كتب الموضوع   30-09-1999 02:23 PM          

الشعر فن عبقري يلامس وجدان الإنسان فيحرك مشاعره ويهذب نفسه ويأخذه إلى عوالم بعيدة ساحرة مترامية الأطراف لا تعرف الحدود أو النهايات.
والعرب في مقدمة الأمم اهتماماً والتصاقاً وتأثراً بالشعر فقد كانت القصائد النفيسة الجميلة عندهم في الجاهلية تعلق على جدار الكعبة أي أنها كانت تعلق في أقدس مكان لإحساسهم بقيمتها والتباهي بها أمام القبائل التي كانت تأتي لزيارة أول بيت بني للعبادة.
الشعر عند العرب هو موسوعة علوم فهو التاريخ والجغرافية وعلم الحيوان والنبات ومتحف الآثار.
والشاعر مصور بارع، في قصيدته نقوش ورسوم وألوان وهو صانع يحتاج إلى عبقرية وذكاء وفطنة وقد قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (خير صناعات العرب أبيات يقدمها الرجل بين يدي حاجته) بالإضافة إلى ذلك فالشاعر وزارة الإعلام في قومه فهو الإذاعة والتلفاز والصحف اليومية.
والشاعر هو لسان القبيلة وسفيرها إلى القبائل الأخرى وهو المدافع والحكيم والمحرض على القتال والمشجع على الصلح والسلام.
ومما لاشك فيه أن الإسلام احتفظ للشاعر بمكانته فقد كان النبي يشجع حسان بن ثابت على هجاء المشركين لأن شعره كان أشد عليهم من رشق النبل، وكان يشير عليه أن يأتي أبا بكرٍ ليعرفه أنساب القوم وأيامهم وأحسابهم ويقول له مشجعاً: اهجهم وجبريل معك. ودعا الله أن يؤيده بروح القُدُس. والشعر ديوان العرب ولا تترك العرب الشعر حتى تترك الإبل الحنين، فكم من شاعر رفع شأن قبيلة وشاعر حط من قدر أخرى وشاعرٍ أوقد حرباً وشاعرٍ أطفأ جمرتها، وشاعرٍ أدرك الغنى وشاعرٍ قتله لسانه.
كل هذا يدفعنا للوقوف والتأمل في أهمية الشعر عند العربي وأهمية الشاعر الذي كان يُجرى له احتفالٌ ومهرجانٌ وفرحة عندما يكتب قصيدته الأولى التي تبشر بولادة شاعر في القبيلة.
وليس أدل على أهمية الشعر عند العربي من قصة الشاعر (العديل بن الفرخ) حيث هجا الحجاج فأهدر دمه ولم يجد في قبائل العرب من يؤويه فهرب إلى بلاد الروم فأرسل الحجاج إلى القيصر ليسلمه إياه برسالة قال فيها: "والله لتبعثن به أو لأغزونك خيلاً أولها عندك وآخرها عندي".
وكانت النتيجة أن بعث القيصر بالشاعر إلى الحجاج.
وقصة ثانية ليست بأقل من سابقتها، حيث حاصر صالح بن مرداس "معرة النعمان" بجيشه واستمر الحصار فترة طويلة وفي أحد الأيام أتاه أحد جنوده وقال له: يا مولاي لقد فُتِحَ باب حصن المعرة وخرج منه شيخ أعمى يقوده طفل صغير، فقال: هذا أبو العلاء أئتوني به، فوقف بين يديه أبو العلاء وأنشده قصيدة، فقال له: اذهب فلقد وهبتك المعرة. وانسحب بجيشه.
فأية أهمية وخطورة هذه التي كانت ستدعو الحجاج إلى إعلان الحرب وتلك التي جعلت صالح بن مرداس يتنازل عن حصار مدينة أوشكت على السقوط بين يديه.
هذا باختصار شديد هو الشعر وهذا هو فعل الكلمة والبيان الذي لا تعادله قوة أو سلاح. وقد قال النبي "إن من البيان لسحراً"

  كتب الموضوع   01-10-1999 07:30 AM          

جميل ... مفيد .. وممتع ..

لك كل التحيه ... ولا تحرمنا من مثل هذه المشاركات .

  كتب الموضوع   01-10-1999 02:38 PM          

الاخ العزيز T_zone

شكرا لكم على متابعتكم للموضوع الذي طرحته..

ولنعمل جميعا على تقديم الجيد والمفيد..

وان شاء الله نكون دائما عند حسن ظن الجميع