الكاتب الموضوع:   شبهة حول المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
أبوعتيبة   كتب الموضوع   23-06-1999 06:12 PM   الملف الخاص للعضو  أبوعتيبة   أرسل بريد إلكتروني إلى  أبوعتيبة     
بسم الله الرحمن الرحيم
بناء على طلب الأخ الحبيب السندباد المصري في توضيح الإشكال الذي وقع له في فهمه للحديث أو الواقعة العظيمة والتي لو أنفقنا ما في الأرض جميعاً لم نستطع أن نأتي بمثلها ولا ما يدانيها .
فهذه كلمات لعل الله ييسير فيها الصواب ، ورحم الله امرأً أهدى إلىّ عيوبي ، ورحم الله أخاً شارك في الطرح والتعليق محتسباً ذلك عند الله تعالى .

أولاً : نص الحديث : قال أمير الم}منين في الحديث الإمام محمد بن إسماعيل البخاري :
حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال لما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع قال لعبد الرحمن إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها قال بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم فدلوه على سوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ثم تابع الغدو ثم جاء يوما وبه أثر صفرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهيم قال تزوجت قال كم سقت إليها قال نواة من ذهب أو وزن نواة من ذهب .
- شك إبراهيم - .

ثانياً : تخريج الحديث ومدى صحته :
الحديث أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة برقم 1945 ، وأخرجه الترمذي ج4 ص328 ، وأخرجه أحمد ج3 ص190 برقم 12999 .
وأخرجه غيرهم كالحاكم والبيهقي وأبويعلى .
فتبين أنه حديث صحيح .

ثالثاً : توجيه الإشكال :
الإشكال الواقع كما فهمت من الأخ الكريم هو :
أنه لم يستسيغ أن الصحابة رغم غيرتهم على المحارم عَرَض بعضهم - من الأنصار - زوجته لأخيه - من المهاجرين - وقال انظر أعجبهما إليك ، ثم يطلقها ليتزوجها ، وكذا فيه إهدار لشخصية المرأة وعدم أخذ مشورتها في هذا النكاح ؟؟!!!

يجب أن نعلم أولاً :
أن هذه الحادثة وقعت حين آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وفي قصتنا هنا آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع رضي الله عنهما ،
وكان قبل نزول الحجاب بالإجماع .
وكان في بداية هذه المؤاخاة ومن لوازمها أن يرث أحدهما الآخر حتى نزل قول الله تعالى ونسخ هذا الإرث ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين ... ) الآية .

ثانياً :
حين يعلم المسلم أن نوعية هؤلاء الرجال الذين اختارهم الله لصحبة نبيه لم يكونوا كبقية الرجال بل هم كما قال بعضهم : هم جنس لا كالأجناس في زمن لا كالأزمان في بلد لا كالبلدان .
فإذا عُلم هذا ، فالصحابة رضوان الله عليهم إذا أتاهم أمر من الله أو من رسوله سلموا وأسلموا له حتى وإن كان هذا الأمر يخالف بعض عاداتهم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم حين آخى بين المهاجرين والأنصار ، أصبحت تربط بينهم روابط الأخوة - حتى بلغت حد التوارث - فكان من لوازم هذه الأخوة الإيثار وحب الخير من الأخ لأخيه ، فطغت هذه الرابطة القوية - الإيثار - على كل ما ألفوه واعتادوا عليه .
والأنصار كما وصفهم الله في كتابه ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان به خصاصة ) فآثر هذا الصحابي إحدى زوجتيه لأخيه حتى يبين مدى قوة هذه الأخوة .

ثالثاً :
عرض الصحابي زوجته على أخيه لا يخالف الغيرة على المحارم لأنه في سبيل الله وفي ذات الله تعالى . وقد كان قبل نزول الحجاب بالإجماع كما تقدم .

رابعاً :
بالنسبة لرأي المرأة وهضم حقوقها ، فإذا علمنا أن المرأة في ذلك العهد كانت تضحي بالغالي والنفيس من أجل دينها ، ولا يخفى عليكم قصة تلك المرأة المؤمنة التي شاورها أبواها في التزوج من رجل ليس شريف الحسب وكثير المال ، فقالت : أرضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ؟ وقد كان أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليتزوج من هذه العائلة ، فقالوا : نعم ، فتزوجته ورضيت به وكتب الله لها السعادة معه .
فإلى هذا الحد بلغ إيمان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالاً ونساءً .
ولو كان هناك هضم لحقها أو ظلماً لها لشكت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكانت المرأة مخلصة لدينها ومطيعة لزوجها فيما يرضي الله تعالى .

وفي الختام :
تعتبر هذا الواقعة مثلاً ومعجزةً وسيرةً خالدةً يجب أن نأخذ منها درس مهم وهو : الإيثار .

رضي الله عن صحابة رسول الله وأرضاهم .

ونأسف على تأخر الرد
والحمد لله رب العالمين ......

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف