الكاتب الموضوع:   زلزال تركيا . . . والمسؤولية العظيمة
محي الدين   كتب الموضوع   10-09-1999 04:59 AM   الملف الخاص للعضو  محي الدين     
قبيل فجر الثلاثاء 17/08/1999م حصل زلزال شديد في شمال غرب تركيا ، مركزه إزميت ، بقوة 7.4 درجات (ريختر) ، أوقع ما يزيد على 40 ألف قتيل و 33 ألف جريح و 200 ألف مشرد بلا مأوى ، حسب تقارير الأمم المتحدة.
إنا نسأل الله أن يتغمّد القتلى برحمته ومغفرته، وأن يمنّ على الجرحى بالعافية، وأن ييسر المأوى والعون للمشردين، وأن يلهمهم الصبر على هذا المصاب.
إن هذا الزلزال آية من آيات الله أرسلها الله لأهل تركيا وغيرهم تخويفاً وعبرة فهل من معتبر؟
هناك مسؤولية كبيرة تقع أولاً على عاتق النظام العلماني الحاكم في تركيا، ولا يستطيع أهل هذا النظام أن يتنصلوا من هذه المسؤولية. وتقع ثانياً على عاتق الشعب في تركيا، ولا يستطيع هذا الشعب أن يتنصل من هذه المسؤولية. وتقع ثالثاً على عاتق المسلمين في كل مكان.
أما عن مسؤولية النظام فإن هذا النظام يعرف أن هذه المناطق تقع على خط الزلازل، وقد وقع زلزال على هذا الخط بقوة 7.4 درجة على مقياس ريختر سنة 1912، ثم وقعت عليه زلازل في أعوام 1939 و1942 و1943 و1944 و1957 و1967 و1992. فلماذا لم يهتم النظام ولم يستعد لمواجهة الكوارث المتوقعة؟
قال رجال النظام العلماني: إن الزلزال كان كبيراً بحيث لا تستطيع أي دولة أن تتلافى أضراره. وهذا التبرير لا قيمة له لأننا لاحظنا أن النظام لم يكن عنده أي استعداد لا لزلزال كبير ولا لصغير. ألم يكن بوسع النظام أن يضع مواصفات وشروطاً للبناء في هذه المناطق؟ ألم يكن بوسعه مراقبة البناء والتأكد من أن المقاولين يلتزمون المواصفات والشروط؟ لقد لاحظنا أن بعض البناء القديم (من أيام الدولة العثمانية) كالمسجد الذي ظهرت صوره في وسائل الإعلام ، بقي متماسكاً والبناء الحديث تفتت بسهولة، مع أن تكنولوجيا البناء تقدمت كثيراً.
ألم يكن بمقدور رجال النظام العلماني أن يتحركوا فور حصول الزلزال لنجدة المصابين وإسعافهم؟ ولكنهم ظلوا يسمعون الأخبار وكأن الكارثة حلت في بلد آخر! وبعد 17 ساعة اجتمع بعضهم لينظروا ماذا يفعلون تاركين الأفراد يحفرون في الأنقاض بأيديهم العارية. وبعد يومين تحركوا ولكن بفوضى عجيبة. ورجال الجيش تحركوا بعد أربعة أيام وكأن الأمر لا يعنيهم. لقد اهتم رجال الجيش فقط بالقاعدة البحرية التي أصابها الزلزال . وبعد مرور خمسة أيام على الزلزال كانت بعض قرى إزميت التي أصابها الزلزال بشدة لم تذهب إليها أية إسعافات أو مساعدات نتيجة عدم وجود رأس ينظم ويرى أي المناطق تم تفقدها وأيها ما زالت منسيّة ومهملة .
هذه هي الحكومة التركية وهذا هو الحكم التركي الذي يتباهى بأنه جعل تركيا أقوى دولة في الشرق الأوسط . ولكن جاء هذا الزلزال ليكشف عورة هذا النظام وهزاله وضعفه، بل ليكشف أن النظام غائب تماماً عندما يتعلق الأمر برعاية شؤون الناس ومساعدتهم. ويحضر هذا النظام العلماني بقوة عند كبت الناس وكمّ أفواههم وفرض الضرائب عليهم.
لقد أبرز هذا النظام العلماني عضلاته كأداة بيد اليهود: تارة لتهديد سوريا، وتارة لضرب الأكراد أو دخول العراق، وطوراً لتهديد إيران.
أهل هذا النظام العلماني عاجزون عن مساعدة الناس في محنتهم، ولكنهم غير عاجزين عن منع حجاب النساء الشرعي الذي فرضه الله، وغير عاجزين عن طرد أي ضابط من الجيش إذا كان من المصلين، وغير عاجزين عن حل الأحزاب التي تدعو للإسلام، وغير عاجزين عن سجن من يتحدث بالإسلام.
وأما عن مسؤولية الشعب في تركيا، فإنه يجب عليه أن يحاسب الحكام وأن يحاسب المقاولين وأن ينتبه لنفسه لأن الكارثة حين تقع لا تصيب الحكام أو المقاولين أو الظالمين وحدهم بل تصيب الجميع، قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة} . وقد سُئِل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنَهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخَبَث».
والخَبَث لم يقتصر على تواطؤ الحكام مع المقاولين في غش البناء، ولم يقتصر على إهمال الحكام لمصالح الناس وأمنهم وإعداد ما يلزم لإنقاذهم وإسعافهم وإيوائهم، بل تعدى ذلك إلى محاربة الناس في دينهم، وصار دين الدولة هو العلمانية وليس الإسلام. وصار النظام الحاكم يعتبر تركيا جزءاً من أوروبا العلمانية وليس جزءاً من بلاد الإسلام، وصار التقديس للعلمانية ولفصل الدين عن الحياة ولمصطفى كمال، وليس للقرآن والسنة ولمحمد صلى الله عليه وسلم . وصارت المودة والتبعية ليهود إسرائيل الأعداء المحاربين للمسلمين . . .
كل ذلك يحصل والشعب المسلم في تركيا ساكت عن هؤلاء الحكام الكفرة الذين هدموا الخلافة وخانوا الله ورسوله ودينه والمسلمين. مع أن الله فرض عليه أن يطيح بهؤلاء الحكام العلمانيين الكفرة.
ألا يتحمل هذا الشعب مسؤولية عما يصيبه في الدنيا جراء سياسة هؤلاء الحكام الذين هو ساكت عنهم؟ بلى، ويتحمل مسؤولية أكبر أمام الله في الآخرة أيضاً.
وأما مسؤولية عامة المسلمين في كل مكان، فإن المسلمين أمّة واحدة، وهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسهر.
فالمسلمون عليهم أن يساعد بعضهم بعضاً وخاصة في الكوارث، بغضّ النظر عن العِرْق واللسان واللون والمكان. عليهم أن يهبّوا لمساعدة بعضهم بالمال والطعام والمسكن والدواء وكل المساعدات.
كما عليهم أن يعملوا جميعاً لهدم أنظمة الكفر التي تطبق عليهم، ولإقامة الدولة الإسلامية، دولة الخلافة الراشدة، التي تطبق عليهم كتاب الله وسنة رسوله، وتقضي على هذه الكيانات الهزيلة بإطاحة حكامها العملاء، وتجمعها في كيان الخلافة، وتحمل رسالة الإسلام إلى العالم.
أما حكام تركيا العلمانيين فلا أرى أنهم يستحقون إلا الإنذار الذي وجهه الله سبحانه لأمثالهم: {وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنْقَلَب يَنقلبون } .

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف