الكاتب الموضوع:   السيرة النبوية ( 28 )
ابورعد   كتب الموضوع   27-09-1999 04:33 PM   الملف الخاص للعضو  ابورعد     
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد تحدثنا فيما سبق عن أساليب قريش في تعاملهم واعتداءاتهم على المصطفى صلى الله عليه وسلم. فقد كانت هذه الاعتداءات بالنسبة إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم مع ما لشخصيته الفذة من وقار وجلال في نفوس العامة والخاصة، ومع ماله من منعة أبي طالب أعظم رجل محترم في مكة ، أما بالنسبة إلى المسلمين -ولاسيما الضعفاء منهم - فإن الإجراءات كانت أقسى من ذلك وأمر، ففي نفس الوقت قامت كل قبيلة تعذب من دان منها بالإسلام أنواعاً من التعذيب ومن لم يكن له قبيلة فأجرت عليهم الأوباش والسادات ألواناً من الاضطهاد، يفزع من ذكرها قلب الحليم.
كان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال، والجاه، وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به.
وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من أوراق النخيل ثم يدخنه من تحته.
ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه أجاعته وأخرجته من بيته، وكان من أنعم الناس عيشاً، فتخشف جلده تخشف الحية.
وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلاً، ثم يسلمه إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة ، حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه، وكان أمية يشده شداً ثم يضربه بالعصا، وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع، وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول:
لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى.
فيقول -وهو في ذلك - أحد، أحد،
حتى مر به أبو بكر يوماً وهم يصنعون ذلك به، فاشتراه بغلام أسود، وقيل بسبع أواق أو بخمس من الفضة وأعتقه.
وكان عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم، أسلم هو وأبوه وأمه، فكان المشركون -وعلى رأسهم أبو جهل - يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء، فيعذبونهم بحرها.
ومر بهم النبي صلَّى الله عليه وسلم وهم يعذبون
فقال:
صبراً آل ياسر ! فإن موعدكم الجنة،
فمات ياسر في العذاب،
وطعن أبو جهل سمية -أم عمار - في قلبها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام،
وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر أحمر على صدره أخرى، وبالتغريق أخرى،
وقالوا: لا نتركك حتى تسب محمداً، أو تقول: في اللات والعزى خيراً،
فوافقهم على ذلك مكرهاً، وجاء باكياً معتذراً إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم، فأنزل الله
{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }.
وكان أبو فكيهة -واسمه أفلح - مولى لبني عبد الدار، فكانوا يشدون برجله الحبل، ثم يجرونه على الأرض.
وكان خباب بن الأرت مولى لأم أنمار بنت سباع الخزاعية، فكان المشركون يذيقونه أنواعاً من التنكيل، يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذباً، ويلوون عنقه تلوية عنيفة وأضجعوه مرات عديدة على فحام ملتهبة، ثم وضعوا عليه حجراً، حتى لا يستطيع أن يقوم.
وكانت زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس إماء أسلمن، وكان المشركون يسومونهن من العذاب أمثال ما ذكرنا. وأسلمت جارية لبني مؤمل -وهم حي من بني عدي - فكان عمر بن الخطاب -وهو يومئذ مشرك - يضربها، حتى إذا مل قال: إني لم أتركك إلا ملالة.
وابتاع أبو بكر هذه الجواري فأعتقهن، كما أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة.
وكان المشركون يلفون بعض الصحابة في إهاب الإبل والبقر، ثم يلقونه في حر الرمضاء، ويلبسون بعضاً آخر درعاً من الحديد ثم يلقونه على صخرة ملتهبة.
وقائمة المعذبين في الله طويلة ومؤلمة جداً، فما من أحد علموا بإسلامه إلا تصدوا له وآذوه.

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف