الكاتب الموضوع:   رواية ينبغي أن تُراجع (2)
حامد العولقي   كتب الموضوع   10-07-1999 08:00 PM   الملف الخاص للعضو  حامد العولقي   أرسل بريد إلكتروني إلى  حامد العولقي     
بسم الله الرحمن الرحيم
رواية ينبغي أن تُراجع (2)
الرواية المنسوبة لابن عباس رضي الله عنه بصحيح البخاري (الجزء الثاني/كتاب الأنبياء/رقم:3184/3185) حول هاجر وابنها اسماعيل عليه السلام:
هذه الرواية منصوصة على أساس أن البيت كان مبنياً قبل إبراهيم، ورأي بناء البيت ووجوده قبل إبراهيم جائز ولكنه رأي ضعيف،ولا استطيع الخوض فيه الآن لضعف البرهان ولو ثبت عدم بناء البيت قبل إبراهيم لضعفت الرواية جداً

1) تعزو الرواية بداية السعي بين الصفا والمروة لهاجر عندما كانت تنظر هل ترى أحداً .ولكن القرآن لا يشير لذلك وينص أن الصفا والمروة هما من الشعائر الإلهية (وهذا لا يرجح كون السعي مجرد تقليد ورثه الناس من سعي هاجر وبحثها).
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ {158} البقرة
ولكن الصفا والمروة عبادة إلهية أرادها الله للناس وشرعها لهم لسبب إلهي مختص بعبادة الله وليس نابعاً من سعي دنيوي وبحث شخصي لا دخل له بالتعبد والتوجه لله كما جاء بالرواية.
والشعائر ببساطة هي حرمات ومقدسات وأعمال أمر الله بها وأنزل بها سلطان وليست مجرد تقليد موروث لأمر لا يقصد به العبادة كما فعلت هاجر في بحثها وجريها بسبب وحشتها ووحدتها خوفاً على ابنها.
قال عطاء بن أبي رباح: شعائر الله جميع ما أمر الله به ونهى عنه. وقال الحسن: دين الله كله.
2) الرواية تذكر أن اسماعيل مازال رضيعاً ،وهذا لا يرجّح وجود وولادة إسحاق بعد، وأن إبرهيم بعد ترك أم اسماعيل وابنها بلحظات كما جاء بالرواية:
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع - حتى بلغ - يشكرون}.
بينما آي القرآن التي تسبق ذلك الدعاء مباشرة تشير أن إبراهيم دعا الله (بمكة ) أن يجنبه الاصنام (وبنيه).
مما يؤكد أن (إسحاق) قد ولد في تلك الفترة (قد يناقض الرواية) وبالتالي فإن اسماعيل ليس برضيع ،بل قد يكون رجلاً أو فتىً بالغاً.
كما تؤكد الآية الأخيرة وجود اسحاق (يُفترض خلال نفس الدعاء).
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ {35} رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {36} رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ {37} رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء {38} الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء {39} إبراهيم
3) وبرواية ابن عباس بصحيح البخاري : وشب الغلام و(تعلم العربية) منهم (أي من جرهم) .
ولكن النبي لا يكون إلاّ بلسان قومه، كما ذكر القرآن :
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ {4} إبراهيم
فإذا تعلم اسماعيل العربية من جرهم (إشارة أن إبراهيم لا يعرف العربية وإلا علّمها ولده اسماعيل) ،فكيف سنفهم هذه الآية الكريمة:
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {27} الحج
هل كنا نظن أن ابراهيم سينادي الناس (أهل مكة وماحولها من العرب) برطانة ولسان ركيك؟ أم سيحتاج لترجمان؟
مالكم كيف تحكمون؟
لم يعلّم أحد اسماعيل ولا ابراهيم العربية لأنهما يعرفانها ولسانهما هو نفس لسان العرب الأقدمون،فهما من منطقة مكة أو الحجاز الكبير وغرب الجزيرة على أوسع تقدير. وليسا من خارج الجزيرة كما تخرّصت اليهود.
4) وردت بالرواية أن من أخرج الماء كان الملك (جبريل) وفي هذا ضعف بالغ فجبريل روح القدس والروح الأمين مهماته أعظم من ذلك بكثير ،ونعلم أن من بشّر إبراهيم وقدم لتدمير قرية لوط كانوا ملائكة لم يعلم فيهم جبريل ،فكيف بجبريل عليه السلام يأتي لهاجر لمجرد إخراج الماء،كما أن إخراج الماء لا يستدعي حضور ملاك ،وسيخرجه الله إن شاء بإذنه دون الحاجة لذلك.
5) ذكرت الرواية هذه العبارة: وليس بمكة يومئذ أحد، و(ليس بها ماء). ثم تناقضه عبارة : وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية، تأتيه (السيول) فتأخذ عن يمينه وشماله.
فنجد أن الوادي (وهو غير ذي زرع) الذي ليس به ماء ،تأتيه السيول عن يمين وشمال البيت،ورغم ذلك لم تستطع تلك السيول إخراج زرعة واحدة.
6) نعلم أنه لم يبن البيت سوى ابراهيم وابنه اسماعيل (كما نصّ القرآن) ولم نعلم أنه عاونهم أحد من أفراد القبيلة المزعومة (جرهم) الذين سكن بعضهم مع اسماعيل وزوجوه منهم امرأتين.
تقول الرواية عن جرهم: فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسَهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوَّجوه امرأة منهم.
فبناء البيت من قبل إبراهيم وابنه فقط لا يرجح وجود أقوام وأبيات بمكة وقت البناء.
7) قال الله تعالى: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ
وجاء بالرواية دعاء إبراهيم بهذه الآية بعد ترك أهله عند البيت،ونلاحظ من الآية أن سبب الإسكان هو (إقامة الصلاة).
بينما نعلم من الرواية أن البيت لم يُعاد بنائه حتى تزوج اسماعيل وكان الأولى أن يُبنى البيت ثانية ليقيم اسماعيل ووالدته الصلاة فيه بل أن الرواية تركّز على أن اسماعيل منشغل بصنع السهام والصيد.
كما أن الأهم من كل ذلك أن الرواية قد نست أن تجعل إبراهيم هو أول من يقيم الصلاة عند البيت ،لأنه ليس لدى إبراهيم عليه السلام أمر في حياته أهم من ذلك،ولن يأمر إبراهيم غيره بإقامة الصلاة عند البيت ثم ينسى نفسه.
والآية الكريمة تدحض السبب التوراتي لنفي والدة إسماعيل وابنها (بسبب غيرة ضرتها سارة) والذي نرى للأسف تصديقاً له في كثير من الروايات الاسلامية.والحق أن إبراهيم وضع (من ذريته) عند البيت لسبب واحد لا ثاني له وهو (إقامة الصلاة).
8) جاء بالرواية: ثم قفّى إبراهيم منطلقاً فتبعته إم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها، فقالت: آللّه أمرك بهذاً؟ قال: نعم .
لا يمكن أن يصدر مثل هذا الفعل عن إبراهيم فيرغم أهله على مصير مخيف كهذا دون أخذ رأيهم وتخييرهم في أمرهم،كما نرى من الرواية.
ولنتذكر من هو إبراهيم الحقيقي من القرآن العظيم:
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ {102} الصافات
هذا هو ابراهيم خليل الله ،رأى أنه مأمور بذبح ابنه ،لكنه استشاره في مصيره وخيّره ولم يجبره على شيء.
ولكن ما جاء بالرواية لا يُتوقع من نبي عظيم أن يسوق أهله سوقاً لمصير يبدو لهم مُهلكاً ،هكذا دون استشارتهم في أمرهم أو حتى اخبارهم أو التحدث إليهم.
9) تقول الرواية: أول ما اتخذ النساء (المنطق) من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة.
وهذا وهم ،فقد رأينا من آثار الأمم الغابرة قبل ذلك العهد (قبل الألف الثاني قبل الميلاد) دلائل عدّة من رسوم ونقوش وآثار تدل على استخدام النساء للمنطق (ما يشد به الوسط) منذ أقدم العصور.

حامد العولقي


www.geocities.com/Athens/Rhodes/8098

[ تم تعديل الموضوع بواسطة   حامد العولقي   يوم   10-07-99]

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف