع من الجهاد ، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله ، إذ قالوا : آمنا برب الغلام ، ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين ، فقد علّمهم كيف يقتلونه ، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه ، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد ، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية ، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد ، وهذا له أصل في شرعنا ، إذ لو قام رجل واحتسب وأمر ونهى واهتدى الناس بأمره ونهيه حتى قتل في ذلك لكان مجاهدا شهيدا ، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام :( افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) .
2 – فعل البراء بن مالك في معركة اليمامة ، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح والقوة على العدو فقاتل حتى فتح الباب ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل ( 9 / 44 ) وفي تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) أسد الغابة ( 1 / 206 ) تاريخ الطبري .
3 – حمل سلمة ابن الأكوع والأخرم الأسدي وأبي قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن ومن معه ، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( خير رجّالتنا سلمة ) متفق عليه.، قال ابن النحاس : وفي الحديث الصحيح الثابت : أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده وان غلب على ظنه انه يقتل إذا كان مخلصا في طلب الشهادة كما فعل سلمة بن الأخرم الأسدي ، ولم يعب النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينه الصحابة عن مثل فعله ، بل في الحديث دليل على استحباب هذا الفعل وفضله فإن النبي عليه الصلاة والسلام مدح أبا قتادة وسلمة على فعلهما كما تقدم ، مع أن كلاً منهما قد حمل على العدو وحده ولم يتأنّ إلى أن يلحق به المسلمون اهـ مشارع الأشواق ( 1 / 540 ) .
4 – ما فعله هشام بن عامر الأنصاري لما حمل بنفسه بين الصفين على العدو الكثير فأنكر عليه بعض الناس وقالوا : ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة رضي الله عنهما وتليا قوله تعالى ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله .. ) الآية ، مصنف ابن أبي شيبة ( 5 / 303 ، 322 ) سنن البيهقي ( 9 / 46 ) .
5 – حمل أبي حدرد الأسلمي وصاحيبه على عسكر عظيم ليس معهم رابع فنصرهم الله على المشركين ذكرها ابن هشام في سيرته وابن النحاس في المشارع( 1 /545 ).
6 – فعل عبدالله بن حنظلة الغسيل حيث قاتل حاسراً في إحدى المعارك وقد طرح الدرع عنه حتى قتلوه ، ذكره ابن النحاس في المشارع ( 1 / 555 ) .
7 – نقل البيهقي في السنن ( 9 / 44 ) في الرجل الذي سمع من أبي موسى يذكر الحديث المرفوع : الجنة تحت ظلال السيوف . فقام الرجل وكسر جفن سيفه وشد على العدو ثم قاتل حتى قتل .
8 – قصة أنس بن النضر في وقعة أحد قال : واهاً لريح الجنة ، ثم انغمس في المشركين حتى قتل . متفق عليه

ثالثا : الإجماع :
نقل ابن النحاس في مشارع الأشواق ( 1 / 588 ) عن المهلب قوله : قد أجمعوا على جواز تقحم المهالك في الجهاد ، ونقل عن الغزالي في الإحياء قوله : ولا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل وإن علم أنه يقتل .
ونقل النووي في شرح مسلم الاتفاق على التغرير بالنفس في الجهاد ، ذكره في غزوة ذي قرد ( 12 / 187 ) .

هذه الحوادث السبع السابقة مع ما نُقل من الإجماع هي المسألة التي يسميها الفقهاء في كتبهم مسألة حمل الواحد على العدو الكثير ، وأحيانا تسمى مسألة الانغماس في الصف ، أو مسألة التغرير بالنفس في الجهاد .
قال النووي في شرح مسلم باب ثبوت الجنة للشهيد ( 13 / 46 ) قال : فيه جواز الانغمار في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء . اهـ ، ونقل القرطبي في تفسيره جوازه عن بعض علماء المالكية ( أي الحمل على العدو ) حتى قال بعضهم : إن حمل على المائة أو جملة العسكر ونحوه وعلم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا ، ونقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قال : لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، تفسير القرطبي ( 2 / 364 ) .

ووجه الاستشهاد في مسألة الحمل على العدو العظيم لوحده وكذا الانغماس في الصف وتغرير النفس وتعريضها للهلاك أنها منطبقة على مسألة المجاهد الذي غرر بنفسه وانغمس في تجمع الكفار لوحده فأحدث فيهم القتل والإصابة والنكاية .


و

النعمان
16-04-2002, 02:15 AM
وقائع وحوادث تنـزل عليها العمليات الاستشهادية :
أولا مسألة التترس :
فيما لو تترس جيش الكفار بمسلمين واضطر المسلمون المجاهدون حيث لم يستطيعوا القتال إلا بقتل التُرس من المسلمين جاز ذلك ، قال ابن تيمية في الفتاوى ( 20 / 52 ) ( 28 / 537، 546) قال : ولقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم .. اهـ ، وقال ابن قاسم في حاشية الروض ( 4 / 271 ) قال في الإنصاف : وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار وهذا بلا نزاع . اهـ
ووجه الدلالة في مسألة التترس لما نحن فيه أنه يجوز للتوصل إلى قتل الكفار أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتل مسلم بسلاح المسلمين وأيدي المسلمين ، وجامع العلة والمناط أن التوصل إلى قتل العدو والنكاية به إنما يكون عن طريق قتل التُرس من المسلمين فحصل التضحية ببعض المسلمين المتترس بهم من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به ، وهذا أبلغ من إذهاب المجاهد نفسه من العمليات الاستشهادية من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به ، بل إن قتل أهل التُرس من المسلمين أشد لأن قتل المسلم غيره أشد جرما من قتل المسلم لنفسه ، لأن قتل الغير فيه ظلم لهم وتعدٍ عليهم فضرره متعد وأما قتل المسلم نفسه فضرره خاص به ولكن اُغتفر ذلك في باب الجهاد وإذا جاز إذهاب أنفس مسلمة بأيدي المسلمين من أجل قتل العدو فإن إذهاب نفس المجاهد بيده من أجل النكاية في العدو مثله أو أسهل منه ، فإذا كان فعل ما هو أعظم جرما لا حرج في الإقدام عليه فبطريق الأولى ألا يكون حرجا على ما هو أقل جرما إذا كان في كليهما المقصد هو العدو والنكاية لحديث : إنما الأعمال بالنيات .
وفي هذا رد على من قال في مسألة الانغماس والحمل على العدو أن المنغمس يُقتل بأيدي الكفار وسلاحهم ! فنقول ومسألة التترس يقتل بأيدي المسلمين وسلاحهم ومع ذلك لم يعتبروا قتل المسلمين المتترس بهم من باب القتل الذي جاء الوعيد فيه .

ثانيا : مسألة البيات :
ويقصد بها تبيت العدو ليلا وقتله والنكاية فيه وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكفار ونسائهم ، قال ابن قدامة : يجوز تبييت العدو ، وقال أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات ، وقال : لا نعلم أحداً كره البيات . المغني مع الشرح ( 10 / 503 ) .
ووجه الدلالة أنه إذا جاز قتل من لا يجوز قتله من أجل النكاية في العدو وهزيمته فيقال : وكذلك ذهاب نفس المجاهد المسلم التي لا يجوز إذهابها لو ذهبت من أجل النكاية جائز أيضا ، ونساء الكفار وصبيانهم في البيات قتلوا بأيدي من لا يجوز له فعله لولا مقاصد الجهاد والنيات .


الخلاصة ..

دل ما سبق على أنه يجوز للمجاهد التغرير بنفسه في العملية الاستشهادية وإذهابها من أجل الجهاد والنكاية بهم ولو قتل بسلاح الكفار وأيديهم كما في الأدلة السابقة في مسألة التغرير والانغماس ، أو بسلاح المسلمين وأيديهم كما في مسألة التترس أو بدلالةٍ تسبب فيها إذهاب نفسه كما في قصة الغلام ، فكلها سواء في باب الجهاد لأن باب الجهاد لما له من مصالح عظيمة اُغتفر فيه مسائل كثيرة لم تغتفر في غيره مثل الكذب والخداع كما دلت السنة ، وجاز فيه قتل من لا يجوز قتله ، وهذا هو الأصل في مسائل الجهاد ولذا أُدخلت مسألة العمليات الاستشهادية من هذا الباب .

أما مسألة قياس المستشهد في هذه العمليات الاستشهادية بالمنتحر فهذا قياس مع الفارق ، فهناك فروق بينهما تمنع من الجمع بينهما ، فهناك فرق بين المنتحر الذي يقتل نفسه جزعا وعدم صبر أو تسخطا على القدر أو اعتراضا على المقدور واستعجالا للموت أو تخلصا من الآلام والجروح والعذاب أو يأسا من الشفاء بنفس خائفة يائسة ساخطة في غير ما يرض الله وبين نفس المجاهد في العملية الاستشهادية بنفس فرحة مستبشرة متطلعة للشهادة والجنة وما عند الله ونصرة الدين والنكاية بالعدو والجهاد في سبيله لا يستوون، قال تعالى ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) وقال تعالى ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) وقال تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) .

نسأل الله أن ينصر دينه ويعز جنده ويكبت عدوه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أملاه فضيلة الشيخ
أ . حمود بن عقلاء الشعيبي
2 / 2 / 1422 هـ

http://aloqla.com/mag/sections.php?op=viewarticle&artid=13

متشيم
16-04-2002, 04:06 AM
بارك الله فيك أخي النعمان

يعلم الله ما أحسه من الم في عدم وجود شخص غطى مكان الشيخ رحمه الله ، يا هي آلام نشعر به ، هؤلاء بركة لنا وعلينا.

مرايا مبعثرة
16-04-2002, 04:13 AM
تسلم لوبيا عالموضوع القيم هذا


الله يجزاكم كل خير ;)

ZAZA
16-04-2002, 04:19 AM
جزاك الله خيرا وأثابك علي ما قدمت وكتبت

وبارك الله في إخوتنا النعمان ومتشيم علي ما أضافوا .

عبدالعزيز

المبتسم
16-04-2002, 06:37 AM
اهلين بالجميع ومشكورين علي مشاركاتكم ويعطيكم الف عافيه..

يعسوب...: مشكور اخوي..

متشيم..: جزاك الله خير اخي:)..


النعمان: جزاك الله خير علي هذه الاضافه القيمه...:)..(الا اقول ايش اخبار السوق معاك؟..;) ..

اوسيس: يا هلا اوسيس في قسم الاصدقاء..مشكوره :)..


زازا: اشكرك علي دعائك وبارك الله فيك:)..

no one
16-04-2002, 06:41 AM
فتوى تستحق اننا نقراها مشكور لوبيز وجزاك الله خير

المبتسم
16-04-2002, 06:44 AM
اهلين اخت نو ون..
العفو ومشكوره علي مشاركتك..
تحياتي لك..
لوبيز.