PDA

View Full Version : 2_ في رحاب سورة الفاتحة ( غرس المحبة )


بو عبدالرحمن
22-11-2002, 08:12 AM
الحلقة السابقة فيها دروس رائعة ، هذا رابطها لمن لم يقرأها
http://64.191.4.10/sforum1/showthre...threadid=152950

أما درس اليوم فلا يقل روعة عن الدرس السابق
ولعله سيكون في حلقتين لما تضمنه من روائع ودروس ..
وهذه وقفات ونظرات مع كتاب الله ، فعلينا أن نصبر ونحتسب ..
- -- - - --
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ما رأيك أن ينصب حديثنا هذا حول محبة الله تعالى
من خلال سورة الفاتحة.. بل من خلال كلمة واحدة فيه ؟؟
-----------
= رااائع .. ممتاز .. على اسم الله نبدأ ..
- - - -
إذن نبدأ بسؤال : ما الذي يولد محبة الله في القلب ؟
- -- -
= الإلحاح بالدعاء والتضرع والمثابرة عليه بلا ملل ولا يأس ..
- - - - -
رائع ..رائع ..هذا من أقصر الطرق وأسرعها
كما ذكر ابن القيم رحمه الله .. ..
وسنأتي إليه في قلب هذه السورة .. إذا وصلنا إلى نهاياتها ..
-----------
= جيد .. واصل إذن جزاك الله خيرا..
--------------
ولكني أسأل أولاً :
ما الدائرة التي لو حركنا قلوبنا فيها ، بذكاء ومهارة
سيتولد عنها نمو بذرة محبة الله في القلب ..؟
أعينك … تفكر في كلمة: ( الحمد لله)
وهي أول كلمة تواجهك حين تفتح كتاب الله سبحانه
بعد البسملة ، وفي هذا حكمة جليلة بل حكم كثيرة ..
- - - - -
= واصل أخي أنا أصغي ..
- -- -- -
قالوا : حين تتفكر في نعم الله المنهمرة عليك صباح مساء..
.. وليل نهار.. وفي كل لحظة تنصب عليك كالأمطار
.... هذه النعم لو أحسنت التفكر فيها ، لابد أن يتولد عنها:
محبة المنعم بها.. حيث أعطاك إياها دون أن تسأله..
كما أشار إلى ذلك في موضع آخر ..
)وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا
إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)
بل آعطانا قبل أن نسأله سبحانه ..
.. أليس من المنطق أن نحب من هذا شأنه ؟
- -- -- ----
= هذا صحيح العاقل لا يملك إلا أن يحب من أحسن إليه ..
------------
ألسنا نحب أناساً لأنهم أعانوناذات يوم ،
ووقفوا معنا ، وساعدونا.. ولا ننسى هذا الجميل منهم لنا …؟!
---------------
= أكيد .. بدون شك إن لم نفعل ذلك نكون جاحدين ..
---------------
أحسنت .. طيب .. فالله سبحانه وتعالى .. أولى بذلك
.. الله أعطانا .... وأعطانا...... ، ولا يزال ..
أعطانا من النعم ، ما لا نحصيها ..
ألا يولد ذلك محبته في قلوبنا لو كنا نعقل ..؟!
--------------
= بلى والله من حقه أن نشكره …
---------------
رائع .. لكني أردت شيء آخر يتضمنه الشكر .. بل الشكر ثمرة له ؟؟
لقد قالوا : الناس صنفان :
.. صنف يعرف النعمة ويقف عندها ، ولا يتفكر فيها ،
بل وقد يسخرها في غير المراد منها
.. وصنف أرقى وأعلى:
هذا الصنف ما موقفه من النعم التي تحيط به ؟
إنه يجعل النعمة مجرد وسيلة ، ومعراج ..
يتفكر في النعمة ، فيعرف من خلالها المنعم بها فيمتلئ قلبه محبة له ..
- ---- -- - --
= فهمت .. إذا عرفوا الله معرفة قوية تعلقت قلوبهم بالحب له ..
-------------
رائع ....
انتبه ولا تشرد ..لا زال الحديث حول ( الحمد لله) ..
يعني : أن ورود هذه الكلمة في أول القرآن ،
إشارة ، بل تأكيد على أن أول قضية ينبغي الاعتناء بها هي :
وجوب معرفة الله.. معرفة يتولد عنها تعلق القلب بالله سبحانه
ومن نافلة القول : أن الحب ليس مجرد ( دعاوى ومزاعم )
بل حقيقة المحبة : الطاعة .. وإلا فكيف يعقل أن يعصي المحب من يحب ؟
كيف تزعم امرأة أنها تحب الله كثيراً ثم هي لا تحتجب كما أمرها !!
ولا تلتزم بتعاليم من ( تزعم ) أنها تحبه !!
القاعدة الذهبية تؤكد أن : الحب = طاعة ..
تعصي الإله وأنت تزعمُ حبه *** هذا لعمري في القياس شنيعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعتهُ *** إنّ المحب لمن يحبُ مطيعُ
المهم أن افتتاح كتاب الله سبحانه ب ( الحمد لله )
فيه إشارة إلى ضرورة التركيز على هذه القضية
.. وهذا درس كبير و رائع للدعاة لو فقهوا ..
---------------
= وكيف ذلك ….؟
---------------
أن يركز هؤلاء على تعميق معرفة الله في قلوب الناس بادئ ذي بدء ..
من خلال التذكير الدائم بنعم الله ، في الآفاق وفي الأنفس
وضرورة التفكر فيها بعين واعية وقلب حاضر..
.. فمن تفكر في النعمة بشكل صحيح :
عرف المنعم بها ولا بد ..
.. ومن عرف المنعم أحبه بلا شك ، ومن أحبه حقا
… سارع إلى طاعته في تلقائية
.. وإلا فهل رأينا محبا لا يطيع محبوبه ؟؟
هذا لا يكون ..
----------------
= جميل .. وهذا يصلح للمعلم مع طلابه .. والأب مع أبنائه ..
-----------------
نعم .. بل كل مسلم أينما كان عليه أن يتعلم هذا الدرس الكبير :
زراعة الحب ، وغرس فسائله في جذور القلب ..!
- -- - -
= نعم ..من الملاحظ أخي أن المعلم إذا استطاع أن يربط التلاميذ به
بأسلوبه الشائق ، فإن التلاميذ يحبون مادته
.. فكيف إذا استطاع أن يربطهم مباشرة بالله سبحانه؟ ..
----
.. لفتة رائعة .. لا شك أن الله سيبارك في عمله وقوله ..
---------------
= جزاك الله خيراً ..
----------------
ثم ألا ترى أنا حين نقول : نعم الله تعالى ..
فإن ذلك يشمل التذكير بآيات الله الكونية في الأرض وفي السماء ..
فالكون كله آيات عجيبة ومبهرة دالة على الله..
وهذا بحد ذاته من أعظم النعم وأرقاها ..
أن يجعل الله جل جلاله هذا الكون كله عبارة عن وسائل إيضاح رائعة
لتعزيز وتقوية وترسيخ درس التوحيد في قلوبنا ..
ما أعظم ربنا تبارك اسمه وتعالى جده وتقدست اسماؤه .!
--------------
= صدقت .. كل آية نعمة ، بل في كل آية نعم كثيرة خافية ..
وكل آية شاهد ودليل على الله سبحانه ..
وفي كل شيء له آيةٌ ** تدلُ على أنه الواحدُ
----------------
والآن بناءً على ذلك.. علينا أن نلاحظ ما يلي :
أن : ( الحمد لله) احتوت على هذه المعاني كلها ..
فالألف و اللام : للاستغراق والشمول _ هكذا قال علماؤنا _
و معنى ذلك : أن كل نعمة مهما صغرت حتى رمش العين …..
فهي من الله ويستحيل أن تكون من غيره .. ..
ال....حمد :لاحظ جمال وروعة لغتنا..
الألف واللام ..أفادت هذا المعنى الرائع العميق..
أن كل نعمة يتصورها الإنسان ، بل ولا يتخيلها: إنما هي من الله وحده ..
وقد توالت الآيات في ثنايا القرآن تؤكد هذا المعنى ، وتعززه لتقرره
كما قال تعالى :
)وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ..)
وهاهنا لنا وقفة عجيبة .. سنذكرها في الحلقة القادمة إن شاء الله
والآن أسألك : هل لاحظت هذه الملاحظات كلها
في كلمة واحدة من كتاب الله ، ولا زلنا في أول الكلام حولها ؟!
----------------
= سبحان الله … ما أروع القرآن الكريم
منذ سنوات طويلة جدا أكرر سورة الفاتحة
ولم أنتبه إلى كل هذه المعاني الجليلة الرائعة التي هزت قلبي الآن..
----------------
طيب لنفترض جدلا ......
أنك قلت لي : جزاك الله خيراً ..
في هذا أنامعك ، أؤمن به كما تؤمن ...
ولكن أريد ما يطمئن قلبي أكثر ..كيف أن النعم كلها من الله ؟
نقول وبالله التوفيق :
النعم مصدرها ثلاثة :
إما الله مباشرة ......وإما نعمة تأتي من الخلق إلى الخلق ......
وإما نعمة سببها جهد يقوم به الإنسان في الحياة ..
--------------
= نعم .. هذا صحيح ، لا أحسب أن هناك تقسيم آخر ..
----------------

طيب .. أما الأولى : فمثل :
الخلق ، والرزق ، وتصوير الهيئة.. ونحو هذا
هذه أمور لا دخل للإنسان فيها ، وهي من الله مباشرة
ولا يجادل فيها عاقل ابداً ..
الثانية : التي تأتي من إنسان إلى إنسان …...
هذا إنسان أكرمني بنعمة ..أو أحسن إليّ يوماً ..
نقول : ومن رزقه إياها ؟ ومن مكنه منها ؟
بل ومن رقق قلبه عليك حتى أعطاك ؟ ونحو هذه الأسئلة ..
وستكون الإجابة الوحيدة لدى العاقل ………..
ليس سوى الله الرزاق الذي رزقه ، وهو الذي عطف بقلبه علي ..وهكذا ….
نقول أحسنت : إذن هذه النعمة أصلها من الله ..
فاعرف فضل الله عليك واشكره يزدك ….. تبقى ماذا ؟
--------------
__ صحيح كل أمور الإنسان موصولة بالله ، منه النعم وله الشكر..
بقيت الحالة الثالثة .. النعمة التي تأتي بسبب جهد الإنسان ذاته ….
----------------
نعم .. إنسان اجتهد في طلب العلم ….....فصار عالما
اجتهد في الزراعة …........فصار صاحب أرض
بذل جهدا في الحياة …......فصار تاجرا ….....وهكذا
بنفس منطق الدائرة الثانية نقول :
ومن رزقك الهمة على طلب العلم .. من أعطاك العقل لتفكر فيما تقرأ ..
من وهبك القوة والجلد والصبر على سهر الليالي ..
من حباك الوقت والرغبة … ونحو هذا كثير ..
ومثل هذه الأسئلة نسأل عن الزراعة … وعن التجارة ..
وحتى عن نعمة العبادة ….............من ؟ ومن ؟ ومن ؟؟
----------------
= رائع .. ما شاء الله .. وسيكون الجواب دائما عند العاقل :…............
الله … … الله …. الله …الله .. ولا أحد غير الله ..
------------------
فنقول له : وهذا هو المطلوب !!! إذن عادت كل النعم إلى الله في النهاية ..!
--------------
= صحيح.... والعاقل من يعرف فضل الله عليه في كل شيء ...
----------------
ومن هنا نفهم بعمق قول ربنا سبحانه :
( وما بكم من نعمة فمن الله )
لاحظ التنكير في ( نعمةٍ) .. يعني : أي نعمة .. مهما صغرت ودقت ..
إذا استقرت هذه المعاني في القلب جيداً..
فالأصل أن تتولد محبة الله بالضرورة في قلب الإنسان ..
-----------------
= صحيح، ولقد قالوا : الإنسان عبد الإحسان ..
-----------------
بل لقد قالت السيدة عائشة رضى الله عنها :
جبلت القلوب على حب من أحسن إليها …
---------------
= إذا كان هذا في تعامل المخلوق مع المخلوق ..
فكيف بإحسان الخالق الذي لا ينقطع .. سبحانه وتعالى ..!
-------------------
رائع . أحسنت .. العجيب أننا نغفل عن هذا مع ربنا
، ولا ننساه مع المخلوقين إذا أحسنوا إلينا ؟؟!
وهذا من العجائب التي نقع فيها بجهلنا وغفلتنا وحمقنا ..!!
-------------------
= سبحان الله.. بل المصيبة أخي
إننا نسخر نعم الله في معاصيه !؟ وهو يرانا ويستر علينا ..
ويوالي إنعامه علينا …!! سبحان الله ..
----------------------
وهذا سبب آخر يولد محبة الله في القلب لو فقه الإنسان
كيف أن الله يواصل إحسانه لنا ، وستره علينا ، ونحن بدورنا لا نقصر !!
أعني : لا نقصر في غفلتنا عنه ، وفي جرأتنا عليه ..!!
أي رب عظيم هذا الرب الذي خلقنا وهدانا .. !؟
سبحانه ما أعظم شأنه ..!!

خلاصة هذا الدرس الآن :
أننا لو أحسنا التفكر في نعم الله وآياته الكونية :
لتولد عن ذلك محبة الله في قلوبنا ..
وأننا حين نقابل بين نعم الله علينا .. وإساءتنا معه
.. تستحي قلوبنا ، فتمتلئ بمحبته . إجلالاً له وحياء منه .
ومن الدروس أيضا :
أن نتعرف على نعم الله في ذوات أنفسنا وفيما حولنا ..
لنزداد معرفة بالله أكثر فأكثر ..
وكلما ازددتَ به معرفة ، ازددتَ له حباً ، فزادك تقريبا ورفعة !
ومقتضى ذلك : أن نقبل عليه بالطاعة والالتزام كما أمر
حتى لا نكون واهمين في محبتنا له سبحانه ..
وأن علينا أن ندمن ذكر الله وتلاوة القرآن بالتدبر ..
فذلك أيضا يولد غرس محبة الله في قلوبنا ..
كما أن علينا أن نلهج بالدعاء والضراعة بشكل دائم
فذلك طريق آخر لغرس محبة الله..
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ..
وأن ينير قلوبنا بنور معرفته ونور محبته سبحانه ..
والآن استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
------------------
= جزاك الله عني خيراً ..
سبحانك اللهم وبحمدك ، اشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك واتوب إيك
= = =
الأصل أن هذه هي ليست الحلقة الثانية ..
ولكن الحلقات التي قبلها تحتاج إلى تهذيب كثير ،
ومراجعة وأعادة صياغة ، ونحو هذا ، فالمعذرة على عدم الترتيب ..
المهم أرجو أن تكونوا قد عشتم ساعة سماوية في رحاب كتاب الله ..
لا تنسونا من خالص دعائكم .. وجزاكم الله خير الجزاء ..

MUSLIMAH
22-11-2002, 11:45 PM
السلام عليكم ،،،

ما شاء الله لا قوة الا بالله :):)

ما أروع ما تلفت نظرنا إليه أيها الفاضل :):)

استمر في شدنا إلى هذه المعاني الراقية و كلنا آذان صاغية و قلوب داعية لك بأن يفتح الله عليك و يزيدك من فضله و يوزعك شكر نعمه إنه ولي ذلك و القادر عليه ..

جزاك الله عنا خير الجزاء ، فقد عشنا ساعة سماوية تحمل معان روحانية خالصة تشرح النفس و تسعد القلب .. شرح الله صدرك و أسعد قلبك و وفقك لكل خير و حفظك من كل شر :)