PDA

View Full Version : القــــــــــــرار الصـــــعب


اديب
15-09-2000, 07:12 PM
- لن أذهب به .
ردد هذه الجملة عشرات المرات منذ الصباح، وفي كل مرة كان يقولها بعزم وتصميم، ولكن ما إن ينظر إلى وجه طفله حتى يعود إلى التفكير مرة أخرى. كان الطفل قد بلغ به المرض والجوع حداً لم يستطع معه حتى البكاء. جلده الأسود التصق بعظامه.
- إنه هذا الماء الذي نشربه. قال لنفسه. إن الطين فيه أكثر من الماء، وإذا كان الكبار يطيقونه فالصغار لا يستطيعون.
نظر مرة أخرى إلى طفله، ثم نظر بحركة آلية نحو التل المجاورة للقرية. هو يعلم أن الحل يوجد في ذلك المخيم على التل، فما أن يذهب بابنه إليه حتى يقوم الرجال البيض بعلاجه وإطعامه، وسيعطونه الملابس والحلوى، ولكنهم يفعلون هذا بشرط واحد: أن يعلق تلك الحديدة المتقاطعة على صدره، وإن لم يفعل فلا طعام ولا دواء، وهذا هو سبب الصراع الذي يعتمل في نفسه.
لو كانت المسألة هي تعليق الحديدة المتقاطعة فقط لهان الأمر ولكن إمام المسجد أخبرهم أن من علق تلك الحديدة خرج من الإسلام إلى دين آخر. أيعقل هذا؟! أخرج من الإسلام؟!
- لن أفعل. قالها هذه المرة بقوة. نظر إلى طفله ثم نظر إلى المخيم . "الدواء, الإسلام, الطعام, المسجد, الموت, الحياة". كان يردد هذه الكلمات كالمجنون وصورة الحديدة المتقاطعة لا تفارق مخيلته. ينظر إلى طفله ثم يلتفت إلى المخيم. استمر على هذه الحالة إلى أن رأى الشمس توشك على المغيب. عندئذ وصل إلى قرار. حمل طفله ومضى باتجاه التل.
بقلم / خالد الغازي