بو عبدالرحمن
13-08-2001, 05:52 PM
-
قال الراوي وهو يكاد يتميز غيظاً :
إذا شبّت النار في ثيابك فجأة ،
فليس من العقل في شيء ، ولا من المنطق ، أن تبقى ناظراً إليها في بلاهة ،
ثم لا تلبث أن ترفع صوتك بالغناء ، وتواصل الرقص على إيقاع قدميك ..!!
تلك حماقة لا يفعلها حتى المجانين ،
غير أن شعوباً كثيرة - للأسف - في عصرنا الذي نعيش فيه ، تفعل هذا بعينه :
شبّت النار في الديار ، وأخذت تلتهم الأخضر واليابس ،
ولا تزال تواصل زحفها المخيف ،
وهؤلاء ( تحسبهم أيقاظاً وهم رقود )
ما زالوا في دوائر اللهو يتقلبون ، ومع آهات الرقص والمجون يصبحون ويمسون
وكأن النار ما شبت إلا في القمر لا في الديار !!
- -
قال كليلة الجديد ، لدمنة المعاصرة :
استمعي إليّ جيداً ،
فهذه حكاية ولا كل الحكايات ، وجدير بك أن تتأملها ،
وهي من المضحكات المبكيات التي تهز القلب وتحز الفؤاد :
في ناحية من نواحي الغابة المترامية ،
قبع الدب ذات ليلة يتلهى بمشاهدة ( التلفاز )
لم ينتبه إلى أن حريقاً هائلاً قد شب في الغابة ، وأن النار تسري في قوة وتحطم في طريقها كل شيء ،
غير أن التلفاز أراد أن يتولى عملية تنبه الغافلين
فأخذ يعرض مشاهد حية لما يحدث ،
وتركزت الشاشة على عشرات الجثث المتفحمة ،
وأعداد من الجرحى لا يحصيهم إلا الله ،
وسيول الدماء تتدفق كأنها الأنهار ،
وحطام في كل مكان ،
مناظر مهولة تذكرك بأهوال يوم القيامة ،
يقايا وسائل نقل قد تحطمت بشكل مثير للفزع ،
أشبال صغار يهيمون على وجوههم في حالة فزع مروع ،
السماء تغطت تماماً بالدخان الأسود ، وبدت كأنما هي تبكي في حرقة ،
دمار شامل تقشعر له الجلود ،
والنار لا تزال تواصل زحفها ،
وصوت المذيع الباكي الحزين المتهدج يفتت القلب ،
ومن ثم لم يملك الدب إلا أن يبكي في حرقة ،
ويلطم خده في حسرة .. ثم غطى وجهه بكلتي يديه ، وارتفع عويله ... وناح على نفسه ..!!
سكت كليلة قليلاً ليسترد أنفاسه ،
غير أن دمنة صاحت به في هياج : وماذا بعد ؟
ماذا جرى للغابة ومن فيها؟
وكيف تصرف الدب المسكين ..؟
أظنه لن يبقى ساكتاً ساكناً خاملاً ،
أحسبه سيعمل على أن ينقذ ما يمكن إنقاذه ..
ابتسم كليلة ثم قال بصوت حزين :
بعد هنيهة فقط رفع الدب عينيه ،
فرأى في ذات القناة التلفازية التي كانت تنقل تلك الأهوال ..
رأى مشهداً عجيباً :
ببغاء جميل يتراقص ويغني ويتلوى ،
ويقفز وينط ، ويصيح ، ويعوي ،
ويتغزل في ليلاه ،
ويغمز ويلمز ويهمس ،
وأمامه مجموعة من الفراشات الفاتنات المثيرات
يتراقصن على الإيقاع
ويتغامزن ويتخلعن ويتأوهن ويتلوين بشكل مثير ، مثير جداً ..!!
حملقت عينا الدب في ذهول .. شيء لا يصدقه عقل ..
وفرك عينيه بقوة غير مصدق ما يرى ،
ولم يلبث إلا قليلا حتى ظهر المذيع نفسه باسماً منتشياً
ليقدم ببغاء آخر في وصلة راقصة مع مجموعة من الفراشات الفاتنات الباهرات الجمال من اللواتي لا يكاد يسترهن شيء !
وأخذ المذيع المتهلل الوجه ، يتمنى للمشاهدين سهرة حلوة .. !
نفض الدب رأسه مرات متوالية ،
غير أنه ما لبث أن وجد نفسه ......
وجد نفسه دون أن يشعر وقد .....وقد .....وقد ..
وجد نفسه وقد تحلبت شفتاه ، وبرقت عيناه ،
وسارع يمسح دموعه التي لم تجف بعد ،
وأخذ يفرك يديه ،
ثم قفز عالياً في الهواء
واكتشف فجأة أنه ... أنه .. أنه يجيد الرقص هو الآخر ..!
فإذا هو يرقص على واحدة ونص ..!
وعيناه تتابعان في شبق سهرة المساء الساخنة .. !
يحملق في الأجساد المشبوبة كأنها النار ..!!
الغابة ما تزال تأكلها النيران في جنون ،
والدب المخبول الآن يجهد نفسه مع أهله وأقربائه وجيرانه جميعاً
حتى استطاع أن يقنعهم أن يشاركوه الرقص والغناء والاستمتاع بالسهرة المثيرة ،
وهم يتمنون الأماني المعسولة للغابة التي تحترق .. ..!!
لوت دمنة شفتها السفلى وقد تجهم وجهها ، ثم صاحت في غيظ :
تباً لكل المخدرات ..!!
ألف ، ألف ، ألف تب .. لكل المخدرات ..!
- - -
قال الراوي وهو يكاد يتميز غيظاً :
إذا شبّت النار في ثيابك فجأة ،
فليس من العقل في شيء ، ولا من المنطق ، أن تبقى ناظراً إليها في بلاهة ،
ثم لا تلبث أن ترفع صوتك بالغناء ، وتواصل الرقص على إيقاع قدميك ..!!
تلك حماقة لا يفعلها حتى المجانين ،
غير أن شعوباً كثيرة - للأسف - في عصرنا الذي نعيش فيه ، تفعل هذا بعينه :
شبّت النار في الديار ، وأخذت تلتهم الأخضر واليابس ،
ولا تزال تواصل زحفها المخيف ،
وهؤلاء ( تحسبهم أيقاظاً وهم رقود )
ما زالوا في دوائر اللهو يتقلبون ، ومع آهات الرقص والمجون يصبحون ويمسون
وكأن النار ما شبت إلا في القمر لا في الديار !!
- -
قال كليلة الجديد ، لدمنة المعاصرة :
استمعي إليّ جيداً ،
فهذه حكاية ولا كل الحكايات ، وجدير بك أن تتأملها ،
وهي من المضحكات المبكيات التي تهز القلب وتحز الفؤاد :
في ناحية من نواحي الغابة المترامية ،
قبع الدب ذات ليلة يتلهى بمشاهدة ( التلفاز )
لم ينتبه إلى أن حريقاً هائلاً قد شب في الغابة ، وأن النار تسري في قوة وتحطم في طريقها كل شيء ،
غير أن التلفاز أراد أن يتولى عملية تنبه الغافلين
فأخذ يعرض مشاهد حية لما يحدث ،
وتركزت الشاشة على عشرات الجثث المتفحمة ،
وأعداد من الجرحى لا يحصيهم إلا الله ،
وسيول الدماء تتدفق كأنها الأنهار ،
وحطام في كل مكان ،
مناظر مهولة تذكرك بأهوال يوم القيامة ،
يقايا وسائل نقل قد تحطمت بشكل مثير للفزع ،
أشبال صغار يهيمون على وجوههم في حالة فزع مروع ،
السماء تغطت تماماً بالدخان الأسود ، وبدت كأنما هي تبكي في حرقة ،
دمار شامل تقشعر له الجلود ،
والنار لا تزال تواصل زحفها ،
وصوت المذيع الباكي الحزين المتهدج يفتت القلب ،
ومن ثم لم يملك الدب إلا أن يبكي في حرقة ،
ويلطم خده في حسرة .. ثم غطى وجهه بكلتي يديه ، وارتفع عويله ... وناح على نفسه ..!!
سكت كليلة قليلاً ليسترد أنفاسه ،
غير أن دمنة صاحت به في هياج : وماذا بعد ؟
ماذا جرى للغابة ومن فيها؟
وكيف تصرف الدب المسكين ..؟
أظنه لن يبقى ساكتاً ساكناً خاملاً ،
أحسبه سيعمل على أن ينقذ ما يمكن إنقاذه ..
ابتسم كليلة ثم قال بصوت حزين :
بعد هنيهة فقط رفع الدب عينيه ،
فرأى في ذات القناة التلفازية التي كانت تنقل تلك الأهوال ..
رأى مشهداً عجيباً :
ببغاء جميل يتراقص ويغني ويتلوى ،
ويقفز وينط ، ويصيح ، ويعوي ،
ويتغزل في ليلاه ،
ويغمز ويلمز ويهمس ،
وأمامه مجموعة من الفراشات الفاتنات المثيرات
يتراقصن على الإيقاع
ويتغامزن ويتخلعن ويتأوهن ويتلوين بشكل مثير ، مثير جداً ..!!
حملقت عينا الدب في ذهول .. شيء لا يصدقه عقل ..
وفرك عينيه بقوة غير مصدق ما يرى ،
ولم يلبث إلا قليلا حتى ظهر المذيع نفسه باسماً منتشياً
ليقدم ببغاء آخر في وصلة راقصة مع مجموعة من الفراشات الفاتنات الباهرات الجمال من اللواتي لا يكاد يسترهن شيء !
وأخذ المذيع المتهلل الوجه ، يتمنى للمشاهدين سهرة حلوة .. !
نفض الدب رأسه مرات متوالية ،
غير أنه ما لبث أن وجد نفسه ......
وجد نفسه دون أن يشعر وقد .....وقد .....وقد ..
وجد نفسه وقد تحلبت شفتاه ، وبرقت عيناه ،
وسارع يمسح دموعه التي لم تجف بعد ،
وأخذ يفرك يديه ،
ثم قفز عالياً في الهواء
واكتشف فجأة أنه ... أنه .. أنه يجيد الرقص هو الآخر ..!
فإذا هو يرقص على واحدة ونص ..!
وعيناه تتابعان في شبق سهرة المساء الساخنة .. !
يحملق في الأجساد المشبوبة كأنها النار ..!!
الغابة ما تزال تأكلها النيران في جنون ،
والدب المخبول الآن يجهد نفسه مع أهله وأقربائه وجيرانه جميعاً
حتى استطاع أن يقنعهم أن يشاركوه الرقص والغناء والاستمتاع بالسهرة المثيرة ،
وهم يتمنون الأماني المعسولة للغابة التي تحترق .. ..!!
لوت دمنة شفتها السفلى وقد تجهم وجهها ، ثم صاحت في غيظ :
تباً لكل المخدرات ..!!
ألف ، ألف ، ألف تب .. لكل المخدرات ..!
- - -