PDA

View Full Version : حقيقة البؤس والنعيم


مصعب
27-10-2000, 10:59 AM
بسم الله والحمد والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد :

روى مسلم في ( صحيحه ) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول لا والله ما مر بي بؤسا قط . ولا رأيت شدة قط )) .

وهنا نجد المؤمن من أهل الدنيا ، الذي كان يعيش حياة مليئة بالبؤس من فقر مدقع ، وتعذيب وتشريد واضطهاد من قومه لا لذنب سوى قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله ، لا لذنب سوى إنه رفض أن يركع ويسجد لغير الله ، لا لذنب سوى أنه رفض أن يعطي اسما أو صفة أو خاصية لله لغير الله . هذا الصنف من الناس من أهل الجنة يؤتى به يوم القيامة فيغمس تلك الغمسة في الجنة ، ويسأل بعدها هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ .

ورغم تزاحم مناظر البؤس التي عاشها ورآها بشتى أنواعها وأحجامها ، وبالرغم من معاناته الطويلة للشدة التي مرت به من المحن والإبتلاءات إلا أنه يقسم بالله في تلك اللحظات وهو الذي ليس من طبعه الكذب عندما كان في الدنيا فهل تراه يكذب فذلك اليوم الرهيب ؟ !

إنه ليس الكذب ولكنه ذلك الشعور الذي تملكه عندما صبغ صبغة في الجنة رأى من خلالها قصور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، ورأى الأنهار تطرد من تحتها أنهار اللبن والعسل والخمر والماء في منظر لم يعهده في الدنيا ، ورأى ترابها من الزعفران ، وطينها من المسك ، وحصاؤها من اللؤلؤ ، ورأى حورياتها التي لو نظرت إحداهن من السماء لغطت شعاع الشمس ، ورأى قصورا كالخيام صنعت من لآلىء مجوفة فيها زوجات للمؤمن ، ورأى طيورها بألوانها الزاهية ، ورأى ، ورأى ، ورأى ……… مما جعله ينسى ذلك البؤس الذي رآه في الدنيا فأقسم بالله إنه لم ير بؤسا قط ، ولم يمر به شدة قط .

إنه كان يعي حقيقة الدنيا عندما كان فيها ، يعلم أنها أرض اختبار ومرور للآخرة ، فكان يعيش فيها عيش الغرباء امتثالا لما أمره به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما كان يقول لابن عمر (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) وكان ابن عمر يقول (( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك )) .

هكذا كان يعيش في إدراك تام لمعنى الحياة الدنيا ، فالغريب يدرك أن الأرض الذي نزلها سيغادرها في أي وقت ، فلا يتصرف تصرف المقيم ، وكذلك عابر السبيل ، إنما سمي عابر ، لأنه لا يبقى في الموطن الذي يمر عليه ، بل يتجاوزه بسرعة إلى حيث موطنه الأصلي ، فإذن كان يعيش بهذا الشعور ، الرحيل الدائم ، والإكثار من التزود بالزاد الذي يعينه على مواصلة الطريق حتى وصوله إلى موطنه الأصلي وهو الجنة ، ويزود نفسه بالسلاح لكي يحمي نفسه من قطاع الطريق ، وهم المعاصي ، إذا أرادوا قطع طريقه وسلب ما لديه .

أما أولئك الذين لم يكونوا يشعرون بهذا الشعور فإن أحدهم مع ما كان يملك من النعيم الدنيوي ، من المال والمنصب والقصور ، والدواب والجاه والسلطان والخدم والجند والسلاح ، إلا أنه ما أن يصبغ صبغة في نار جهنم فيشعر بحرارتها التي فضلت على حرارة نار الدنيا بتسع وستين درجة ، ويرى زقومها التي لو قطرت قطرة منه في الدنيا لأفسد على أهل الأرض معاشهم ، ويرى ضرس الكافر الذي يكون بحجم جبل أحد ، وغلظ جلده مسيرة ثلاث ، ويرى ماء الحميم يشرب منه أهل النار فيقطع أمعاءهم ويرى المعادن المذاب تصب فوق الرؤوس ، ويرى بكاء أهل النار وعويلهم وندمهم ويرى ، ويرى ، ويرى ………… ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر من العذاب فينسى ذلك النعيم جملة وتفصيلا ، فيقسم إنه لم يمر به نعيم قط وتتضائل في عينه مدة لبثه في الدنيا إلى أقل مما لبثه حقيقة على الأرض .


أخوكم في الله ( مصعب )

جيون
27-10-2000, 05:58 PM
جزاك الله خيرا أخي مصعب

نسأل الله يرحم عبادة المصابين ويبدلهم بؤسهم في الدنيا نعيم كما أبدلهم في الآخرة النعيم الحق ..

اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ..

مصعب
27-10-2000, 08:50 PM
اللهم آمين

أبو معاذ

علو الهمة
27-10-2000, 11:29 PM
جـــــــــــــزاك الله خيراً أخي الفاضل


والله المستعان ...


ذهب العمر وفات

ياأسير الشهوات

ومضى وقتك في لهو

وسهو وسبات

بينما أنت في غيك

حتى قيل مات !!

** اللهم حسن الخاتمة...

حرف
28-10-2000, 04:45 PM
اخي مصعب السلام عليك
ماشالله عليك
مواضيعك مفيده وتواضعك عجيب
موضوع جميل اللفت اليه ولكن البأس كل البأس

اخي كما اعتقد العيش في الدنيا
بدون بدون الاحساس بالسعاده.

مع السلامه

حـــــــــــــــــــرف