PDA

View Full Version : الجهاد في سبيل الله (40)


د . عبد الله قادري الأهدل
13-03-2001, 08:25 AM
( 40 )
========== الجنة تحت ظلالا السيوف =============
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، كتب إلى عمر بن عبيد الله حين خرج إلى الحروريَّة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس ، فقال: ( يا أيها الناس لا تمنَّو لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) [ البخاري رقم 3024، فتح الباري (6/156) ومسلم (3/1362) ] .
وأي فضل أكبر من هذا الفضل ؟ يصول المجاهد ويجول في حومة الوغى وهو يعلم أنه يتجوَّل في عرصات الجنة تحت ظل سيفه وسيف عدوه ، وما أن يسقط في هذه الأرض حتى يرى مقعده في الجنة وتظِله الملائكة [ سيأتي هذان المعنيان قريباً ].
==== يتمنى الرجوع إلى الدنيا ليكرر الشهادة الغالية ! =======
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( انتدب الله لمن خرج في سبيله ، لا يُخرجه إلا الإيمان بي وتصديق برسلي ، أن أُرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة ، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خَلْف سريَّة ، ولوددت أني أُقتل في سبيل الله ، ثم أحيا ثم أُقتل ، ثم أحيا ثم أُقتل ) [ البخاري مع فتح الباري (1/92) ومسلم (3/1497) ] .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة ) [ البخاري رقم 2817، فتح الباري (6/32) ومسلم (3/1498) ] .
فالمجاهد – كما يظهر من حديث أبي هريرة – رابح على كل حال ، انتصر على عدوه فعاد إلى بيته غانماً مأجوراً ، أم استشهد فدخل الجنة ، وهذه الأخيرة هي الكرامة التي ميَّز الله بها الشهيد حيث لا يتمنى أحد غيره أن يحييه الله فيقتل مراراً ، لما رأى من الخير العظيم المترتب على الشهادة في سبيل الله ، لا بل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب المقام المحمود الذي ما كان يقعد خَلْف سراياه إلا إشفاقاً على أمته بأن تكلِّف نفسها الخروج في كل سرية مثله فيشق ذلك عليها ، إنه صلى الله عليه وسلم ليتمنَّى أن يقتل ثم يحيا ثم يقتل في سبيل الله حباً في كرامة الشهادة عند الله ، قال الحافظ: ( قال ابن بطال: هذا الحديث – حديث أنس – أجل ما جاء في فضل الشهادة ) [ فتح الباري (6/33) ] .
==== أي شيء نشتهي ؟! =====
عن مسروق قال سألنا عبد الله – هو ابن مسعود – عن هذه الآية: ( ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً ، بل أحياء عند ربهم يُرزقون ) [ آل عمران: 169 ] قال: أما إنَّا قد سألنا عن ذلك فقال: ( أرواحهم في جوف طير خُضر ، لها قناديل معلّقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطَّلع إليهم ربهم اطِّلاعةً ، فقال : تشتهون شيئاً ؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟! ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ) [ مسلم (3/1502) ] .