أبو لـُجين ابراهيم
30-09-2000, 07:07 AM
وإذا افترقن تكسرت آحادا (قصة أربعة أخوان )
نحن أربعة إخوان ربانا والدي على حب بعضنا حتى تشربت قلوبنا ذلك الحب ونمت بيننا علاقة قوية أساسها الترابط والإيثار وبذل الندى.
كنا خير مثال يذكر عند الحديث عن تعاضد الإخوة وتواصلهم، ليس هناك فرق بين ما أملكه أو يملكه أخي، سيارتي مثل سيارته متى احتاج إليها أخذها، وماله تحت تصرفي لا يرده عني ولا يردني عنه، نحمل عن بعضنا الدًّين ونقيل العثرات ونهبُّ عند الملمات كرجل واحد، ونجد لذة كبيرة حين نخدم بعضنا!!
كنا كالرماح تأبى إذا اجتمعت أن تتكسر ، ولكنها إن تفرقت تكسرت آحادا . مرت سنوات عدة اكتملت فيها فرحة والدي بزواجنا جميعا . تزوج سعود ، وبعده بسنتين تزوج فهد ثم خالد و( أنا ) في عام واحد ، وبدأت بيوض الأحفاد تفقس ، ولاح في الأفق شيء مؤلم ومعتم ، بدأ إخوتي يتغيرون وصرنا نعرف من بعضنا وننكر ، وتوالت الأيام مبدية لنا وجها كالحا لم نكن نعرفه من قبل ، فبذر الشيطان بذور الشقاق والفراق وراح يرعاها ويسقيها لتثمر في عجل ، لقد استطاع ذلك عن طريق نسائنا ، فكان لهن الدور الأكبر في إحداث هذه المهزلة .
فلنساء ولع عجيب بنقل الكلام وتحويره وتغييره حسب ما يمليه عليهن هواهن ، والغيرة كانت تطل برأسها دائما ، وإخوتي إن لم يلتفتوا إلى هذا الذي يحدث فسيخسرون بعضهم إلى الأبد ولن يتبقى بينهم إلا حبال المجاملة الواهنة !!
بحثنا عن حل فافترضنا قيام دورية شهرية تجمع بيننا ، بدأها سعود ، ثم فهد ولما كان الدور على خالد بدأ يماطل ويتهرب حتى علمنا أن السبب في ذلك زوجته التي لم تقتنع بالفكرة من أساسها فبدأت تتحجج بكثرة ارتباطاتها ثم بضيق بيتها !! حتى مرت فترة طويلة انقطعت فيها الدورية !! وكان انقطاعها هكذا سببا قويا في كثرة الكلام والتشاحن لماذا نحن ولماذا هي ..؟!
وراحت كل واحدة منهن تصب في أذن زوجها خيبة أخيه وعدم قدرته على امرأته وفرض رأيه عليها وبالمقابل تنعي سوء حظها وضعفها وتهميش دورها !! مما يثير شفقة زوجها عليها ويوغر صدره على أخيه !!
مواقف كهذه كانت تستغل أسوأ استغلال وتثار فيها الفتن والتحزبات وكأن النساء سعادتهن في تشتت الشمل ، وكأن الاستقرار العائلي لا يتأتى إلا بقطع صلة الزوج بأهله وإخوانه ، والاستئثار به كله ، بوقته ، بروحه ، بقلبه ، بحديثه ، بل حتى بتفكيره !!
صار كل واحد منا يسافر دون أن يعلم أخوه عنه شيئا ويعتبر هذا سرا خاصا لا يجوز البوح به ، بعد أن كنا يستشير أحدنا الآخر في وجهة سفره والوقت الذي يناسبه .
قلت ثم انعدمت زيارتنا لبعضنا البعض ، وصار أبناؤنا لا يرون بعضهم إلا لماما والسبب أن النساء لا يرغبن في هذا التواصل وكأن كل واحد منا تبع لزوجته متابع لها ، بل إن مما زاد الطين بلة أن بعض إخواني يضرب موعدا مع آخر للنزهة في البحر أو حديقة الحيوان أو أي متنزه آخر دون أن يعلم الآخرين بذلك وهذا بناء على رغبة زوجته فهي التي تقرر مع من تتنزه !! فإذا انكشف هذا الأمر حدث اللغط والسخط وزادت الفجوة واتسع الخرق !!
إخوتي الكرام :
إن هذا مما لا ينبغي حدوثه ، النساء عقولهن صغيرة وتفكيرهن محدود ، أما نحن فكنا ولا نزال إخوة أشقاء يجب ألا تثير فينا خلافات أزوجانا وغيرتهن أو كثرة حديثهن وانتقادهن لبعضهن شيئا ، وأن تظل علاقتنا كما هي قوية ، متماسكة ، متينة ، لا تهزها زوابع النساء ولا جعجعتهن .
على كل واحد منا فقط أن يدير ظهره لحديث امرأته وألا يسمح لها بالتمادي في انتقاص إخوانه ، وأن ينظر إلى ما بينها وبين زوجات إخوانه على أنه من أمورها الخاصة والشخصية ، حتى نلتقي وقلوبنا صافية تجاه بعضنا البعض .
أنا لا أبرئ نفسي من الوقوع في هذا العمل الشيطاني ، فلست نبيا وزوجتي ليست صدّيقة ولكني أعاهدكم على البدء بنفسي في إصلاح هذا الوضع المزري والخروج من ربقته إكراما لكبر والدي الذي ربانا على حب بعضنا حتى صرنا مضرب المثل ، فليعاهد كل منكم نفسه وليبدأ بمن يعول .
مجلة الدعوة العدد 1752 ص 54 .
نحن أربعة إخوان ربانا والدي على حب بعضنا حتى تشربت قلوبنا ذلك الحب ونمت بيننا علاقة قوية أساسها الترابط والإيثار وبذل الندى.
كنا خير مثال يذكر عند الحديث عن تعاضد الإخوة وتواصلهم، ليس هناك فرق بين ما أملكه أو يملكه أخي، سيارتي مثل سيارته متى احتاج إليها أخذها، وماله تحت تصرفي لا يرده عني ولا يردني عنه، نحمل عن بعضنا الدًّين ونقيل العثرات ونهبُّ عند الملمات كرجل واحد، ونجد لذة كبيرة حين نخدم بعضنا!!
كنا كالرماح تأبى إذا اجتمعت أن تتكسر ، ولكنها إن تفرقت تكسرت آحادا . مرت سنوات عدة اكتملت فيها فرحة والدي بزواجنا جميعا . تزوج سعود ، وبعده بسنتين تزوج فهد ثم خالد و( أنا ) في عام واحد ، وبدأت بيوض الأحفاد تفقس ، ولاح في الأفق شيء مؤلم ومعتم ، بدأ إخوتي يتغيرون وصرنا نعرف من بعضنا وننكر ، وتوالت الأيام مبدية لنا وجها كالحا لم نكن نعرفه من قبل ، فبذر الشيطان بذور الشقاق والفراق وراح يرعاها ويسقيها لتثمر في عجل ، لقد استطاع ذلك عن طريق نسائنا ، فكان لهن الدور الأكبر في إحداث هذه المهزلة .
فلنساء ولع عجيب بنقل الكلام وتحويره وتغييره حسب ما يمليه عليهن هواهن ، والغيرة كانت تطل برأسها دائما ، وإخوتي إن لم يلتفتوا إلى هذا الذي يحدث فسيخسرون بعضهم إلى الأبد ولن يتبقى بينهم إلا حبال المجاملة الواهنة !!
بحثنا عن حل فافترضنا قيام دورية شهرية تجمع بيننا ، بدأها سعود ، ثم فهد ولما كان الدور على خالد بدأ يماطل ويتهرب حتى علمنا أن السبب في ذلك زوجته التي لم تقتنع بالفكرة من أساسها فبدأت تتحجج بكثرة ارتباطاتها ثم بضيق بيتها !! حتى مرت فترة طويلة انقطعت فيها الدورية !! وكان انقطاعها هكذا سببا قويا في كثرة الكلام والتشاحن لماذا نحن ولماذا هي ..؟!
وراحت كل واحدة منهن تصب في أذن زوجها خيبة أخيه وعدم قدرته على امرأته وفرض رأيه عليها وبالمقابل تنعي سوء حظها وضعفها وتهميش دورها !! مما يثير شفقة زوجها عليها ويوغر صدره على أخيه !!
مواقف كهذه كانت تستغل أسوأ استغلال وتثار فيها الفتن والتحزبات وكأن النساء سعادتهن في تشتت الشمل ، وكأن الاستقرار العائلي لا يتأتى إلا بقطع صلة الزوج بأهله وإخوانه ، والاستئثار به كله ، بوقته ، بروحه ، بقلبه ، بحديثه ، بل حتى بتفكيره !!
صار كل واحد منا يسافر دون أن يعلم أخوه عنه شيئا ويعتبر هذا سرا خاصا لا يجوز البوح به ، بعد أن كنا يستشير أحدنا الآخر في وجهة سفره والوقت الذي يناسبه .
قلت ثم انعدمت زيارتنا لبعضنا البعض ، وصار أبناؤنا لا يرون بعضهم إلا لماما والسبب أن النساء لا يرغبن في هذا التواصل وكأن كل واحد منا تبع لزوجته متابع لها ، بل إن مما زاد الطين بلة أن بعض إخواني يضرب موعدا مع آخر للنزهة في البحر أو حديقة الحيوان أو أي متنزه آخر دون أن يعلم الآخرين بذلك وهذا بناء على رغبة زوجته فهي التي تقرر مع من تتنزه !! فإذا انكشف هذا الأمر حدث اللغط والسخط وزادت الفجوة واتسع الخرق !!
إخوتي الكرام :
إن هذا مما لا ينبغي حدوثه ، النساء عقولهن صغيرة وتفكيرهن محدود ، أما نحن فكنا ولا نزال إخوة أشقاء يجب ألا تثير فينا خلافات أزوجانا وغيرتهن أو كثرة حديثهن وانتقادهن لبعضهن شيئا ، وأن تظل علاقتنا كما هي قوية ، متماسكة ، متينة ، لا تهزها زوابع النساء ولا جعجعتهن .
على كل واحد منا فقط أن يدير ظهره لحديث امرأته وألا يسمح لها بالتمادي في انتقاص إخوانه ، وأن ينظر إلى ما بينها وبين زوجات إخوانه على أنه من أمورها الخاصة والشخصية ، حتى نلتقي وقلوبنا صافية تجاه بعضنا البعض .
أنا لا أبرئ نفسي من الوقوع في هذا العمل الشيطاني ، فلست نبيا وزوجتي ليست صدّيقة ولكني أعاهدكم على البدء بنفسي في إصلاح هذا الوضع المزري والخروج من ربقته إكراما لكبر والدي الذي ربانا على حب بعضنا حتى صرنا مضرب المثل ، فليعاهد كل منكم نفسه وليبدأ بمن يعول .
مجلة الدعوة العدد 1752 ص 54 .