النحاسي الأصفر
01-03-2001, 05:38 PM
(((لا تنسوا صيام يوم عرفة تكفون يكفر به سنتين ماضية ولاحقة )))
فضيلة يوم عرفة
الحمد لله القائل.. اليوم أكمـلت لكم دينكم وأتمـمت عليكم نعـمتـي ورضيت لكـم الإسـلاَم دينا
أحمده سبحانه وتعالى وأستغفره وأتوب إليه.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله القائل: إن الله يباهى بأهل عرفات أهل السماء.. فيقول لهم انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا أشهدكم أني قد غفرت لهم ..
صلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله وعلى آلك وأهل بيتك الطيبين الطاهرين وأصحابك أجمعين وعلى التابعين ومن تبع سنتك واقتفى أثرك إلى يوم الدين..
أما بعد...
فيا عباد الله.. . أوصيكم وأنا أولى بالوصية منكم إلى تقوى الله فلنتق الله بصدق ويقين.. لنتق الله يا عباد الله فلا عز ولا مجد ولا سعادة إلا لمتقي الله..
أيها المسلمون الأحباب أي يوم هذا الذي نحن فيه.. إنه يوم الجمعة المباركة الذي قال عنه الحبيب الكريم عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم: سيد الأيام يوم الجمعة وأعظمها عند الله وأعظم عند الله تعالى من يوم الفطر والأضحى وفيه خمس خلال.. خلق الله عز وجل فيه آدم.. وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئا إلا أتاه الله تعالى إياه ما لم يسأل حراما وفيه تقوم الساعة.. ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن في يوم الجمعة ..وفي رواية من الساعة التي فيها.. وأكثر الروايات تشير يا عباد الله على أن ساعة الجمعة المباركة بعد صلاة العصر أي آخر ساعة من نهار يوم الجمعة .
فإذا كان هذا فضل يوم الجمعة يا عباد الله: فكيف إذا وافق الوقوف بعرفة يوم الجمعة؟ ويوم عرفة حدث عنه ولا حرج..
يوم عرفة يا عباد الله.. . الذي قال عنه -صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل.. إن الله عز وجل غفر لأهل عرفة وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله هذا لنا خاصة؟ قال هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة.. فقال عمر كثر خير الله وطاب .
ويقول-صلى الله عليه وسلم - من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة .
لله أنت يا يوم عرفة ما أعظم الثواب فيك لمن يتعرض للثواب.. ما أعظم الإكرام والفضل لمن يريد ويرغب بالفضل والإكرام..
عباد الله.. .
إن يوم عرفة يوم عظيم: يوم الفيض والعطاء والبذل والسخاء إنـه يوم التجليات والنفحات.. والرضا والمباهات.. ما أعظمك يا يوم عرفة.. فيك كثر خير الله وطاب.. وفيك عبرة لأولي الألباب.
فأين يا قوم الذين يتعرضون لنفحات الله وإكرامه.. فأين الذين يريدون أن يتطهروا من رجس الذنوب وظلامه؟ ويتحرروا من عبودية الشيطان وأوهامه؟ ها هو يوم عرفة: يوم التطهير والتحرير فاستغلوه وتعرضوا فيه لعفو الله وأفضاله وإنعامه..
عباد الله ألا يجدر بنا أن نطهر قلوبنا من الكذب والغش والرياء والنفاق ونناجي ربنا بقلوب طاهرة نظيفة صادقة مخلصة.. فما خاب هذه الأيام من دعا الله صادقا مخلصا..
ما خاب هذه الأيام من استيقظ من غفلته وجهله وأقبل على الله معتذرا متنصلا من ذنوبه وعيوبه فمن سعد يا عباد الله يوم عرفة واستجاب الله دعاه وحقق له مطلوبه وهداه ربه إلى الحق سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا.
عباد الله.. . روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.. قال:قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف فيستقبل القبلة بوجهه ثم يقول لا إله إلا الله وحده ولا شريك له.. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. مائة مرة، ثم يقرأ قل هو الله أحد مائة مرة ثم يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وعلينا معهم مائة مرة إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني وكبرني وعظمني وعرفني وأثنى علي وصلى على نبي.. اشهدوا ملائكتي إني قد غفرت له وشفعته في نفسه.. ولو سألني عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف .
وروى طلحة بن عبد الله بن كريز رضي الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال.. ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام.. إلا ما رأى يوم بدر: فإنه رأى جبريل عليه السلام يزع الملائكة أي يصفهم للقتال .
عباد الله.. . وفي يوم عرفة نزلت آخر آية من كتاب الله العظيم.. وهي قوله سبحانه وتعالى:
اليوم أكمـلت لكم دينكم وأتمـمت عليكم نعـمتـي ورضيت لكـم الإسـلاَم دينا هذه الآية العظيمة التي قال عنها اليهود وقد فهموا معناها.. قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنكم معشر المسلمين تقرأون في كتابكم آية لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.. فقال عمر لهم: وما تلك؟ قالوا هي قوله تعالى: اليوم أكمـلت لكم ... فقال عمر رضي الله عنه: والله إني لأعلم في أي يوم أنزلت وفي أي ساعة أنزلت وأين أنزلت وأين كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت.. أنزلت ورسول الله فينا يخطب ونحن وقوف بعرفة وذلك عشية يوم الجمعة بيوم عرفة.. ألا وإنها عيدان.. هكذا قال عمر .
نعم لقد صدق عمر لقد اجتمع في حجة رسول الله عيدان في يوم واحد.. عيد الجمعة وعيد يوم عرفة.. وما أشبه الليلة بالبارحة وإن كان الشبه بعيدا في واقعنا الحاضر المظلم ولكن فضل الله عظيم ورحمته وسعت كل شيء.. وما يوم عرفة في حاضره القريب بأهون منه شأنا في ماضيه البعيد.. إن قدره على الزمان يتجدد.. وإن فضله على الحياة في كل يوم يعود ويتردد.. فيا ليتكم تمعنوا النظر اليوم إلى تلك البقعة البيضاء التي تمثل كأنها كتلة واحدة..
إنها يا عباد الله كتلة ذوي القلوب المؤمنة المجتمعة في تلك البقعة الطاهرة يلوحون في ثيابهم البيض وكأنها أجنحة الملائكة وقد تضاموا وتلاصقوا حاسري الرءوس حفاة الأقدام.. باسطي أيديهم إلى السماء رافعي أصواتهم بالتلبية والدعاء.. منقطعة أنفاسهم بدقات الخوف أو بخفقات الرجاء..
إنهم ملائكة الأرض يباهي الله بهم ملائكة السماء.. يقول لهم بكل حب وفخر وسرور.. انظروا عبادي جاءوا من كل فج عميق شعثا غبرا يرجون رحمتي ويخشون عذابي.. أشهدكم أني قد غفرت لهم يا له من موقف يا عباد الله تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله..
يا لها من لحظات التجرد.. يا عبد الله تجرد عن المال والأهل والدار وتجرد عن كل متعة ولذة بل تجرد كل امرئ عن نفسه ونسيانه لمطامحه ومطامعه فرارا إلى الله وإقبالا على الله..
بوركت من يوم سعيد يا يوم عرفة.. بوركت في يوم كريم.. ليتنا نقدر قدرك العظيم ليتنا اليوم نترك الدنيا جانبا ونتوجه إلى الله خاشعين ضارعين.. صادقين مخلصين فنطلبه أن يرزقنا العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة..
أيها المسلمون.. أكثروا يوم عرفة من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.. أكثروا يا عباد الله يوم عرفة من الدعاء وقولوا.. اللهم إنا عبيدك أبناء عبيدك أبناء إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك.. أنت ربـنا ولا رب لنا غيرك ولا معبود لنا سواك.. أنت الغني ونحن الفقراء.. أنت القوي ونحن الضعفاء.. أنت العزيز ونحن الأذلاء.. نسألك الله بعظمتك التي استويت بها على العرش والكرسي.. وبقدرتك التي تقول بها للشيء كن فيكون.. وبرحمتك التي وسعت كل شيء نسألك يا الله أن تغفر ذنوبنا وتستر عيوبنا وتيسر أرزاقنا وأن تحسن أخلاقنا وتشفي أمراضنا وتعافي وتحفظنا وأموالنا وأوطاننا وأولادنا وتحقق آمالنا وتعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وتوفقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين..
اللهم يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام: نسألك يا الله بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل لنا من يوم عرفة أوفر الحظ والنصيب. من مغفرتك ورحمتك ورضاك. وسعة في الرزق وصحة في الجسم وتحقيقا للآمال التي نصبوا إليها والتي ترضيك وترضي بها عنا وأن تحسن أيامنا في الدنيا والآخرة ولا تكلنا إلى أحد من خلقك ولا تسلط علينا في حياتنا الدنيا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا إنك على كل شيء قدير.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه العظيم وبسنة نبيه الكريم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
فيا أيها المسلمون ها هو يوم عرفة. يوم ما طلعت شمس ولا غربت بأحسن منه: إنه من أحب وأفضل الأيام عند الله. إنه يوم التكريم والغفران وإجابة الدعاء.
فاتقوا الله واغتنموا مواسم الخيرات. وتوبوا إلى الله يغفر لكم السيئات ويقيكم من الزلات.
بوركت يا يوم عرفة. فيا حجاج بيت الله إن أجسامنا هنا موثوقة ولكن قلوبنا ملصقة بكم. تسير معكم حيثما سرتم وتنزل معكم حيثما نزلتم ولئن فاتنا السير في ركابكم فإنـه لن يفوتنا إن شاء الله اقتفاء آثاركم.
أيها المسلمون. إن إخوانكم الحجاج يقفون اليوم يدعون ويهللون في عرفات. فلندع نحن ولنتضرع إلى الله في الفلوات والخلوات.
إن الحجاج يا عباد الله سيكبرون الله عند الجمرات. فلنكبـر نحن في أعقاب الصلوات. وسينحرون هديهم في منى. فلنذبح نحن أهواءنا النفسية السيئة وشهواتنا الشيطانية هنا.
ونضحي ابتغاء وجه الله تعالى لننال المنى. لقوله-صلى الله عليه وسلم -: من ضحى طيبة به نفسه محتسبا لأضحيته كانت له حجابا من النار .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: لما أتى إبراهيم خليل الله صلوات الله وسلامه عليه المناسك. عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض. قال ابن عباس: الشيطان ترجمون. وملة أبيكم تتبعون .
هذا ويستحب لمن يقدر على شراء أضحية أن يضحي عنه وعن أهل بيته لقوله-صلى الله عليه وسلم -: ما عمل آدمي عملا يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم. إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وإن ّ الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا .
ويرى بعض العلماء أن الأضحية سنة مؤكدة ويكره تركها مع القدرة عليها لحديث أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر . ومن أراد أن يضحي عليه أن يمسك عن حلق شعره وتقصير أظافره من بداية ذي الحجة لقوله-صلى الله عليه وسلم -: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره .
ومن حلق أو قصر أو قلم أظافره- يا عباد الله- ناسيا أو جاهلا فلا إثم عليه وأضحيته مقبولة وقد شرعت الأضحية. يا عباد الله.. . إحياء لذكرى إبراهيم وتوسعة على الناس يوم العيد وتكون من الإبل والبقر والغنم. ويجزي من الضأن ما له نصف سنة. ومن المعز ما له سنة ومن البقر ما له سنتان ومن الإبل ما له خمس سنوات.
وهذه هي السنة في قوله-صلى الله عليه وسلم - لا تذبحوا إلا مسنة فإن تعسر عليكم فاذبحوا جزعه من الضأن .
كما يستحب يا عباد الله أن توزع الضحية إلى ثلاثة أقسام. قسم يتصدق به إلى المحتاجين. وقسم يهديه إلى أقاربه وأصدقائه. وقسم يدخره لنفسه .
كما يسن لمن يحسن الذبح أضحيته بيده ويقول: بسم الله الله أكبر اللـهم هذا من عبدك فلان. أو هذا عني وعن أهلي، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ذبح كبشا وقال بسم الله والله أكبر اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي .
وإذا كان لا يحسن الذبح فليشهد فإن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملته وقولي إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
فقد قال أحد الصحابة يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة أو للمسلمين عامة؟. قال -صلى الله عليه وسلم - بل للمسلمين عامة .
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما في قوله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .
http://www.harrythecat.com/graphics/k/splat1.gif
فضيلة يوم عرفة
الحمد لله القائل.. اليوم أكمـلت لكم دينكم وأتمـمت عليكم نعـمتـي ورضيت لكـم الإسـلاَم دينا
أحمده سبحانه وتعالى وأستغفره وأتوب إليه.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله القائل: إن الله يباهى بأهل عرفات أهل السماء.. فيقول لهم انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا أشهدكم أني قد غفرت لهم ..
صلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله وعلى آلك وأهل بيتك الطيبين الطاهرين وأصحابك أجمعين وعلى التابعين ومن تبع سنتك واقتفى أثرك إلى يوم الدين..
أما بعد...
فيا عباد الله.. . أوصيكم وأنا أولى بالوصية منكم إلى تقوى الله فلنتق الله بصدق ويقين.. لنتق الله يا عباد الله فلا عز ولا مجد ولا سعادة إلا لمتقي الله..
أيها المسلمون الأحباب أي يوم هذا الذي نحن فيه.. إنه يوم الجمعة المباركة الذي قال عنه الحبيب الكريم عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم: سيد الأيام يوم الجمعة وأعظمها عند الله وأعظم عند الله تعالى من يوم الفطر والأضحى وفيه خمس خلال.. خلق الله عز وجل فيه آدم.. وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئا إلا أتاه الله تعالى إياه ما لم يسأل حراما وفيه تقوم الساعة.. ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن في يوم الجمعة ..وفي رواية من الساعة التي فيها.. وأكثر الروايات تشير يا عباد الله على أن ساعة الجمعة المباركة بعد صلاة العصر أي آخر ساعة من نهار يوم الجمعة .
فإذا كان هذا فضل يوم الجمعة يا عباد الله: فكيف إذا وافق الوقوف بعرفة يوم الجمعة؟ ويوم عرفة حدث عنه ولا حرج..
يوم عرفة يا عباد الله.. . الذي قال عنه -صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل.. إن الله عز وجل غفر لأهل عرفة وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله هذا لنا خاصة؟ قال هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة.. فقال عمر كثر خير الله وطاب .
ويقول-صلى الله عليه وسلم - من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة .
لله أنت يا يوم عرفة ما أعظم الثواب فيك لمن يتعرض للثواب.. ما أعظم الإكرام والفضل لمن يريد ويرغب بالفضل والإكرام..
عباد الله.. .
إن يوم عرفة يوم عظيم: يوم الفيض والعطاء والبذل والسخاء إنـه يوم التجليات والنفحات.. والرضا والمباهات.. ما أعظمك يا يوم عرفة.. فيك كثر خير الله وطاب.. وفيك عبرة لأولي الألباب.
فأين يا قوم الذين يتعرضون لنفحات الله وإكرامه.. فأين الذين يريدون أن يتطهروا من رجس الذنوب وظلامه؟ ويتحرروا من عبودية الشيطان وأوهامه؟ ها هو يوم عرفة: يوم التطهير والتحرير فاستغلوه وتعرضوا فيه لعفو الله وأفضاله وإنعامه..
عباد الله ألا يجدر بنا أن نطهر قلوبنا من الكذب والغش والرياء والنفاق ونناجي ربنا بقلوب طاهرة نظيفة صادقة مخلصة.. فما خاب هذه الأيام من دعا الله صادقا مخلصا..
ما خاب هذه الأيام من استيقظ من غفلته وجهله وأقبل على الله معتذرا متنصلا من ذنوبه وعيوبه فمن سعد يا عباد الله يوم عرفة واستجاب الله دعاه وحقق له مطلوبه وهداه ربه إلى الحق سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا.
عباد الله.. . روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.. قال:قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف فيستقبل القبلة بوجهه ثم يقول لا إله إلا الله وحده ولا شريك له.. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. مائة مرة، ثم يقرأ قل هو الله أحد مائة مرة ثم يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وعلينا معهم مائة مرة إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني وكبرني وعظمني وعرفني وأثنى علي وصلى على نبي.. اشهدوا ملائكتي إني قد غفرت له وشفعته في نفسه.. ولو سألني عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف .
وروى طلحة بن عبد الله بن كريز رضي الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال.. ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام.. إلا ما رأى يوم بدر: فإنه رأى جبريل عليه السلام يزع الملائكة أي يصفهم للقتال .
عباد الله.. . وفي يوم عرفة نزلت آخر آية من كتاب الله العظيم.. وهي قوله سبحانه وتعالى:
اليوم أكمـلت لكم دينكم وأتمـمت عليكم نعـمتـي ورضيت لكـم الإسـلاَم دينا هذه الآية العظيمة التي قال عنها اليهود وقد فهموا معناها.. قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنكم معشر المسلمين تقرأون في كتابكم آية لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.. فقال عمر لهم: وما تلك؟ قالوا هي قوله تعالى: اليوم أكمـلت لكم ... فقال عمر رضي الله عنه: والله إني لأعلم في أي يوم أنزلت وفي أي ساعة أنزلت وأين أنزلت وأين كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت.. أنزلت ورسول الله فينا يخطب ونحن وقوف بعرفة وذلك عشية يوم الجمعة بيوم عرفة.. ألا وإنها عيدان.. هكذا قال عمر .
نعم لقد صدق عمر لقد اجتمع في حجة رسول الله عيدان في يوم واحد.. عيد الجمعة وعيد يوم عرفة.. وما أشبه الليلة بالبارحة وإن كان الشبه بعيدا في واقعنا الحاضر المظلم ولكن فضل الله عظيم ورحمته وسعت كل شيء.. وما يوم عرفة في حاضره القريب بأهون منه شأنا في ماضيه البعيد.. إن قدره على الزمان يتجدد.. وإن فضله على الحياة في كل يوم يعود ويتردد.. فيا ليتكم تمعنوا النظر اليوم إلى تلك البقعة البيضاء التي تمثل كأنها كتلة واحدة..
إنها يا عباد الله كتلة ذوي القلوب المؤمنة المجتمعة في تلك البقعة الطاهرة يلوحون في ثيابهم البيض وكأنها أجنحة الملائكة وقد تضاموا وتلاصقوا حاسري الرءوس حفاة الأقدام.. باسطي أيديهم إلى السماء رافعي أصواتهم بالتلبية والدعاء.. منقطعة أنفاسهم بدقات الخوف أو بخفقات الرجاء..
إنهم ملائكة الأرض يباهي الله بهم ملائكة السماء.. يقول لهم بكل حب وفخر وسرور.. انظروا عبادي جاءوا من كل فج عميق شعثا غبرا يرجون رحمتي ويخشون عذابي.. أشهدكم أني قد غفرت لهم يا له من موقف يا عباد الله تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله..
يا لها من لحظات التجرد.. يا عبد الله تجرد عن المال والأهل والدار وتجرد عن كل متعة ولذة بل تجرد كل امرئ عن نفسه ونسيانه لمطامحه ومطامعه فرارا إلى الله وإقبالا على الله..
بوركت من يوم سعيد يا يوم عرفة.. بوركت في يوم كريم.. ليتنا نقدر قدرك العظيم ليتنا اليوم نترك الدنيا جانبا ونتوجه إلى الله خاشعين ضارعين.. صادقين مخلصين فنطلبه أن يرزقنا العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة..
أيها المسلمون.. أكثروا يوم عرفة من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.. أكثروا يا عباد الله يوم عرفة من الدعاء وقولوا.. اللهم إنا عبيدك أبناء عبيدك أبناء إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك.. أنت ربـنا ولا رب لنا غيرك ولا معبود لنا سواك.. أنت الغني ونحن الفقراء.. أنت القوي ونحن الضعفاء.. أنت العزيز ونحن الأذلاء.. نسألك الله بعظمتك التي استويت بها على العرش والكرسي.. وبقدرتك التي تقول بها للشيء كن فيكون.. وبرحمتك التي وسعت كل شيء نسألك يا الله أن تغفر ذنوبنا وتستر عيوبنا وتيسر أرزاقنا وأن تحسن أخلاقنا وتشفي أمراضنا وتعافي وتحفظنا وأموالنا وأوطاننا وأولادنا وتحقق آمالنا وتعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وتوفقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين..
اللهم يا حي يا قيوم يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام: نسألك يا الله بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل لنا من يوم عرفة أوفر الحظ والنصيب. من مغفرتك ورحمتك ورضاك. وسعة في الرزق وصحة في الجسم وتحقيقا للآمال التي نصبوا إليها والتي ترضيك وترضي بها عنا وأن تحسن أيامنا في الدنيا والآخرة ولا تكلنا إلى أحد من خلقك ولا تسلط علينا في حياتنا الدنيا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا إنك على كل شيء قدير.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه العظيم وبسنة نبيه الكريم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
فيا أيها المسلمون ها هو يوم عرفة. يوم ما طلعت شمس ولا غربت بأحسن منه: إنه من أحب وأفضل الأيام عند الله. إنه يوم التكريم والغفران وإجابة الدعاء.
فاتقوا الله واغتنموا مواسم الخيرات. وتوبوا إلى الله يغفر لكم السيئات ويقيكم من الزلات.
بوركت يا يوم عرفة. فيا حجاج بيت الله إن أجسامنا هنا موثوقة ولكن قلوبنا ملصقة بكم. تسير معكم حيثما سرتم وتنزل معكم حيثما نزلتم ولئن فاتنا السير في ركابكم فإنـه لن يفوتنا إن شاء الله اقتفاء آثاركم.
أيها المسلمون. إن إخوانكم الحجاج يقفون اليوم يدعون ويهللون في عرفات. فلندع نحن ولنتضرع إلى الله في الفلوات والخلوات.
إن الحجاج يا عباد الله سيكبرون الله عند الجمرات. فلنكبـر نحن في أعقاب الصلوات. وسينحرون هديهم في منى. فلنذبح نحن أهواءنا النفسية السيئة وشهواتنا الشيطانية هنا.
ونضحي ابتغاء وجه الله تعالى لننال المنى. لقوله-صلى الله عليه وسلم -: من ضحى طيبة به نفسه محتسبا لأضحيته كانت له حجابا من النار .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: لما أتى إبراهيم خليل الله صلوات الله وسلامه عليه المناسك. عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض. قال ابن عباس: الشيطان ترجمون. وملة أبيكم تتبعون .
هذا ويستحب لمن يقدر على شراء أضحية أن يضحي عنه وعن أهل بيته لقوله-صلى الله عليه وسلم -: ما عمل آدمي عملا يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم. إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وإن ّ الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا .
ويرى بعض العلماء أن الأضحية سنة مؤكدة ويكره تركها مع القدرة عليها لحديث أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر . ومن أراد أن يضحي عليه أن يمسك عن حلق شعره وتقصير أظافره من بداية ذي الحجة لقوله-صلى الله عليه وسلم -: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره .
ومن حلق أو قصر أو قلم أظافره- يا عباد الله- ناسيا أو جاهلا فلا إثم عليه وأضحيته مقبولة وقد شرعت الأضحية. يا عباد الله.. . إحياء لذكرى إبراهيم وتوسعة على الناس يوم العيد وتكون من الإبل والبقر والغنم. ويجزي من الضأن ما له نصف سنة. ومن المعز ما له سنة ومن البقر ما له سنتان ومن الإبل ما له خمس سنوات.
وهذه هي السنة في قوله-صلى الله عليه وسلم - لا تذبحوا إلا مسنة فإن تعسر عليكم فاذبحوا جزعه من الضأن .
كما يستحب يا عباد الله أن توزع الضحية إلى ثلاثة أقسام. قسم يتصدق به إلى المحتاجين. وقسم يهديه إلى أقاربه وأصدقائه. وقسم يدخره لنفسه .
كما يسن لمن يحسن الذبح أضحيته بيده ويقول: بسم الله الله أكبر اللـهم هذا من عبدك فلان. أو هذا عني وعن أهلي، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ذبح كبشا وقال بسم الله والله أكبر اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي .
وإذا كان لا يحسن الذبح فليشهد فإن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملته وقولي إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
فقد قال أحد الصحابة يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة أو للمسلمين عامة؟. قال -صلى الله عليه وسلم - بل للمسلمين عامة .
وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما في قوله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .
http://www.harrythecat.com/graphics/k/splat1.gif