PDA

View Full Version : حكم الحركة في الصلاة


زمردة
30-09-2004, 10:35 PM
:


بعض الناس إذا كان في صلاته يعبث بثيابه ، أو ينظف أظافره ، أو ينظر في ساعته ، وغير ذلك من الأعمال ، خاصة إذا كان الإمام في القراءة ، وهذا كثيرا ما ينقل الشعور بالقلق والاضطراب إلى من يجاوره من المصلين ، فما حكم ذلك ؟.


الجواب:

الحمد لله

ذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله تعالى أن الحركة في الصلاة الأصل فيها الكراهة إلا لحاجة ، ومع ذلك فإنها تنقسم إلى خمسة أقسام :

القسم الأول : حركة واجبة.

القسم الثاني : حركة محرمة.

القسم الثالث : حركة مكروهة.

القسم الرابع : حركة مستحبة.

القسم الخامس : حركة مباحة.

فأما الحركة الواجبة : فهي التي تتوقف عليها صحة الصلاة ، مثل أن يرى في غترته نجاسة ، فيجب عليه أن يتحرك لإزالتها ويخلع غترته ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يصلي بالناس فأخبره أن في نعليه خبثاً فخلعها صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته واستمر فيها [ رواه أبو داود 650 ، وصححه الألباني في الإرواء 284 ] .

ومثل أن يخبره أحد بأنه اتجه إلى غير القبلة ؛ فيجب عليه أن يتحرك إلى القبلة .

وأما الحركة المحرمة : فهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة ؛ لأن مثل هذه الحركة تبطل الصلاة ، وما يبطل الصلاة فإنه لا يحل فعله ؛ لأنه من باب اتخاذ آيات الله هزواً .

وأما الحركة المستحبة : فهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة ، كما لو تحرك من أجل استواء الصف ، أو رأى فرجة أمامه في الصف المقدم فتقدم نحوها وهو في صلاته ، أو تقلص الصف فتحرك لسد الخلل ، أو ما أشبه ذلك من الحركات التي يحصل بها فعل مستحب في الصلاة ؛ لأن ذلك من أجل إكمال الصلاة ، ولهذا لما صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام عن يساره أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه . [ متفق عليه ]

وأما الحركة المباحة : فهي اليسيرة لحاجة ، أو الكثيرة للضرورة ، أما اليسيرة لحاجة فمثلها فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جدها من أمها فإذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها [ البخاري 5996 ومسلم 543 ]

وأما الحركة الكثيرة للضرورة : فمثالها الصلاة في حال القتال ؛ قال الله تعالى : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) البقرة/238-239 ؛ فإن من يصلي وهو يمشي لا شك أن عمله كثير ولكنه لما كان للضرورة كان مباحاً لا يبطل الصلاة .

وأما الحركة المكروهة : فهي ما عدا ذلك وهو الأصل في الحركة في الصلاة ، وعلى هذا نقول لمن يتحركون في الصلاة إن عملكم مكروه ، منقص لصلاتكم ، وهذا مشاهد عند كل أحد فتجد الفرد يعبث بساعته ، أو بقلمه ، أو بغترته ، أو بأنفه ، أو بلحيته ، أو ما أشبه ذلك ، وكل ذلك من القسم المكروه إلا أن يكون كثيراً متوالياً فإنه محرم مبطل للصلاة .

وقد ذكر رحمه الله أيضا أن الحركة المبطلة للصلاة ليس لها عدد معين ، وإنما هي الحركة التي تنافي الصلاة ، بحيث إذا رؤى هذا الرجل فكأنه ليس في صلاة ، هذه هي التي تبطل؛ ولهذا حدده العلماء رحمهم الله بالعرف ، فقالوا : " إن الحركات إذا كثرت وتوالت فإنها تبطل الصلاة " ، بدون ذكر عدد معين ، وتحديد بعض العلماء إياها بثلاث حركات ، يحتاج إلى دليل ؛ لأن كل من حدد شيئاً بعدد معين ، أو كيفية معينة ، فإن عليه الدليل ، وإلا صار متحكماً في شريعة الله . [ مجموع فتاوى الشيخ 13/309-311 ]

وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن رجل كثير الحركة في الصلاة : هل تبطل صلاته ؟ وما الطريق للتخلص من ذلك ؟

فقال رحمه الله :

( السنة للمؤمن أن يقبل على صلاته ويخشع فيها بقلبه وبدنه ، سواء كانت فريضة أو نافلة ، لقول الله سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُون ) المؤمنون/1-2 ، وعليه أن يطمئن فيها ، وذلك من أهم أركانها وفرائضها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي أساء في صلاته ولم يطمئن فيها : ( ارجع فصلِّ فإنك لم تصل ) ، فعل ذلك ثلاث مرات ، فقال الرجل : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ، وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا ) متفق عليه ، وفي رواية لأبي داود قال فيها : ( ثم اقرأ بأم القرآن ، وبما شاء الله ) .

وهذا الحديث الصحيح يدل على أن الطمأنينة ركن في الصلاة ، وفرض عظيم فيها ، لا تصح بدونه ، فمن نقر صلاته فلا صلاة له ، والخشوع هو لب الصلاة وروحها ، فالمشروع للمؤمن أن يهتم بذلك ، ويحرص عليه .

أما تحديد الحركات المنافية للطمأنينة وللخشوع بثلاث حركات فليس ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ذلك كلام لبعض أهل العلم ، وليس عليه دليل يعتمد .

ولكن يكره العبث في الصلاة ، كتحريك الأنف واللحية والملابس والاشتغال بذلك ، وإذا كثر العبث أبطل الصلاة ، وأما إذا كان قليلا عرفا ، أو كان كثيرا ولم يتوال ، فإن الصلاة لا تبطل به ، ولكن يشرع للمؤمن أن يحافظ على الخشوع ، ويترك العبث ، قليله وكثيره ، حرصا على تمام الصلاة وكمالها .

ومن الأدلة على أن العمل القليل والحركات القليلة في الصلاة لا تبطلها ، وهكذا العمل والحركات المتفرقة غير المتوالية ، ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه فتح الباب يوما لعائشة وهو يصلي [ أبو داود 922 والنسائي 3/11 والترمذي 601 ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي 601] .

وثبت عنه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه صلى ذات يوم بالناس ، وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها . [ فتاوى علماء البلد الحرام 162-164 ] .



الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)

عبدو كوفته
01-10-2004, 03:19 AM
جزاك الله خير

زمردة
05-10-2004, 12:29 AM
وإياكم .. جزى الله خيراً ..

النعمان
05-10-2004, 01:19 AM
جزاك الله خير اختي الفاضلة زمردة

الشريف الحسني
13-10-2004, 05:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45).

هذا أمر الله لسيد الرسل محمد صلى الله عليه و آله، وهو تلاوة ما أوحي إليه من ربه على الناس ليستبينوا الحق من الباطل بكلمات الله بإعمال عقولهم في التدبر والتفكر فيها فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ...) (البقرة:286) وإقامة الصلاة التي أوكله الله ببيان هيئتها وعددها بعد أن أجمل الهيئة في الكتاب من سجود و ركوع وتلاوة...الخ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النور:56) وكذلك الوقت، وقد تواتر فعل رسول لله صلى الله عليه وآله و بيانه للصلاة هيئة وعددا ووقتا تواترا عمليا للصلاة الخمس في تلك الأوقات والهيئة المعهودة، ولكن هل هذا يجعلها واجبة وتاركها كافر مشرك خارج من الملة؟؟؟؟. هذا ما سيكشف عنه الكتاب المبين والحديث الموافق له.

ذهب فقهاء الإسلام ممن جاءوا بعد عصر الرسول و صحبه والتابعين ليقيموا محاكم التفتيش، والتقول عليه بالباطل و الحكم على من لم يؤدها بالكفر والقتل مستندين على حديث يخالف الكتاب الكريم أخرجه مسلم عن أبي سفيان قال: سمعت جابرا يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) وقد قال تعالى: مقارنا الصلاة الحركية التي شرط قبولها النهي عن الفحشاء والمنكر بالصلة الروحية التي هي الرادع عن الإيتاء بالفاحشة والمنكر، بأن الثانية أكبر عند الله في قوله تعالى: (...وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45)، ولو لم يكن الذكر هو استحضار الله في كل حركة وسكنة لما ختم الله تعالى الآية بقوله (...وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45). وبناء على ما تقدم نخلص إلى القول بصحة الأحاديث التي جاءت فيها الرخصة بالصلاة صلاتين فقط؛ وذلك لأن أصل الصلاة هي الصلة الروحية وليست الحركية التي لا يحكم على تاركها بالكفر أو الشرك كما جاء في الحديث المخالف للقرآن، إذ الإنسان مكلف بالعمل الصالح وموضع و مصدر هذا العمل النفس المنقسمة إلى ثلاثة أقسام نفس مطمئنة ونفس لوَّامة ونفس الأمارة.

أخرج أحمد حديثا يفيد هذا المعنى عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم على أن يصلي صلاتين فقبل منه.

وقد حكم أهل الجرح و التعديل بصحة سند الحديث وإن كان السند عندي لا يعني شيئا وإنما التعويل على المتن الموافق لما في كتاب الله، فلو كانت الصلوات الخمس واجبة وأحد أركان الإسلام الخمسة كما يقولون، ولا يقبل الإسلام إلا بها ويحل قتل من لا يؤديها و يحكم عليه بالكفر لما سمح رسول الله صلى الله عليه و آله لهذا الرجل أن يصلي صلاتين فقط، وقد جاءت أحاديث أخرى تبين ما هي هذه الصلاتين.

أخرج مسلم و البخاري في كتابيهما الموسوم بالصحيح حديثا يفيد هذا المعنى قال:حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام حدثني أبو جمرة عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى البردين دخل الجنة))

كما أخرج الدارمي حديثا يفيد هذا المعنى قال: حدثنا عفان أخبرنا همام عن أبي جمرة عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى البردين دخل الجنة)) قيل لأبي محمد: ما البردين؟ قال: الغداة والعصر.

كما أخرج أبو داوود عن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذا بايعت، فقال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك يقول: ((سيتصدقون ويجاهدون)).

وهذا أمر آخر يفيد و يؤكد أن الإسلام ما هو إلا التوحيد أما ما اتصل به من صلاة و صدقة و جهاد...الخ فهي أمور تأتي مع الوقت والمعاصرة وليست من مقومات الإسلام بل من مقومات الإيمان برسول الله صلى الله عليه وآله، ولذلك قال صلى الله عليه وآله ((سيتصدقون ويجاهدون)) لا عن سابق علم ولا وحي فلا وحي إلا القرآن، بل عن فراسة المؤمن؛ لأنه إذا كان التوحيد موجود وهو أصل الإسلام فسيتبعه العمل الصالح وأي عمل صالح في الإسلام خير من الصدقة على الفقراء والمساكين واليتامى وأي عمل صالح في الإسلام خير من الدفاع عن الإسلام كما عرفناه لا إسلام السلاطين.

وقد يقول قائل: الحديث صحيح و لكن كان لسبب وهو تأليف القلوب أو لبيان فضل صلاة الغداة و العصر. قلنا: لو كان ما تقولونه صحيحا، ماذا يحدث لو لم تؤلف قلوبهم للقبول بالخمسة بدلا من الاثنين؟ وأصر الرجل عن شرطه و مات عليه، ماذا يكون حاله عند الله إذا كان الفرق بين الرجل و الكفر والشرك ترك الصلاة وعند رسوله في حياته؟ سيقول الرجل لربه: لقد بايعت محمدا على الصلاتين وعدم الصدقة وعدم الجهاد وهو نبيك ورسولك إلينا وقد قبل وقد قلت في كتابك: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ...) (المائدة:67) فكيف تحاسبني على عدم الصلاة خمسا أو الصدقة أو الجهاد وقد بلغني رسولك وقبل منى، أم تراه لم يبلغ؟

أو أن الرجل لم يصل إلا الصلاتين و أصر على شرطه ترى هل رسول الله صلى الله عليه و آله يخلف وعده وكلمته و ميثاقه؟؟؟، وهل سيتنازل أو يتسامح رسول الله صلى الله عليه و آله في عدد الصلوات الخمس إلى اثنين لو كانت واجبة وجوبا كاملا عدديا حركيا لا روحيا ليدخل رجلا في الإسلام بالخديعة؟؟؟؟؟

أما من اعتذر على أن الحديث لبيان فضل صلاة الظهر والعصر، فنقول له: إذا كان فضلهما بهذا القدر فلماذا المزيد ولا شيء أفضل من الجنة؟ وخلاصة القول أن الصلاة بذاتها لا تدخل جنة أو تخرج من نار لمجرد أدائها دون إعمال النفس في الانتهاء عن الفحشاء و المنكر، وإلا لما دخل من سبق نبينا من الموحدين الذين لا يعلمون من الصلاة إلا الصلة الروحية لا الحركية.

بعد الإجابة على هذه الأسئلة و التساؤلات نستطيع أن نستخلص الحكم على الصلاة وكنهها، وأن نظفر بتعرف الإسلام الحق الذي لولا تحريف السلاطين و فقهاء السوء لدخل الناس كافة دين الله الحنيف.