PDA

View Full Version : الانقلاب السياسي والاجتماعي الذي نريد .


وميض
06-10-2002, 11:16 PM
هناك شيىء أسمه ( الدروس المستفادة ) أو المشاهدة ونتائج التجربة ، وهذا الشيء أصبح لا يعرفه بعض العرب والمسلمين وعلى رأسهم ساسة الغفلة وعلمائهم وعمالهم و مريديهم ، علماً بأن الله جل شأنه أعطانا الكثير من تلك الخبرات الرفيعة والدروس المستفادة سواء في القرآن الكريم أو السيرة النبوية ، وتلك الدروس نحصل عليها أيضا من خلال مشاهدتنا وتدويننا لنتائج التجارب الاجتماعية التي ممرنا بها في حياتنا ، والمنهج التجريبي يعتمد على استخدام الحواس في كسب المعرفة ، فلماذا نعطل مدركاتنا الحسية ونتجاهل كل النتائج التي أمامنا ونغض الطرف عنها وكأننا لا نراها ؟ ! فهذا العمل يعتبر من أعمال الكفار والمنافقين ، أي تكفير وتغطية النتائج والحقائق والتعامي عنها ، وهو له نتائج سيئة على عقل وفؤاد وفهم الإنسان وعلى المجتمع بشكل عام ، فهذا العمل يؤدي بالفرد والمجتمع إلى الانحدار والانحطاط ، وهذا أحد أهم أسباب تخلف وانحطاط أمتنا العربية والإسلامية .

فتفوق أمريكا وتقدمها ماديا وعسكرياً وعلمياً وتنظيميا كان أحد أهم أسبابه هو استفادتها من تلك الدروس المستفادة التي مرت عليها أثناء مسيرتها ، وهي دولة تهتم في بعض النتائج للجوانب الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية ...الخ ، ولا تهملها أو تتجاهلها إذا ما كانت تصوب مسيرتها ومسيرة مجتمعها وتقدم الحلول التي لا تتصادم مع عقيدتها وأيدلوجيتها وقيمها التي تؤمن بها وتعيش من أجلها .

على سبيل المثال ، من الدروس المستفادة من حرب فيتنام هو تجنب الدخول في صراع عسكري لسبب أيديولوجي أو عقائدي أو فكري مع الآخرين وبصورة علنية ، فالأمريكان توصلوا إلى قناعة بأنهم سيخسرون تلك المواجهة إذا ما استخدمت القوة العسكرية علانية في هذا النوع من المواجهات ، وحتى لو أرادوا الدخول في مثل تلك المواجهة فأنهم سيوجدون لها أسباب أخرى ظاهرة تهيأ لهم تنفيذ مخططهم الشرير تجاه الآخرين ودون علم من بعضهم ، وتلك الأسباب سيقتنع بها بعض المحسوبين على أصحاب العقيدة والفكرة المراد محاربتها ومنعها من التجسد والتشكيل على الأرض حتى لا تستطيع تقديم نفسها للآخرين وبصورة مادية مجسدة يسهل على الناس فهمها واستيعابها وإتباعها ، كعقيدة التوحيد وفكرة الإسلام التي خاضت القيادة الأمريكية الحرب ضدها في أفغانستان مستغلة ظروف معينة داخلية وخارجية ، فهم وجدوا ضرورة إنهاء المشروع الإسلامي والقضاء عليه في مهده بعد ما تبين صدق وإخلاص منفذيه ، وبغض النظر عن عدم معرفتهم بعلوم الحركة والسياسة ، والتي أعتقد بأنهم لا يعرفونها ولا يحيطون بها فمدارسهم التقليدية لا تدرس تلك العلوم ، وهذا هو سبب انحسارهم عن الأرض في الوقت الراهن ، ونسأل الله لهم الهدى والسداد والتوفيق ، ونسأله أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم لتنصر عقيدة التوحيد وفكرة الإسلام ، اللهم آميــن .

فأمريكا عممت ثقافتها ومعتقداتها وأفكارها ومفاهيمها ورؤيتها للحياة على الكثير من بلدان العالم و هي صبغت العالم بتلك الصبغة الشيطانية مع الدول الاستعمارية الأخرى ، وهذا لم يتم بواسطة القوة العسكرية بل هناك قوة أخرى ساعدت أمريكا والدول الغربية على بسط نفوذ وسيطرة ثقافتها ورؤيتها للحياة ، هي قوة وسلطان العلم والمال الذي بأيديهم ، والذي أستخدم بصورة قهرية باطنية خفية مستغلين بذلك معرفتهم بالعلوم النفسية والباطنية الأخرى ، فالرق والاستعباد النفسي هو الرق والاستعباد الذي يمارس على الناس وبعيداً عن يد القانون الوضعي ، فالقانون الوضعي لا يجرم الرق والاستعباد النفسي كما لا يجرم العمل على إيجاد وخلق صنميه الأشياء والأشخاص و تسريب الآفات والأمراض إلى القلب الذي سيعتم وسيحرم من النور الإلهي الذي سيسطع على العقل لينيره إذا ما دخل وأستقر في القلب ، فهذا الأمر جعل معظم المصلحين في حيرة من أمرهم أمام هذا العدوان والاعتداء الباطني الخفي الذي يمارس على القلب – الروح – وعلى النفس وعلى العقل والذي يطال ويؤثر على البدن أيضاً وهو بالتالي سيطال المال والعرض وسيؤثر على النسل ، وهذا العدوان والاعتداء لا تجرمه القوانين الوضعية حتى في الدول الإسلامية التي تدعي تطبيق الشريعة وهي تمارس الحيلة والخديعة والدجل والعدوان والاعتداء الباطني والظاهري على رعاياها والآخرين .

والقيادة الأمريكية في طريقها لوضع نظم وقوانين صريحة تؤدي إلى ( الحرمان الفكري ) أي ( حجب المعلومة الصحيحة الحقيقية الكاملة ) وذلك من خلال توصية حكام المسلمين وعلمائهم وعمالهم وعملائها ومريديها من العلمانيين على منع الناس من معرفة ودراسة وتدارس نظم وقوانين الخلق في النشأة والحياة والمصير والتي نستمدها من الكتاب والسنة ، أي من خبر الوحي الصادق الذي يوصل الإنسان بخالقه ، وهذا الأمر يستدعي عمل انقلاب سياسي واجتماعي عام يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ليجعلها في يد أهل الحل والعقد من العلماء المخلصين من أجل كشف هذا الدجل والتزييف والخداع ، فهم أولياء أمور المسلمين ، فالعلماء ورثة الأنبياء ، وحكام هذا الزمان لا يؤتمنون على الدين و لا على عقول وأعراض وأنفس وأموال الناس والمسلمين ، وهذا يستلزم خلعهم وبصورة شرعية ودون حرج ، فمن حق كل إنسان أن يحافظ على نفسه وأهله و أبناءه من هذا الاعتداء والعدوان الظاهر والخفي ، وكذلك من أجل المحافظة على بقاء وارتقاء الجنس البشري الذي أصبح مهددا بالفناء بعد ما سار إلى الانحدار بسبب تلك الممارسات الخبيثة الدنيئة .

فمن يريد مواجهة قوة أمريكا يجب أن يدرس أماكن نقاط الضعف في هذا الكيان السياسي والعسكري المنتفخ إلى درجة قاربت إلى الانفجار ، كما يجب أن يدرس آلية عمله وطبيعة تشكله وحقيقة صورته ، فالشيطان الأكبر له أيضاً منحر ، حاله حال الأنعام التي تنحر ، فيجب أن نعرف ونستدل على مكان هذا المنحر حتى يتم نحره وبسهولة وبشكل جماعي دون أن يتأثر الغافلين من الناس حتى تصلهم الرسالة الإسلامية واضحة وصريحة وبصورة نقية لكي تنتشلهم من الضياع والبؤس والشقاء ، فهذا الكيان السياسي والعسكري المنتفخ سيسعد بالمواجهة المسلحة بعد ما أمتلك جميع أنواع الأسلحة الفتاكة المدمرة ، وتلك الأسلحة وقعت في يد من أذهب الله لهم العقول ، فهم لا يملكون أي مقاييس وموازين دينية وقيم روحية سامية ليقيسون بها الأمور ، فموازينهم ومقاييسهم دنيوية ودونية بحتة وعلى أساس المصلحة الخاصة ولبعض المستفيدين من تلك القوى التي لم تعد تمتلك الكوابح المناسبة التي ستكبح جماحها لتحد من شرورها ، فالقوة تلزمها القدرة على التوجيه ، والقوي الذي فقد عقله قد يأذي نفسه وأهله والآخرين دون وعي منه .

فالكيان الأمريكي الأن أصبح كيان يهدد بقاء وارتقاء الجنس البشري برمته ، بعد ما أصبحت قوته المدمرة لا تحكمها ولا توجهها عقول رشيدة .

فنقطة ضعفه في العقيدة والفكرة التي شكلت نظامه السياسي فهو ما يجب أن نكشف زيفه وحقيقته ودجله من خلال تقديم نموذج مثالي ينبه الناس إلى حقيقة نظام وقوانين الخلق وحقيقة حقوقهم وضرورات حياتهم الإنسانية التي يكفلها الإسلام والتي تريد القيادة الأمريكية استمرار حجبها وتكفيرها وإخفائها عن الناس بواسطة حكام المسلمين وعلمائهم وعمالهم حتى يتهيأ لهم الاستمرار في ممارسة شذوذهم النفسي والفكري دون حسيب ولا رقيب ودون رادع يردعهم ، فالأخذ على يد الحكام وعمالهم هو أخذ على اليد التي تسيطر على القوة الأمريكية ، وبتحييدهم تحيد القوة الأمريكية لكي تكون بجانب العدل والسلم والسلام العالمي بعد ما ينتبه الغافلين من غفلتهم ، وعلى هذا فليعمل كل مخلص للدين وللإنسانية والبشرية .