PDA

View Full Version : الأخوة في الله


laila2001
27-03-2001, 05:11 PM
قال تعالى:"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون".
ما أعظمها من وشيجة تلك الأخوة .. تنبثق من التقوى والإسلام ..من الركيزة الأولى ، أساسها الاعتصام بحبل الله -أي عهده ونهجه ودينه-وليست مجرد تجمع على أي تصور آخر ، وعلى أي هدف آخر ، ولا بواسطة حبل آخر من حبال الجاهلية الكثيرة .
أخوة كمالها أن نرى من بعد وحدة الرؤية والفكر والخيال والرجاء والمصير ، وحدة القلب والروح ، بل ووحدة اللفظ أيضا ، فلا تكون إلا صيحات واحدة ، بحروف ميقاربة ، تعبر عن مفهوم واحد ، كما أراد إقبال حين يقول :
نحن من نعمائه حلف إخاء * * * قلبنا والروح واللفظ سواء
ويجعلها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أثمن منحة ربانية للعبد من بعد نعمة الإسلام فيقول :(ما أعطي عبد بعد الإسلام خيرا من أخ صالح ، فإذا رأى أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به).
ومن صفات الإخوان :-
* طيب القول : ذكرها عمر -رضي الله عنه- فقال :(لولا أن أسير في سبيل الله ، أو أضع جبيني لله في التراب ، أو أجالس قوما يلتقطون طيب القول كما يلتقط طيب الثمر ، لأحببت أن أكون لحقت بالله).
* أن أحدهم يرفع عنك ثقل التكلف ويسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ .
* ترك حضيض الدينار والدرهم ، والسمو إلى العلا ، ولنا في الإمام أحمد خير مثال ، وذلك حين يقول الذي يطريه :-
وإخوانه الأدنون كل موفق * * * بصير بأمر الله يسمو إلى العلا .
* مذاكرة الآخرة ، كما قال الحسن البصري : ( إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا ، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة).
* الإيثار ، وهو أحد أركان بيعة الشاعر صالح حياوي حين يقول :
أبدا أظل مع التقاة ، مع الدعاة العاملين
الناشرين لواء أحمد عاليا في العالمين
المنصفين المؤثرين على النفوس الآخرين
معهم أظل ، مع التقاة ، مع الدعاة المسلمين .
* بذل النصح ، فأحدهم (صالح يعاونك في دين الله ، وينصحك في الله).
وأخيرا أخوتي .. أخواتي ، أقول :-
إن الفقه الذي ورثناه عن التابعي بكر بن عبدالله المزني ينص على أنك : ( إذا وجدت من إخوانك جفاء فذلك لذنب أحدثته ، فتب إلى الله تعالى ، وإذا وجدت منهم زيادة محبة فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر الله تعالى).
فاتهم نفسك إذا عوملت بجفاء ، أو رأيت نوع تقصير في حقك الذي تظنه ، قبل أن تبادر بالهجوم .
إذا ما بدت من صاحب لك زلة * * * فكن أنت محتالا لزلته عذرا
أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه * * كأن به عن كل فاحشة وقرا
سليم دواعي الصدر لا باسط أذى * * ولا مانع خيرا ولا قائل هجرا.

بتصرف من كتاب " الرقائق " للأستاذ / محمد أحمد الراشد .