الكاتب الموضوع:   أسس العقيدة الإسلامية ( 11 )
ابورعد   كتب الموضوع   22-09-1999 05:08 PM   الملف الخاص للعضو  ابورعد     
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وهنا أيضا نستكمل الأس الخامس من أسس العقيدة الإسلامية وهي الإيمان باليوم الآخر.
فقد تكلم سماحة الشيخ في ما سبق عن دلالات الشرع والحس على بطلان مزاعم الكفار في إنكار البعث بعد الموت. وهنا يستكمل سماحته الدلالات العقلية على بطلان تلك المزاعم.
فيقول سماحته:

وأما دلالة العقل فمن وجهين :
أحدهما: أن الله تعالى فاطر السموات والأرض وما فيهما خالقهما ابتداء، والقادر على ابتداء الخلق لا يعجزه عن إعادته، قال الله تعالى: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وهو أهون عليه). وقال تعالى: (كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا، إنا كنا فاعلين) . وقال آمرا بالرد على من أنكر إحياء العظام وهي رميم: (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة، وهو بكل خلق عليم).
الثاني: أن الأرض تكون ميتة هامدة ليس فيها شجرة خضراء، فينزل عليها المطر فتهتز خضراء حية فيها من كل زوج بهيج، والقادر على إحيائها بعد موتها، قادر على إحياء الأموات. قال الله تعالى: (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت، وربت، إن الذي أحياها لمحي الموتى، إنه على كل شيء قدير). وقال تعالى)وأنزلنا من السماء ماء مباركا، فأنبتنا به جنات، وحب الحصيد، والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقا للعباد، وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج ).
وقد ضل قوم من أهل الزيغ فأنكروا عذاب القبر ونعيمه، زاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفة الواقع، قالوا فإنه لو كشف عن الميت في قبره لوجد كما كان عليه، والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق.
وهذا الزعم باطل بالشرع والحس والعقل:
أما الشرع فقد سبقت النصوص الدالة على ثبوت عذاب القبر، ونعيمه في فقرة (ب) مما يلتحق بالإيمان باليوم الآخر.
وفي صحيح البخاري- من حديث- ابن عباس رضي الله عنهما قال: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان المدينة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما) وذكر الحديث، وفيه (أن أحدهما كان لا يستتر من البول) وفي- رواية- من (بوله) وأن الأخر كان يمشي بالنميمة).
أما الحس فإن النائم يرى في منامه أنه كان في مكان فسيح بهيج يتنعم فيه، أو أنه كان في مكان ضيق موحش يتألم منه وربما يستيقظ أحيانا مما رأى، ومع ذلك فهو على فراشه في حجرته على ما هو عليه. والنوم أخو الموت ولهذا سماه الله تعالى (وفاة) قال الله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى).
رابعا العقل: فإن النائم في منامه يرى الرؤيا الحق المطابقة للواقع، وربما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) على صفته، ومن رآه على صفته فقد رآه حقا، ومع ذلك فالنائم في حجرته على فراشه بعيدا عما رأى، فإذا كان هذا ممكنا في أحوال الدنيا، أفلا يكون ممكنا في أحوال الآخرة؟
وأما اعتمادهم فيما زعموه على أنه لو كشف عن الميت في قبره لوجد كما كان عليه، والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق، فجوابه من وجوه منها:
الأول: أنه لا تجوز معارضة ما جاء به الشرع بمثل هذه الشبهات الداحضة التي لو تأمل المعارض بها ما جاء به الشرع حق التأمل لعلم بطلان هذه الشبهات وقد قيل:
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم.
الثاني: أن أحوال البرزخ من أمور الغيب التي لا يدركها الحس، ولو كانت تدرك بالحس لفاتت فائدة الإيمان بالغيب، ولتساوى المؤمنون بالغيب، والجاحدون في التصديق بها.
الثالث: أن العذاب والنعيم وسعة القبر وضيقة إنما يدركها الميت دون غيره، وهذا كما يرى النائم في منامه أنه في مكان ضيق موحش، أو في مكان واسع بهيج وهو بالنسبة لغيره لم يتغير منامه هو في حجرته وبين فراشه وغطائه. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوحى إليه وهو بين أصحابه فيسمع الوحي، ولا يسمعه الصحابة، وربما يتمثل له الملك رجلا فيكلمه، والصحابة لا يرون الملك، ولا يسمعونه.
الرابع: أن إدراك الخلق محدود بما مكنهم الله تعالى من إدراكه، ولا يمكن أن يدركوا كل موجود، فالسموات السبع والأرض ومن فيهن وكل شيء يسبح بحمد الله تسبيحا حقيقيا يسمعه الله تعالى من شاء من خلقه أحيانا. ومع ذلك هو محجوب عنا، وفي ذلك يقول الله تعالى: (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم). وهكذا الشياطين، والجن. يسعون في الأرض ذهابا وإيابا، وقد حضرت الجن إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واستمعوا لقراءته وأنصتوا وولوا إلى قومهم منذرين. ومع هذا فهم محجوبون عنا وفي ذلك يقول الله تعالى: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، إنه يراكم هو وقبيلة من حيث لا ترونهم، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون). وإذا كان الخلق لا يدركون كل موجود، فإنه لا يجوز أن ينكروا ما ثبت من أمور الغيب، ولم يدركوه.

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف