سيدي العرفة..
جئت اليوم لأغوص في هذا الجنون..لكني قررت هذه المرة أن آخذ معي انبوبة أوكسجين..فمهما كان نفسي طويلا فإنه غير كاف لإستخراج تلك اللآلئ من أعماق جنونك...
.
.
حسنا ..دعني قبل أن أفتح المحار أصف لك ما أراه هنا..أو أصفك هنا..أو أصف لك شعوري عندما أكون هنا..
أحياناأرى لوحة سريالية تخفي ملامحها في رقة..ولكننا حتماً نراها خلف غلالة شفيفة رقيقة أراها بيضاء مشوبة بلون لؤلؤي..
وأحيانا أخرى تضيع مني هذه المعالم فلا أكاد أرى إلا ألواناً صاخبة غجرية ترقص على ايقاع طبل أفريقي..
وأحيانا أخرى أيها السيد تتعنى أن ترسم لوحة سوداء..لا أرى فيها شيئاً سوى قتام وليل حالك..
وتارة تترك لوحاتك بيضاء لنخربش نحن في فراغها ما نريده ونفهمه..
وأخرى أرى أنك تدوس طهر تلك اللوحة وتمزق عفافها وتلقيها أرضا للمارة ...
هذا ما رأيته في معرضك المتنوع الألوان..والأمزجة..والأحرف..
.
.
.
دعني الآن أنثر لك ذلك المحار الذي جمعته في جعبتي لعل بياض لؤلؤه يوهج سواد ليلي المنهك هذا..
1-"أعد أعرف حتى كيف أوطن أحزاني ، وأوزاني .. ولا حنيني لأوجاعي .. وعذابات صداعي ...
لم يعد لألمي غرفة .. وحرقتي غرفة ..
وتعبي ، وشدتي غرفة .. وأدبي غرفة .......... بعثرتي ،
غرفة .. وأشلائي غرفة ......
وشفافيتي غرفة أو غرفتين ... وثلاث للفوضى ..
ولعبث صباي ، والموضى ... أربع غرف بـ ( سويتات ) ... ؟"
غرف غرف غرف..أهكذا حقا هي قلوبنا؟؟ لكل شيء بها غرفة؟؟وماذا لو أنه كان بيت نظام أمريكي..غرفه كلها مفتوحة على بعض..مامصير ذلك القلب؟؟أرى أن ذلك هو قلب مرهف الحس..فما يحصل في غرفة يؤثر على الباقي..وربما هرب شعور من هنا..ليختبئ هناك في زاوية غرفة أخرى..وربما تمدد شعور ما ليستحوذ في لحظة على كل الغرف المجاورة.. وربما حفلة صاخبة في غرفة تدعو كل سكان الغرف الأخرى..أو قد يفكر سكان كل الغرف أن يقوموا بانقلاب..ويهاجروا ويتركوا جميع الغرف فارغة..يا للبرد..ويا للجنون الذي يقود إليه جنونك..!!
2-"ما أمتع يا ( سيدتي ) أن يعشقك الكاتب ... وأما أسوأ أن تعشقين كاتب ....؟
هل لأنه ببساطة ... لن يستمر حلم الكتابة ... أن حقق حلمه ..؟؟"
ها أنت ذا ثانية تثير تساؤلاتي بعد أن كانت في حالة سكون..
عشق الكاتب..أجل ما أسوء ذلك..!!قلب خاضع لتقلبات عدة..ومزاج حاد..وشعور منسكب ..وقسوة يتفجر منها حنان..وحنان يداري قسوة..وعشق للكلمة التي تكتب حبه أكثر من عشقه لحبيبته ولحبه..ثم ادمانه لكل فنون الحب..من هجر..عناد..تطرف..جنون..
أتدري..هذا هو الكاتب العاشق كما أقرأه في كل مكان..
فهل حقا هو هكذا مع من يحب؟؟؟
إن كان كذلك..إذن ما أسوء أن يعشق كاتب " كاتبة" أيضا
...
3-"وبرغم هذه الدرجة الضئيلة الضئيلة .... قررت أخيراً .. :
... أن لا تنسحبي يا ( سيدتي ) .... وألا ...... انكسرت وكسرّت ابجديات الجنون ...
أظن سيدتي ستتساءل : و .. ( ثم ) ..؟؟"
"ثم"!!!! تغلق أبواباً وتفتح أخرى..تكسر قلوبا..وتؤجج شغافها..لن أخوض في " ثم" أكثر..فثمة بحيرات عذبة مسمومة هناك...
.
.
.
.
.
لم ينته مافي القاع من محار..لكن انبوبة اوكسجيني نفذت...
شكرا لك أيها الكاتب على هذه الأعماق الزاخرة المجنونة..ولي عودة..ربما