الكاتب الموضوع:   السلفية ومقوماتها.....الحلقة الاولى
عبد الله محمد   كتب الموضوع   03-06-1999 11:17 PM   الملف الخاص للعضو  عبد الله محمد     
،،،بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بعض النقول التي قد تساعد في ضبط مفهوم السلفية وتوضيحه اسأل الله ان ينفع بها كاتبها وناقلها وقارئها.
يقول الدكتور عبد الرحمن بن زيد الزّنيدي في كتابه القيم(( السلفية وقضايا العصر))ص50 وتحت عنوان مقومات السلفية ما يلي:
بناء على الأساس الذي ترتكز عليه السلفية في التعريف، وهو اعتمادها على النصوص الشرعية في قضايا المنهج والموضوع اعتمادا أوليا،فان مقومات السلفية تتمثل في كل مقررات هذه النصوص في القران الكريم،والصحيح الثابت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن عامة الفرق الأخرى- المنتسبة للإسلام – لا تقول عن نفسها أنها ترفض هذه النصوص أو شيئا منها،بل تزعم أنها تسعى لخدمتها وتدور في فلكها،وترى أن خلافها مع السلفية إنما هو في منهج التعامل مع هذه النصوص،ومن ثم في النتائج الموضوعية المختلفة بينهم – السلف والفرق الأخرى- نتيجة اختلاف المناهج.
لهذا كان اهتمام رواد السلفية ابتداء من الإمام الشافعي والإمام احمد بن حنبل في تنظير مقومات السلفية في منهجية التعامل مع النصوص في عناصر الاعتقاد التي حدث فيها الاضطراب في عصرهما.وظهرت فيها الرؤى المخالفة لمعتقد السلف غلوا أو تفريطا.
ثم تواصل اهتمام العلماء بذكر هذه المقومات،مركزين على ما اضطرب فيه فكر الناس واختلفوا فيه.
وحينما جاء الإمام ابن تيمية سعى لإقامة نسق علمي للسلفية،يركز على المناهج اكثر من تركيزه على الموضوعات بحكم أولويته عليها في مثل: درء تعارض العقل والنقل،ونقض المنطق،والرد على المنطقين،ونظر بعض القواعد العامة في مثل: الرسالة التدمرية.
وفي العصر الحديث هب رجال السلفية يبرزون مقومات سلفيتهم،إما باستعادة ما قرره الأسلاف عن طريق الجمع والتنظيم بحسب حالة العصر الفكرية،كما فعل الشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه(طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول)،و(القضايا الكلية للاعتقاد في الكتاب والسنة) لعبد الرحمن عبد الخالق ونحوهما.
أو من خلال الانطلاق من المنحى الشمولي للسلفية الذي أساء فهمه الآخرون،بل بعض المنتسبين للسلفية حينما تصورا أن السلفية محصورة بتفرداتها في قضايا الاعتقاد – إلهيات ونبوات وغيبيات- بل ربما حصرها بعضهم بجزئيات قليلة من هذه الجوانب تميز بها السلف عن غيرهم كإثبات الصفات والرؤية،وإنكار القول بخلق القران ،وموقفهم من مسالة الإيمان ومرتكب الكبيرة ونحوها.
هذا التصور المختزل للسلفية من بعض اتباعها فضلا عن مخالفيها،دعا بعض السلفيين إلى محاولة إعادة تنظير لمقومات السلفية بصفتها منظومة شاملة لحياة الإنسان الفكرية والسلوكية.
ها هو أحدهم يبرر تأليفه في معالم السلفية في شمولها الواسع،بمكافحة ذلك الفهم الجزئي الخاطئ.
يقول محمد عبد الهادي المصري في كتابه ( أهل السنة والجماعة-معالم الانطلاقة الكبرى ص10){إن تعبير أصول أهل السنة والجماعة قد تقلص – وللأسف الشديد- أمام عوامل كثيرة تاريخية وسياسية اجتماعية مختلفة،لكي يصبح معبرا في النهاية- عند الكثيرين ولأول وهلة- عن جانب واحد من الجوانب المتعددة،والغنية لهذه الأصول وهو جانب العقائد،بينما طغت أتربة النسيان والتناسي في أحيان كثيرة على غير ذلك من (أصول)لا تقل أهميتها في ميزان الحق،وفي معيار النجاة في الدنيا والآخرة،عن أهمية(أصول) هذه الطائفة في جانب العقائد وحده،إننا لا ننكر أن جانب العقائد – كما يقرر الإمام ابن رجب- خطره عظيم والمخالف فيه على شفا هلكة- ولكن هل هذا يبرر أن نغمط بقية (الأصول) حقها ونتناسى هذه الجوانب الأخرى المضيئة التي تمثل – مع جانب العقائد – المرتكزات الأصيلة،والأعمدة الراسخة الثابتة التي يقوم عليها دائما هذا البناء الشامخ،الذي يجسد تراث هذه الطائفة على مدار تاريخها كله؟ إن (أصول) أي شيء – وكما تخبرنا مراجع اللغة – هي الأسس التي يقوم عليها هذا الشيء،فهل الأسس التي قام عليها تراث هذه الطائفة – أهل السنة والجماعة- الأصول العقائدية فقط؟وهل الحضارة التي حققت خيري الدنيا والآخرة على مدى تاريخ هذا الدين كله قامت فقط على الأصول العقائدية؟أين الأصول المعرفية،وضوابط المعرفة،وحدود العقل،ومجالاته عندهم؟ أين أصولهم في النظر والاستدلال ومناهج البحث والاستقراء؟ أين أصول فقه الواقع، والحركة الإيجابية الواعية خلال هذا الواقع،وحدود المصالح والمفاسد المعتبرة عندهم؟ أين أصولهم في النظر إلى المخالف التي ينطلق منها منهج تعاملهم مع هذا المخالف؟ وأين الأصول التي تحكم علاقتهم هم بعضهم مع بعض؟ثم أين الأصول التي تحكم علاقتهم مع عالم الأسباب من حولهم،والعلل الكونية التي جعلها الله سننا مطردة صارمة مؤدية إلى معلولاتها؟ أين وأين؟وأين؟}.انتهى .
ومما كتب في هذا المنحى الشمولي الكتاب المنقول منه سلفا والذي تناول منهج التلقي لدى السلفيين،والملامح العامة لهم،وخصائصهم الخلقية والسلوكية والأصول العقدية التي اتفقوا عليها،والمسائل التي قبل فيها الخلاف داخل السلفية.
وكذلك مصطفى حلمي في( قواعد المنهج السلفي – والنسق الإسلامي في مسائل الألوهية،والعلم والإنسان عند شيخ الإسلام ابن تيمية).
ثم يقول الدكتور عبد الرحمن بن زيد الزنيدي:
وسأذكر هنا ابرز المقومات المنهجية والموضوعية للاتجاه السلفي،دون تحليل أو شرح،لان الهدف هنا بيان أن السلفية تتمثل في منظومة علمية،ونسق متكامل فيما يتعلق بالوجود الإنساني فكرا وسلوكا.) انتهى كلام الدكتور عبد الرحمن وفي الحلقة القادمة إن شاء الله
1- المقومات المنهجية.
2- المقومات الموضوعية.


عبد الله محمد   كتب الموضوع   09-06-1999 07:51 PM   الملف الخاص للعضو  عبد الله محمد     
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،(الحلقة الثانية)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،المقومات المنهجية

اعتماد الوحي - القران الكريم والسنة الثابتة - بصفته المصدر المقدم في العلم على جميع المصادر الأخرى.
يقال عن هذا المفهوم أحيانا تقديم الشرع أو النقل على العقل )،ولكن هذه المقولة لا تعبر تماما عن المفهوم السلفي في العلاقة بين الوحي والعقل ،لأن مفهوم العقل لدى السلف هو الفطرة التي فطر الله عليها الإنسان،وهذه الفطرة لا يمكن أن تخالف النقل الموحى من خالقها حيث يُِحتاج للمفاضلة، ومن هنا فتقديم الشرع على العقل - هنا - يراد به تقديم ما جاء به الوحي على الأفكار المخالفة له، والتي يقدمها أصحابها فلاسفة ، ومتكلمين ، وباحثين اجتماعيين ، وغيرهم باسم ، العقل ، أو المعقولات.
ومما يدخل في إطار هذا المقوم:

1-نفي العصمة عن البشر سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مهما بلغوا من العلم والتقى والورع ، ومن ثم وجوب الرد إلى الله ورسوله من الجميع.

2-اعتماد منهج الاستدلال القرآني في قضايا التوحيد والبعث وغيرها ، بحيث يكون دور الباحث هو تفسيرها لتقريب الناس منها وتقريبها منهم دون ابتداع ، أو استمداد أدلة فلسفية لا تتفق مع المنهج القرآني غاية ومنطقا.

3-اعتماد فهم الصحابة للنصوص ، وتفسيرهم للقران و السنة بحكم تلقيهم المباشر من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسلامة فطرهم ولغتهم.
ومن مقتضيات هذا المقوم ، رفض التأويل الذي أخذ به المتكلمون في تعاملهم مع النصوص ، حيث تجعل المفاهيم العقلية هي الأساس ثم ينظر في النصوص ، فإن وافقت تلك المفاهيم ، وإلا صرفت عن الحقائق التي تدل عليها إلى ما يتسق مع تلك المفاهيم.

4- الإجماع والقياس مصدران تشريعيان....يليا المصدرين الأصليين الكتاب والسنة ويرجعان إليهما ، إلى المقاصد والقواعد كما في الإجماع غالبا ، أو الأحكام الجزئية كما في القياس الذي لا يعدو أن يكون ربطا للأحداث المستجدة في الحياة البشرية في أحكامها بالأحداث التي سبق لها حكم في الوحي عن طريق العلة.

5- التجديد والاجتهاد : التجديد مصطلح شرعي ورد في حديث شريف ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)).
والتجديد في المفهوم السلفي هو : هو تطهير الدين مما ألحق به من شوائب في أفهام الناس وسلوكهم ، حتى يعود له في حياتهم نصاعته الأولى.
أما الاجتهاد ، فإنه العملية التي تتم بها تغطية حياتهم المتجددة بالأحكام المستمدة من الشريعة ، فهو حركة حية للربط بين الواقع البشري في كل زمن ، وتعاليم الشريعة الموحاة في القران والسنة.
وإذا كان مضمون السلفية رد الحياة البشرية في كل تطوراتها إلى الكتاب والسنة - كما سلف ، فإن التجديد والاجتهاد مقومها الحركي لتحقيق ذلك.

6- شمولية الإسلام : الإسلام لدى الاتجاه السلفي منظومة كاملة في جميع شؤون الحياة الإنسانية عقيدة ، وعبادة ، وأخلاقا ، ونظما ، اقتصادية ، وسياسة ، واجتماعية ، ومعرفية ،...الخ.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه يتحقق بتكامل في شخصية الإنسان نية داخلية ، وتطبيقا عمليا في السلوك العملي.ولذا بقيت عمليات إخراج جزء من حياة الإنسان عن الدين ، لمنهجيات بشرية ، ومثل ذلك تهميش دور النية ، والقصد في الأعمال ، أو إهمال الأعمال بحجة الاكتفاء بصلاح الداخل ، بقيت كل هذه لا منطقية لدى الاتجاه السلفي ، ومنفورا منها أشد النفور.

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,انتهى ..

الموضوع الـتــالـي | الموضوع الســـابق

أدوات المراقبين : غلق الموضوع | أرشيف أو نقل | إلغاء الموضوع

للمراسلة | سوالف للجميع | شبكة سوالف