USAMA LADEN
12-05-2004, 09:18 PM
من مقاومة الفلوجة الباسلة إلى هيئة العلماء والحزب الإسلامي [3/3]
بقلم : طالب علم عراقي
وسؤالي للمتجردين في هيئة علماء المسلمين .. هل يجوز لي ولكم السكوت على هذه المصائب ، الظاهرة ، العامة ، المعلنة ، الدائمة ، القادمة ...؟!
سيتولى هؤلاء المتحزبون بعد كل هذا إلى خارج العراق ليفاخروا كلاً بما يهوى ..
فمن كان يهوى الجهاد أظهروا له أنهم أبطاله وتاجروا بدماء أهل الفلوجة .
ومن كان يرى الحكمة كما يزعمون فاخروه بأنهم الذين أطفأ الله بهم نار الفتنة ..؟!
كل ذلك لاستدرار الجيوب وذم المجاهدين وكسب الأصوات والشهرة ..
وإذا ما حصلت ضربات للفلوجة وقتلى في أهلها وفي غير الفلوجة جاؤوا يندبون ويتلاومون ويقولون : نحن أهل 'الإصلاح' ، وقد قلنا لكم إن الصلح خير ..؟!
ومثل هذا مثل من يقول محتجاً على دعواه إذا ضرب شارون اليوم القادة الإسلاميين أو اجتاح بعض المناطق ... خرج قائلاً : هلاً وافقتم على طلب أبو رقيبة بتوقيع الصلح مع إسرائيل عام 1963م ... تماماً كما يقول هؤلاء : [ تشابهت قلوبهم ] ، وكأن العهود تمسك يد هؤلاء ..؟!
وكأن ما عاهدهم أولاً فقد سبق إلى الخيرات أو أنه أمن أولاً .
وكأن الله تعالى لم يقل في كتابه العزيز : [ أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريقاً منهم ..] أو أنه لم يقل : [ إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ..]
والواقع يشهد بأنه كلما تقدم توقيع الصلح مع هؤلاء تقدم احتلالهم لبلادنا أكثر ..! والحقيقة المبكية أن كل مصيبة تصاب بها الفلوجة اليوم وغيرها هي صفعة لهؤلاء الذين كذبوا علينا ، هؤلاء الذين سوقوا للعدو بيننا ، هؤلاء الذين أنقذوا العدو لضربنا ولهدم بيوتنا وإلا فهل كان العدو قادراً على النجاة وقد تناوشته النيران من كل جهة ، وانقطع عنه مدد الأرض ومدد السماء ..
فأي إفك أعظم ، وأي لباس لثياب الزور وللبهتان أكبر من هذا ..؟!
و والله لو قالوا اليوم للعدو : نحن لا نستطيع فعل شيء ، اذهبوا وتحاوروا مع المجاهدين مباشرة ..؟! لرأوا كيف يذل العدو ويقبل أرجلهم ..!
لكنهم أهون من أن يزعجوا العدو أو يذلوه ، وأبعد من أن يتنازلوا للمجاهدين عن أمر .!
وجاء الإعلان الأمريكي بالانسحاب من الفلوجة دون شروط ..
فلا أدري أهو إعلان هزيمة أمريكا أمام الحزب أم أمام المجاهدين ..؟!
و والله لو كذّبنا كل الحقائق ، وقلنا أنها تحررت بمفاوضات هؤلاء الحزبيين لكانت الحقيقة الكبرى هي أن هؤلاء حجموا تحرير العراق كله وقزموا إلى تحرير الفلوجة ، ولملموا هزيمة أمريكا كلها في العراق كله وفي الدنيا إلى هزيمة جزئية في الفلوجة ..
وهكذا كان الحزب الإسلامي هو الجابر لكسر أمريكا ، الساتر لعورتها ، المنقذ لها في اللحظة الأخيرة ..
ومن الغريب حقاً ، أن يأتي أقطاب الحزب الإسلامي ... فيصرحون ، جامعين بين البجاحة والصلافة ، بأننا الذين حقنا الدماء ، وأعدنا الإعمار وحررنا البلدة ..؟!
والسؤال الذي يجب أن يجيبوا عليه ـ إن استطاعوا ـ إذا كانوا هم حقاً من حرر الفلوجة ، وليست قوة الجهاد في سبيل الله هو :
لماذا لم تحرروا بقية مناطق العراق بنفس أسلوبكم الذي حررتم به الفلوجة ..؟!
ما هذا الضغط الذي تملكونه بحيث تستطيعون من خلاله تحرير مناطق العراق ثم لا تفعلونه .؟!
ولماذا لا تنتقلوا لتحرروا فلسطين بذات الأسلوب ..؟!
فإن كانت عندكم هذه القدرة ولا تستخدمونها ، فأنتم إما خونة للوطن لأنكم لا تستخدمون ضغطكم هذا ... وإما أنكم لابسي ثوبي زور تريدون قطف ثمار المجاهدين ونسبتها لأنفسكم ..؟!
والحق أنكم متخصصون في إطفاء نار الجهاد ونوره من خلال تلبسكم لباسه ، وكلامكم بلسانه وإنشاده ، وطعنكم إياه في مقتله ..؟!
واللـه إنه عيب ونفاق صريح ... أما النفاق الصريح فهو أن يتبجح الإنسان و يعترف بأنه يقف في الصف المقابل للجهاد في سبيل الله ..
وأما العيب فهو أن يسترخص تضحيات هؤلاء المجاهدين فينسب الفضل لنفسه ، بل يجعل تلك التضحيات هي العيب والخطيئة التي قام هو بتصحيحها وإدراكها ..؟!
في أي زمن نحن نعيش حتى نرى الحجة للخوالف على النافرين ، ونرى الصدق مع الجبناء الأحياء ، على السادة الشهداء ..؟!
إنها سنة النفاق الأولى ، تلك التي كانت تعتب على الشهاد ، لأنهم ما أخذوا بنصيحة المنافقين وقعدوا معهم : [ الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ] آل عمران 169
إن البجاحة الكلامية بعد الجهاد سنة نفاقية : [ أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ]الأحزاب 19
وبهذا المنطق يصبح الحق مع بني إسرائيل الذين : [قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ] المائدة 24
لا مع الرجلين الذين قال الله فيهم : [قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ] المائدة 23
ألا يستحي المرء من أصحابه وأتباعه ، وقد أقعدهم عن الجهاد في سبيل الله ..؟!
ألا يخشى أن يتركه أصحابه من أبناء العشائر وغيرهم ، بحكم إسلامهم وتربيتهم وعشائريتهم الحقة ، حيث يرون إخوانهم يقاتلون ثم هم يأمرون بالقعود فيقعدوا ، كذاك الذي جاءه أبو جهل بمحجرة حين تخلف عن المعركة ، وأخذ يطيبه بدخانها ويقول له : اقعد فإنما أنت امرأة ...؟! فأخذته النخوة وقام معه إلى المعركة ..
أفيرضى هؤلاء الغيارى أن يكون أبو جهل أكثر منهم غيرة ..
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال : [ إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، وإذا لم تستح فقل ما شئت ] .
سيستمر هذا الأمر أيها الأتباع كلما استمرت هذه المواقف والوقائع الجهادية ، ولن يتخلف هؤلاء عن منهجهم إلا مرة واحدة ، تلك المرة هي يوم أن تبدو لهم الثمرة قريبة ، وغير مكلفة ، وأن ركوب الموجة وقيادتها سيثمر رئاسة أو شهرة أو نحو ذلك : [ لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ] التوبة 42
ولا يستطيع هؤلاء أن يزعموا أنهم بتأثيرهم في الساحة الجهادية ضغطوا .. فالكل يعرف أنهم لا رصيد لهم في هذه الساحة ، بل هم على النقيض منها ، وأن الذين شاركوا فيها في الفلوجة من حزبهم لم يشاركوا بإذن منهم ، بل جرفتهم غيرة الإسلام ، وردة الفعل الطبيعية للنفس الأبية ، وما يعرفه الواحد منهم من مبادئ الإسلام الأساسية ..
وكفى هذه القيادة أنها بقرارها كفت أيدي أصحابها عن الجهاد ، وجعلتهم نشازاً في نسق الجهاد المتصاعد هناك ، وأخجلتهم أمام إخوانهم ، حيث كانوا بالأمس يقاتلون بجوارهم في خندق واحد ، واليوم وبعدما اشتدت المعارك انسحبوا وانحازوا ، وأصبحوا يقفون في صف محسن عبد الحميد الواقف في صف العدو ...!
وإلا ، فماذا يقابل صف الجهاد إلا صف أعداءه ..؟!
وأي فخر في هذا ..؟!
نعم ، إن كان ثمة فخر فهو فخر عبد الله بن أبي سلول حين خرج في أول غزوة أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم انحاز بهم بعد ذلك وعاد إلى المدينة .. إن كان في هذا فخر !
وإذا تمرس هؤلاء الكبراء في الصد عن الجهاد في سبيل الله ولم يستشعروا الذنب الكبير ، فإن العتاب موصولاً بالعتاب على هؤلاء الشباب الذين يعرفون كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويرون الواقع ووجوب النصرة والدفاع ، ومع هذا يتركون لنداء فلان أو فلان من البشر ..
هذا والعلماء يجمعون على أنه في مثل تلك الحال لا يستأذن الوالدان ، فضلاً عن من سواهما ..؟!
ولا أدري كيف لم يستحضر هؤلاء المجاهدون اتفاق العلماء على أن من حضر ميدان المعركة وجب عليه الجهاد وحرم عليه الإنسحاب ...
يقول ابن قدامة[1] : ' إذا التقى الزحفان ، وتقابل الصفان حرم على من حضر الإنصراف وتعين عليه المقام لقول الله تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ] الأنفال 45
ويقول صاحب كتاب الجهاد والقتال في السياسة الشرعية : ' والحكمة في صيرورة الجهاد فرض عين على كل فرد يحضر المعركة ، وتحريم انصرافه عنها هو أن انصراف بعض المقاتلين عن القتال حال اشتباك الحرب بين المسلمين وأعدائهم هو خذلان للمسلمين المقاتلين من شأنه أن يضعف جانبهم ، وينشر الفوضى والبلبلة والذعر بين صفوفهم ، ويجزئ الكفار عليهم ويجعل ميزان القوى يميل لمصلحة أعدائهم ، ومن هنا ، جاء الشرع بالثبات عند اللقاء ، وتحريم الفرار ، والتولي يوم الزحف .[2]
أيها الأتباع : إن إلقاء السلاح كالفرار يوم الزحف ، وهو من السبع الموبقات ، وأكبر الأكابر ، ومن الذنوب الخمس ، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهن كفارة ..[3]
إذن فليتب إلى الله تعالى كل واحد من هؤلاء الشباب وليعزموا على ألا يعودوا لمثله أبداً ، عسى الله أن يكفر عنهم سيئاتهم ويصلح بالهم .. وليكن شعار كل صادق شعار أنس بن النضر الذي قال : [ لئن أشهدني الله مشهداً آخر ليرين الله ما أصنع ]
الوقفة الرابعة: عالمنـا المنتظــر ...
هل كان منتظراً من العلماء أن يعيدوا الجهاد دفاعياً بعد أن تحول فعلياً إلى جهاد هجومي وفردياً بعدما أصبح جماعياً ، ومحلياً بعدما أصبح عالمياً ..؟!
هل كان منتظراً من العلماء أن يذهبوا بالدماء التي سال لله هدراً ... من غير ثأر وثمر ، ونقمة من غير انتقام ، وخليطاً في التراب لا يوقد ولا يوقد عليه ..؟!
هل كان منتظراً من العلماء أن يعيدوا الاحتلال إلى موقعه بعدما ذهبت القوات المحتلة إلى الخطوط الخارجية إلى حدود العراق الخارجية ..؟
لقد كان لهذه الصولة ابعاداً عظيمة منظورة وغير منظورة ... أبعاداً في النفوس ، وأبعاداً خارج حدود العراق ..!
فلقد شعر كل مجاهد في العراق وفي خارجها بأن يوم خلاصهم قد اقترب وأقترب جداً .
لقد شعر كل فلسطيني بأن عجلة الحياة دارت بسرعة هائلة ، وأن الأمنية البعيدة أصبحت قريبة جداً ، وأن يوم الإنتقام من اليهود قد بات على الأبواب ..
لقد انتشى كل وريث لرسول الله صلى الله عليه وسلم من على منبره في جمعتي الفلوجة في بيوت الله المنتشرة على هذه الأرض ، وامتشق من جديد لسان العز ، وامتلأت قلوب المصلين بفرحة النصر ، وأشرأبت أعينهم وآذانهم لبشائره في كل لحظة إلى هناك ، إلى الفلوجة عرين الأسود المؤمنة ، وهم يرون بأعينهم أنف أمريكا يمرغه الأسود في وحلها في كل لحظة ، وبقوا بانتظار ذبح بقرتها من الوريد إلى الوريد في مذابح الفلوجة ..
ولقد تفتحت المخازن والمحافظ والجيوب الإسلامية في العالم الإسلامي تتمنى النصرة والمشاركة ..!
ولقد هان الأمريكان في أعين العالم كله وما عظموا إلا في أعين علمائنا ، وذلك من تعظيم ' المحسن' لهم وتهويله .. الذي خافهم وخوف بهم ، وداخل الخوف منهم نفوس الخوالف ... وصدق الله إذ قال : [ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ] آل عمران 175
أما أولئك الذين عاشوها وسط الحمم والركام فكانوا يعيشون في سكينة لا نظير لها ، وعزيمة لا حدود لها ... وصدق الله إذ قال في الأولين وكأنه يقول في هؤلاء وهؤلاء : [ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذوا فضل عظيم ]. أل عمران 172ـ175
يا علمائنا الأكارم : لقد أراد بعض' أهل الإحسان ' للأمريكان أن يجعلوا لهم يداً عند الأمريكان لعلهم يذكرونها لهم عند الملمات أو عند التعيينات ، أو اعتباره عند التوازنات وما هذا والله إلا من الغرور الذي نهانا الله عنه بهؤلاء الأقوام ، كما أرادوها يداً عند العراقيين بأنهم حقنوا الدماء وحفظوا البيوت .
هكذا تتسع منهجية المصلحة حتى تغطى في ملاءة واحدة الإسلام والكفر ، والمجاهدين والمعتدين ، والواجب والمحرم ، والأجر والإثم ، والظل و الحرور ، والجنة والنار ..!
ولا يحسب العلماء أنهم بهذا يمسكون العصا من وسطها ، وأن الجهاد هو عصا العلماء التي يهزونها في وجه أمريكا ، وأن أمريكا هي العصا التي يحركونها في وجه المجاهدين ...
لقد حسب عرفات وزمرته ذلك فخسر اليهود وخسر الانتفاضة الجهادية ... فلا هو يخيف اليهود ولا هو يحرك الانتفاضة ، ويدعم بالقدر الذي يضرب به الانتفاضة ، فإذا هدأت الإنتفاضة ركنوه جانباً ونهايته القمامة لا الإمامة ... وصدق الله تعالى إذ قال : [ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دونه من أولياء ثم لا تنصرون ] وهذه هي الحقيقة النهائية ..
إن كل التنازلات التي يقدمها المحتلون للشعب العراقي على وجه العموم وهيئة العلماء على وجه الخصوص إنما هي من بركات الجهاد وضربات المجاهدين .. إنهم الحاضرون الوحيدون في التخطيط الأمريكي ، وفي القرار الأمريكي ، وفي الشارع الأمريكي .
والجميع رأى كيف هان العراقيون في الأيام الأولى في أعين الأمريكان ، وهانت أعراضهم حتى كانت الإنطلاقة في مدرسة الفلوجة المباركة ، وكان سببها الغيرة على العرض .
واليوم تتحالف المجالس العراقية الرسمية وغير الرسمية مع التحالف على إيقاف الجهاد وعقر المجاهدين بصيغ مختلفة ودعاوى متضاربة ..
و والله لو ذهب الجهاد وبقي لهؤلاء المجلسين والإسلاميين الحزبيين لما كان العراقيون في أعين الأمريكان أرقى من أدنى مستعمرة أفريقية ..؟!
وإلا فأي قيمة للعالم المسلم عند هؤلاء الصليبيين ..؟!
ومتى اعتبروهم ـ من قبل ـ حتى يعتبروهم من بعد لولا الجهاد ..؟!
هل استشاركم الأمريكان يوم أن عزموا على ضرب الفلوجة ، وهل استمعوا إلى صراخ الصارخين ..؟!
وهل أصغى الأمريكان لنداءاتكم في إيقاف ضرب الفلوجة يوم أن ضربوها ..؟!
هل سيقبل المحتلون شفاعة العلماء في إطلاق سراح العلماء العراقيين المحبوسين عند الاحتلال ؟
جربوا إذن ...!
لقد كان المنتظر منكم أيها العلماء أن توقدوها وتقودوها وتعوضوا ما فاتكم بعد أن اختار الله لإضرامها غيركم ، مشفقين من قول الله تعالى : [ وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ] التوبة 87.
لقد كانت فرصتكم المثلى لأن تروا الله تعالى ما كنتم ترددونه للطلاب والعامة بأن النصر من عند الله وأن الله ينصر من ينصره ، وأن تفوا بعهود قطعتموها على أنفسكم ، بينكم وبين الله ، وأخرى على المنابر بالجهاد الفعلي .. اللهم إلا من كان منكم ممن استثنى الله : [ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذي لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم . ولا على الذين إذا أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا لا يجدون ما ينفقون . إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ]التوبة 94
لقد أشهدكم الله تعالى هذا المشهد الذي يتمناه كل عالم صادق مجاهد كي يحقق ما أمر الله ليقبض ما وعد الله تعالى والله تعالى يقول : [ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ] التوبة 15
كان المنتظر من العلماء وقد قام المعوقون يرجفون ويقولون : [ إن بيوتنا عورة ] ويقولون [ مالنا بهم طاقة ] ويقولون [ إننا نخشى الفتنة ] ويقولون [ إننا نخشى الدوائر ] ..
كان حرياً بالعلماء أن يصيحوا في وجه المرجفين والمخوفين والمخذلين [ حسبنا الله ونعم الوكيل قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ] التوبة 52
لكنهم لمالم يقفوا هذا الموقف لم ينقلبوا بنعمة من الله وفضل ولا يعلم بما سيجره هذا الموقف عليهم إلا الله تعالى ..
لقد كانت الفرصة سانحة أمام علمائنا الأكارم أن يتقدموا علماء هذا الزمان في أقطار الإسلام ، وعلماء الكلام ويضيفوا لجهاد الكلام جهاد الكِلام والطعان ..
لقد كان المنتظر أن يستنهض العلماء البقية الباقية من المترددين ، فلا يبق قادر على الخروج في العراق إلا خرج ، ليصبح العلماء حجة الله القائمة وقدوة المجاهدين المتقدمة ..
لقد كنا ننتظر ذلك العالم الفذ الذي يخرج على إجماع القعود الدعوي ليرفع رؤوسنا أمام علماء العالم متمثلاً قول الله تعالى : [ فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ] النساء 84
عندها سيكون ذلك العالم والله ـ لو كان ـ شرف أهل السنة ، وصاحب رايتها ، ومجدد أمرها ، ومدمر عدوها بإذن الله تعالى ..
يا علمائنا الأكارم : ماذا بقي بعد هذا ... بقيت الآيات صريحة واضحة لا تبقي لقائد مجالاً ولا لمفت تأويلاً .
إن الإنسان ليعجب والله ـ كيف استطاع هؤلاء الشرعيون المتحزبون أن يتملصوا من كل النصوص القاطعة ..
وماذا رأوا ..؟!
هل رأوا ما رئاه من قبل من قال الله عنه : [ إني أرى ما لا ترون ] ..
أفلم يكن أهل الفلوجة أحق بقول الله تعالى في هذا الزمان : [ وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ] النساء75
بل كان أهل الفلوجة يقولون ربنا أخرج هؤلاء عن قريتنا ...
ألم يكن أهل الفلوجة أحق بقول الله تعالى : [ وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير ] الأنفال 72
أم أن بيننا وبين الأمريكان ميثاق مجلس الزندقة الإنتقالي .. وهو ميثاق محترم شرعاً ..!
ألم يكن أهل الفلوجة أحق بالنفير إليهم ..؟!
قال تعالى : [ يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم غلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ]
لقد كان جهاد الفلوجة جهاد دفع لا جهاد طلب .. فهل يستويان في الحكم ..؟
وكان جهاد الفلوجة جهاد رد صائل لا جهاد طلب آبق ..؟!
وكان جهاد الفلوجة جهاد من جاء يريد أخذ مالهم وانتهاك أعراضهم واستباحة مدينتهم بما فيها ومن فيها ..؟
ألم يكن الأمريكان أحق بالقتال لاستجماعهم أسبابه المنصوصة ، فالله تعالى قال في كتابه : [ ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ] التوبة 13
وستأتي الأيام ، وسيندم هؤلاء على مواقفهم بإذن الله تعالى ، ويعرفون أن المصلحة كانت بالوقوف مع المجاهدين ، ولأن ساعة الندم : [ ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ] الأنعام 53
وأخيراً يا علماؤنا الأكارم : إذا لم يحتمل ويقبل أهل العلم نصيحة طلابهم ، فمن أين ينتظرون النصيحة وممن يقبلونها ..؟!
وإذا لم يعذر طلاب العلم لتألمهم على ضياع علمائهم ، فلأجل أي شيء يتألمون ..؟!
وإذا لم يُسبّح المأمونون خلف أئمتهم ، فمن يسمع الأئمة التسبيح المصحح لهم ..؟!
وإذا لم يتسع صدر العالم وهو الذي جعله الله وريثاً لمن رعوا الأغنام في ابتداء نشأتهم فلأي شيء يتسع صدره ؟
وإذا لم يعمل أهل العلم بما يرددونه على منابرهم من قول الفاروق : [ لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها ] .. فمن يطبق هذه المقولة ..؟!
وإذا فررنا نحن كطلاب علم من انعدام والخيرية بالسكوت فقلناها ، أفلا يعجب أن يكون العالم أعظم فراراً من الإعراض عنها ..؟!
وإذا لم تكن نصيحتنا مقبولة وهي مبنية على الكتاب والسنة الصحيحة والعقل الصريح والمصلحة الواقعية بمنظار الشريعة فمتى تكون النصيحة مقبولة ومتى نخضع أعناقنا للحق ؟!
إن العالم الحق هو أسعد الناس بالنصيحة لأن فيها إنقاذاً له قبل غيره و إعذاراً له من أن يتعلق به المعذورون فينجون هم ويهلك هو ..!
وإن الرجل ليخاف أن تهلكه أوزاره أقوى ما يكون ، فكيف يتحمل أوزار الآخرين أحوج ما يكون ... وفيها دماء وأعراض ومصير الإسلام نفسه .؟!
إن حاجة هيئتنا للنصيحة منى ومن غيري اليوم أكثر ما تكون أهمية ..
كيف لا وهي الهيئة الوليدة التي كانت ولادتها في ظروف عصيبة ربما لم تمر بها هيئة في العصر الحاضر ..!
كيف لا وهي الهيئة التي تواجه في نفس البلاد حوزة ضخمة ، لها من الإسناد السياسي الداخلي والخارجي والمعنوي والمادي ما لا يعلم بقدره وثقله إلا الله ..؟!
كيف لا وهي الهيئة التي جل أفرادها من شباب لم تنضجهم الأحداث الحياتية ، ولا الصدامات العالمية ، ولا المعتركات السياسية ... فوجدوا أنفسهم فجأة وسط هذا العالم المتصارع ، وقد أصبح العراق محورة العالم وأصبحت الهيئة محور الأحداث ..؟!
كيف لا وقد وجدوا أنفسهم أفراداً متفرقين في عراق تبعثر فجأة وسط مجموعة من الإسلاميين المتحزبين الذين يفكرون ويخططون بطريق جماعي ونحو هدف لهم محدد بمنهجية محددة ..؟!
كيف لا والتأصيل الشرعي العميق ينقص الأغلبية الغالبة من منتسبي الهيئة في وقت لا يجد المسلم فيه النجاة إلا بالتزام الدليل الشرعي الصحيح ..
كيف لا والأمر لم ينته بعد ، وهذه الصولة الجهادية قابلة للتجدد والتفجر ومثيلاتها كثير ، فلا بد من الإعتبار ولا بد من التقييم والتناصح والقبول والإعذار ...
وخير للمرء أن يحشر فرداً يسأل عن نفسه من أن يسال عن أمة في ظروف الفتنة .
وخير للمرء أن يمسك سلاحه ويقاتل كجندي من أن يتصدر كقائد بعمامته محسن هندامه الحضاري مخنجر لحية وجهه الإعلامي ، منكس خنجره الجهادي ..؟!
خير للمرء أن يتسابق للقاء العدو في ميدان الإستشهاد من أن يتسابق إلى الظهور والشهرة في ظروف العمل والجلاد ...!
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى ج3 ص438 :
{ مسألة : في أجناد يمتنعون عن قتال التتار ، ويقولون : إن فيهم من يخرج مكرها معهم وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا ..؟!
الجواب : الحمد لله رب العالمين . قتال التتار الذين قدموا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة ، و فإن الله يقول في القرآن : [ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ] الأنفال 39
والدين هو الطاعة ، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال ن حتى يكون الدين كله لله ، ولهذا قال الله تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ] البقرة 279 }
فماذا يقول شيخ الإسلام فيمن يشك ، بل يمتنع من قتال هؤلاء ..؟!
وماذا يقول فيمن يقول ذلك في كافر ..؟؟!
ويعلم الله ـ وكفى بالله عليما ـ أنني لا أعادي أحداً ولا ألمزه لمجرد أنه من حزب كذا أو كذا .. فهذا فعل من انتصر لنفسه أو لحزبه التنظيمي ، والله يشهد وكفى بالله شهيداً أن ليس لي تنظيم حزبي ولا حزب تنظيمي ...
داعياً كل متحزب إسلامي أن يتجرد لله وحده ، ويكون صادقاً من قلبه في إخائه لغير حزبه كما لحزبه ، غيوراً على عراقه أكثر من غيرته لحزبه ، مجاهداً في العمل بالكتاب والسنة أعظم من جهاده في تطبيق أوامر قادته ، صادعاً بالحق في وجه حزبه صدوعه به في وجوه عامة المسلمين ..
متمنياً لكل من في الهيئة المكرمة ممن له تنظيم أو غيره أن يتخلص من تبعيته الحزبية في الفتوى أو التوجه العلمي أو النظر للآخرين ..
إذ هو في مقام المخبر عن الله لا عن تنظيمه ، ومقام خلافه رسل الله عليهم السلام لا عن قادته .. المقام الذي تحتكم إليه التنظيمات ليقضي بينها إذا اختلفت ويجمع شتاتها إذا تخاصمت لا أن ينزل عن مقامه ليكون خصماً من الخصوم ، مستغلاً ظروف البلاد لعلو حزبه ، ومسخراً هيئة العلماء لمنهجية حزبه ، منتظراً الفرصة كي يجعل الهيئة تحت عباءته الحزبية ، موالياً من يواليه حزبه ولو كان عدواً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معادياً من يعاديه حزبه ولو كان مجاهداً في سبيل الله قد اشترى الجنة وباع نفسه وماله ودنياه ...!
يا أهل العلم والدعوة : كثيراً ما يرسل الله تعالى قضاءه بالعظائم الطوام ... فيردها الله تعالى بالرجال العظام ، والأئمة الأعلام ... فهل نكون أعظم رجال في هذا الزمان ... الصارفين لأعظم الأحداث عن الإسلام وبلاد الإسلام ..؟
أم سنة الإستبدال ستطويكم كما طوت من قبلكم ، رجالاً حملوا القرآن والسنة وعلم الدين ، لكنهم لم يحملوه ... وما أكثرهم ..؟
فلقد طوت فتنة خلق القرآن الكثير من علماء بغداد ، ولكن الله أبقى لهم إمامهم أحمد بن حنبل البغدادي الشيباني علماً شامخاً إلى يوم القيامة ...
وطوت فتنة شراء الملك للمماليك ، وبيع الذمم الكثير من علماء مصر ، وردها الله بالإمام العز بن عبد السلام ...
وطوت فتنة التتار الكثير من علماء الشام ، وجمع الله الأمة على يد شيخ الإسلام ..
وطوت فتنة الإحتلال الحديث المسمى بالإستعمار العديد من العلماء في مختلف أصقاع الإسلام ، لكنها أبقت في كل بلد عالماً وعصبة أو أكثر ... فصرف الله بهم شر ما قضى وقدر ... وأبطل بهم الكيد ورد بهم الشر ..
وهذا هو موعود الله تعالى ، وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم ، يحققه على يد من يصطفيهم من خلقه في كل مكان وكل زمان ... فلقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : [ يأيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سيبل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسه عليم ] ...
وفي الحديث المتفق عليه ، يقول صلى الله عليه وسلم : ' لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ' .
ويبقى السؤال الذي ستجيب عليه الأيام : من منا أبقاه الله ليكشف به هذه العظائم و الطوام ، ومن منا ستطويه الأيام ... كما طوت الفئام من الأنام ... بل كما تطوى الأنعام .
إذن فالأمر جد ... و الإبتلاء العظيم حلّ بساحتنا أو كاد .. وموعد الله جاء ...
[ أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة . والله خبير بما تعملون ] التوبة 16
إن للهيئة أهدافها المعروفة ، ولكن الحليم في ظروف الفتن يذهل ، فيصبح حيران ، يحتاج إلى التذكير قبل أن يتقمص الدر الآخر فيتحول إلى مدافع عنه بعد أن كان محايداً ..
لقد آن للهيئة أن تعود إلى خط علماء الإسلام المستقيم في ظروف الفتن ، الخط الذي لا تشغله الحظوظ الشخصية ولا التحزبية عن استقامته وبلوغ هدفه ..
آن لها أن تتمسك بحبل الله المتين في هذه الفتن ، وعروة الله الوثقى ، ففيها النجاة وفيها السلامة والوصول .. ألا إن عروة الله هي كتابه وسنة ونبيه صلى الله عليه وسلم وأن تنأى بنفسها عن التسيس المجرد ، والمصلحة الحزبية المغلفة ..
آن للهيئة أن تتعالى عن النظرة القاصرة التي لا تتعدى مواقف لمراحل آنية أو مواقع مكانية محدودة ، أو مناصب إدارية أو سياسية ..
ولتعلم أنها تكتب تاريخياً وأن التاريخ يكتب عنها ، وأنها تخبر عن مراد الله تعالى وحكمه ، وأن الله سوف يوقفها ، وأنها وريثة المرسلين .. فأنى لموسى أن يكون وزيراً لفرعون ، وأنى لشيخ الإسلام أن يكون معيناً لقازان ... وأنى للعز أن يكون مملوكاً للمماليك ، وأنى لوريث النبي أن يرعى الخنازير لبريمر ..
آن للهيئة أن يكون لها موقع صدق في قلب كل عراقي ... لكن هذا الموقع لن يتأتى إلا بالتجرد الكامل لله عز وجل ظاهراً وباطناً ، كما لن يتأتي إلا بالمواقف الثابتة في الفتن المتتابعة ، والتضحيات الكبرى وسط الأهوال العظمى ، وتقدم الناس أوقات المخاطر لا أوقات المنابر والمحابر ..
أما الخطابات والكتابات والكلمات والمؤتمرات فإنها دعاوى تفتقر إلى التصديق و الإثبات ، ولا يكون ذلك إلا بما ذكرنا والعاقبة للمتقين ..
إنها رسالــة من أعمــاق الفلوجــة الباسلـة ...
عزيمتي إيصالهـا لكل عالم بطريقة عاجلــة ..
فلعلـه يعذر إلى اللـه وتسلم القافلة ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[1] الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ج2 ص887
[2] الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ج2 ص 887
[3] كما رواه الإمام أحمد بسند حسن . صحيح الترغيب والترهيب ج2 ص 1339
بقلم : طالب علم عراقي
وسؤالي للمتجردين في هيئة علماء المسلمين .. هل يجوز لي ولكم السكوت على هذه المصائب ، الظاهرة ، العامة ، المعلنة ، الدائمة ، القادمة ...؟!
سيتولى هؤلاء المتحزبون بعد كل هذا إلى خارج العراق ليفاخروا كلاً بما يهوى ..
فمن كان يهوى الجهاد أظهروا له أنهم أبطاله وتاجروا بدماء أهل الفلوجة .
ومن كان يرى الحكمة كما يزعمون فاخروه بأنهم الذين أطفأ الله بهم نار الفتنة ..؟!
كل ذلك لاستدرار الجيوب وذم المجاهدين وكسب الأصوات والشهرة ..
وإذا ما حصلت ضربات للفلوجة وقتلى في أهلها وفي غير الفلوجة جاؤوا يندبون ويتلاومون ويقولون : نحن أهل 'الإصلاح' ، وقد قلنا لكم إن الصلح خير ..؟!
ومثل هذا مثل من يقول محتجاً على دعواه إذا ضرب شارون اليوم القادة الإسلاميين أو اجتاح بعض المناطق ... خرج قائلاً : هلاً وافقتم على طلب أبو رقيبة بتوقيع الصلح مع إسرائيل عام 1963م ... تماماً كما يقول هؤلاء : [ تشابهت قلوبهم ] ، وكأن العهود تمسك يد هؤلاء ..؟!
وكأن ما عاهدهم أولاً فقد سبق إلى الخيرات أو أنه أمن أولاً .
وكأن الله تعالى لم يقل في كتابه العزيز : [ أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريقاً منهم ..] أو أنه لم يقل : [ إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ..]
والواقع يشهد بأنه كلما تقدم توقيع الصلح مع هؤلاء تقدم احتلالهم لبلادنا أكثر ..! والحقيقة المبكية أن كل مصيبة تصاب بها الفلوجة اليوم وغيرها هي صفعة لهؤلاء الذين كذبوا علينا ، هؤلاء الذين سوقوا للعدو بيننا ، هؤلاء الذين أنقذوا العدو لضربنا ولهدم بيوتنا وإلا فهل كان العدو قادراً على النجاة وقد تناوشته النيران من كل جهة ، وانقطع عنه مدد الأرض ومدد السماء ..
فأي إفك أعظم ، وأي لباس لثياب الزور وللبهتان أكبر من هذا ..؟!
و والله لو قالوا اليوم للعدو : نحن لا نستطيع فعل شيء ، اذهبوا وتحاوروا مع المجاهدين مباشرة ..؟! لرأوا كيف يذل العدو ويقبل أرجلهم ..!
لكنهم أهون من أن يزعجوا العدو أو يذلوه ، وأبعد من أن يتنازلوا للمجاهدين عن أمر .!
وجاء الإعلان الأمريكي بالانسحاب من الفلوجة دون شروط ..
فلا أدري أهو إعلان هزيمة أمريكا أمام الحزب أم أمام المجاهدين ..؟!
و والله لو كذّبنا كل الحقائق ، وقلنا أنها تحررت بمفاوضات هؤلاء الحزبيين لكانت الحقيقة الكبرى هي أن هؤلاء حجموا تحرير العراق كله وقزموا إلى تحرير الفلوجة ، ولملموا هزيمة أمريكا كلها في العراق كله وفي الدنيا إلى هزيمة جزئية في الفلوجة ..
وهكذا كان الحزب الإسلامي هو الجابر لكسر أمريكا ، الساتر لعورتها ، المنقذ لها في اللحظة الأخيرة ..
ومن الغريب حقاً ، أن يأتي أقطاب الحزب الإسلامي ... فيصرحون ، جامعين بين البجاحة والصلافة ، بأننا الذين حقنا الدماء ، وأعدنا الإعمار وحررنا البلدة ..؟!
والسؤال الذي يجب أن يجيبوا عليه ـ إن استطاعوا ـ إذا كانوا هم حقاً من حرر الفلوجة ، وليست قوة الجهاد في سبيل الله هو :
لماذا لم تحرروا بقية مناطق العراق بنفس أسلوبكم الذي حررتم به الفلوجة ..؟!
ما هذا الضغط الذي تملكونه بحيث تستطيعون من خلاله تحرير مناطق العراق ثم لا تفعلونه .؟!
ولماذا لا تنتقلوا لتحرروا فلسطين بذات الأسلوب ..؟!
فإن كانت عندكم هذه القدرة ولا تستخدمونها ، فأنتم إما خونة للوطن لأنكم لا تستخدمون ضغطكم هذا ... وإما أنكم لابسي ثوبي زور تريدون قطف ثمار المجاهدين ونسبتها لأنفسكم ..؟!
والحق أنكم متخصصون في إطفاء نار الجهاد ونوره من خلال تلبسكم لباسه ، وكلامكم بلسانه وإنشاده ، وطعنكم إياه في مقتله ..؟!
واللـه إنه عيب ونفاق صريح ... أما النفاق الصريح فهو أن يتبجح الإنسان و يعترف بأنه يقف في الصف المقابل للجهاد في سبيل الله ..
وأما العيب فهو أن يسترخص تضحيات هؤلاء المجاهدين فينسب الفضل لنفسه ، بل يجعل تلك التضحيات هي العيب والخطيئة التي قام هو بتصحيحها وإدراكها ..؟!
في أي زمن نحن نعيش حتى نرى الحجة للخوالف على النافرين ، ونرى الصدق مع الجبناء الأحياء ، على السادة الشهداء ..؟!
إنها سنة النفاق الأولى ، تلك التي كانت تعتب على الشهاد ، لأنهم ما أخذوا بنصيحة المنافقين وقعدوا معهم : [ الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ] آل عمران 169
إن البجاحة الكلامية بعد الجهاد سنة نفاقية : [ أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ]الأحزاب 19
وبهذا المنطق يصبح الحق مع بني إسرائيل الذين : [قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ] المائدة 24
لا مع الرجلين الذين قال الله فيهم : [قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ] المائدة 23
ألا يستحي المرء من أصحابه وأتباعه ، وقد أقعدهم عن الجهاد في سبيل الله ..؟!
ألا يخشى أن يتركه أصحابه من أبناء العشائر وغيرهم ، بحكم إسلامهم وتربيتهم وعشائريتهم الحقة ، حيث يرون إخوانهم يقاتلون ثم هم يأمرون بالقعود فيقعدوا ، كذاك الذي جاءه أبو جهل بمحجرة حين تخلف عن المعركة ، وأخذ يطيبه بدخانها ويقول له : اقعد فإنما أنت امرأة ...؟! فأخذته النخوة وقام معه إلى المعركة ..
أفيرضى هؤلاء الغيارى أن يكون أبو جهل أكثر منهم غيرة ..
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال : [ إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، وإذا لم تستح فقل ما شئت ] .
سيستمر هذا الأمر أيها الأتباع كلما استمرت هذه المواقف والوقائع الجهادية ، ولن يتخلف هؤلاء عن منهجهم إلا مرة واحدة ، تلك المرة هي يوم أن تبدو لهم الثمرة قريبة ، وغير مكلفة ، وأن ركوب الموجة وقيادتها سيثمر رئاسة أو شهرة أو نحو ذلك : [ لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ] التوبة 42
ولا يستطيع هؤلاء أن يزعموا أنهم بتأثيرهم في الساحة الجهادية ضغطوا .. فالكل يعرف أنهم لا رصيد لهم في هذه الساحة ، بل هم على النقيض منها ، وأن الذين شاركوا فيها في الفلوجة من حزبهم لم يشاركوا بإذن منهم ، بل جرفتهم غيرة الإسلام ، وردة الفعل الطبيعية للنفس الأبية ، وما يعرفه الواحد منهم من مبادئ الإسلام الأساسية ..
وكفى هذه القيادة أنها بقرارها كفت أيدي أصحابها عن الجهاد ، وجعلتهم نشازاً في نسق الجهاد المتصاعد هناك ، وأخجلتهم أمام إخوانهم ، حيث كانوا بالأمس يقاتلون بجوارهم في خندق واحد ، واليوم وبعدما اشتدت المعارك انسحبوا وانحازوا ، وأصبحوا يقفون في صف محسن عبد الحميد الواقف في صف العدو ...!
وإلا ، فماذا يقابل صف الجهاد إلا صف أعداءه ..؟!
وأي فخر في هذا ..؟!
نعم ، إن كان ثمة فخر فهو فخر عبد الله بن أبي سلول حين خرج في أول غزوة أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم انحاز بهم بعد ذلك وعاد إلى المدينة .. إن كان في هذا فخر !
وإذا تمرس هؤلاء الكبراء في الصد عن الجهاد في سبيل الله ولم يستشعروا الذنب الكبير ، فإن العتاب موصولاً بالعتاب على هؤلاء الشباب الذين يعرفون كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويرون الواقع ووجوب النصرة والدفاع ، ومع هذا يتركون لنداء فلان أو فلان من البشر ..
هذا والعلماء يجمعون على أنه في مثل تلك الحال لا يستأذن الوالدان ، فضلاً عن من سواهما ..؟!
ولا أدري كيف لم يستحضر هؤلاء المجاهدون اتفاق العلماء على أن من حضر ميدان المعركة وجب عليه الجهاد وحرم عليه الإنسحاب ...
يقول ابن قدامة[1] : ' إذا التقى الزحفان ، وتقابل الصفان حرم على من حضر الإنصراف وتعين عليه المقام لقول الله تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ] الأنفال 45
ويقول صاحب كتاب الجهاد والقتال في السياسة الشرعية : ' والحكمة في صيرورة الجهاد فرض عين على كل فرد يحضر المعركة ، وتحريم انصرافه عنها هو أن انصراف بعض المقاتلين عن القتال حال اشتباك الحرب بين المسلمين وأعدائهم هو خذلان للمسلمين المقاتلين من شأنه أن يضعف جانبهم ، وينشر الفوضى والبلبلة والذعر بين صفوفهم ، ويجزئ الكفار عليهم ويجعل ميزان القوى يميل لمصلحة أعدائهم ، ومن هنا ، جاء الشرع بالثبات عند اللقاء ، وتحريم الفرار ، والتولي يوم الزحف .[2]
أيها الأتباع : إن إلقاء السلاح كالفرار يوم الزحف ، وهو من السبع الموبقات ، وأكبر الأكابر ، ومن الذنوب الخمس ، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهن كفارة ..[3]
إذن فليتب إلى الله تعالى كل واحد من هؤلاء الشباب وليعزموا على ألا يعودوا لمثله أبداً ، عسى الله أن يكفر عنهم سيئاتهم ويصلح بالهم .. وليكن شعار كل صادق شعار أنس بن النضر الذي قال : [ لئن أشهدني الله مشهداً آخر ليرين الله ما أصنع ]
الوقفة الرابعة: عالمنـا المنتظــر ...
هل كان منتظراً من العلماء أن يعيدوا الجهاد دفاعياً بعد أن تحول فعلياً إلى جهاد هجومي وفردياً بعدما أصبح جماعياً ، ومحلياً بعدما أصبح عالمياً ..؟!
هل كان منتظراً من العلماء أن يذهبوا بالدماء التي سال لله هدراً ... من غير ثأر وثمر ، ونقمة من غير انتقام ، وخليطاً في التراب لا يوقد ولا يوقد عليه ..؟!
هل كان منتظراً من العلماء أن يعيدوا الاحتلال إلى موقعه بعدما ذهبت القوات المحتلة إلى الخطوط الخارجية إلى حدود العراق الخارجية ..؟
لقد كان لهذه الصولة ابعاداً عظيمة منظورة وغير منظورة ... أبعاداً في النفوس ، وأبعاداً خارج حدود العراق ..!
فلقد شعر كل مجاهد في العراق وفي خارجها بأن يوم خلاصهم قد اقترب وأقترب جداً .
لقد شعر كل فلسطيني بأن عجلة الحياة دارت بسرعة هائلة ، وأن الأمنية البعيدة أصبحت قريبة جداً ، وأن يوم الإنتقام من اليهود قد بات على الأبواب ..
لقد انتشى كل وريث لرسول الله صلى الله عليه وسلم من على منبره في جمعتي الفلوجة في بيوت الله المنتشرة على هذه الأرض ، وامتشق من جديد لسان العز ، وامتلأت قلوب المصلين بفرحة النصر ، وأشرأبت أعينهم وآذانهم لبشائره في كل لحظة إلى هناك ، إلى الفلوجة عرين الأسود المؤمنة ، وهم يرون بأعينهم أنف أمريكا يمرغه الأسود في وحلها في كل لحظة ، وبقوا بانتظار ذبح بقرتها من الوريد إلى الوريد في مذابح الفلوجة ..
ولقد تفتحت المخازن والمحافظ والجيوب الإسلامية في العالم الإسلامي تتمنى النصرة والمشاركة ..!
ولقد هان الأمريكان في أعين العالم كله وما عظموا إلا في أعين علمائنا ، وذلك من تعظيم ' المحسن' لهم وتهويله .. الذي خافهم وخوف بهم ، وداخل الخوف منهم نفوس الخوالف ... وصدق الله إذ قال : [ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ] آل عمران 175
أما أولئك الذين عاشوها وسط الحمم والركام فكانوا يعيشون في سكينة لا نظير لها ، وعزيمة لا حدود لها ... وصدق الله إذ قال في الأولين وكأنه يقول في هؤلاء وهؤلاء : [ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذوا فضل عظيم ]. أل عمران 172ـ175
يا علمائنا الأكارم : لقد أراد بعض' أهل الإحسان ' للأمريكان أن يجعلوا لهم يداً عند الأمريكان لعلهم يذكرونها لهم عند الملمات أو عند التعيينات ، أو اعتباره عند التوازنات وما هذا والله إلا من الغرور الذي نهانا الله عنه بهؤلاء الأقوام ، كما أرادوها يداً عند العراقيين بأنهم حقنوا الدماء وحفظوا البيوت .
هكذا تتسع منهجية المصلحة حتى تغطى في ملاءة واحدة الإسلام والكفر ، والمجاهدين والمعتدين ، والواجب والمحرم ، والأجر والإثم ، والظل و الحرور ، والجنة والنار ..!
ولا يحسب العلماء أنهم بهذا يمسكون العصا من وسطها ، وأن الجهاد هو عصا العلماء التي يهزونها في وجه أمريكا ، وأن أمريكا هي العصا التي يحركونها في وجه المجاهدين ...
لقد حسب عرفات وزمرته ذلك فخسر اليهود وخسر الانتفاضة الجهادية ... فلا هو يخيف اليهود ولا هو يحرك الانتفاضة ، ويدعم بالقدر الذي يضرب به الانتفاضة ، فإذا هدأت الإنتفاضة ركنوه جانباً ونهايته القمامة لا الإمامة ... وصدق الله تعالى إذ قال : [ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دونه من أولياء ثم لا تنصرون ] وهذه هي الحقيقة النهائية ..
إن كل التنازلات التي يقدمها المحتلون للشعب العراقي على وجه العموم وهيئة العلماء على وجه الخصوص إنما هي من بركات الجهاد وضربات المجاهدين .. إنهم الحاضرون الوحيدون في التخطيط الأمريكي ، وفي القرار الأمريكي ، وفي الشارع الأمريكي .
والجميع رأى كيف هان العراقيون في الأيام الأولى في أعين الأمريكان ، وهانت أعراضهم حتى كانت الإنطلاقة في مدرسة الفلوجة المباركة ، وكان سببها الغيرة على العرض .
واليوم تتحالف المجالس العراقية الرسمية وغير الرسمية مع التحالف على إيقاف الجهاد وعقر المجاهدين بصيغ مختلفة ودعاوى متضاربة ..
و والله لو ذهب الجهاد وبقي لهؤلاء المجلسين والإسلاميين الحزبيين لما كان العراقيون في أعين الأمريكان أرقى من أدنى مستعمرة أفريقية ..؟!
وإلا فأي قيمة للعالم المسلم عند هؤلاء الصليبيين ..؟!
ومتى اعتبروهم ـ من قبل ـ حتى يعتبروهم من بعد لولا الجهاد ..؟!
هل استشاركم الأمريكان يوم أن عزموا على ضرب الفلوجة ، وهل استمعوا إلى صراخ الصارخين ..؟!
وهل أصغى الأمريكان لنداءاتكم في إيقاف ضرب الفلوجة يوم أن ضربوها ..؟!
هل سيقبل المحتلون شفاعة العلماء في إطلاق سراح العلماء العراقيين المحبوسين عند الاحتلال ؟
جربوا إذن ...!
لقد كان المنتظر منكم أيها العلماء أن توقدوها وتقودوها وتعوضوا ما فاتكم بعد أن اختار الله لإضرامها غيركم ، مشفقين من قول الله تعالى : [ وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استئذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ] التوبة 87.
لقد كانت فرصتكم المثلى لأن تروا الله تعالى ما كنتم ترددونه للطلاب والعامة بأن النصر من عند الله وأن الله ينصر من ينصره ، وأن تفوا بعهود قطعتموها على أنفسكم ، بينكم وبين الله ، وأخرى على المنابر بالجهاد الفعلي .. اللهم إلا من كان منكم ممن استثنى الله : [ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذي لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم . ولا على الذين إذا أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا لا يجدون ما ينفقون . إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ]التوبة 94
لقد أشهدكم الله تعالى هذا المشهد الذي يتمناه كل عالم صادق مجاهد كي يحقق ما أمر الله ليقبض ما وعد الله تعالى والله تعالى يقول : [ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ] التوبة 15
كان المنتظر من العلماء وقد قام المعوقون يرجفون ويقولون : [ إن بيوتنا عورة ] ويقولون [ مالنا بهم طاقة ] ويقولون [ إننا نخشى الفتنة ] ويقولون [ إننا نخشى الدوائر ] ..
كان حرياً بالعلماء أن يصيحوا في وجه المرجفين والمخوفين والمخذلين [ حسبنا الله ونعم الوكيل قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ] التوبة 52
لكنهم لمالم يقفوا هذا الموقف لم ينقلبوا بنعمة من الله وفضل ولا يعلم بما سيجره هذا الموقف عليهم إلا الله تعالى ..
لقد كانت الفرصة سانحة أمام علمائنا الأكارم أن يتقدموا علماء هذا الزمان في أقطار الإسلام ، وعلماء الكلام ويضيفوا لجهاد الكلام جهاد الكِلام والطعان ..
لقد كان المنتظر أن يستنهض العلماء البقية الباقية من المترددين ، فلا يبق قادر على الخروج في العراق إلا خرج ، ليصبح العلماء حجة الله القائمة وقدوة المجاهدين المتقدمة ..
لقد كنا ننتظر ذلك العالم الفذ الذي يخرج على إجماع القعود الدعوي ليرفع رؤوسنا أمام علماء العالم متمثلاً قول الله تعالى : [ فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ] النساء 84
عندها سيكون ذلك العالم والله ـ لو كان ـ شرف أهل السنة ، وصاحب رايتها ، ومجدد أمرها ، ومدمر عدوها بإذن الله تعالى ..
يا علمائنا الأكارم : ماذا بقي بعد هذا ... بقيت الآيات صريحة واضحة لا تبقي لقائد مجالاً ولا لمفت تأويلاً .
إن الإنسان ليعجب والله ـ كيف استطاع هؤلاء الشرعيون المتحزبون أن يتملصوا من كل النصوص القاطعة ..
وماذا رأوا ..؟!
هل رأوا ما رئاه من قبل من قال الله عنه : [ إني أرى ما لا ترون ] ..
أفلم يكن أهل الفلوجة أحق بقول الله تعالى في هذا الزمان : [ وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ] النساء75
بل كان أهل الفلوجة يقولون ربنا أخرج هؤلاء عن قريتنا ...
ألم يكن أهل الفلوجة أحق بقول الله تعالى : [ وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير ] الأنفال 72
أم أن بيننا وبين الأمريكان ميثاق مجلس الزندقة الإنتقالي .. وهو ميثاق محترم شرعاً ..!
ألم يكن أهل الفلوجة أحق بالنفير إليهم ..؟!
قال تعالى : [ يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم غلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ]
لقد كان جهاد الفلوجة جهاد دفع لا جهاد طلب .. فهل يستويان في الحكم ..؟
وكان جهاد الفلوجة جهاد رد صائل لا جهاد طلب آبق ..؟!
وكان جهاد الفلوجة جهاد من جاء يريد أخذ مالهم وانتهاك أعراضهم واستباحة مدينتهم بما فيها ومن فيها ..؟
ألم يكن الأمريكان أحق بالقتال لاستجماعهم أسبابه المنصوصة ، فالله تعالى قال في كتابه : [ ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ] التوبة 13
وستأتي الأيام ، وسيندم هؤلاء على مواقفهم بإذن الله تعالى ، ويعرفون أن المصلحة كانت بالوقوف مع المجاهدين ، ولأن ساعة الندم : [ ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ] الأنعام 53
وأخيراً يا علماؤنا الأكارم : إذا لم يحتمل ويقبل أهل العلم نصيحة طلابهم ، فمن أين ينتظرون النصيحة وممن يقبلونها ..؟!
وإذا لم يعذر طلاب العلم لتألمهم على ضياع علمائهم ، فلأجل أي شيء يتألمون ..؟!
وإذا لم يُسبّح المأمونون خلف أئمتهم ، فمن يسمع الأئمة التسبيح المصحح لهم ..؟!
وإذا لم يتسع صدر العالم وهو الذي جعله الله وريثاً لمن رعوا الأغنام في ابتداء نشأتهم فلأي شيء يتسع صدره ؟
وإذا لم يعمل أهل العلم بما يرددونه على منابرهم من قول الفاروق : [ لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها ] .. فمن يطبق هذه المقولة ..؟!
وإذا فررنا نحن كطلاب علم من انعدام والخيرية بالسكوت فقلناها ، أفلا يعجب أن يكون العالم أعظم فراراً من الإعراض عنها ..؟!
وإذا لم تكن نصيحتنا مقبولة وهي مبنية على الكتاب والسنة الصحيحة والعقل الصريح والمصلحة الواقعية بمنظار الشريعة فمتى تكون النصيحة مقبولة ومتى نخضع أعناقنا للحق ؟!
إن العالم الحق هو أسعد الناس بالنصيحة لأن فيها إنقاذاً له قبل غيره و إعذاراً له من أن يتعلق به المعذورون فينجون هم ويهلك هو ..!
وإن الرجل ليخاف أن تهلكه أوزاره أقوى ما يكون ، فكيف يتحمل أوزار الآخرين أحوج ما يكون ... وفيها دماء وأعراض ومصير الإسلام نفسه .؟!
إن حاجة هيئتنا للنصيحة منى ومن غيري اليوم أكثر ما تكون أهمية ..
كيف لا وهي الهيئة الوليدة التي كانت ولادتها في ظروف عصيبة ربما لم تمر بها هيئة في العصر الحاضر ..!
كيف لا وهي الهيئة التي تواجه في نفس البلاد حوزة ضخمة ، لها من الإسناد السياسي الداخلي والخارجي والمعنوي والمادي ما لا يعلم بقدره وثقله إلا الله ..؟!
كيف لا وهي الهيئة التي جل أفرادها من شباب لم تنضجهم الأحداث الحياتية ، ولا الصدامات العالمية ، ولا المعتركات السياسية ... فوجدوا أنفسهم فجأة وسط هذا العالم المتصارع ، وقد أصبح العراق محورة العالم وأصبحت الهيئة محور الأحداث ..؟!
كيف لا وقد وجدوا أنفسهم أفراداً متفرقين في عراق تبعثر فجأة وسط مجموعة من الإسلاميين المتحزبين الذين يفكرون ويخططون بطريق جماعي ونحو هدف لهم محدد بمنهجية محددة ..؟!
كيف لا والتأصيل الشرعي العميق ينقص الأغلبية الغالبة من منتسبي الهيئة في وقت لا يجد المسلم فيه النجاة إلا بالتزام الدليل الشرعي الصحيح ..
كيف لا والأمر لم ينته بعد ، وهذه الصولة الجهادية قابلة للتجدد والتفجر ومثيلاتها كثير ، فلا بد من الإعتبار ولا بد من التقييم والتناصح والقبول والإعذار ...
وخير للمرء أن يحشر فرداً يسأل عن نفسه من أن يسال عن أمة في ظروف الفتنة .
وخير للمرء أن يمسك سلاحه ويقاتل كجندي من أن يتصدر كقائد بعمامته محسن هندامه الحضاري مخنجر لحية وجهه الإعلامي ، منكس خنجره الجهادي ..؟!
خير للمرء أن يتسابق للقاء العدو في ميدان الإستشهاد من أن يتسابق إلى الظهور والشهرة في ظروف العمل والجلاد ...!
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى ج3 ص438 :
{ مسألة : في أجناد يمتنعون عن قتال التتار ، ويقولون : إن فيهم من يخرج مكرها معهم وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا ..؟!
الجواب : الحمد لله رب العالمين . قتال التتار الذين قدموا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة ، و فإن الله يقول في القرآن : [ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ] الأنفال 39
والدين هو الطاعة ، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال ن حتى يكون الدين كله لله ، ولهذا قال الله تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ] البقرة 279 }
فماذا يقول شيخ الإسلام فيمن يشك ، بل يمتنع من قتال هؤلاء ..؟!
وماذا يقول فيمن يقول ذلك في كافر ..؟؟!
ويعلم الله ـ وكفى بالله عليما ـ أنني لا أعادي أحداً ولا ألمزه لمجرد أنه من حزب كذا أو كذا .. فهذا فعل من انتصر لنفسه أو لحزبه التنظيمي ، والله يشهد وكفى بالله شهيداً أن ليس لي تنظيم حزبي ولا حزب تنظيمي ...
داعياً كل متحزب إسلامي أن يتجرد لله وحده ، ويكون صادقاً من قلبه في إخائه لغير حزبه كما لحزبه ، غيوراً على عراقه أكثر من غيرته لحزبه ، مجاهداً في العمل بالكتاب والسنة أعظم من جهاده في تطبيق أوامر قادته ، صادعاً بالحق في وجه حزبه صدوعه به في وجوه عامة المسلمين ..
متمنياً لكل من في الهيئة المكرمة ممن له تنظيم أو غيره أن يتخلص من تبعيته الحزبية في الفتوى أو التوجه العلمي أو النظر للآخرين ..
إذ هو في مقام المخبر عن الله لا عن تنظيمه ، ومقام خلافه رسل الله عليهم السلام لا عن قادته .. المقام الذي تحتكم إليه التنظيمات ليقضي بينها إذا اختلفت ويجمع شتاتها إذا تخاصمت لا أن ينزل عن مقامه ليكون خصماً من الخصوم ، مستغلاً ظروف البلاد لعلو حزبه ، ومسخراً هيئة العلماء لمنهجية حزبه ، منتظراً الفرصة كي يجعل الهيئة تحت عباءته الحزبية ، موالياً من يواليه حزبه ولو كان عدواً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معادياً من يعاديه حزبه ولو كان مجاهداً في سبيل الله قد اشترى الجنة وباع نفسه وماله ودنياه ...!
يا أهل العلم والدعوة : كثيراً ما يرسل الله تعالى قضاءه بالعظائم الطوام ... فيردها الله تعالى بالرجال العظام ، والأئمة الأعلام ... فهل نكون أعظم رجال في هذا الزمان ... الصارفين لأعظم الأحداث عن الإسلام وبلاد الإسلام ..؟
أم سنة الإستبدال ستطويكم كما طوت من قبلكم ، رجالاً حملوا القرآن والسنة وعلم الدين ، لكنهم لم يحملوه ... وما أكثرهم ..؟
فلقد طوت فتنة خلق القرآن الكثير من علماء بغداد ، ولكن الله أبقى لهم إمامهم أحمد بن حنبل البغدادي الشيباني علماً شامخاً إلى يوم القيامة ...
وطوت فتنة شراء الملك للمماليك ، وبيع الذمم الكثير من علماء مصر ، وردها الله بالإمام العز بن عبد السلام ...
وطوت فتنة التتار الكثير من علماء الشام ، وجمع الله الأمة على يد شيخ الإسلام ..
وطوت فتنة الإحتلال الحديث المسمى بالإستعمار العديد من العلماء في مختلف أصقاع الإسلام ، لكنها أبقت في كل بلد عالماً وعصبة أو أكثر ... فصرف الله بهم شر ما قضى وقدر ... وأبطل بهم الكيد ورد بهم الشر ..
وهذا هو موعود الله تعالى ، وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم ، يحققه على يد من يصطفيهم من خلقه في كل مكان وكل زمان ... فلقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : [ يأيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سيبل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسه عليم ] ...
وفي الحديث المتفق عليه ، يقول صلى الله عليه وسلم : ' لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ' .
ويبقى السؤال الذي ستجيب عليه الأيام : من منا أبقاه الله ليكشف به هذه العظائم و الطوام ، ومن منا ستطويه الأيام ... كما طوت الفئام من الأنام ... بل كما تطوى الأنعام .
إذن فالأمر جد ... و الإبتلاء العظيم حلّ بساحتنا أو كاد .. وموعد الله جاء ...
[ أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة . والله خبير بما تعملون ] التوبة 16
إن للهيئة أهدافها المعروفة ، ولكن الحليم في ظروف الفتن يذهل ، فيصبح حيران ، يحتاج إلى التذكير قبل أن يتقمص الدر الآخر فيتحول إلى مدافع عنه بعد أن كان محايداً ..
لقد آن للهيئة أن تعود إلى خط علماء الإسلام المستقيم في ظروف الفتن ، الخط الذي لا تشغله الحظوظ الشخصية ولا التحزبية عن استقامته وبلوغ هدفه ..
آن لها أن تتمسك بحبل الله المتين في هذه الفتن ، وعروة الله الوثقى ، ففيها النجاة وفيها السلامة والوصول .. ألا إن عروة الله هي كتابه وسنة ونبيه صلى الله عليه وسلم وأن تنأى بنفسها عن التسيس المجرد ، والمصلحة الحزبية المغلفة ..
آن للهيئة أن تتعالى عن النظرة القاصرة التي لا تتعدى مواقف لمراحل آنية أو مواقع مكانية محدودة ، أو مناصب إدارية أو سياسية ..
ولتعلم أنها تكتب تاريخياً وأن التاريخ يكتب عنها ، وأنها تخبر عن مراد الله تعالى وحكمه ، وأن الله سوف يوقفها ، وأنها وريثة المرسلين .. فأنى لموسى أن يكون وزيراً لفرعون ، وأنى لشيخ الإسلام أن يكون معيناً لقازان ... وأنى للعز أن يكون مملوكاً للمماليك ، وأنى لوريث النبي أن يرعى الخنازير لبريمر ..
آن للهيئة أن يكون لها موقع صدق في قلب كل عراقي ... لكن هذا الموقع لن يتأتى إلا بالتجرد الكامل لله عز وجل ظاهراً وباطناً ، كما لن يتأتي إلا بالمواقف الثابتة في الفتن المتتابعة ، والتضحيات الكبرى وسط الأهوال العظمى ، وتقدم الناس أوقات المخاطر لا أوقات المنابر والمحابر ..
أما الخطابات والكتابات والكلمات والمؤتمرات فإنها دعاوى تفتقر إلى التصديق و الإثبات ، ولا يكون ذلك إلا بما ذكرنا والعاقبة للمتقين ..
إنها رسالــة من أعمــاق الفلوجــة الباسلـة ...
عزيمتي إيصالهـا لكل عالم بطريقة عاجلــة ..
فلعلـه يعذر إلى اللـه وتسلم القافلة ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[1] الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ج2 ص887
[2] الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ج2 ص 887
[3] كما رواه الإمام أحمد بسند حسن . صحيح الترغيب والترهيب ج2 ص 1339