PDA

View Full Version : لنتعلم كيف نختلف ( من سلسلة اخترت لكم -1- )


SARA120
10-11-2000, 03:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم))

لنتعلم كيف نختلف

يقول الله - عز وجل - : { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } . يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " . متفق عليه .

لم يكن شيء أبغض إليه ، صلى الله عليه وسلم ، بعد الكفر من الاختلاف والتنازع ، ومن أجل ذلك ، قال : " الجماعة رحمة والفرقة عذاب " . [ رواه أحمد ] . وجعل الخلاف والنزاع هو سبب الهلاك ، فقال : " إنما هلك بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " . [ رواه مسلم وأحمد ] . ولقد كره سلفنا الصالح الخلاف والشقاق واعتبروه شراً لا خير فيه . قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : " الخلاف شر " .

ولكن مشيئة الله - سبحانه وتعالى - قد اقتضت أن تتفاوت العقول ، وتتباين المدارك ؛ مما يؤدي إلى تعداد الآراء والاجتهادات ، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن الخلاف بين البشر من سنن الله الكونية . قال - تعالى - : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } .

اود ان اشير هنا إلى أن الاختلاف الذي يقع بين الأمة منه ما يكون في أمور العقيدة والأصول ، ومنه ما يكون في مسائل الفروع والأحكام ، ولا خلاف في أنه بالنسبة للنوع الأول لابد من الإنكار على من خالف العقيدة الصحيحة ، ولابد من دحض شبهات أصحابه ، فهذه الأمور قد بينها الله ورسوله أجلى بيان ، والمخالف فيها مخالف لأمور قطعية لا تقبل النقاش والجدال . وأما النوع الثاني فهو الذي نقصده بحديثنا هنا ، ونُريد أن نبين شيئاً من الأدب الذي كان يلتزمه السلف الصالح إذا ما وقع بينهم شيء من هذا الخلاف . يقول الشيخ رشيد رضا في تقدمته لكتاب ( المغني ) لابن قدامة : " ولما كان الاختلاف في الفهم من طبائع البشر خصّ الاختلاف المذموم بما كان عن تفرقة أو سبباً للتفرق ، وجرى على ذلك السلف الصالح فحظروا فتح باب الآراء في العقائد ، وجعلوها في الفروع ، وكان بعضهم يعذر بعضاً في المسائل الاجتهادية ولا يكلفه موافقته في فهممه " . اهـ .

إن مثل هذه الصورة المتسامحة التي ذكرها الشيخ رشيد عن السلف الصالح ، جعلت بعض أهل العلم يحاولون أن يجعلوا اختلاف الأمة في مسائل الأحكام رحمة ، وذكروا في ذلك حديث : " اختلاف أُمتي رحمة " . ولما كان هذا الحديث لا أصل له كما يقول المحدثون ، فقد قال بعضهم وهو الإمام السيوطي : " لعلّ له أصلاً " . كان في بعض الكتب في سقط ، هذا بينما ينكر بعض العلماء ، كابن حزم أن يكون الاختلاف رحمة على أي وجه من الوجوه ، ويراه كله عذاباً ، وأيما كان الأمر فإننا نُريد أن نصل إلى قضية مهمة وهي كيف نعالج وجود هذا الخلاف ؟ وكيف نتعامل معه ؟ فتلك قضية جديرة بالبحث والدراسة ، ذلك أن الأمة قد ابتليت على مدار تاريخها بمن يسيء فهم هذه القضية .

لقد وصل الحال ببعض الحنفية المتأخرين أن يأبوا أن يزوجوا بناتهم من الشافعية أو يتزوجوا هم من نسائهم ؛ وذلك لأن الشافعية يُجوّزون أن يستثنى المرء في إيمانه ، فيقول : أنا مؤمن - إن شاء الله - ، وهذا عند الحنفية غير جائز ، ثم تساهل بعضهم فقالوا : لا بأس أن نعامل الشافعية معاملة أهل الكتاب فنتزوج نساءهم ولا نزوجهم نساءنا .

أما العامة فحدّث عن تعصبهم لأئمتهم ولا حرج ، وقد ذكر الشيخ رضا في تقدمته لكتاب ( المغني ) : " أنه علم أن أفغانياً حنفياً كسر سبابة رجل كان يصلي إلى جواره ؛ لأنه وجده يُشير بها في التشهد " ، ولقد كان الناس في بعض البلدان إلى عهد قريب يصلون في المسجد الواحد أربع جماعات ، لكل مذهب جماعة وإمام ، وإحقاقاً للحق فإن هذه الصورة الذّميمة قد انقرضت من كثير من بلدان المسلمين ، ومع انتشار الصحوة الإسلامية المباركة نأمل أن تزول البقية الباقية منها ، ولكن القضية الأصلية لم تنته بهد ، بل نكاد نقول : إنه يوشك أن يحل محل هذا التعصب المذهبي تعصب من نوع آخر ، ذلك أن الكثيرين من أبناء الحركة الإسلامية المعاصرة لما نبذوا التقليد المذهبي الأعمى ، فإنهم يعتبرون ما وصلوا إليه من آراء في مسائل الفقه والأحكام ، يعتبرونه الحق الذي ما بعده إلا الضّلال ، وينكرون على من خالفهم في ذلك ، وما نُريد هنا أن نسلك مسلك المغالين الذين يتّهمون هؤلاء الإخوة بأنهم يقصدون إحداث شرخ في الحركة الإسلامية ، فضلاً عن أن نتهمهم بالعمالة لأعداء الله ، كما يفعل من بعض الناس ، ولكن نريد فقط أن نوضح لإخواننا هؤلاء كيف كان السلف يختلفون .

أدب الخلاف من خلال كتاب الله :
إننا نلمح في كتاب الله - عز وجل - إشارات إلى أدب الخلاف ، فمن ذلك ما رواه البخاري عن عبد الله ، قال : كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - رفعا أصواتهما عند النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حين قدم عليه ركب من بني تميم ، فأشار أحمدهما بالأقرع بن حابس ، وأشار الآخر بالقعقاع بم معد بن زرارة ، فقال أبو بكر لعمر : ما أرد إلا خلافي ، قال عمر : ما أردت خلافك ، فارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله - تعالى - : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } . الآية . .

قال ابن الزبير : " فما كان عمر يسمع رسوله الله ، صلى الله عليه وسلم ، يعد هذه الآية حتى يستفهمه " . وهذا النص يوضّح لنا كيف نختلف في الرأي ومع ذلك لا يعتدي بعضنا على بعض ، ولا ترتفع أصواتنا عند الخلاف . ومن ذلك قوله - تعالى - : { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله . . } . الآية . .

وكانوا قد اختلفوا في قطع الأشجار ، فقطع قوم وترك آخرون ، فجاء القرآن مُقراً لكليهما غير مُعنف لأي منهما . ومن ذلك قوله - تعالى - : { وداود وسليمان إذ يحكمان الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين . ففهّمناها سليمان وكلا آتينا حكماً وعلماً . . } الآية . . فخص سليمان بالفهم ، وأثنى عليهما بالحكم والعلم ، ومن هذين النصين نستخلص : أن القرآن الكريم يذكر طائفتين اختلفا ، ومع ذلك لا يذمّ واحدة منهما ؛ ليعلّمنا أنه في مثل هذه الأمور ينبغي أن يقرّ بعضنا بعضاً . وفي قصة سليمان وداود ما يشير - والله أعلم - إلى أن الرأيين ليسا متساويين ، بل حكم سليمان أصوب ؛ لأنه خص بالفهم ، ومع ذلك أثنى عليهما جميعاً بالحكم والعلم .

أدب الخلاف في السنة النبوية :
وقد نجد في سنة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ما يعلّمنا أدب الخلاف - أيضاً - ، فمن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم من أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال يوم الأحزاب : " لا يُصلين أحدكم العصر إلا في بني قريضة " . فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال : لا نصلي حتى نأتيها ، أي ديار بني قرضية ، وقال بعضهم : بل نصلي . لم يُرد منا ذلك ، ذكر ذلك للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، فلم يعنف واحداً منهما .

فها هنا فريقان فريق تمسك بظاهر النص فأبى أن يصلي إلا في بني قريظة ، حتى لو خرج وقت الصلاة ، وفريق استنبط من النص معنى خصّصَه به ، ففهموا أن المقصود هو الإسراع فصلوا في الطريق وأسرعوا ، ومع ذلك لم يعنف رسول الله أياً منهما ، وقد ذكر ابن القيم - يرحمه الله - في زاد المعاد : أن كلاًّ من الفريقين مأجور بقصده ، إلا أن من صلى حاز الفضيلتين : امتثال الأمر في الإسراع ، وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت . . إنما لم يعنف الذين أخروها ؛ لقيام عذرهم للتمسك بظاهر الأمر ، ولأنهم اجتهدوا . . لكنهم لم يصلوا إلى أن يكون اجتهادهم أصوب من الطائفة الأخرى . ونود التركيز هنا على كون إحدى الطائفتين أصوب من الأخرى ، لأن معنى ذلك أن ترك الإنكار لا يكون فقط ، إذا كان القولان متساويين ، بل حتى لو كنت ترى قولك أصوب من الآخر . ومن ذلك قوله ، صلى الله عليه وسلم ، يُنبههم إلى ترك القراءة إذا ما حدث خلاف في بعض أحرف القراءة ، أو فهم بعض المعاني حتى لا تختلف القلوب ، ويحدث الشقاق والنزاع .

فأي بيان لمراعاة أدب الخلاف أفضل من هذا ؟

كيف نختلف :
في ضوء ما سبق يمكننا أن نستخلص بعض الآداب التي يجب أن نتحلى بها عند الخلاف .

أولاً : بداية ينبغي على المسلمين أن يحاولوا أن لا يختلفوا ما أمكنهم ذلك ، لأن الخلاف شرّ والفرقة عذاب .

ثانياً : فإذا ما وقع الخلاف فإن القاعدة في ذلك هي قوله - تعالى - : { وما اختلفتم من شيء فحكمه إلى الله } . فلا بدّ من الردّ إلى كتاب الله وسنة رسوله .

ثالثاً : فإن حدث نتيجة اختلاف الأفهام أن بقي خلاف بعد ذلك ، فإن الخلاف في مسائل الفروع لا يُوجد فرقة ولا شقاقاً !! ويمكننا أن نستخلص من سيرة السلف الصالح ما يلي :

1- أنهم كانوا يختلفون ومع ذلك كانوا متحابين متآخين ، فعلى سبيل المثال اختلف أبو بكر وعمر في مسائل مثل سبي المرتدين ، وقسمة الأراضي المفتوحة ، والمفاضلة في العطاء ، ومع ذلك لم يكن بينهما إلا الود والمحبة ، وحينما استخلف أبو بكر عمر وأخذ بعض الناس يخوفونه بالله ، وأنه ولى عليهم فظاً غليظاً ، ويقولون له : ماذا تقول لربك غداً فيقول - رضي الله عنه - " أقول اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك " .

2- كان يُقر بعضهم بعضاً ، ولا يُنكر بعضهم على بعض . يقول ابن أبي العز في شرح الطحاوية بعد كلام له حول هذا الموضوع : " فإن - يرحمهم الله - أقر بعضهم بعضاً ، ولم يبغ بعضهم على بعض ، كما كان الصحابة في خلافة عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل الاجتهاد ، فيقر بعضهم بعضاً ، ولا يعتدي عليه ، وإن لم يرحموا ، وقع بينهم خلاف مذموم فيبغي بغضهم على بعض إما بالقول مثل تكفيره وتفسيقه ، وإما بالفعل مثل حبسه وقتله .

3- أنهم كان يعذر بعضهم بعضاً في هذه المسائل ، ويقول : لعل له تأويلاً في المسألة ، أو لعلّ الحديث لم يصله ، ولذلك يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في ( رفع الملام ) : " أننا إن وجدنا لواحد من الأئمة المقبولين قولاً يُخالف حديثاً صحيحاً فلابدّ له من عذر في تركه " . ويقول : " إن جميع الأعذار ثلاثة :
أحدها : عدم اعتقاده أن النبي قاله .
الثاني : عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول .
الثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ .

صور مضيئة من أدب الخلاف عند السلف :
وإليك - أخي - بعض الأمثلة التطبيقية من سيرة علمائنا الأجلاء ؛ لتعرف كيف كان السلف يختلفون :

(أ) لما كتب الإمام مالك الموطأ أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس جميعاً عليه ، فأبى مالك - يرحمه الله - فقال : يا أمير المؤمنين أن أصحاب رسول الله قد تفرقوا في الأمصار ، ومع كل منهم علم ، فدع الناس وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم .

(ب) وكان الإمام أحمد يرى أن خروج الدم ينقض الوضوء ، ولكنه سئل : أتصلي خلف رجل احتجم ولم يتوضأ ؟ قال : سبحان الله ! كيف لا أصلي خلف مالك ابن أنس وسعيد بن المسيب .

(ج) وورد عن الشافعي - يرحمه الله - أنه صلى مع جماعة من الأحناف في مكان قرب قبر أبي حنيفة فترك القنوت في صلاة الصبح مع أنه سنة مؤكدة عنده .

(د) وصلى أبو يوسف خلف هارون الرشيد ، وقد احتجم ، وأفتاه مالك بعدم وجوب الوضوء ، فصلى خلفه أبو يوسف ، ولم يعد الصلاة مع أن مذهبه أي أبي يوسف أن الحجامة تنقض الوضوء .

وبعد :
فإننا ننبه إلى أن دعوتنا إلى التحلي بأدب الخلاف في الإسلام لا تعني أن نتساهل في أمر العقيدة ، أو أن نلتقي مع بعض الفرق الضالة ! بل نحن نقصد فقط أن يتراحم أهل السنة فيما بينهم ، وأن يعلموا أن التحديات الخطيرة التي تقابلها الأمة الإسلامية تحتم عليها أن ترتفع إلى مستوى المسئولية ، فإن تلك التحديات لا تترك للمخطئين وقتاً يختلفون فيه على مسائل قد اختلف فيها السلف من قديم ، فليسعنا ما وسعهم ، إن كنا حقا متبعين لهم .

والله ولي التوفيق

ســـــــــــارا :)

الفتى
11-11-2000, 01:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عيكم ورحمة الله وبركاته...

بعد التحية والسلام..

أقول أننا ومع كل إختلافتنا إلا أننا إخوة في الدين و إن

إختلف المذهب الديني أو الخط السياسي ..ولكن نجتمع تحت راية واحدة

وعقيدة واحدة صحيح أن كل منا يرى نفسه المصيب وغيره المخطىء

ولكن بدون تعصب أعمى أو جاهلية نصل إنشاء الله إلى الحق

أما بشأن ميدور في الأراضي المقدسة فيجب علينا نجتمع على كلمة

واحدة .. كلمة التوحيد فليس من المنطق تقديمنا إختلفاتنا على

نصرة إخواننا الفلسطينين الذين يواجهون عدوا الأمة الأسلامية

معزولينا من السلاح كل يوم يستشهد منهم الأبطال ...

إلى متى نقف مكتوفي الأيدي ...هل غرتنا الدنيا؟

حرف
11-11-2000, 03:33 PM
السلام عليج اختي
موضوع ممتاز ياليت الكل يقراه
وخاصه انه بعض الاخوه أو الاخوات مايعرف كيف يختلف مع الاخر
ويناقشه للوصول الي الفايده المرجوه.
بالعكس اشوف الي يحصل شي علي الثاني مايصدق
يحصلها فرصه ويطيح فيه.

وهذي طبع العرب سبحان الله الشي هذا مب موجود عن الاجانب بالعكس.

ويالله الله يعين.
أشكرج علي الموضوع.

حـــــــــــــــــــرف

شيروود
11-11-2000, 08:57 PM
السلام عليكم ورحمة الله

أنت "سارَّة" بتشديد الراء مع الرفع..سرَّك الله في دنياك ومعادك

ما أحسن ما نشرت من علم .سـلِمْتِ ..يارعاك الله .

الاعلامي
14-11-2000, 05:44 AM
موضوعك يا اخت سارة جمييييييييل


فما احوجنا لنتعلم كيفية الاختلاف فالاختلاف فن قد لانجيده


والاختلاف في عالمنا العربي يفسد للود الف قضية


وفقك الله


موضوع شيق وجميييييل وجب منا الاشادة