الكاتب الموضوع:   التقوى (2)
حامد العولقي   كتب الموضوع   17-07-1999 09:52 PM   الملف الخاص للعضو  حامد العولقي   أرسل بريد إلكتروني إلى  حامد العولقي     
بسم الله الرحمن الرحيم
التقوى (2)
كلمة التقوى لا تزال عصيّة على الفهم من ناحية الأصل اللغوي والمعنى الدقيق.وقد أورد العلماء احتمالاً جزئياً ،لا بأس فيه وإن لم يكن دقيقاً وربما ليس صحيحاً حول معنى التقوى وهو من الوقاية والإتقاء والتجنّب.ولكن لا يبدو ذلك حاوياً لكل معاني التقوى.
وهنا أورد احتمالاً آخر،لا أعلم مدى صحته ولكن أورده على سبيل الفائدة و المقارنة والمراجعة،فلعل فيه شيء من الصحة والله أعلم:
2) في نقوش اليمن جاء الأمر الملكي كفعل بصيغة (وقه)،كما بالعبارة: يوقهن وهوصتن عبديه (ارياني 21).والمعنى:يوقه ويوصي عبديه.والإئتمار ربما بصيغة (إتقه).
وكإسم بصيغ مثل: قهت(قاهة/قيهة) ،مثل عبارة: إرياني 20 : بقاهة مرؤهم ملكٍ. قهي،وقهة.مثل عبارة:وقهت إمرؤهم (قاهة =أمر) أم ليلى،شبام الغراس،ص 257.
ووردت عبارة في نقش بافقيه 18: حجٍ ك تقهوا وستودّن بنو غاضب ..،فنجد صيغة (اتقه) ولا أدري ما لفظها الصحيح (لعله:توقّهوا،أتّقهوا) ويبدوا أنها لهجة في وصّى (وقّى).اللسان: ويقال: اسْتَوْدَه واسْتَيْدَه إذا انْقادَ وأَطاعَ، والياء بدل من الواو.
وهذه الكلمة وجد أقدم تدوين لها بالنصوص المصرية بلفظها البسيط (قا) التي من معانيها الأمر الإلهي او الملكي كما تعني كذلك العلو والسمو وهي صفات تقرن بالآلهه والملوك.
واليوم نسمي الأوامر السامية :توجيهات (وكأنها لغة في توقيهات) أو توصيات (توقيات)،وطبعاً كلمة توجيهات ههنا ليست من الاتجاه (السير) ولكن من الصوت (أمر/قول). وبالتالي فإن معنى التقوى هو الإئتمار بكلام الله أي الطاعة.فمعنى إتقي الله أي إئتمر لله.والتقوى ربما هي الإئتمار عموماً.فالتقوى هي الإلتزام بالأمر(القاه) وتنفيذه.وقد ارتبط القاه بالأمر العالي والسامي.
وهذا بعض من تفصيل رائع من لسان العرب (بتصرف):
القاهُ: الطاعةُ؛ وما لَه عليَّ قاهٌ أَي سُلْطانٌ. وفي الحديث: أَن رجلاً من أهل المدينة، وقيل من أََهل اليمن، قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: إنّا أَهلُ قاهٍ . أَبو عبيد: القاهُ سُرْعةُ الإجابة وحُسْنُ المُعاونة، وأَصلُه الطاعةُ، وقيل: معنى الحديث إنَّا أَهلُ طاعةٍ لِمَنْ يَتَمَلَّكُ علينا، فإذا كان قاه أَحَدِنا أَي ذُو قاهِ أَحَدِنا دَعانا إلى مَعُونتِه .
وفي الحديث: ما لي عنْدَه جاهٌ ولا لي عليه قاهٌ أَي طاعةٌ. الأَصمعي: القاهُ والأَقْهُ الطاعةُ. يقال: أَقاهَ الرجلُ وأَيْقَهَ. قال ابن بري: قاه أَصلُه قَيَهَ، وهو مقلوب من يَقَه، بدليل قولهم اسْتَيْقَه الرجلُ إذا أَطاعَ، فكان صوابه أَن يقول في الترجمة قَيه، ولا يقول قوَه، قال: وحجة الجوهري أَنه يقال الوقْهُ بمعنى القاهِ، وهو الطاعةُ، وقد وَقِهْتُ.
وأَما قول المُخَبَّل: واسْتَيْقَهُوا للمُحلِّم أَي أَطاعوه ويروى: واسْتَيْدَهوا، قال ابن بري: وقيل إن المقلوب هو القاهُ دون اسْتَيْقَهوا.

3) ولكن قد تكون كلمة تقوى من أصل آخر وهو (السير).فالحرف الأصلي في الكلمة (تقي) يبدو هو حرف (التاء) وليس القاف. في الحقيقة يصعب تحديد الحرف الأصلي في كلمة تقى،فقد تكون التاء =أل،وبذلك تكون القاف هي سين السير،والله أعلم.
فحرف التاء (يمثل سين السير) يدل على القدوم والإتيان (السير) كناية عن الطاعة (التي أصلها أيضاً من معنى الإتيان) وحرف القاف (يمثل معنى ذو) أي أن (تقي) هو ذو الإتيان (إتي ذو)،كناية عن مطيع.وتشبه ذلك كلمة توق وتاق إليه (اشتاق) من أصل التاء (يحب أن يأتي إليه) .ومثل ذلك شوق،سوق،زجى،زقّ،سكّة،شقّة وغيرها من سين السير( ش،س،ز،س،ش).
ومن نفس الأصل (سين السير) نجد كلمة (تعال) حيث أصلها (تعا) وهو لفظ بعض أهل الشام اليوم،لأن اللام زائدة لا معنى لها (أو تعريف).والطاعة والإتيان من نفس الأصل (ط،ت) لهجة في السين.
كما قد تكون التقوى من الاستقامة (سير بخط مستقيم) ،قال تعالى: فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ {7} التوبة.فالاستقامة تقوى والطاعة تقوى وكلها من السير. الطاعة كالتقوى من الطاء (سين السير). فربما فعلي: اتّجه ،وجّه وكلمات: وجهة ،جهة ،اتّجاه ،وهي من السير (توجّه)، وكذلك جاء (سين السير=ج)،من نفس أصل اتّقى /اتّقاء .
وربما من نفس الأصل اشتقت الكلمة القديمة (مقتوي) بمعنى جندي الملك وتابعه ،وهي من أصل القتو وهو لهجة في كلمات مثل: (خطو،غدو،قدو) وكلها من السير.فالتقوى (تقو) من السير والتنفيذ (طاعة) والإجراء.
فتقوى كأنها زجوى (إزجاء) وتبدو بوزن: غدوى،خطوى،قدوى،جدوى،سدوى،وغيرها من المضي والسير (تنفيذ وطاعة وخدمة).
=========
هذه ثلاثة احتمالات قائمة تتشابه ألفاظها مع كلمة التقوى (الوقاية والقاه والقتو) ،أرجو أن يفتح الله على أهل اللغة والمهتمين أن يعرفوا أوجه الصحة والضعف فيها ويهديهم لأقرب من هذا رشداً.
وهناك احتمال رابع أراه لا يقل أهمية سأورده في المرات القادمة إن شاء الله،ورغم أن تخبطي وضياعي فيه سيكون جليّاً ولكن أعلم أنه لا صحة دون عثرات ولا صواب قبل أن تسبقه الأخطاء.وأعرضه لإخواني عسى أن يكون المتلقي أوعى من الشاهد (رب مبلغ أوعى من سامع).والهدف ليس التقرير ولكن استمرارية البحث عن كلمة شديدة الأهمية سيؤثر سوء فهمها وضعفه ولو جزئياً، على سلوكنا وسيرنا كمسلمين.
حامد العولقي

www.geocities.com/Athens/Rhodes/8098


الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف