الكاتب الموضوع:   السيرة النبوية ( 5 )
ابورعد   كتب الموضوع   06-09-1999 10:02 AM   الملف الخاص للعضو  ابورعد     
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وهنا سنلقي الضوء على فترة رضاعته وكيف كان في بني سعد.

وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، ابتعاداً لهم عن أمراض الحواضر؛ لتقوى أجسامهم، وتشتد أعصابهم، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم، فالتمس عبد المطلب لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم الرضعاء، واسترضع له امرأة من بني سعد ابن بكر -وهي حليمة بنت أبي ذؤيب - وزوجها الحارث بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة، من نفس القبيلة.
وإخوته صلَّى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة عبدالله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة أو جذامة بنت الحارث (وهي الشيماء -لقب غلب على اسمها -) وكانت تحضن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعاً في بني سعد بن بكر ، فأرضعت أمه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يوماً وهو عند أمه حليمة، فكان حمزة رضيع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من وجهين، من جهة ثويبة، ومن جهة السعدية.
ورأت حليمة من بركته صلَّى الله عليه وسلم ما قصّت منه العجب، ولنتركها تروي ذلك مفصلاً:
قال ابن إسحاق:كانت حليمة تحدث: أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه، في نسوة من بني سعد بن بكر ، تلتمس الرضعاء
قالت: وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئاً،
وقالت: فخرجت على أتان لي قمراء، معنا شارف لنا، والله ما تبض بقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا، من بكائه من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، وما في شارفنا ما يغذيه، ولكن كنا نرجو الغيث والفرج، فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفاً وعجفاً، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فتأباه، إذا قيل لها إنه يتيم، وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي،
فكنا نقول: يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده! فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعاً غيري، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعاً، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه.
قال: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة.
قالت: فذهبت إليه، فأخذته، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره.
قالت: فلما أخذته رجعت به إلى رحلي، فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، وشرب معه أخوه حتى روي، ثم نام، وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا تلك، فإذا هي حافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا رياً وشبعاً، فبتنا بخير ليلة.
قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة! لقد أخذت نسمة مباركة.
قالت: فقلت: والله إني لأرجو ذلك.
قالت: ثم خرجنا وركبت أنا أتاني، وحملته عليها معي، فوالله لقطعت بالركب مالا يقدر عليه شيء من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي: يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك! أربعي علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟
فأقول لهن: بلى والله! إنا لهي هي.
فيقلن: والله إن لها شأناً.
قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح عليّ حين قدمنا به معنا شباعاً لبناً، فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعاً لبناً، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفراً.
قالت: فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا، لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه، وقلت لها: لو تركت ابني عندي حتى يغلظ، فإني أخشى عليه وباء مكة .
قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا.
وهكذا بقي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في بني سعد، حتى إذا كانت السنة الرابعة أو الخامسة من مولده وقع حادث شق صدره.
روى مسلم عن أنس أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه -يعني ظئره - فقالوا: إن محمداً قد قتل.
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه.

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف