الكاتب الموضوع:   السيرة النبوية (27 )
ابورعد   كتب الموضوع   26-09-1999 04:47 PM   الملف الخاص للعضو  ابورعد     

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهنا نستكمل ما بدأنا من أساليب قريش في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهنا نرى أن عقبة بن أبي معيط ازداد في شقاوته وخبثه، فقد روى البخاري عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلَّى الله عليه وسلم كان يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد.
فانبعث أشقى القوم (وهو عقبة بن أبي معيط ) فضاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي لله وضع على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغني شيئاً، لو كانت لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون، ويحيل بعضهم على بعض (أي يتمايل بعضهم على بعض مرحاً وبطراً )،
ورسول الله صلَّى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه،
ثم قال: اللهم عليك بقريش ثلاث مرات،
فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم،
وقال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة،
ثم سمى الله عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة. وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط -وعد السابع فلم يحفظه - فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذي عدّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم صرعى في القليب، قليب بدر.
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم همزه ولمزه. وفيه نزل:
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ }
قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه، ويغمز به، واللمزة: الذي يعيب الناس سراً ويؤذيهم.
أما أخوه أبي بن خلف فكان هو وعقبة بن أبي معيط متصافيين. وجلس عقبة مرة إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم وسمع منه، فلما بلغ ذلك أبياً أنّبه وعاتبه وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ففعل. وأبي بن خلف نفسه فتَّ عظماً رميماً ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
وكان الأخنس بن شريق الثقفي ممن ينال من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، وقد وصفه القرآن بتسع صفات تدل على ما كان عليه، وهي في قوله تعالى:
{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيم ٍ}..
وكان أبو جهل يجيء أحياناً إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يسمع منه القرآن، ثم يذهب عنه فلايؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى، ويؤذي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بالقول، ويصد عن سبيل الله، ثم يذهب مختالاً بما يفعل، فخوراً بما ارتكب من الشر، كأنما فعل شيئاً يذكر، وفيه نزل:
{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى }
وكان يمنع النبي صلَّى الله عليه وسلم عن الصلاة منذ أول يوم رآه يصلي في الحرم ، ومرة مر به وهو يصلي عند المقام فقال:
يا محمد ألم أنهك عن هذا، وتوعده فأغلظ له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وانتهره.
فقال: يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا ً.
فأنزل
{فَلْيَدْعُ نَادِيَه }
وفي رواية أن النبي صلَّى الله عليه وسلم أخذ بخناقه، وهزه، وهو يقول له:
{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى. ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى }
فقال عدو الله: أتوعدني يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً، وإني لأعز من مشى بين جبليها.
ولم يكن أبو جهل ليفيق من غباوته بعد هذا الانتهار، بل ازداد شقاوة فيما بعد.
أخرج مسلم عن أبي هريرة قال:
قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟
فقيل: نعم!
فقال: واللات والعزى، لئن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه،
فأتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعم ليطأ رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه،
فقالوا: مالك يا أبا الحكم؟
قال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهؤلاء أجنحة،
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً.


الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف