PDA

View Full Version : السورة الكريمة


فتى دبي
02-01-2007, 09:11 AM
هي إحدي سور القرآن المجيد، كان نزولها في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم، لكن القاريء لآياتها والمرتل لها يظنها مكية لاحتوائها علي الكثير من الأمور التشريعية والعقائدية التي تعتبر إحدي أهم مميزات وسمات السور المكية.

فهذه السورة الكريمة التي بين أيدينا اليوم كرمها الله تعالي فجعلها الوحيدة بين السور القرآنية التي تحتوي ثنايا آياتها العطرة علي سجدتين شريفتين، فهي تبدأ بذكر ذلك المنظر المفزع المخيف لذلك الزلزال العظيم الذي سيكون بين يدي الساعة والذي سوف تنشغل فيه المرضعة عن رضيعها وتسقط فيه الحامل حملها، ويترنح فيه الناس كأنهم سكاري من شرب الخمر بالرغم من أنهم ليسوا له بشاربين، ليبدأ بعد ذلك الحديث عن المعجزة الإلهية المتمثلة ببعث الموتي وإحيائهم، فقدمت الصورة الأدلة والبراهين المرتبطة بهذه المعجزة، ليلي ذلك مباشرة مقارنةموجزة بين كل من نعيم الجنة وعذاب النار وأهل كل منهما..

وفي الآيام التالية تسرد السورة الأحكام الشرعية المتعلقة بالبيت الحرام وتذكر واحدة من أهم وأروع القصص القرآنية التي هي قصة خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام والوحي الإلهي له بمكان بيت الله الحرام، لتليها تلك الآيات التي يذكر الله تعالي فيها فريضة الحج وما تعلق بها من أمور وشروط وأوامر ونواهٍ، ثم لتتوالي بعد ذلك الايات المتعلقة بالجهاد والقتال في سبيل الله عز وجل، فيقول تعالي في الآية التي قال عنها المفسرون بأنها أولي الآيات التي أنزلت بشأن الجهاد: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله علي نصرهم لقدير ، ففي هذه الآيات يبشر الله جل وعلا كل المظلومين والمستضعفين بالنصر علي كل من يقاتلهم ويعتدي عليهم..

ثم يأتي وجه شبه آخر من أوجه تشابه السور المكية وذلك بذكر حال الأمم السابقة والتي هلكت بسبب عملها السييء الفاسد وتكذيبها برسل الله الذين حاولوا إخراجهم من الظلمات الي النور، فيقول تعالي لنبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم: وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعادٍ وثمود، وقوم إبراهيم وقوم لوط، وأصحاب مدين وكذب موسي فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير ، ثم ليذكر الله بعد ذلك عباده بالنعم التي تفضل بها عليهم كإيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل وإنزال الغيث وإنبات الأشجار والمزروعات، وكذلك جريان السفن في البحار ورفع السماوات ومسكها ومنعها من السقوط علي الأرض، وأيضاً قضية خلق الإنسان التي تحدي الله بها المشركين من خلال ضربه لمثل خلق الذبابة الضعيفة المحتقرة والتي بالرغم من حجمها الضئيل إلا ان لها القدرة الضخمة علي بلع الشيء وتحويله الي شيء آخر يختلف تماما عن صورته الأولي التي كان عليها قبل بلعه، فهذا الإعجاز العلمي المذهل لم تكتشف حقائقه إلا في عصرنا الحديث بعد ان اخترعت الأجهزة التقنية المتطورة..

وفي ختام السورة تأتي آية عظيمة تذكر كل مسلم بأربعة من الأوامر الهامة، وتذكر المسلمين جميعاً بأبيهم إبراهيم عليه السلام الذي أطلق عليهم اسم المسلمين، فقال رب العزة: وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول عليكم شهيداً وتكونوا شهداء علي الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير .

فبعد هذا الوصف المختصر لهذه السورة الكريمة ربما ان الجميع قد عرفها، فهي تلك الصورة التي تعتبر السورة القرآنية الوحيدة التي سميت باسم واحد من أركان الإسلام الخمسة فهذه السورة هي سورة الحج التي سميت بهذا الاسم بسبب الأمر الإلهي لإبراهيم عليه السلام بأن يدعو الناس جميعاً للحج بالبيت العتيق والذي يقول عنه الحق سبحانه و تعالي: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، فعندما سمع الجميع هذا النداء بمن فيهم أصلاب الإباء وأرحام الأمهات ما كان منهم إلا أن قالوا جميعاً تلك العبارات التي تدل علي استجابتهم لهذا النداء والتي تنجذب إليها القلوب وتهوي إليها النفوس وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ..