PDA

View Full Version : الصوارف عن الحق


USAMA LADEN
17-12-2006, 12:55 AM
الصوارف عن الحق"-1-


قال شيخ الإسلام :"والقلب خلق يحب الحق ويريده ويطلبه"
قال ابن حزم :"أفضل نعم الله على العبد أن يطبّعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره"
قال ابن السعدي في تفسيره:"فالدين هو دين الحكمة التي هي معرفة الصواب والعمل بالصواب ومعرفة الحق والعمل بالحق في كل شيء"
قال معاذ بن جبل :"فإن على الحق نورا"

من الصوارف عن الحق:

1-الجهل : قال ابن القيم : "إنّ من جهل شيئا عاداه ، وعادى أهله"

2-إعتقاد غموض الحق واشتباهه: قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي :"وربّ تيسير جلب التعسير ، فإنّ هذا التيسير رمى العقول بالكسل والأيدي بالشلل"

3-التفريط في تحري الحق : قال الشيخ صديق حسن خان :"وإنما يعرف الحق من جمع خمسة أوصاف أعظمها : الإخلاص ، والفهم ، والإنصاف ورابعها وهو أقلها وجودا وأكثرها فقدانا الحرص على معرفة الحق ، وشدة الدعوة إلى ذلك"

4-الخوف : كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه ، وهرقل عرف الحق وهم بالدخول في الإسلام فلم يطاوعه قومه وخافهم على نفسه ، فاختار الكفر على الإسلام
وشاع فاشيا قول السلف:"إنّ الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"
وقال شيخ الإسلام :"وغالب الخلق ينقادون للحق إلا بالقهر"
وقال:"فالدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر

USAMA LADEN
17-12-2006, 12:56 AM
الصوارف عن الحق -2-

--------------------------------------------------------------------------------

( 2 ) اعتقاد غموض الحق واشتباهه



اعتقد كثير ممن لا تحقيق عنده ، ولا خبرة له ولا معرفة له بنصوص القرآن والسنة ودلالتها غموض الحق وصعوبته ، وزاد من رسوخ هذا الاعتقاد أيضا ما سطره دعاة التقليد من شروط للحكم على المسائل والاحكام ، ويندر وجودها في كثير من المفتين في هذا الزمان .

واعتقاد صعوبة الحق جعل بين هؤلاء المعتقدين وبين الحق حجابا مستورا ، وحائلا يحول دون نظرهم في المسائل المتنازع فيها ، فضلا عن تنقيحها وبيان الراجح من المرجوح منها .

وطلب الحق ، وتبيينه وكشفه في هذه الأيام أسهل من قبل ، وذلك لتيسر أسباب الوقوف عليه إما بنظر الانسان بخاصة نفسه أو بالاستعانة بغيره .

قال الشاطبي : ( أما إذا كان هذا المتبع ناظرا في العلم ومتبصرا فيما يلقى إليه – كأهل العلم في زماننا - ، فإن توصله الى الحق سهل ).

قال الشوكاني : ( فالوقوف على الحق والاطلاع على ما شرعه الله لعباده ، قد سهله الله على المتأخرين ، ويسره على وجه لا يحتاجون فيه من العناية والتعب إلا بعض ما كان يحتاجه من قبلهم ).

ولكن – مع الأسف – هذه الأسباب الميسرة لطلب الحق ، قد جلبت الكسل لكثير من الناس وفرطوا في طلب ما يوصلهم للحق ، قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي : ( ورب تيسير جلب التعسير ، فإن هذا التيسير رمى العقول بالكسل والأيدي بالشلل ).

واعتقاد صعوبة الحق وغموضه واشتباهه ، شبهة إبليسية شيطانية ليصرف بها الناس عن النظر وتحري الحق.

قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله - : ( رد الشبهة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة ، واتباع الآراء والأهواء المتفرقة والمختلفة ، وهي أن القرآن والسنة لا يعرفهما إلا المجتهد المطلق ، والمجتهد هو الموصوف بكذا وكذا ، أوصافا لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر ، فإن لم يكن الانسان كذلك ، فليعرض عنهما فرضا حتما لا شك ولا إشكال فيه ، ومن طلب الهدى منهما ، فهو إما زنديق ، وإما مجنون لأجل صعوبة فهمهما ، فسبحان الله وبحمده كما بين الله – سبحانه – شرعا وقدرا خلقا وأمرا في رد هذه الشبهة الملعونة من وجوه شتى بلغت الى حد الضروريات العامة ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون { لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون * إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي الى الأذقان فهم مقمحون * وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون * وسواءٌ عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون * إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم } (يس/7 – 11).

وهذا العلامة الأمير الصنعاني يشكو من أولئك الذين جعلوا بين الناس ودرك الحق ومعرفته ، حجابا مستورا وحصنا منيعا بدعوى صعوبة الحق وغموضه وخفائه ، قال :

( فليت شعري ما الذي خص الكتاب والسنة بالمنع عن معرفة معانيها ، وفهم تراكيبها ومبانيها ، والإعراض عن استخراج ما فيها ، حتى جعلت معانيها كالمقصورات في الخيام ، قد ضربت دونها السجوف ، ولم يبق لنا إليها إلا ترديد ألفاظها والحروف ، وإن استنباط معانيها قد صار حجرا محجورا ، وحرما مُحرما محصورا ) .

USAMA LADEN
17-12-2006, 12:58 AM
الصوارف عن الحق -3-

--------------------------------------------------------------------------------

3 ) التفريط في تحري الحق

البعض يعتقد الباطل و يدين الله به ، لكنه يعلم بوجود المخالف له فيما يعتقده و يدين الله به ، بل ربما يبلغه تضليل مخالفه له وهو مع ذلك لم يدقق و يحقق ما الذي حمله الى الركون الى ما يعتقده .

فربما اعتقد ما ذهب إليه بسبب و قوفه على ذكر طرف المسألة و حكمها في كتاب معين ، أو تلقاه عن شيخ معين دون التأكد بحصول استقصاء المسألة بحثا ونظرا و تدقيقا ، و دون المقابلة مع القول المخالف واستيعاب ما أمكن من أدلة كل قول و مأخذه وتمحيص الأدلة ووزنها بالموازين العادلة .

فيأخذ القول على علاته ويفرط فيما يجب عليه من بذل الوسع في تبيين الصواب من الأقوال و هذا يقع غالبا من خامد الذهن ، أما الذكي نشيط الذهن اذا سمع بتخطئة ما يعتقده فان ذلك يثير الأنفة عنده لطلب العلم في المسألة التي يعتقدها وبحثها على سبيل الاستقصاء .
و هذا النقد يتوجه لمن لم يحقق المسألة ، أما من حققها و جزم بصحة ما يعتقده فلا حاجة له للإصغاء الى كل مشكك فان الزمان لا ينقضي هكذا .

قال العلامة عبد الرحمن المعلمي ـ رحمه الله : (( و العالم الراسخ هو الذي اذا حصل له العلم الشافي بقضية لزمها ولم يبال بما قد يشكك فيها بل إما أن يعرض عن تلك المشككات وإما أن يتأملها في ضوء ما قد ثبت )).

قال العلامة صديق حسن خان (( وانما يعرف الحق من جمع خمسة أوصاف أعظمها : الإخلاص ، و الفهم ، و الإنصاف ، و رابعها - وهو أقلها و جودا و أكثرها فقدانا - الحرص على معرفة الحق وشدة الدعوة الى ذلك.


وقال: ( فإن الحق مازال مصونا عزيزا نفيسا كريما ، لا يُنال مع الإضراب عن طلبه ، وعدم الإشراف والتشوق الى سببه ، ولا يهجم على البّطالين المعرضين ، ولا يناجي أشباه الأنعام الضالين ).

وقال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب : ( ومعلوم انه لا يقبل الحق الا من طلبه ).

وقال ابن الجوزي : ( المصيبة العظمى رضا الانسان عن نفسه واقتناعه بعلمه ، وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق ، فترى اليهودي او النصراني يرى أنه على الصواب ، ولا يبحث ولا ينظر في دليل نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، وإذا سمع ما يلين قلبه مثل القرآن المعجز هرب لئلا يسمع.

وكذلك كل ذي هوى يثبت عليه ، إما لانه مذهب أبيه وأهله ، أو لانه نظر نظرا فرآه صوابا ، ولم ينظر فيما يناقضه ، ولم يباحث العلماء ليبينوا له خطأه ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( لكن ينبغي ان يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب ، او عجز فيه عن معرفة الحق ، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول وترك النظر ، والاستدلال الموصل إلى المعرفة ، فلما أعرضوا عن كتاب الله ضلوا.

كما قال تعالى { فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } (طه/123-124). قال ابن عباس : تكفل الله لمن قرأ القرآن ، وعمل بما فيه ، أن لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الاخرة ، ثم قرأ هذه الآية ).

USAMA LADEN
17-12-2006, 12:59 AM
الصوارف عن الحق -4-

--------------------------------------------------------------------------------

حب الجاه والرئاسة


النفس لا شك أن لها إرادات مذمومه ، من حب الدنيا و طلب العلو و منافسة الخلق ، و طلب الجاه الى غير ذلك مما يذم شرعا . و طبيعة الانسان الظلم و البغي ( انه كان ظلوما جهولا ) ( الأحزاب 72) ، وقد تقع أسباب تهيج هذه المكامن ، فيظهر خبأ هذه النفوس الذي كامنا بسبب الهوى فيرد العبد الحق مع علمه به اتباعا للهوى ، و طلبا لبقاء جاهه ، أو تحصيلا لعرض الدنيا .
فتجد أمثال هؤلاء يخالفون الحق مع علمهم به ، طلبا لعرض الدنيا ثم هم مع هذا يظهرون أنهم ينتصرون للحق .
قال أبو الوفاء علي بن عقيل الحنبلي (( المحبة للرئاسة ، و الميل الى الدنيا و المفاخرة و المباهاة بها ، و التشاغل بما فيه اللذة و ما يدعو الى الشهرة دون ما توجبه الحجة و يقضي به العقل و المعرفة ، فعلى نحو هذا من الأسباب تكون الآفة الصارفة و الموجبة منه )).
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : (( وطالب الرئاسة ولو بالبا طل ترضيه الكلمة التي فيها تعظيمه وان كانت باظلا ، وتغضبه الكلمة التي فيها ذمه وان كانت حقا .
والمؤمن ترضيه كلمة الحق له و عليه ، وتغضبه كلمة البا طل له و عليه ،لأن الله تعالى يحب الحق و الصدق و العدل ، و يبغض الكذب و الظلم )) .
وقال الشيخ صالح بن المهدي المقبلي : (( ما وجدنا الخلاف الا في محل قد تبين الحق فيه ، أدلى المخالف للحق بشيء لا ينبغي الا سناد اليه ،فهو انما جعله صورة ، و الحامل الحقيقي البغي لنيل حظ دنيوي )) .
وقال العلا مة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل شيخ ـ رحمه الله ـ في أصناف المعا رضين للحق (( الصنف الثاني : الرؤساء أهل الأموال ، الذين فتنتهم دنياهم و شهواتهم ؛ لأنهم يعلمون أن الحق يمنعهم من الكثير مما أحبوه و ألفوه من شهوات الغي ، فلم يعبأ وا بداعي الحق و لم يقبلوا منه ))
و من ترك الحق ، واصرف عنه لجاه أو لمال ؛ ففيه شبه من اليهود ؛ فان علماء بني اسرائيل كانت لهم مأكلة على أغنيائهم ، فلما بعث نبينا محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ عرفوا انه الحق فأنكروه وكفروا به ، وكتموا ما عرفوا عن بني إسرائيل من أجل الجعل الذي جعله أغنيائهم لهم ، فكتموا الحق حتى يبقى لهم هذا الحظ من المال .

قال أبو المظفر السمعاني – رحمه الله - : ( { ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا }[البقرة:41] ؛ ذلك أن علمائهم وأحبارهم كانت لهم مأكلة على أغنيائهم وجهالهم ، فخافوا أن تذهب مأكلتهم إن آمنوا بمحمد – عليه الصلاة والسلام – فغيروا نعته وكتموا اسمه ، فهذا معنى بيع الآيات بالثمن القليل ) .

والجاه وحب الشرف والسؤدد هي التي حملت جماعة من أشراف العرب على الكفر بنبينا محمد _ عليه الصلاة والسلام – وحاربته ومعاداته ، مع علمهم وإقرارهم بصحة ما يدعو إليه .

قال المسور بن مخرمة – رضي الله عنه – لأبي جهل – وكان خاله - : أي خال ! هل كنتم تتهمون محمدا بالكذب قبل أن يقول مقالته التي قالها ؟ قال ابو جهل – لعنه الله تعالى - : يا ابن اخي ! والله لقد كان محمد فينا – وهو شاب – يدعى الامين ما جربنا عليه كذبا قط ، فلما خطه الشيب لم يكن ليكذب على الله.

قال : يا خال ! فلم لا تتبعونه؟ قال : يا ابن أخي ! تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف : فأطعموا وأطعمنا ، وسقوا وسقينا ، وأجاروا فأجرنا ، فلما تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان ، قالوا منا نبي ، فمتى تدرك هذه؟! [ مفتاح دار السعاده]1/93.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية : ( وأبو طالب وإن كان عالما بأن محمدا رسول الله وهو محب له ، فلم تكن محبته له محبة لله ؛ بل كان يحبه لانه ابن اخيه ، فيحبه للقرابة ، وإذا أحب ظهوره فلما يحصل له بذلك من الشرف والرئاسة ، فأصل محبوبتة الرئاسة ، فلهذا لما عرض عليه الشهادتين عند الموت رأى أن بالاقرار بهما زوال دينه الذي يحبه ، فكان دينه أحب إليه من ابن أخيه فلم يقر بهما ).

وقال الشوكاني : ( وقد يترك التكلم بالحق محافظة على حظ قد ظفر به من تلك الدولة من مال أو جاه ، وقد يترك التكلم بالحق الذي هو خلاف ما عليه الناس استجلابا لخواطر العوام ومخافة من نفورهم عنه ، وقد يترك التكلم بالحق لطمع يظنه ويرجو حصوله من تلك الدولة ، أو سائر الناس في مستقبل الزمان ) .

USAMA LADEN
17-12-2006, 01:00 AM
الصوارف عن الحق -5-

--------------------------------------------------------------------------------

التقليـــــد


المقلد سماه السلف بالامعه ، والمقلد يلتزم قول عالم مطلقا في جميع المسائل ، وهذا لا شك أنه قد أعطاه معنى العصمة من حيث لا يشعر ، فلا أحد قوله صواب مطلقا إلا رسول الله – عليه الصلاة والسلام - ، فالحق يدور معه حيثما دار .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( فالثواب على ما جاء به الرسول والنصرة لمن نصره ، والسعادة لمن اتبعه ، وصلوات الله والملائكة على المؤمنين به والمعلمين للناس دينه ، والحق يدور معه حيثما دار ) .

فالواجب على المكلف أن يدور حيث دار الحق ، لا أ ن يدور حيث دار شيخه , وهذا الاعتقاد لا شك أنه يحمل على طلب الحق وتحريه , بخلا ف المقلد خامد الذهن بليد الفكر مغبون
العقل .

قال أبو محمد ابن حزم : (( المقلد راض أن يغبن عقله )) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( فان التقليد لا يورث الا بلادة )) .

هذا الذي قالاه صحيح لا مرية فيه ؛ لأن غاية ما يقوم به المقلد هو الاعتزاء الى عالم ، فيأخذ القول و لا يدري ما دليله ، وهل له دليل صحيح ؟ ! وهل الدليل في محل الاستدلال ؟ ولا يدري حقيقة قول مخالفه ؟ ولا يعرف مواقع الخلاف فضلا عن تنقيحها ؟

فهذه الطريقة تورث صاحبها بلادة و جمودا في التفكير .

قال العلامة عبد الرحمن السعدي : (( فان من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف ، أو لم يدل يخمد ذهنه و لا ينهض بطلب الرقي و الاستزادة في قوة الفكر و الذهن )) .

فالتقليد من أعظم الصوارف عن الحق ، لأن صاحبه يلتزم قول عالم ينتصر له انتصارا مطلقا .

قال الوزير ابن هبيرة : (( من مكايد الشيطان أنه يقيم أوثانا في المعنى تعبد من دون الله ، مثل أن يتبين له الحق ، فيقول : هذا ليس بمذهبنا ، تقليدا لمعظم عنده ، قد قدمه على الحق )) .

و لا يوجد عالم قوله كله صواب ، بل كل يؤخذ من قوله و يرد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( ليس من شرط الصديق أن يكون قوله كله صحيحا ، و عمله كله سنة ، إذ كان يكون بمنزلة النبي صلى الله عليه و سلم )) .

فاذا امتنع أن يكون الحق في قول عالم واحد مطلقا ، علمت ما في التقليد مما يوجب مجانبة الحق .

قال العلامة عبد القادر بن بدران الد مشقي : (( التقليد يبعد عن الحق ، و يروج الباطل )) .

و ليس معنى هذا ؛ أن يستقل طالب العلم بنفسه في النظر بالنصوص كما يفعله البعض ،و حصل لهم بسبب ذلك من الشذوذ وانتحال المذاهب المطروحة ما هو معلوم .

بل الواجب على طالب العلم أن يستعين بالعلماء في فهم النصوص ، فهناك فرق بين تقليد العالم و الاستعانة به ، قال العلامة الأمير الصنعاني : (( و فرق بين تقليد العالم في جميع ما قاله و بين الاستعانة بفهمه ؛ فان الأول أخذ بقوله من غير نظر في دليل من كتاب ولا سنة .

و الاستعانة بفهمه وهو الثاني بمنزلة الدليل في الطريق ، و الخرّيت الماهر لابن السبيل فهو دليل الى دليل )) .

وهذا ذكرناه ؛ لأن البعض غلا وتطرف في منابذة التقليد ، وحمله ذلك على الانعزال عن العلماء وعدم الاستفادة من علمهم ، وألغى وسيلة من أعظم وسائل الفقه في الدين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( فأئمة المسلمين الذين اتبعوهم وسائل وطرق وأدلة بين الناس وبين الرسول ، يبلغونهم ما قاله ، ويفهمونهم مرده بحسب اجتهادهم واستطاعتهم )) .