PDA

View Full Version : شرح أسماء الله الحسنى على ضوء الكتاب والسنة [ الصحيحة


محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 01:50 AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلموعلى آله ، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد .

فإن الله قد جعل لكم مطلوب سبباً وطريقاً يوصل إليه . والإيمان هو أعظم المطالب وأهمها . وقد جعل الله له سبباً تجلبه وتقويه ، كما كان له أسباب تُضعفه وتُوهيه .

ومن أعظم ما يُقوي الإيمان ويَجلبه معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة والحرص على فهم معانيها ، والتعبد لله بها قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن لله تسعة وتسعين اسماً مائةً إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة ) أي من حفظها وفهم معانيها ومدلولها وأثنى على الله بها ، وسأله بها ، وأعتقدها دخل الجنة . والجنة لا يدخلها إلا المؤمنون .فَعُلم أن ذلك أعظم ينبوع ومادة لحصول الإيمان , وقوته وثباته .

ومعرفة الأسماء الحسنى – بمراتبها الثلاث : إحصاء ألفاظها وعددها ، وفهم معانيها ومدلولها ، ودعاء الله بها . دعاء الثناء والعبادة ، ودعاء المسألة – هي أصل الإيمان والإيمان يرجع إليها ، لأن معرفتها تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات وهذه الأنواع هي روح الإيمان ، وأصله وغايته ، وكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه ، وقوي يقينه .

فينبغي للمؤمن أن يبذل مقدورة ومستطاعة في معرفة الله بأسمائه وصفاته ، وأفعاله . من غير تعطيل ، ولا تمثيل ، ولا تحريف ، ولا تكييف . بل تكون المعرفة متلقاة من الكتاب والسنة وما روي عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان . فهذه هي المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة إيمانه ، وقوة ويقينه ، وطمأنينة في أحواله ، ومحبة لربه فمن عرف الله بأسمائه ، وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة . ولهذا كانت المعطلة ، والفرعونية ، والجهمية قُطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى محبة الله تعالى .

· ومن الأمور التي تقوي الإيمان وتجلبه تدبر القرآن الكريم ، فإن المتدبِّر للقرآن الكريم لا يزال يستفيد من علومه ، ومعارفه ما يزداد به إيماناً ، وكذلك إذا نظرنا إلى انتظامه ، وإحكامه ، وأنه يصدق بعضه بعضا ويوافق بعضه بعضاً ليس فيه تناقض ولا اختلاف . فإذا قرأه العبد بالتدبر ، والتفهم لمعانيه ، وما أريد به كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ، ليتفهم مراد صاحبه منه .فهذا من مقومات الإيمان . وحسن التآمل لما يرى العبد ويسمع من الآيات المشهودة والآيات المتلوة يثمر صحة البصيرة . وملاك ذلك كله هو أن ينقل العبد قلبه من وطن الدنيا ويسكنه وطن الآخرة . ثم يقبل به كله على معاني القرآن يتدبر معانيه ويفهم ما يراد منه وما أنزل لأجله ويأخذ نصيبه وحظه من كل آية من آياته وينزلها على داء قلبه . فهذه طريقة مختصرة قريبة سهلة موصلة إلى الرفيق الأعلى . وهي من أقرب الطرق لتدبر القرآن الكريم .

· وكذلك معرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وما تدعو إليه من علوم الإيمان وأعماله . وكل ذلك من محصلات الإيمان ومقوياته . فكلما ازداد العبد معرفة بكتاب الله وسنة رسوله ازداد إيمانه ويقينه وقد يصل في علمه وإيمانه مرتبة اليقين .

· ومن طرق موجبات الإيمان وأسبابه . ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما هو عليه من الأخلاق العالية ، والأوصاف الكريمة ، فإن من عرفه حق المعرفة لم يَرْتَب في صدقه وصدق ما جاء به : من الكتاب والسنة والدين الحق .

· ومن أسبابه الإيمان ودواعيه : التفكر في الكون : في خلق السماوات والأرض ، وما فيهن من المخلوقات المتنوعة ، والنظر في نفس الإنسان وما هو عليه من الصفات ، فإن ذلك داعٍ قويٍّ للإيمان ، لما في هذه الموجودات من عظمة الخلق الدال على قدرة خالقها وعظمته وما فيها من الحسن والانتظام والإحكام – الذي يحير العقول – الدال على سعة علم الله وشمول حكمته . وكذلك النظر إلى قر المخلوقات كلها ، واضطرارها إلى ربها من كل الوجوه ، وأنها لا تستغنى عن الله طرفة عين .. وذلك يوجب للعبد كمال الخضوع وكثرة الدعاء والافتقار إلى الله في جلب ما يحتاجه من منافع دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه . ويوجب له قوة التوكل على الله ، وشدة الطمع في بره ، وإحسانه ، وكمال الثقة بوعد الله . وبهذا يتحقق الإيمان ويقوى . وكذلك التفكر في كثرة نعم الله التي لا يخلو منها مخلوق طرفة عين .

· ومن الأسباب التي تقوي الإيمان الإكثار من ذكر الله تعالى ومن الدعاء الذي هو العبادة ، ويكون هذا الذكر على كل حال : باللسان ، والقلب ، والعمل ، والحال . فنصيب العبد من الإيمان على قدر نصيبه من هذا الذكر .

· من الأسباب أيضا معرفة محاسن الإسلام فإن الدين الإسلامي كله محاسن : عقائده أصح العقائد وأصدقها ، وأنفعها ، وأخلاقه أجمل الأخلاق ، وأعماله وأحكامه أحسن الأحكام وأعدلها . وبهذا النظر يزين الله الإيمان في قلب العبد ويحببه إليه .

· ومن أعظم مقويات الإيمان الاجتهاد في الإحسان في عبادة الله والإحسان إلى خلق الله فيجتهد العبد في عبادة الله وكأنه يشاهده فإن لم يَقْوَ على ذلك استحضر أن الله يشاهده ويراه فيجتهد في العمل وإتقانه ولا يزال العبد يجاهد في نفسه حتى يقوى إيمانه ويقينه ويصل في ذلك إلى حق اليقين الذي هو أعلى مراتب اليقين فيذوق حلاوة الطاعات ..

· ومن مقويات الإيمان الدعوة إلى الله وإلى دينه والتواصي بالحق ، والتواصي بالصبر . وبذلك يكمل العبدُ بنفسه ويكمِّلُ غيرَه .

· ومن أهم أسباب تقوية الإيمان الابتعاد عن شعب الكفر ، والنفاق والعصيان .

· ومن الأسباب التي تقوي الإيمان التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض وتقديم ما يحبه الله على كل ما سواه عند غلبة الهوى .

· ومن ذلك الخلوة بالله وقت نزوله ، لمناجاته وتلاوة كلامه ، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه ثم خَتْمُ ذلك بالاستغفار والتوبة .

· ومن الأسباب المقوية للإيمان مجالسة العلماء الصادقين المخلصين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما يُنْتَقَى أطايب الثمر .

· ومن ذلك الابتعاد عن كل سبب يحول بين قلب العبد وبين الله تبارك وتعالى .

ومعرفة أسماء الله الحسنى بمراتبها الثلاث هي من أعظم مقويات الإيمان بل معرفة الله بأسمائه وصفاته أصل الإيمان والإيمان يرجع إلى هذا الأصل العظيم ، ولهذا السبب وغيره جمعت ما يسر الله لي من الأسماء الحسنى وذكرت لكل اسم دليلاً من الكتاب أو من السنة ثم عرضت هذه الأسماء كلها على سماحة شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية ، جزاه الله خيراً , فما أقره أثبته ، وما توقف عنه أو نفاه أسقطته حتى اجتمع لي أكثر من تسعة وتسعين من الأسماء الحسنى بأدلتها الصريحة ، ثم اخترت من هذه الأسماء تسعة وتسعين اسماً وشرحتها شرحاً مختصراً إلا في بعض الأسماء فقد أطلت في شرحها لأن المقام يقتضي هذا ونقلت الشرح لهذه الأسماء من المصادر المعتمدة وخاصة لأهل التحقيق من السنة كابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله رحمة واسعة ، وهو لا شك من العلماء الذين نفع الله بعلمهم .

وقد قسمت هذا البحث إلى خمسة عشر مبحثاً :

المبحث الأول : أٍسماء الله تعالى توقيفية .

المبحث الثاني : أركان الإيمان بالأسماء الحسنى .

المبحث الثالث : أقسام ما يوصف به الله تعالى .

المبحث الرابع : دلالة الأسماء الحسنى ثلاثة أنواع .

المبحث الخامس : حقيقة الإلحاد في أسماء الله تعالى .

المبحث السادس : إحصاء أسماء الله الحسنى أصلٌ للعلم .

المبحث السابع : أسماء الله تعالى كلها حُسنى .

المبحث الثامن : أسماء الله تعالى منها ما يطلق عليه مفرداً ومقترناً بغيره ومنها ما لا يطلق عليه مفرداً ومقترناً بغيره ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقروناً بمقابلة .

المبحث التاسع : من أسماء الله الحسنى ما يكون دالاً على عدة صفات .

المبحث العاشر : الأسماء الحُسنى التي ترجع إليها جميع الأسماء والصفات .

المبحث الحادي عشر : أسماء الله وصفاته مختصة به واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات .

المبحث الثاني عشر : أمور ينبغي أن تعلم .

المبحث الثالث عشر : مراتب إحصاء أسماء الله الحُسنى .

المبحث الرابع عشر : الأسماء الحسنى لا تحدد بعدد .

المبحث الخامس عشر : شرح أسماء الله الحسنى بلا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، ولا تشبيه .

وختمت ذلك بفتاوى في الأسماء الحسنى . للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية .

وقد سميته شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة . هذا ما يَسّر الله لي جمعه . فما كان من صواب فمن الواحد المنّان ، وما كان من خطاءٍ فمني ومن الشيطان والله برئ منه ورسوله . والله أسأل أن يجعل هذا العمل القليل خالصاً لوجه الكريم ، مقرباً ، لجامعه ، وقارئه ن وطابعه من جنات النعيم وأن يجعله حجة لنا ولا يجعله حجة علينا ، وأن ينفع به جامعه ، ومن انتهى إليه إنه خير مسؤول ، وأكرم مأمول ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ، وخيرته من خلقه ، وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى .

سعيد بن علي بن وهف القحطاني .

ليلة السبت 12/7/1409هـ .

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:00 AM
قال ابن القيم رحمة الله تعالى :

ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام :

أحدها : ما يرجع إلى نفس الذات كقولك : ذات ، وموجود ، وشئ .

الثاني : ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم ، والقدير ، والسميع .

الثالث : ما يرجع إلى أفعاله نحو : الخالق ، والرزاق .

الرابع : ما يرجع إلى التنـزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتاً إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس السلام .

الخامس : ولم يذكره أكثر الناس وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة معينة بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد نحو : المجيد ، العظيم ، الصمد ، فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة ، والكثرة ، والزيادة ، فمنه استمجد المرخ والغفار وأمجد الناقة علفاً . ومنه ( رب العرش المجيد ) صفة للعرش لسعته وعظمته وشرفه .

وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه صلى الله عليه وسلم ، لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول : أغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ولا يَحسن إنك أنت السميع البصير فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته وهو أقرب الوسائل وأحبها إليه . ومنه الحديث الذي في المسند والترمزي (( ألظُّوا بياذا الجلال والإكرام ))

ومنه ((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام)) فهذا سؤال له وتوسل إليه وبحمده وأنه الذي لا إله إلا هو المنان , فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته وما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعاً عند المسؤول
وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد أشرنا إليه إشارة وقد فُتحَ لمن بصره الله .

ولنرجع إلى المقصود وهو وصفه تعالى بالاسم المتضمن لصفات عديدة . فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال . وكذلك الصمد قال ابن عباس : هو السيد الذي كمل في سؤدده وقال ابن وائل : هو السيد الذي انتهى سؤدده . وقال عكرمة ليس فوقه أحد وكذلك قال الزجاج : الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شئ . وقال ابن الأنباري : لا خلاف بين أهل اللغة إن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم . واشتقاقه يدل على هذا فإنه من الجمع والقصد الذي اجتمع القصد نحوه واجتمعت فيه صفات السؤدد وهذا أصله في اللغة كما قال .
الأبكر الناعي بخيـر بني أسـد
بعمرو بن يربوع وبالسيد الصمد

والعرب تسمى أشرافها بالصمد لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه .

السادس صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو : الغني الحميد ، العفو القدير ، الحميد المجيد . وهكذا عامة الصفات المقترنة بالأسماء المزدوجة في القرآن فإن الغنى صفة كمال والحمد كذلك واجتماع الغني مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه ، وثناء من حمده ، وثناء من اجتماعهما ، وكذلك العفو القدير ، والحميد المجيد ، والعزيز الحكيم ، فتأمله فإنه من أشرف المعارف . وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية . والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتاً كقوله تعالى ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته وكذلك قوله تعالى ( وما مسنا من لغوب ) متضمن لكمال قدرته وكذلك قوله ( وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ) متضمن لكمال علمه

وكذلك قوله ( لم يلد ولم يولد ) متضمن لكمال صمديته وغناه , وكذلك قوله ( ولم يكن له كفواً أحد ) متضمن لتفرده بكماله وأنه لا نظير له .

وكذلك قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) متضمن لعظمته وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به وهذا مطرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب .

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:02 AM
1-الإيمان بالاسم .

2-الإيمان بما دل عليه الاسم من المعنى .

3-الإيمان بما يتعلق به من الآثار .

فنؤمن بأن الله رحيمٌ ذو رحمة وسعت كل شئ ، ويرحم عباده .

قدير ذو قدرة ، ويقدر على كل شئ .

غفور ذو مغفرة ويغفر لعباده .

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:05 AM
أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص ، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى ( ولا تقفُ ما ليس لك به علمٌ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)

وقوله تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )

ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار ما سمي به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص .

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:11 AM
أسماء الله تعالى منها ما يطلق عليه مفرداً ومقترناً بغيره ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقروناً بمقابله


إن أسماءه تعالى منها ما يطلق عليه مفرداً ومقترناً بغيره وهو غالب الأسماء . فالقدير ، والسميع والبصير ، والعزيز ، والحكيم ، وهذا يسوغ أن يدعا به مفرداً ومقترناً بغيره فتقول : يا عزيز يا حليم ، يا غفور يا رحيم ، وأن يفرد كل اسم وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع .

ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقروناً بمقابله كالمانع ، والضار ، والمنتقم ، فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله فإنه مقرون بالمعطي ، والنافع ، والعفوّ ، المعز المذل ،

لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية ، وتدبير الخلق ، والتصرف فيهم عطاءً ، ومنعاً ، ونفعاً ، وضراً ، وعفواً ، وانتقاماً . وأما أن يثني عليه بمجرد المنع ، والانتقام ، والإضرار ، فلا يسوغ .

فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد ولذلك لم تجئ مفردة ولم تطلق عليه إلا مقترنة فاعلمه

(فلو قلت) يا مُذلُ ، يا ضارُّ ، يا مانعُ ، وأخبرت بذلك لم تكن مثنياً عليه ولا حامداً له حتى تذكر مقابلها .


===========

[ ويطلق عليها بعض أهل العلم : ( الأسماء المتقابلة ]

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:15 AM
هذا بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة مدار النجاة والفلاح .

المرتبة الأولى : إحصاء ألفاظها وعددها .

المرتبة الثانية : فهم معانيها ومدلولها .

المرتبة الثالثة : دعاؤه بها كما قال تعالى ) ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ( وهو مرتبتان :

إحداهما : ثناء وعبادة .
والثاني : دعاء طلب ومسألة , فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى وكذلك لا يسئل إلا بها فلا يقال : يا موجود ، أو يا شئ ، أو ذات أغفر لي وارحمني بل يُسئل في كل مطلوب باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم . ومن تأمل أدعية الرسل ولا سيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا وهذه العبارة أولى من عبارة من قال : يتخلق بأسماء الله فإنها ليست بعبارة سديدة وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله قدر الطاقة . وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان وهي التعبد وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال .

فمراتبها أربعة :

أشدها إنكاراً عبارة الفلاسفة وهي : التشبه . [ أي التشبه بصفات الله ]

وأحسن منها عبارة من قال : التخلق .

وأحسن منها عبارة من قال : التعبد .

وأحسن الجميع : الدعاء وبه لفظ القرآن . [ يشير إلى قوله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ]

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:19 AM
الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات أستأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح :

(( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)) فجعل أسمائه ثلاثة أقسام : قسم سمي به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينـزل به كتابه ، وقسم أنزل به فتعرف به إلى عباده ، وقسم أستأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ولهذا قال ((أستأثرت به)) أي انفردت بعلمه وليس المراد انفراده بالتسمي به ؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه . ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة ((فيفتح علىّ من محامده بما لا أحسنه الآن)) وتلك المحامد تفي بأسمائه وصفاته ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك))

وأما قوله صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) فالكلام جملة واحدة .

وقوله ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة لا خبر مستقبل . والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة . وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها . وهذا كما تقول : لفلان مائة مملوك قد أعدهم للجهاد فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد وهذا لا خلاف بين العلماء فيه .

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:22 AM
الأمر الأول : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء ، والموجود ، والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا .
الثاني : أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد ، والفعال ، والصانع ؛ فإن هذه الألفاظ لا تدخل من أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلاً وخبراً .

الثالث : أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل ، الفاتن ، الماكر ، تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة والله أعلم .

الرابع : أن أسماءه الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى .
الخامس : أن أسماءه الحسنى لها اعتبارات اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالاعتبار الأول مترادفة وبالاعتبار الثاني متباينة .

السادس : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفاً كالقديم ، والشئ ، والموجود ، والقائم بنفسه . فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو لا يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع .

السابع : أن الاسم أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلاً ومصدراً نحو السميع ، البصير ، القدير ، يطلق عليه من السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو (قد سمع الله ) . (وقدرنا فنعم القادرون) هذا إن كان الفعل متعدياً . فإن كان لازماً لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حيي .

الثامن : أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله . والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل . فالرب لم يزل كاملاً فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كَمُلَ ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به .

التاسع : أن الصفات ثلاثة أنوع : صفات كمال ، وصفات نقص ، وصفات لا تقتضي كمالاً ولا نقصاً وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسماً رابعاً وهو ما يكون كمالاً ونقصاً باعتبارين والرب تعالى منـزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول وصفاته كلها صفات كمال محض فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله . وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيراً بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم . وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه ، والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر .

ومن صفات الإحسان البر ، الرحيم ، الودود، دون الشفوق ونحوه . وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف . وكذلك الكريم دون السخي ، والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل ، والغفور العفو دون الصفوح الساتر . وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه فتأمل ذلك فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمّى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:30 AM
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :

من أسمائه الحُسنى ما يكون دالاً على عدة صفات . ويكون ذلك الاسم متناولاً لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها . كاسمه العظيم ، والمجيد والصمد ، كما قال ابن عباس فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره : الصمد السيد الذي قد كَمُلَ في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه . وهذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفواً أحد ، وليس كمثله شئ ، سبحان الله الواحد القهار . هذا لفظه .

وهذا مما خَفِيَ على كثير ممن تعاطى الكلام في تفسير الأسماء الحُسنى ، ففسر الاسم بدون معناه ، ونقصه من حيث لا يعلم فمن لم يحط بهذا علماً بخس الاسم الأعظم حقه وهضمه معناه فتدبره .

محب الشيخ العثيمين
05-12-2004, 02:40 AM
وفي الرابط التالي تجدون شرح أسماء الله تعالى ،

ويمكنكم الضغط على الاسم الذي تودون أن تقرؤوا شرحا لمعناه

http://www.deentimes.com/index.php?p=allah_names



وفي الرابط التالي تجدون الكتاب الذي انتقيت لكم شيئا من مباحثه المهمة

ويمكنكم الضغط على المبحث الذي تودون قراءته

http://www.deentimes.com/?p=right_list&f=names

المجاهد عمر
05-12-2004, 08:52 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

جزاك الله خيراً على هذا الموضوع المبارك :)




المجاهد عمر

محب الشيخ العثيمين
06-12-2004, 05:40 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


حياك الله يا أخي الحبيب ,

... هل لديك تفسير عن سبب تجاهل الإخوة الذين يطرحون مواضيع تتضمن أمورا غير صحيحة ، تجاهلهم التنبيهات التي يتم تنبيههم إياها ، وعدم الرد أو حتى التعليق عليها..!!

سنـاري
06-12-2004, 07:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جزاك الله خيرا اخي الحبيب \ محب الشيخ العثيمين .... رحمك الله و من احببت

هل اطلاق الاسماء على الاولاد كـ عبد الله او عبد الرحمن فيه تعبد و تقرب الى الله

و هل هي افضل من محمد و احمد

و الله يعطيك العافية

:p

المجاهد عمر
06-12-2004, 12:40 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

الأخ الحبيب محب الشيخ العثيمين...

"وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ"




المجاهد عمر

القسام
06-12-2004, 01:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله

الاخ الكريم : محب الشيخ العثيمين طيب الله اوقاتك بالمسرات

كتب الله اجرك على هذا المجهود الطيب والمؤصل والواسع والملم

اللهم اني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك
أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك

ان تهدينا الى الحق لا يهدي اليه الا انت
وعلمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا
واحينا بمعرفتك وامتنا على الشهادة في سبيلك

محب الشيخ العثيمين
06-12-2004, 06:20 PM
أخي الحبيب سناري

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ثبت في الصحيح : " أحب الأسماء إلى الله : عبد الله ،، وعبد الرحمن "

... وأما ما اشتهر بين العامة من قولهم " أحب الأسماء إلى الله : ما عُـبـِّد ، وما حُـمّـِد "

فهو غير صحيح ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم


===========

و من الأخطاء التي يقع فيها بعض المسلمين :

تسمية أولادهم باسم : عبد المنعم ... عبد العال ...عبد المتجلي , ومثل ذلك من الأسماء التي لم تثبت لا في الكتاب ولا في السنة الصحيحة

محب الشيخ العثيمين
07-12-2004, 04:22 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخي الحبيب القسام ،

حياك الله أخي العزيز وجعلني وإياك من الهداة المهتدين ،

ونفعني وإياك بما نكتب ونقرأ .

محب الشيخ العثيمين
17-12-2005, 03:36 AM
يرفع للتذكرة والفائدة


فقد رأيت في هذه الصفحة موضوعاً لأحد الإخوة الكرام عن شرح أسماء الله الحسنى لكن الأسماء المشروحة ليست كلها ثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة ...لذا قمت برفع هذا الموضوع المتضمن لشرح الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة .

أسأل الله تعالى أن ينفع بها كاتبها وناقلها وقارئها
إنه ولي ذلك والقادر عليه