أستاذ حسن سلام
أولاً تحياتي وشكري الجزيل على تفضلك فلا غرو لمن لايعرف حسن (شهادتي فيه مجروحه
) هو أستاذ هذا العلم ومجتهد في فهم ادق التفاصيل عنه ... لماح ، فطين أستفدنا منه الكثير واحتفظنا بصحبته هنا وهناك ، فاهلا به وسهلاً بيننا
كنت أنتظر ان يكون هناك أسئلة أكثر حتى أدلو بدلوي ولكن ربما هذا العلم مازال في مرحلة لم يستوعبها الكثيرين وعليه فسنتحاور مع الأستاذ حسن وسنلقي بعضاً من الأفكار والمواضيع التي تخدم هذا العلم ويجد فيه أخوتنا المتعة والفائده
ديباجة طويلة اليس كذلك ؟ هيا بنا للحوار
أستاذ حسن لنتذكر ونعيد بلورة بعض الأفكار مارأيك
شيء من البرمجة اللغوية لللذهن ( أسلوب لاتفعل )
فاسمحوا لي أن أبين طرفا من البرمجة الذهنية السلبية لاستخدام أسلوب ( لا تفعل ... ) .
إخواني وأخواتي جميعا : حاولوا تطبيق هذه التجربة مع طفل صغير من أبنائكم أو إخوانكم وانظروا النتائج :
املؤوا كوبا بالماء ثم اطلبوا من الطفل أن ينقله إلى مكان آخر ( المطبخ مثلا ) ، فقط اطلبوا منه هذا دون أي توجيه إضافي ، سيحمل الكوب وينطلق به للمكان المحدد ، في نصف المسافة قولوا له دون مقدمات : ( لا تسكب الماء أو لا تسقط الكوب ) ، ولاحظوا ردة فعله وقارنوا بين سلوكه قبل هذا القول وبعده .
جربت هذا عشرات المرات وكانت النتيجة واحدة في أكثر المرات ، وجدت أن الطفل قبل هذا العبارة يتصرف بطريقة تلقائية سليمة ، لكن بمجرد سماعه لهذه العبارة السلبية ، يضطرب ويرتبك ، وفي كل الحالات التي يكون فيها الكوب مملوءا تماما في كل هذه الحالات ينسكب الماء على الأرض .
ما معنى هذا ؟
لنجرب تجربة ثانية توضح لنا تفسير هذا كله : ليأخذ أحدنا كوبا مملوءا تماما بالماء ويضعه في طبق صغير ، ويحمل الطبق دون أن يمسك بالكوب نفسه و يمشي به مسافة عشرة أمتار ، هل في ذلك صعوبة ؟ قطعا لا صعوبة في ذلك كل منا يستطيع أن يفعل ذلك ، جرب ذلك بنفسك ستجد أن الأمر سهلا ، لكن كرر المحاولة و أنت تستحضر في ذهنك أن الكوب يمكن أن يسقط و أن الماء يمكن أن ينسكب ، جرب ذلك وانظر النتيجة ، ماذا حدث ؟؟؟
خطواتك ستكون أقل نظرتك ستكون مركزة على الكوب نفسه ، لا أستبعد أن نسبة 90% ممن سيطبق هذا سينسكب منهم الماء رغم كل الحرص والاحتياط .
ما معنى هذا ؟؟
إخواني و أخواتي : تفسير هذا أن الصورة التي تحضر إلى ذهنك الواعي تبرمج سلوكك فيكون متأثرا بها ، فالطفل يحمل الكوب والصورة التي في ذهنه صورة إيجابية ، ونظرته إلى نفسه أنه قادر على القيام بهذا العمل ، لكن حينما تقول له لا تسكب الماء أو لا تسقط الكوب ، هذا الأسلوب يستحضر في ذهنه مباشرة صورة الكوب ساقطا و الماء منسكبا ، فتسيطر علي عقله الواعي هذه الصورة السلبية وتؤثر على سلوكه تأثيرا سلبيا ، تماما كما يحدث معك أنت و أنت البالغ الكبير حينما تستحضر في عقلك الواعي فكرة أن الكوب قد يسقط والماء قد ينسكب فتؤدي إلى توتر أعصابك وارتباكك رغم أن الأمر سهل يسير .
جربوا هذا و تعلموا منه .
إخواني و أخواتي : في فندق بإحدى الدول الأوربية كانوا يقومون بتنظيف بلاط الأرضية في البهو يوما معينا في الأسبوع فيسكبون الماء والصابون والمنظفات على الأرض ، و يضعون لوحة تحذيرية تنبة الناس كتب عليها ( لا تنزلق الأرض مبلولة ) .
أقيمت دراسة إحصائية كانت نتيجتها أن عدد المنزلقين يقل بنسبة كبيرة جدا إذا لم تكن هذه اللوحة التحذيرية موجودة .
هذه آثار استخدام الأسلوب السلبي ( لا تفعل ) .
حسنا فما هو الأسلوب البديل ؟؟ حينما أريد أن أقول لولدي ( لا تسهر ) ماذا أريد منه ؟ أريد أن ينام ، فلماذا لا أقول له توجه للنوم . حينما أقول لولدي ( لا تكسر الكوب ) ماذا أريد منه ؟ أريد أن يحافظ عليه ، فلماذا لا أقول له حافظ عليه ، حينما أقول لولدي ( لا تكذب ) ماذا أريد منه ؟ أريد أن يصدق ، لماذا لا أقول له : كن صادقا … و هكذا
لماذا نعبر دائما عن الأشياء التي لا نريدها و نهمل التركيز على الأشياء التي نريدها ، لماذا نعمل على استحضار الصور السلبية إلى أذهاننا و أذهان صغارنا .
كل هذه الأمثلة التي ذكرت تدور في محيط الأشياء العادية التي لا يتوقع منها ضرر كبير ،، لكن تخيلوا معي ما يحدث حينما أقول لولدي أو أخي الصغير بدافع التحذير الوقائي : ( لا تدخن .. لا تتناول المخدرات ) ، ماهي الصورة التي تحضر تلقائيا إلى ذهنه ؟
إنها صورته و هو يمارس عادة التدخين أو يتناول المخدر ، و هي صورة سلبية أنا أسستها في ذهنه لم تكن موجودة ، حقا إنها صورة بشعة ما ذنبه لكي أنبه لها ؟
الأدهى من ذلك و الأمر إذا أخذت أكرر مثل هذا الأسلوب ، لأن تكراره يعوده على هذه الصورة حتى تصبح مألوفة لديه ، و بالتالي يقل نفوره منها ، ويتجرأ عليها و لا أستبعد أن يدفعه الفضول لتقمص تلك الصورة الخيالية و يجرب التدخين أو حتى المخدرات .
2هل ترون إلى أي مدى يمكن أن نبرمج أذهان الآخرين دون أن نعي ؟؟؟
إن شعارات (( لا للمخدرات … لا للتدخين )) و أمثالها ، عبارة عن برامج تؤدي إلى عكس ما يراد منها .. فليت قومي يعلمون .
قد يقول قائل بأن أسلوب النهي أسلوب عربي ورد في القرآن الكريم ، فكيف تنصح بالابتعاد عنه ؟
و أجيب عن هذا بأن أسلوب النهي أسلوب عربي لا بأس باستخدامه إن كان لا يستحضر في ذهن المخاطب صورة سلبية جديدة عليه ، فمن كان يمارس عادة التدخين لا بأس أن تقول له : لا تدخن ، لأنك لم تستحضر في ذهنه صورة غريبة عنه ، فرغم سلبيتها إلا أنها معروفة لديه ، فأسلوبك هنا لم يعمل على برمجته الذهنية ، و استعرض أساليب النهي في القرآن ستجد أنها مرتبطة بأشياء قائمة في واقع الناس ، لكن المشكلة حينما تستخدم هذا الأسلوب السلبي مع مخاطب خالي الذهن مما تنهاه عنه .
هل تذكر هذه المعلومة ، سنبفقى معك