PDA

View Full Version : ثلاثة انواع من المرتزقة تعمل في العراق


القناص الإسلامي
10-11-2004, 03:23 AM
د. ثائر دوري
_
في الجيوش التقليدية - ومنها جيوشنا العربية وأغلب جيوش العالم - يتكفل الجنود بكافة أمورهم، فهم من يحرسون_ المعسكرات وينظفونها، وهم_ من يقومون بطبخ الطعام، و أما نقل الإمدادات فتقوم به وحدات خاصة في الجيش لا تحارب إنما تعمل بنقل الإمداد فقط، و هكذا نشاهد في كل جيش سلاح إمداد يتكون من أسطول من الشاحنات، ومن مجندين يعملون كسائقين لنقل هذه الإمدادات، أما داخل المعسكرات فيتم فرز عدد من الجنود ليعملوا بالتنظيف وتحضير الطعام - كما ذكرنا - وتوضع جداول لحراسة المعسكرات... الخ.
هكذا تعمل الجيوش التقليدية وبالتالي تصبح الحدود واضحة بدقة بين ما هو مدني وعسكري، وفي حالة الحروب تتعرض قوافل الإمدادات للضربات العسكرية فيتم قتل أو أسر السائقين الجنود، وكذلك يهاجم حراس المعسكرات وكل ذلك يعتبر ضمن الأعمال الحربية التي لا يحق لأي شخص أن يثير أي تساؤل حولها.
أما الجيش الأمريكي الحالي فهو يعمل بطريقة مختلفة، كيف ذلك؟
نشرت دورية العراق قبل فترة زمنية وجيزة دراسة غاية في الأهمية (هذا هو المستقبل: حين تصبح الحرب أكثر الأعمال ربحاً، علينا أن نتوقع المزيد منها) من تاليف تشالمرز جونسون، وترجمة بثينة الناصري.
تتحدث هذه المقالة الهامة عن خصخصة الجيش الأمريكي، وتضم معلومات غاية في الأهمية تساعد على فهم ما يحدث في العراق، وعلى فهم بعض جوانب نشاط المقاومة التي تبدو لعدد من الناس غير مفهومة أو غير مبررة.
يقول الكاتب:
(خلال حرب العراق الأولى في 1991 كان واحد من كل مئة جندي أمريكي موظفاً من قبل شركة خاصة، في حرب العراق الثانية اقتربت النسبة إلى واحد من كل عشرة، وقد نشرت الواشنطن بوست تقريراً بأن ثلث نفقات حرب العراق الآخذة في الزيادة سريعاً تذهب إلى حسابات خاصة في البنوك الأمريكية.
كانت الفكرة الأصلية من هذا التدفق للدولارات الفيدرالية هي توفير الأموال، ففي رؤية دونالد رامسفيلد سوف تعكس خصخصة الجيش نفس انضباط السوق على الحرب نفسها، في 1995 وقبل عودته إلى واشنطن بوقت طويل قدم رامسفيلد إلى أمريكا (أفكاراً من عالم المال حول تقليص دور الحكومات)، وهي دراسة أوحت بها خبرته كرئيس موظفي البيت الأبيض، ووزير للدفاع (في إدارة جيرالد فورد)، ورئيس مجلس إدارة لشركتين أمريكيتين عملاقتين (جنرال انسترومينت كورب وجي دي سيرل) وقد كتب في دراسته يقول: ( إن برامج الحكومة معزولة بشكل كبير عن اهتزاز السوق، ولهذا لا يسمح لها بإمكانية الفشل، وأحياناً لاشيء أقل من خصخصة صريحة يمكن أن تعيد الانضباط).
لاحظوا النسبة المتصاعدة خلال أقل من خمسة عشر عاماً من 1- 100 إلى 1 – 10، ويتابع الكاتب شارحاً ماذا يعمل هؤلاء المدنيين المتعاقدين مع الجيش الأمريكي:
(خلال أعوام التسعينيات بدأ البنتاجون يتعاقد مع الشركات الخاصة لتوفير كل خدمة يمكن تخيلها في الجيش ماعدا إطلاق البنادق، وإسقاط القنابل، ونتيجة لذلك انبثقت شركات كثيرة جديدة يحدوها الأمل في الحصول على عقود بمبالغ كبيرة، وأرباح مضمونة، وقد قامت هذه الشركات بأعمال الصيانة والأمن وبالتالي فقد ولت أيام قيام الجندي بواجبات الحراسة، أو تنظيف المراحيض إلى غير رجعة.
وأفضل مثال على هذا هو معسكر بوندستيل الفاخر في البلقان الذي تديره شركة كيلوج وبراون وروت، وحدث أنه فور انتهاء حملة قصف يوغسلافيا في يونيو 1999 انتزعت الولايات المتحدة من الملاك ألف هكتار من الأرض الزراعية في يوروسيفاك في جنوب شرق كوسوفو قرب الحدود المقدونية وأقامت عليها في أقل من أربعة شهور معسكر بوندستيل وهو أكبر وأغلى قاعدة منذ حرب فيتنام، حيث بلغت تكاليف بنائها حوالي 6ر36 مليون دولار، وتكاليف إدارتها 180 مليون دولار سنوياً.
وتقوم شركة كيلوغ وبراون وروت بصيانة الثكنات، وإعداد الطعام، ومسح الأرض، ونقل كل التجهيزات، وتشغيل أنظمة الماء والصرف الصحي، يعمل لديها حوالي 1000 عسكري أمريكي سابق، وحوالي 7000 من الألبان سكان المنطقة، وتوفر الشركة 600000 جالون ماء كل يوم، وكهرباء يكفي مدينة من 25000 نسمة، وتغسل 1200 حقيبة ملابس وتطبخ، وتقدم 18000 وجبة طعام كل يوم، وكان المعسكر مكتظاً إلى درجة أن الشركة كانت تنظف المكاتب 4 مرات باليوم، والثكنات ثلاث مرات (2)، ويقول الجنود العاملون في بوندستيل علي سبيل الفكاهة إن الزي الذي يرتدونه ينقصه باج واحد يقول (برعاية براون وروت)، وتقدم الشركة خدمات مماثلة في القواعد بالكويت وتركيا وأوزبكستان ).
أي أن هؤلاء المرتزقة الذين يعملون في شركات الأمن الخاصة يطبخون، وينظفون، ويغسلون، وينقلون العتاد العسكري، وبالتالي فقد انحصرت مهمة الجندي الأمريكي إلى إسقاط القنابل فقط، ويترتب على هذا الأمر ضياع الحدود الفاصلة بين ما هو مدني وما هو عسكري، فالذي يقوم بحراسة المعسكرات والذي ينقل العتاد أو يطبخ داخل المعسكرات ويعمل لحساب شركة أمن خاصة هل هو مدني أم عسكري؟ مع العلم أنه في التنظيم التقليدي للجيوش إن الأعمال التي يقوم بها هذا المرتزق هي من صلب أعمال العسكريين، وإن قطع خطوط الإمداد، ومهاجمة حراس المعسكرات وقوافل العتاد هو في صلب الأعمال العسكرية، فهل_ من يقومون بهذه الأعمال غير عسكريين؟!
لكن هل يتوقف الأمر عند هذا الحد؟ أبداً.
استعانت قوات الاحتلال_ بالمرتزقة حتى في الأعمال العسكرية، فهم يقومون بالتفجيرات، ومنهم تتشكل فرق الاغتيال وحراسة الشخصيات الهامة، وقد لجأت قوات الاحتلال للاستعانة بهم لأنهم ليسوا بعسكريين ظاهرياً، وبالتالي فعندما يقتلون لا يحسبون ضمن الخسائر العسكرية التي يعلنها البنتاغون وهذا أمر له أهميته للرأي العام الأمريكي شديد الحساسية تجاه خسائره البشرية، كما أنهم يعملون بعيداً عن الأعراف العسكرية وبعيداً عن اتفاقيات جنيف التي ما زال خرقها يشكل إحراجاً للجيوش النظامية، واليوم بالذات ( 2 / 9 / 2004 ) قرأت على موقع البصرة موضوعاً للكاتب الصحفي المصري الأستاذ عبد الستار حتيتة:
(.. حول اثنين من المرتزقة الأجانب أحدهما تم قتله مؤخراً واسمه "فرانسوا ستريدوم"، والآخر مازال يعاني من الجروح التي أصيب بها ويدعى "ديون جيوس"، وكان الاثنان قد دخلا للعمل في العراق كمرتزقة، وهما من المطلوبين في عدد من جرائم الاغتيالات في بعض الدول الإفريقية! أما الحادثة التي كشفتهما فكانت واحدة من هجمات المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي وأعوانه في بغداد، وبعد الإعلان عن اسميهما ونشر صورتيهما في وسائل الإعلام الغربية باعتبارهما من المدنيين الغلابة؛ تقدم أحد القضاة الدوليين بشهادته عن الرجلين قائلاً: أنهما من المطلوبين للعدالة لارتكابهما أعمال قتل منظمة خلال العشرين عاماً الماضية في عدد من البلدان الإفريقية، وجاء ذلك في مقال على شبكة الإنترنت للكاتب مارك بيرلمان، والذي أوضح أن القاضي ريتشارد جولدستون، الذي كان في السابق رئيساً لمحكمة جرائم الحرب التي شكلتها الأمم المتحدة في يوغسلافيا ورواندا، شعر بالفزع عندما تعرَّف على صورتي الرجلين، ونقل عنه قوله: " إنه لأمر مفزع أن يعمل مثل هؤلاء الأشخاص لصالح الولايات المتحدة الأمريكية في العراق"!)
أما النوع الثالث من المرتزقة الذين يعملون في العراق فهم مرتزقة الجيش الأمريكي نفسه، فقد اعترف البنتاغون رسمياً قبل عدة أشهر أن عدد الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية من المجندين الموجودين في العراق يبلغ أربعين ألفاً، وقد تم تجنيدهم مع وعود بمنحهم الجنسية بعد أن يعودوا من العراق ( هذا إن عادوا ..!! ).
إذن يعمل في العراق اليوم ثلاثة أنواع من المرتزقة:
مرتزقة يقومون بأعمال ظاهرها مدني لكنها في صلب الأعمال العسكرية، مثل الذين ينقلون المؤن والإمداد للقوات الأمريكية، أو يقومون بتحضير الطعام وأعمال تنظيف المعسكرات، وغسيل الثياب.
النوع الثاني من المرتزقة: هم من يقومون بأعمال الحراسة والاغتيال والتفجير.
النوع الثالث: ويمكن أن نطلق عليهم اسم المرتزقة الرسميين وهم الجنود الموعودين بالحصول على الجنسية لقاء الخدمة في الجيش الأمريكي.
فهل هذه الفئات الثلاث تصف ضمن فئة المدنيين الذين يجب أن لا تطالهم الأعمال العسكرية، سؤال نوجهه لهؤلاء الذين لا يكفون عن التهريج، ولا يذكرون الحقائق كاملة، وللأسف فإن عددهم كبير، ويتصدرون البرامج الحوارية، وهم من تتصل بهم الفضائيات.

عن موقع المختار الإسلامي (http://www.islamselect.com/index.php?pg=mat&ref=12689&ln=1)