السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضِل ميس الريم!
سررت بعودتك مرةً أخرى، ولن أذكُر المقدَّمات لأنَّ الرَّدّ هذه المرة طويلٌ جِداً، وأقدِّر إن تأخَّرتَ في الرَّدّ.
إقتباس:
أشكرك على اقتباسك الذي وضعته لرد سابق لك ..لم أكن قرأته بتمعن ...وأنا أرى أن تكون نقطة البداية للنقاش هي ..هل تؤمنون بمسألة تحريف القرآن أم لا ..ثم بعد ذلك نصل إلى الحكم في هذه المسألة إن كان يقتضي التكفير أم غيره ..هكذا يكون التسلسل منطقيا في النقاش ...
|
لو دققت في مشاركتي التي اقتبستها لك، لعلمتَ أنَّ التَّسلسُل المنطقي هُو في عكس الذي ذكرتَه، وبإضافة محور آخر عليه أيضاً، فقد ذكرتُ هناك أنَّ الأساس أن نبحث في القضايا الكلية العامَّة، وبعدَ أن يثبت العرش ونسلِّم بالقاعدة الكلية نتحرَّك إلى تطبيقها على الجزئيات، وإلا فما فائدة الجزئيّات إذا لم تثبت الكليّات؟ هذا هُو التَّسلسل المنطقي الذي عهدناهُ في كلِّ مكان، في الفقه، في العقائد، في التَّفسير، وفي كل شيء آخر، فنحنُ نتحرَّك من الكليّات إلى الجزئيات في حال الاستدلال، لا مِن الجزئيات إلى الكليات، وهذا هُو البحث الذي يقوم به العلماء في الفقه، فهُم يرجعون القضايا الجزئية إلى الأحاديث الكليَّة المسلَّمة، وإلا فهُم لن يستفيدوا أي فائدة، بخلاف لو أنَّهُم انتهوا من الكليات، فإنَّهُم وإن لم يستنتجوا الجزئيات لكنَّهُم قرروا القواعد العامة الكلية.
أمّا هذه الطَّريقة التي تريدُ البدء بها –فاسمح لي على هذه الكلمة- هِي طريقة من يبحث عن أيّ ثغرة ليكفِّر الطَّرف الآخر، وبالتّالي يكون منشأً للتعصُّب، لأنَّ الذي يسير في الجزئيات كثيراً متناسيا عن الكليات، حينَئذٍ سصعب عليه التسليم للكليات إن كانت تخالف الجزئيات، ولا أريدُ أن أفصِّل أكثَر في هذا حتّى لا أطيلَ عليكُم.
لكِن، معَ هذا، أنا أتنازَل لأنتقِل إلى البحث الذي بدأت فيه، حتّى لا أكونُ متجاسرا على تلك العبارات والمصادر التي كتبتها وتعبتَ على جمعِها، لكِن كما ذكرتُ بإضافة محور آخر قبلَ الانتقال إلى محور الحكم على القائِل بالتَّحريف، وهُو: أقوال علماء السنَّة وأحاديثهم التي يظهَر منها التَّحريف.
إقتباس:
1) يقول الخـــــــــــــــميني في معرض كلامه عن الإمامة والصحابة من كتابه كشف الأسرار: (.. فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويُسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد، ويلصقون العار ـ وإلى الأبد ـ بالمسلمين وبالقرآن، ويُثبتون على القرآن ذلك العيب الذي يأخذه المسلمون على كتب اليهود والنصارى)( كشف الأسرار /الخميني ص 131...والعيب الذي يقصده واضح لالبس فيه وهو التحريف في القرآن كما هو التحريف عند اليهود والنصارى
|
يبدو أنَّك –وللأسف- لا تقرأ الرُّدود السَّابقة التي كتبتها، خصوصاً ردّي على الأخ النُّعمان، حيثُ ذكرتُ فيه نصُّ كلام السيّد الإمام الخميني –أعلى الله مقامه الشَّريف-، وإليكَ نصُّ كلامه في نفس قضيَّة التَّحريف مِن كتاب تهذيب الأصول تقريراً لبحوث السيد الإمام ج2 ص165:
(مقالة الاخباريين في ظواهر الكتاب
وهم استدلوا على عدم حجية ظواهرها بوجوه منها ادعاء وقوع التحريف في الكتاب حسب اخبار كثيرة ، وهو يوجب عروض الاجمال المانع من التمسك به . و هو بمعرض من السقوط صغرى وكبرى اما الصغرى : فان الواقف على عناية المسلمين على جمع الكتاب وحفظه وضبطه قرائة وكتابة يقف علي بطلان تلك المزعمة وانه لا ينبغى ان يركن إليه ذو مسكة ، وما وردت فيه من الاخبار ، بين ضعيف لا يستدل به ، إلى مجعول يلوح منها امارات الجعل ، إلى غريب يقضى منه العجب . إلى صحيح يدل على ان مضمونه تأويل الكتاب وتفسيره إلى غير ذلك من الاقسام التى يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف كتاب حافل ولو لا خوف الخروج عن طور الكتاب لارخينا عنان البيان إلى بيان تاريخ القرآن وما جرى عليه طيلة تلك القرون واوضحنا عليك ان الكتاب هو عين ما بين الدفتين)
بالنِّسبة لما نقلتَه هُنا، فأوَّلاً: كتاب "كشف الأسرار" للإمام الخميني –رحمه الله- مطبوعٌ بالفارسية،
والطبعة المترجمة في الأردن ترمجها شخصٌ مخالف للإمام الخميني –رحمه الله- وأيضاً ترجم كثيراً من عباراتها ترجمة خاطئة وفاضحة جِداً، وينقَل –واللهُ العالم- أنَّ مكتبة الفقيه الكويتية ومكتبة دار المحجة البيضاء قد أعادوا طباعتها بالتَّرجمة الدَّقيقة.
ثانياً: إذا ثبتَ فعلاً أنَّ كلام الإمام الخميني –قدس سره الشريف- كانَ بهذه الطَّريقة وفي هذا السِّياق، فيمكِن حمله على أنَّ التَّحريف المقصود كما ذكر الإمام الخميني –رحمه الله- ذلكَ في بعض كتبه ومحاضراته تحريف التَّأويل والتَّفسير، بَل لا يبعَد أن يكونَ مقصوده أنَّهُم قاموا بتحريف نسخة واحدة أو عدة نسخ من القرآن تحريفاً لفظياً، وهذا غير مستبعد، فلا أحدَ يدَّعي أنَّ عدم وقوع التَّحريف في القرآن يعني عدم تحريف أي فردٍ من أفراد القرآن ومصاديقه الخارجية، فمثلاً: قد يأخُذُ شخصٌ يهودي نسخة من القرآن ويقوم بتحريفها بطريقة مّا، ويحذف بضع آيات، لكِن عامّة القرآن محفوظ بين عامَّة المسلمين، ويستطيع كلُّ إنسانٍ الوصول إليه، ولا أظنُّ أنَّكُم تنفون التَّحريف بمعنى أنَّه لا يمكن –حتى للصبي الصغير- أن يضيف حرفاً في نسخة من نسخ القرآن الكريم.
مِن هذا الباب، أقولُ –والله العالم-: لا يبعدُ أن يكونَ مقصود الإمام الخميني –رحمه الله- أنَّ اليهود كانوا يأخذون نسخة من القرآن ويحرِّفونها وينقصون فيها؛ بل ينقلونها مبتورة –كما الحال في بعض الذين ينقلون الأقوال من مصادرها بصورة مبتورة- حتّى يشوِّهوا صورة القرآن الكريم، ويثبتون عدم كون ما بتروه أو زادوه كلام اللهِ تعالى، ليصدِّق النّاس ذلك، لكِن أصل القرآن محفوظ بين المسلمين في النُّسخ الأخرى وفي القلوب.
وسبب اتخاذنا هذا المحمل من كلام الإمام الخميني –قدس سره- أنَّ كلامه في مواضع كثيرة واضحٌ في أنَّه ينفي وقوع التَّحريف بالزِّيادة والنَّقيصة في القرآن الكريم، مما يتبين بوضوح أنَّ مقصوده هُنا أمرٌ آخر على كلِّ حال.
هذا إذا ثبتَ فعلاً أنَّ الإمام الخميني –رحمه الله- قالَ هذا الكلام بهذه الطَّريقة وفي هذا السِّياق الظاهر.
إقتباس:
2) ويذكر صاحب الكافي (رفع إلي أبو الحســـــــــــــن ـ ع ـ مصحفاً وقال لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه " لم يكن الذين كفروا " فوجدت فيها ـ السورة ـ اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، فبعث إلي أن ابعث إلي بالمصحف)( الكافي2/261
|
أوَّلاً: هذه الرِّواية
مرسَلَة كما راجعنا في المصدر، ومعَ ذلكَ فيمكِن حملها –كما ذكَر بعض المحقِّقين فيها- أنَّ المقصود أنَّ هذه الأسماء كانَت تفسيراً لقوله تعالى: (لم يكن الذين كفروا...) لا أنَّها جزءٌ مِن لفظ القرآن الكريم ليدلَّ على التَّحريف، وهذا التَّأويل هُو المتعارَف عندَنا في أغلب الرِّوايات الصَّحيحة التي تقولُ أنَّ في القرآن اسم الإمام علي (عليه السلام) مثلاً أو ما شاكَل، حيثُ هِي بمعنى التَّفسير، كما في قولِه تعالى: (يا أيها الرَّسول بلغ ما أنزلَ إليك) في علي (وإن لم تفعل..)، فعبارة (في علي) قيدٌ تفسيري، كما يستخدم ذلكَ كثيرٌ من المفسِّرين للقرآن.
إقتباس:
3) والبحراني في شرحه لنهج البلاغة: (أن عثمان بن عفان جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف وأبطل ما لاشك أنه من القرآن المُنزل)( شرح نهج البلاغة /هاشم البحراني 1/11
|
السيِّد البحراني من الإخباريَّة، ومعروف أنَّ كثيراً مِن الإخباريَّة قالوا بتحريف القرآن، ولا أعني الكثير أغلبُهُم لأنَّني لم أبحث عن النِّسبة بينهُم، ولكنّي بسبب عدم وجود شرح نهج البلاغة عندي لا يمكنني الجزم هل السيد البحراني ذهب مذهبهم أم لا؟ لأنّ هذا الكلام يمكِن حمله بنحوٍ ما على أنَّ المقصود من القرآن المنزَل، هُو غير اللفظ من التَّفسير المنزَّل على الأئمَّة (ع)
كما سيأتي بيانه في قول السيد الخوئي -رحمه الله-.
إقتباس:
4) ويقول المحدث الشيعي نعمــــــــــــة الله الجزائري في كتابه: [الانوار النعمانية] ( إن الأئمة أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من بين أيدي الناس إلى السماء ويُخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين، ويعمل بأحكامه)
|
لا أدري ماذا يقصِد بالتَّحديد سماحته في هذا المورد خاصةً، لكِن أنا أيضاً أؤمِن بهذا الأمر، لكِن بهذا المعنى أنَّ مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) ليسَ مصحفاً يخالف مصحف عثمان في أصل الوحي المنزل الذي هُو جزءٌ من القرآن، ولكن يختلف في تفسير الآيات ومعانيها، فالمعنى والتَّفسير الصحيح للآيات هُو الموجود في مصحف الإمام علي (عليه السلام)، وهذا ما سيأتي به الإمام الحجة (روحُ مَن سواه فداه)، لا أنَّه سيثبِت أنَّ هذا القرآن الموجود عندنا مزيدٌ في ألفاظه أو منقوصٌ منه شيءٌ –والعياذُ بالله-.
إذا كانَ مقصَد السَّيد نعمة الله الجزائري –رحمه الله- ما ذكرناهُ آنفاً فهُو خلاف التَّحريف في هذا المورد، وإذا كانَ يقولُ بأنَّ الإمام الحجة (روح من سواه فداه) سيأتي بقرآن آخر جديد، فلا نقبَلُ ذلكَ مِنه، ونعترِف بأنَّه يدَّعي التَّحريف في هذا المورد
علاوة على اعترافه بالتَّحريف في موارد أخرى.
إقتباس:
5) ويقول محدثهم النوري الطبرســـــــــي: ( إن الأخبار الدالة على ذلك ـ التحريف ـ يزيد على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق الداماد والعلامة المجلسي وغيرهم، واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية)( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب 227 /النوري الطبرسي). وينقل الإجماع على التحريف الجزائريّ في كتابه [الانوار النعمانية]
|
الشَّيخ النوري الطَّبرسي بما أنَّه كانَ يرى وقوع التَّحريف في القرآن لفظا، وهذا مما انفرد به –كما ينقَل أنَّه ذكر ذلك في كتابه في ص35 حسبما أذكُر الآن-، ولكِنَّ الأخبار التي تمسَّك بها مِن الألفين فيها الضعيف والموضوع، وفيها الأخبار المنقولة عندَكم أنتُم أيضاً، وبعضها بَل أكثر روايات التَّحريف يمكِن حملها على معانٍ أخرى لا تعني التَّحريف اللفظي.
نعَم، قد يكون الشَّيخ المفيد مثلاً صحَّحَ الحديث، ولكِن لا يعني ذلكَ أنَّهُ اعتقَد بنفس المعنى الذي استنبطه النُّوري الطَّبرسي.
أمّا نقل السيّد الجزائري الإجماع في كتابه على وقوع التَّحريف، فمعَ عدَم مراجعتي لنصِّ الكتاب (وأرجو أن تضع لي نصَّه لأنَّ الكتاب ليسَ متوفِّر عندي حاليا حيثُ استعاره أحد الإخوة ولم يرجعه) يبدو أنَّ مقصوده من التَّحريف أعمَّ من التَّحريف في اللفظ، فيشمل التَّحريف في التَّفسير والتَّأويل، وهذا مجمع عليه عندَنا أنَّ القرآن وقع تحريفٌ في تفسيره وتأويله.
ملاحظة: النوري الطَّبرسي يختلف عن المحدث علي بن الحسن الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان، وحينَ يقال: (الطبرسي) فالمقصود هُو صاحب مجمع البيان لا فصل الخطاب.
إقتباس:
6) ويقول المفسر الشيعي محســــــــــن الكاشاني: (إن القران الذي بين أيدينا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة)( تفسير الصافي 1/49 منشورات الاعلمي ـ بيروت ، ومنشورات الصدر - طهران ./المقدمة - محسن الكاشاني)
|
إذا قرأتَ كلام الفيض الكاشاني في تفسير الصَّافي في هذا الباب، لرأيتُه يذكُرُ أقوالاً كثيرة، وهذا الكلامُ الذي أخذتَه إنَّما هُو مجتزءٌ مِن بين تلك الرِّوايات التي يذكُرها ويعلِّق على مضامينها، ثُمَّ يأتي في النِّهاية ويقولُ:
(أقول : ويرد على هذا كله إشكال وهو أنه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتماد على شئ من القرآن إذ على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون محرفا ومغيرا ويكون على خلاف ما أنزل الله فلم يبق لنا في القرآن حجة أصلا فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك ، وأيضا قال الله عز وجل : وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وقال : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير ، وأيضا قد استفاض عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة ( عليهم السلام ) حديث عرض الخبر المروي على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرفا فما فائدة العرض مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله . ويخطر بالبال في دفع هذا الاشكال والعلم عند الله أن يقال : إن صحت هذه الأخبار فلعل التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال كحذف اسم علي وآل محمد ( صلى الله عليهم ) ، وحذف أسماء المنافقين عليهم لعائن الله فإن الإنتفاع بعموم اللفظ باق وكحذف بعض الآيات وكتمانه فان الانتفاع بالباقي / صفحة 52 / باق مع أن الأوصياء كانوا يتداركون ما فاتنا منه من هذا القبيل ويدل على هذا قوله ( عليه السلام ) في حديث طلحة : إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة فإن فيه حجتنا وبيان حقنا وفرض طاعتنا . ولا يبعد أيضا أن يقال إن بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ولم يكن من أجزاء القرآن فيكون التبديل من حيث المعنى أي حرفوه وغيروه في تفسيره وتأويله أعني حملوه على خلاف ما هو به ، فمعنى قولهم ( عليهم السلام ) كذا نزلت أن المراد به ذلك لا أنها نزلت مع هذه الزيادة في لفظها فحذف منها ذلك اللفظ . ومما يدل على هذا ما رواه في الكافي باسناده عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية . الحديث . وما روته العامة أن عليا ( عليه السلام ) كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ ومعلوم أن الحكم بالنسخ لا يكون إلا من قبيل التفسير والبيان ولا يكون جزء من القرآن فيحتمل أن يكون بعض المحذوفات أيضا كذلك هذا ما عندي من التفصي عن الاشكال والله يعلم حقيقة الحال . واما اعتقاد مشايخنا ( ره ) في ذلك...) ويذكُر أقوال علماء الطَّائفة التي أكثَرُها نفي التَّحريف عنهُ.
مِن هذا الكلام يظهَر أنَّ سماحته يعتقِد بما بعد عبارة (ولا يبعد أيضاً أن يقال...)، حيثُ يذكُر الاحتمالين للرَّدّ على الإشكال والاحتمال الأقرب إلى النِّهاية والأكثَر تفصيلاً فيه واستدلالاً هُو الاحتمال الأخير، ممّا يعني ميلُهُ إليه أكثَر من الأوَّل.
وعلى كلِّ حال، ملخَّص كلام الفيض الكاشاني يتمحور في نقل ثلاثة أقوال:
(1) أنَّ القرآن حذِف مِنهُ ما كانَ جزءً مِنهُ، وهذا الجزءُ كانَ كثيراً مخلاً بالقرآن، والفيض الكاشاني جزمَ بعدم اعتقاده بهذا.
(2) أنَّ القرآن حذِف منهُ ما كانَ جزءً منهُ، إلا أنَّه ذلكَ كانَ يسيراً جداً في جزءٍ مِن آيات الولاية بحيثُ لا يخلُّ بالمعنى، ولم تحرَّف آيات الأحكام بذلك، والفيض الكاشاني لا
يظهَر منهُ قولٌ صريحٌ في تأييد هذا الكلام ولا في ردِّه.
(3) أنَّ القرآن حذِفَ منهُ ما كانَ تفسيراً وتبياناً له، والفيض الكاشاني يذكُر هذا الاحتمال ويستدلُّ لهُ ببعض الأدلَّة ولا يستبعدُ هذا القولُ، ممّا يكشِف أنَّه يميل إلى هذا القولِ، لقولِه (لا يبعُدُ أيضاً أن يكونَ...)، واستدلاله على هذا الدَّليل ووقوفه عنده لختم الكلام، بَل يجزم السيد طيب الموسوي الجزائري في مقدمته على تفسير القمي، وسيأتي ذلكَ قريباً، بَل إنَّ نفس الفيض الكاشاني ذكر أقوال أعلام الطّائفة وأكثر الأقوال التي ذكرها هِي التي تنفي التَّحريف ولم يعلِّق على أغلبها.
إقتباس:
7) ويؤكد ذلك طيب الموسوي في تعليقه على تفسير القمي علي بن إبراهيم: (ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين، المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات بن إبراهيم وأحمد بن طالب الطبرسي والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والعلامة الفتوني والسيد البحراني، وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التي لا يمكن الإغماض عليها)( تفسير القمي / المقدمة ص23
|
وإليكَ تمام كلامِه:
(اما الخاصة –أي الشيعة- فقد تسالموا على عدم الزيادة في القرآن بل ادعى الاجماع عليه ، اما النقيصة فان ذهب جماعة من العلماء الامامية إلى عدمها ايضا وانكروها غاية الانكار كالصدوق والسيد مرتضى وابي علي الطبرسي في " مجمع البيان " والشيخ الطوسي في " التبيان " ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي ، والعياشي والنعماني ، وفرات بن ابراهيم ، واحمد بن ابى طالب الطبرسي صاحب الاحتجاج والمجلسي ، والسيد الجزائري ، والحر العاملي ، والعلامة الفتوني ، والسيد البحراني وقد تمسكوا في اثبات مذهبهم بالآيات والروايات التى لا يمكن الاغماض عنها. والذي يهون الخطب ان التحريف اللازم على قولهم يسير جدا مخصوص بآيات الولاية فهو غير مغير للاحكام ولا للمفهوم الجامع الذي هو روح القرآن ، فهو ليس بتحريف في الحقيقة فلا ينال لغير الشيعة ان يشنع عليهم من هذه الجهة . ....-ثمَّ يذكُر هُنا بعض روايات السنة في التحريف ويقولُ بعدها- واين هذا من القول بان الساقط منه آيات تتعلق بالولاية فقط مع بقاء جميع آيات الاحكام . وهذا هو السر في ان الائمة الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين امروا بالتشبث بالقرآن الكريم وامروا بارجاع الاحاديث المشكوكة على القرآن والاخذ بما وافقه ورد ما خالفه وإنما هو نص واضح على ان التحريف والتغيير لم يقع فيها وما وقع منه يسيرا فانما هو بالنسبة إلى الآيات الراجعة إلى آل بيت النبي صلوات الله عليهم مع بقاء كثيرة منها على حالها لم تحرف مع كفايتها في مقام استعلام فضائلهم؛ مع احتمال كون الساقط من قبيل الشرح لا المتن كما ذهب إليه الكاشانى رحمه الله)
هذا هُو نصُّ كلامه بالتَّمام والكمال، وواضحٌ مِنهُ أنَّ قولَ العلماء إنَّما كانَ (ظاهر) قولهِم،
معَ تحفُّظٍ على بعض الأسماء، وجليٌ أنَّه بالنِّهاية من أتباع القول الثاني الذينَ ذكرناهُم في تفصيل كلام الفيض الكاشاني، معَ أنَّه يشيرُ في ختام كلامِه إلى أن يكونَ المقصود عندهُم هُو ما احتمله الفيض الكاشاني، ممّا يبيِّن أنَّهُ لا يمكننا نسبة القول الثاني أيضاً إليهِم بصورة الجزم.
هذا أوَّلاً، أمّا
ثانيا: فإنَّ هذا التَّفسير -على ما يُذكَر، باختلاف بينَ المحقِّقين- أنَّه منسوبٌ إلى علي بن إبراهيم وليسَ كلُّه تفسيرُ علي بن إبراهيم؛ بَل هُو خليطٌ مِن تفسير علي بن إبراهيم القمي معَ غيره، ويدلُّ عليهِ ما وردَ في نفس التَّفسير ج2 ص360:
(فيه زيادة أحرف لم تكن في رواية علي بن إبراهيم).
وأمّا
ثالثاً: فمُقدّمة التَّفسير كما يظهَر أنَّه ليسَ للقُمّي، حيثُ يذكُر بعدَ المقدّمة:
(حدثني أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم... قالَ: حدَّثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم...)، ممّا يظهَر أنَّ المقدِّم بعدَ أن انتهى من المقدِّمة يذكُر أنَّ أبا الفضل العباس بن محمد حدَّثه بهذا التَّفسير عن القمي.
وأمّا
رابعا: فإنَّ أبا الفضل العباس بن محمَّد لا أثر له في الكتب الرجالية مما يجعلنا لا نعتمد على نقله اعتماداً كلياً، علاوة على أنَّ الذي ينقُل عن أبي الفضل العباس بن محمد أيضاً شخصٌ مجهولٌ، حيثُ أنَّه ليس السيد طيِّب الموسوي المحِّقق، لأنَّه كتب مقدَّمة سابقة على التَّفسير، وهُو ليسَ نفس أبي الفضل العباس، لأنَّ المقدِّم يقولُ بعد المقدِّمة
(حدَّثني أبو الفضل العباس)، فثبتَ أنَّ المقدِّم شخصٌ مجهولٌ، إضافة إلى جهالة العباس بن محمد.
بهذا يثبتُ أنَّ التَّفسير المنسوب إلى القُمي ليسَت نسبةً تامَّةً –بمعنى أنَّ التَّفسير ليسَ كلُّه للقمي-، خصوصاً المقدَّمة التي يتكلَّم فيها عن وقوع التَّحريف في القرآن الكريم، وبالتَّالي الرِّوايات الواردة في التَّفسير حتّى وإن كانت من القمّي فهِي لا تثبت بالضرورة مذهب أبي الحسن القمي –رحمه الله-، خصوصاً إن أمكنَ حملُ أغلبها –إن لم تكُن كلها- على التَّفسير والتَّأويل، كما مثَّلنا لذلكَ سابقاً.
إقتباس:
8) والمجلسي يُصرح قائلاً: (أن عثمان حذف عن هذا القرآن ثلاثة أشياء: مناقب أمير المؤمنين علي، وأهل البيت، وذم قريش والخلفاء الثلاثة مثل آية " يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلا ")(تذكرة الأئمة المجلسي ص9).
|
بعدَ البحثِ عن كتاب (تذكرة الأئمةَّ –عليهم السلام-) تبيَّن أنَّ
الكتاب ليسَ للعلامة المجلسي، بَل هُو
للاهيجي، ونظراً لتشابه الأسماء، فكلاهما (محمد باقر بن محمد تقي) أخطأ البعض في نسبة هذا الكتاب إلى العلامة المجلسي، وهُو –رحمه الله- بريءٌ من الكتاب.
ويسانِد هذا القول أنَّكُم لو راجعتُم مقدَّمة هذا الكتاب –أي تذكرة الأئمة- لوجدتُم فيه النَّزعة الصُّوفيّة تبعاً لمؤلفه اللاهيجي الصُّوفي، بَل وإنَّ كلّ من تعرَّض لمؤلفات العلامة المجلسي لم يذكُر هذا الكتاب ضمن مؤلَّفاته، بَل قد ذكر البعض أنَّ كتاب تذكرة الأئمة (عليهم السلام) ليست للمجلسي وإنَّما للاهيجي كالآقا بزرگ الطّهراني في كتابه "الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج4"، ويذكُر شبيه كلامه أيضاً المحدث النوري في كتاب الفيض القدسي الموجود في بحار الأنوار ج 105.
تبيَّن من ذلك؛ أنَّ نسبة هذا الكلام إلى العلامة المجلسي ليست سوى نتيجة لخلط بين الأسماء، وذاك متصوِّف كما يظهَر من كلمات الأعلام.
إقتباس:
9) ويقول علــــــــي أصغر البروجردي: (والواجب أن نعتقد أن القرآن الأصلي لم يقع فيه تغيير وتبديل مع أنه وقع التحريف والحذف في القرآن الذي ألفه بعض المنافقين والقرآن الأصلي موجود عند إمام العصر)( عقائد الشيعة ص27 للبر وجردي). وغيرهم كثير يضيق المقام عن حصر أقوالهم.
|
لَم أظفَر بالكتاب حتّى أراجعَ النَّصّ كامِلاً، لِذا أتوقَّف فيه،
وتجدر الإشارة هُنا إلى أنَّ السيد علي أصغر البروجردي ليسَ هُو نفسه السيد حسين البروجردي الزَّعيم الأكبر.
إقتباس:
وأما تبجحه بعدة من علمائهم أنكروا التحريف فهم أنفسهم يردون عليهم، فيقول أحد علمائهم رداً على الشريف المرتضى قوله بعدم التحريف: (فإن الحق أحق أن يتبع، ولم يكن السيد علم الهدى ـ المرتضى ـ معصوماً حتى يجب أن يطاع فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا إتباعه ولا خير فيه)( الشيعة والسنة ص133 إحسان ظهير).
|
أينَ المصدَر الشِّيعي؟ هَل إحسان إلهي ظهير شيعي؟ وكيفَ يكونُ شيعياً ويقول عن السيد المرتضى –رحمه الله-:
(ولا خير فيه)؟!
إنَّ إحسان إلهي ظهير، كما يظهر جلياً من ألفاظه في الكتب ليس شيعياً، بَل هُو منتسب إلى السنَّة –كما يذكر بنفسه في بعض كتبه-، فتأمَّل.
إقتباس:
والجزائري يرد عليهم أيضاً (نعم قد خالف فيها المرتضى، والصدوق والشيخ الطوسي، وحكموا بأن ما بين الدفتين هو المصحف المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف أو تبديل… والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم للأجل مصالح كثيرة.. كيف وهؤلاء الأعلام رووا في مؤلفاتهم أخباراً كثيرة تشمل على وقوع تلك الأمور في القران وأن الآية هكذا ثم غيرت إلى هذا)( الأنوار النعمانية / الجزائري.
|
إنَّ المرتضى والصَّدوق والشيخ الطَّوسي وغيرهِم هُم كبار الطَّائفة وأعلامُها،
ولا يعتدُّ بقولِ الجزائري أمام أقوالهم –رحمهُم الله-، وواضحٌ أنَّ السيد نعمة الله الجزائري يذكُرُ ذلِكَ لأنَّه حمل الرِّوايات التي تتكلم عن التَّحريف في التَّفسير والتَّأويل على التَّحريف بالزّيادة والنَّقيصة لذا قوَّل هؤلاء بأنَّهُم قالوا بالتَّحريف في بعض كتبهم.
إقتباس:
10) و الخــــــــوئي في تفسيره يثبت لعلي مصحفاً مغايراً لما هو موجود وإن كان هذا المصحف لا زيادة فيه ولا نقصان، ولكنه يشرح معنى مُغايرة مصحف علي رضي الله عنه للمصحف الذي يقرأه الثقلان: (إن هذه الزيادات هي تنزيل من الله شرحاً للمراد)( البيان في تفسير القران /الخوئي).؟؟ ولم يُبين كيف أن هذه الزيادات تنزيل من الله، هل هي بوحي أم ماذا؟
|
أوَّلاً: ينبغي ذكرُ كلام السيِّد الخوئي كامِلاً لنعلَم أنَّ السيد الخوئي –رحمه الله- وضعنا أمامَ خيارين، وإليكَ النَّص:
(كما أن اشتمال قرآنه - عليه السلام - على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن ، وقد أسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، وما يؤول إليه الكلام ، أو بعنوان التنزيل من الله شرحا للمراد )
فمِن هذا نحنُ أمامَ احتمالين وهُما: (التَّأويل، التَّنزيل شرحاً للمراد)، يمكِن الأخذُ بهما أو بأحدهِما، فإذا لم يعجبكَ الثاني فاختر الأوَّل!
ثانِياً: نحنُ نعتقِد أنَّ الإمام (عليه السَّلام) يمكِن أن يوحى إليهِ في بعض الأمور -ليسَ وحي القرآن طبعاً-، كما أوحِي إلى مريم بنت عمران –مثلاً-، سواءً كانَ الوحي وحياً ظاهرياً أو إلهاماً غيبياً.
ثالثاً: قد يكونُ التَّنزيل من الله مِن دون وحيٍ مباشِر، فيكونُ الوحي قد نزل على الرَّسول (صلى الله عليه وآله وسلَّم)، والرَّسول (صلى الله عليه وآله) أخبر الإمام علي (عليه السلام) بذلك، فيكونُ ما عند الإمام علي (عليه السَّلام) هُو المنزَل مِن الله تعالى، فالتَّنزيل قد يكون بواسطة كما ينزل الماء إلينا بواسطة السحاب، كما الحال في القرآن المنزل من الله على رسوله (صلى الله عليه وآله) إلينا، فالقرآن تنزيلٌ من الله إلينا، والشَّرح أيضاً تنزيل من الله تعالى.
رابعاً: سؤالك هذا لا يرتبط بقضيَّة تحريف القرآن، بَل يرتبط بمسألة كيفَ ينزِّل الله شرح الآيات على علي (عليه السلام)؟ لكِن أجبنا على ذلكَ حتَّى لا يكونَ هروباً.
إقتباس:
وأما الأمثلة على ما يعتقدونه من تحريف فقد جمع النوري الطبرسي مرجعهم الكبير الذي توفى أوائل هذا القرن في كتابه [فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب] ما يقرب من ألفي حديث ورواية دالة بصريحها كما هو واضح من عنوان الكتاب على اعتقادهم الاعتقاد الجازم الذي هو جزء من صميم عقيدتهم على وقوع التحريف في كتاب الله العزيز.
|
أمّا كتاب فصل الخطاب، فهُو اعتقاد النّوري في ذلكَ، ولا داعي لتضخيمه حتَّى تبيِّن وكأنَّ عقيدة الشيعة أجمع استخلصت في هذا الكتاب، حيثُ الرِّوايات الواردة في الكتاب أكثرها مراسيل وروايات ضعيفة وموضوعة، وبعضها محمولٌ على مدلولات أخرى.
وهُناكَ كتاب بعنوان
(سلامة القرآن من التَّحريف) أدعوكَ لمطالعته، وهذا رابطه لمزيدٍ من التَّفصيل:
http://www.aqaed.com/shialib/books/04/s-qur/indexs.html
وهُو -أي النوري الطبرسي- يقولُ في كتابه أنَّه تفرَّد بذلك وشذَّ عن المذهب، وإليكَ نصُّ كلامه:
(فالمتبع هو الدليل وإن لم يذهب إليه إلاّ القليل... ولا يجب أن يوحش من المذهب قلّة الذاهبين إليه، والعاثر عليه، بل ينبغي أن لا يوحش منه...)، طبعاً نحنُ أيضاً نتَّبِع الدَّليل، ونردُّ على الدَّليل بالدَّليل.
وإن كنتَ ممَّن راجع الكتاب لرأيت أنَّ الألفين رواية مقسَّمة إلى ثلاثة أقسام:
(1) قسم مختص بالسُّنة: كروايات مصحف ابن مسعود وتجميع المصاحف ونسخ التِّلاوة وما شاكَلها.
(2) قسم مختص بالشيعة: كرواية أسماء الأئمة (عليهم السلام).
(3) قسم مشترك بينهما.
وكما ذكرنا كثيرٌ من هذه الروايات ضعيفة وموضوعة، والباقي لها دلالتها التي لا تؤدّي إلى التَّحريف.
إقتباس:
11) الصفار
(1) فقد روى الصفار عن ابي جعفر الصادق انه قال : " ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما انزل الله إلا كذاب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن ابي طالب والائمة من بعده (الصفار ( بصائر الدرجات ) ص 213 - منشورات الاعلمي - طهران .
(2) الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن ابي جعفر (ع) أنه قال : ما يستطيع أحد أن يدعي انه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء (المصدر السابق)
|
الرِّوايتين بنفس المعنى، ونحنُ نقبل بهما بمعنى أنَّ القرآن تفسيره وتأويله كما أنزِل لا يستطيع أن يجمعه أحدٌ إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده (عليهم السَّلام)، لا أنَّ القرآن لا يستطيع تجميع ألفاظه إلا هؤلاء (عليهم السلام).
إقتباس:
(12) العالم الشيعي المقدس الأردبيلي :
" قال " " ان عثمان قتل عبد الله بن مسعود بعد أن أجبره على ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه على قراءة ذلك المصحف الذي ألفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره وقال البعض إن عثمان أمر مروان بن الحكم ، وزياد بن سمرة . الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبد الله مايرضيهم ويحذفا منه ماليس بمرضي عندهم ويغسلا الباقي " ((حديقة الشيعة : للأردبيلي ص 118 - 119 ط ايران فارسي نقلا عن كتاب " الشيعه والسنه" للشيخ احسان الهى ظهير . ص 114
|
هذه الرِّوايات هِي روايات واردة في كتبكم أيضاً، وحتّى لو ذكرها المقدَّس الأدبيلي، فهُو لا يعني أنَّ المحذوف منه كانَ جزءً من القرآن بالضرورة، بَل قد يكون المحذوف تفسيراً وما شابه ذلك، هذا بغضِّ النَّظر عن البحث أكثَر في أقوال المقدَّس الأردبيلي في نفي التحريف عن القرآن الكريم.
كلُّ ذلكَ تعويلاً على إحسان إلهي ظهير الذي لا نقبَل بأقواله المبتورة أحياناً والغير دقيقة النَّقل.
إقتباس:
13) الحاج كريم الكرماني الملقب " بمرشد الأنام " قال :
" ان الامام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن ، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حرف وبدل " ارشاد العوام" ص 221 جـ3 فارسي ط ايران نقلا عن كتاب الشيعة والسنه للشيخ احسان الهى ظهير صـ115.
|
لم أظفَر بالكتاب ولم أعرف المؤلِّف هَل هُو صوفيُّ أم لا؟ لأنَّهُ يبدو لي أنَّني قرأتُ عنهُ شيئاً في الصُّوفيَّة، خصوصاً أنَّ إحسان إلهي قد استشهد في كتابه بأقوال بعض الصُّوفيَّة.
على أنَّ هذا الكلام، يعني أنَّ القرآن حرف وبدِّل في معناه وتأويله لا في أصله، وهذا ما ذكرناهُ كثيراً في حمل الرِّوايات التي تذكُر التَّحريف على أنَّها تحريفٌ في التَّفسير والتَّأويل.
إقتباس:
(14) المجتهد الهندي السيد دلدار علي الملقب " بآية الله في العالمين "
قال : " وبمقتضى تلك الأخبار أن التحريف في الجمله في هذا القرآن الذي بين أيدينا بحسب زيادة الحروف ونقصانه بل بحسب بعض الألفاظ وبحسب الترتيب في بعض المواقع قد وقع بحيث مما لاشك مع تسليم تلك الأخبار " استقصاء الأفحام " ص 11 جـ1 . ط ايران نقلا عن كتاب الشيعه والسنه : ص 115 .
|
أنا أعرف عالماً باسم دلدار علي من العلماء ألَّف كتاب أساس الأصول، فإن كانَ هُو فهُو شيعي وإن كانَ غيره فالله حسيبه، وفي كلا الحالتين لا يعتدُّ بقولِه هذا.
إقتباس:
(21) ملا محمد تقي الكاشاني : قال :
" ان عثمان أمر زيد بن ثابت الذي كان من أصدقائه هو وعدواً لعلي ، أن يجمع القرآن ويحذف منه مناقب آل البيت وذم أعدائهم ، والقرآن الموجود حالياً في أيدى الناس والمعروف بمصحف عثمان هو نفس القرآن الذي جمعه بأمر عثمان "( هداية الطالبين " ص 368 ط ايران 1282 فارسي نقلا عن كتاب الشيعة والسنه للشيخ احسان ص 94 .
|
لم أظفَر بالكتاب، وعلى كلِّ حال فإنَّ هذه الرِّواية موجودةٌ في كتب التَّاريخ عندكم، ولا يبعد أن يكون المحذوف من المناقب هِي التَّأويلات والتَّفسيرات كما ذكرنا ذلكَ مراراً.
إقتباس:
هذا بعض مماذكره أئمتكم عن أن القرآن الموجود بين ايدينا اليوم إنما هو محرف ...غير الدليل الذي أوردته لك أختي زمردة جزاها الله خيرا بالصور لأحد كتبكم..على التحريف
فماذا ستقول وكيف ستدافع عنهم ؟؟ّّ!!
|
لقد رأيتَ جوابي عليهُم، وذكرتُه دونَ شفقة على أحدٍ منهم،
فمَن كانَ قد قالَ بالتّحريف سلَّمتُ بأنَّه قالَ بالتَّحريف، ومن لم يدَّع التَّحريف نزَّهتهُ عن هذه المقولة، وأظنُّ أنَّه بعدَ هذا ثبتَ لديكَ أنَّ كبار العلماء والمحدِّثين الشِّيعة أمثال الشيخ الصدوق والطوسي والطَّبرسي والشَّيخ البهائي والشيخ جعفر كاشف الغطاء والعلامة الحلي والسيد الطباطبائي والسيد الخميني والسيِّد الخوئي والمراجع الحاليين أغلبُهُم إن لم يكونوا كلُّهُم، إضافة إلى عوام الشِّيعة الذين لا يعتقدون بتحريف القرآن.
معَ كلِّ هؤلاءِ الذين هُم الفطاحِل الحقيقيون لمذهب التشيُّع، وردّ كثير من العلماء على مسألة تحريف القرآن الكريم وعلى كتاب فصل الخطاب للنوري، فإنَّ اتّهام الشيعة بتحريف القرآن أمرٌ غايةٌ في الظُّلم وعدم الأمانة العلميَّة.
أكتفي بهذا القدر تفصيلاً على ما كتبت من أسماء أخي ميس الريم، والآن أقترح عليكَ اقتراحين أرجو أن تقبَل بأحدهما –إن لم يكُن لديكَ اعتراض على السَّابق ذكره-:
(1) إمّا أن نرجع إلى التَّسلسل الذي ذكرتُه أنا، بأن نتكلَّم هل الذي يقول بالتَّحريف كافر أم لا.
(2) أو يحينُ دوري لأنقُل روايات التَّحريف الواردة في كتبكم حتّى أرى جوابكُم عليها.
والسَّلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاته،،،