العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > ســـوالف الأصــدقـاء العامـــة > يُرمي بحجر.. فيعطي أطيب الثمر
المشاركة في الموضوع
فتى دبي فتى دبي غير متصل    
عضو نشيط جدا دبي  
المشاركات: 845
#1  
يُرمي بحجر.. فيعطي أطيب الثمر
لقد خلق الحق سبحانه وتعالي فئة من البشر تعيش في دنيا الناس وكأنهم غرباء، تترصدهم العيون الحاقدة، وتتناولهم الألسنة المارقة بكل ذم، لا يرضون لهم استقرارا، ولا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة.

رغم ذلك أصحاب هذا السلوك المعطاء والخلق الكريم يسيرون علي هدي من الله ورسوله ويتبعون نصيحة إخوانهم المؤمنين الصادقين مهما اختلفت أعمارهم، مهتدين بقول رسول الله (صلي الله عليه وسلم): الدين النصيحة وهنا يبرز سؤال.. لماذا يقيض الشيطان لهؤلاء المخلصين أرذل خلق الله ليقفوا عثرة في سبيلهم؟ لا إجابة علي هذا السؤال إلا واحدة.. ألا وهي أن مشكلتهم في هذه الحياة تجاه هؤلاء الحاقدين أنهم متمسكون بمبادئهم، ومحافظون علي قيمة وقتهم، ومقدرون حق التقدير لطبيعة عملهم.. لذا نجد أصحاب النفوس الضعيفة ينظرون إليهم نظرة حقد من خلال هذه المباديء التي توشحوا بها وحملوها في أعناقهم قلادة نور وهداية وعزة وكرامة.

إزاء هذه الحرب الشرسة علي هؤلاء المخلصين نجد أنهم يناديهم صوت داخلي من أعماق الضمير الإنساني قائلا لهم.

كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا

يرمي بحجر فيعطي أطيب الثمر

إن المتعاملين في تجارة هذا البيت الشعري الرائع أصحاب نفوس عفيفة وعزائم قوية، لأنهم ارتفعوا بقيمهم ومبادئهم ارتفاع النخلة الباسقة، وحافظوا علي ثوابتهم الأخلاقية حفاظ الجذور الجامدة، لا تعصف بهم رياح، ولا تفتك بهم أنواء، لأنهم يحافظون بل وينافحون عن مقدرات حياتهم بلا ذل وإسفاف أو تهور وإجحاف، رائدهم في ذلك قول سيدنا عليّ كرم الله وجه: اطلبوا حاجاتكم بعزة نفس فإن لله فيها قضاءها .

إن سر هذا العداء وتلك الحملة الشرسة علي هؤلاء المخلصين في عملهم المخبتين إلي ربهم يكمن في أمور ثلاثة.

أولا: ضعف الوازع الديني.

ثانيا: تعويض لمركب النقص لدي هؤلاء المرجفين.

ثالثا: تأصيل النزعة العدوانية الانتقامية فيهم.

أما عن ضعف الوازع الديني فهو الجهل المطلق بقضاء الله وقدره وسننه في خلقه، فلو علم هؤلاء أن الله سبحانه وتعالي قدر الأرزاق ولا راد لقضائه، وحدد الآجال ولا معقب لحكمه، وقسم الحظوظ فلا راد لما أراد، لو علموا ذلك ما نصبوا أنفسهم قضاة وجلادين في نفس الوقت.. وقد تعاموا بقلوبهم عن قوله تعالي: أم يحسدون الناس علي ما أتاهم الله من فضله بل صمت آذانهم عن سماع قوله تعالي: أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات.. .

وقال (صلي الله عليه وسلم): إن لنعم الله أعداء. قيل ومن أولئك؟ قال الذين يحسدون الناس علي ما أتاهم من فضله إن الحسد داء اجتماعي خطير، ووباء خلقي كبير، ما فشي في أمة إلا كان نذير هلاكها، ولا دب في أسرة إلا كان سبيل فنائها، لأنه مصدر كل عداء وينبوع كل شقاء فهو أمضي سلاح يضرب الشيطان به القلوب فيمزقها ويفرق بينها، ويغرز الضغينة والعداوة والنفور، ويقتلع من صاحبه المحبة ويفسد عليه دنياه ويضيع عليه آخراه.

أما عن السبب الثاني الذي يدعو ويدفع هؤلاء المرجفين في حربهم المتواصلة علي المخلصين في عملهم والمجاهدين في حياتهم هو مركب النقص الذي تعاني منهم نفوسهم، وهذا ناتج عن مرض اجتماعي نفسي يضرب بجذوره منذ الطفولة، حيث ثبت ان الذين قهروا في حياتهم منذ الصغر، وعاشوا حياة أسرية متفككة تفتقد الحب والترابط، جعل هؤلاء حاقدين علي كل متميز في عمله مستقر في نفسه، وقد يكون هؤلاء الحاقدون وقعوا فريسة لقرناء السوء فزينوا لهم سوء عملهم حسناً، وأعطوهم حجما أكبر من واقعهم، وألبسوهم ثوب الغرور والكبرياء، فنصبوا أنفسهم بين قاض يحكم وجلاد يلطم، بل وتحكموا في نفوس ضعيفة أصبحت بين أصابع أيديهم كدمي يحركونها حسب رياح أنفسهم ونزغات شيطانهم وأغلب هؤلاء في بيوتهم كالحمل الوديع أو الجرزان الضائعة.

أما عن السبب الأخير في سلوك هؤلاء المرجفين هو تأصل النزاعة العدوانية في نفوسهم وهذا نابع من مرض أسري قديم ينتج عن سوء تربية وفقدان هوية فيعيش هذا الشخص ملازما لشيطان نفسه أو شيطان أنسي يزين له سوء عمله، ويشعره بأهميته وجبروته علي حساب زميل له لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فيظلمه ويزداد عليه سوءه، حتي ينزل عدل الله وقضاؤه فينقلب السحر علي الساحر ويندم كما قال الحق في مثل هؤلاء ويوم يعض الظالم علي يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلاناً خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا .

لذا علينا المنافسة في الخير فهي مشروعة، والمسابقة في الفضائل فهي مطلوبة.. تصديقا لقوله تعالي وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، وقال تعالي لمثل هذا فليعمل العاملون .

والمسابقة والمنافسة تقتضي خوف الفوت بين عبدين يتسابقان في خدمة سيدهما حتي يحظي السابق عنده ولا يكون هذا إلا في الطاعة والعمل الصالح.

فلنشجع المخلص في عمله والمتفاني فيه، والقريب من ربه المتحلي بالفضائل والمتخلي عن الرذائل، وإن تعثر نلتمس له العذر، فلكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة ولكل لسان ذلة.. ولنتجمل بصفة من قال فيهم سبحانه وتعالي والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين .

فتى دبي غير متصل قديم 17-06-2005 , 03:15 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.