العودة سوالف للجميع > سـوالف التجارة والتطوير والتوظيف > سوالف تطوير ذاتي واقتصادي > القيادة الادارية في الاسلام
المشاركة في الموضوع
ابو الامير ابو الامير غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 869
#1  
القيادة الادارية في الاسلام
عبدالشافي محمد أبو الفضل
الباب الأول
القيادة الادارية ومقوماتها وعناصرها القيادية
في الفكر الإداري المعاصر
الفصل الأول


مقدمة:

إن هذا البحثي يقوم على فرض أولي مفاده ان هناك اختلافاً وتبايناً في مواقف الفكر الإداري المعاصر تجاه حقيقة القيادة الادارية، وحقيقة مقوماتها، وعناصرها القيادية، وأن هذا الاختلاف والتباين مرده الى قصور كل من: مناهج البحث، وعمليات القياس التي يستخدمها الفكر الإداري المعاصر، للوقوف على حقيقة القيادة الإدارية، وحقيقة مقوماتها وعناصرها القيادية، ولاشك ان السعي للتحقق من صحة هذا الفرض، يستوجب منا بادئ ذي بدء التثبت من هذا الاختلاف والتباين في مواقف الفكر الإداري المعاصر تجاه حقيقة القيادة الإدارية، وحقيقة مقوماتها وعناصرها القيادية.

وفي هذا الصدد، يمكن القول: أن الفكر الإداري المعاصر بالرغم من هذا الفيض المتزايد من الأبحاث والدراسات القيادية السابق الإشارة اليها، لم يستطع أن يهتدي لموقف موحد تجاه حقيقة نشأة وظهور القيادة، بل المشاهدة أن هذا الفكر، قد أفرز لنا عدداً من نظريات القيادة المتباينة التي راحت كل منها تدعي تفسيراً لنشأة وظهور القيادة يختلف ويتباين عن تفسيرات غيرها من النظريات، ونستطيع في هذا الصدد أن نجمل هذه النظريات ـ بالرغم من تباينها ـ في ثلاثة مداخل رئيسية ـ أو عامة ـ يمكن أن تنظم تحتها الغالبية العظمى من هذه النظريات، وتلك المداخل هي:

المدخل الأول: مدخل السمات.

المدخل الثاني: مدخل المواقف.

المدخل الثالث: المدخل المشترك.

وسوف نتناول في اطار هذا الفصل، الاتجاه الأساسي لكل مدخل من هذه المداخل في تفسيرها لنشأة وظهور القيادة، والإشارة الى أبرز نظريات القيادة التي تنتظم تحت كل مدخل من هذه المداخل الثلاث، ثم نتبع ذلك بتحليل وتعليق عن أهم دلائل ونتائج هذا الاختلاف، والتباين في مواقف نظريات القيادة في الفطر الإداري المعاصر من حقيقة القيادة الإدارية، ثم ننهي هذا الفصل ببيان موقف الفكر الإداري المعاصر من تعريف القيادة.



أولاً: موقف مدخل السمات ونظرياته من حقيقة القيادة الإدارية:

إن أبرز ما يميز مدخل السمات The Traits Approach to Leadership في تفسيره لنشأة القيادة، انه يرجع نشأة وظهور القيادة الى شخصية القائد وسماته وخصائصه الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية[1]، أما فيما عدا ذلك، فإن انصار المدخل يختلفون حول كم ونوع وأهم السمات والخصائص القيادية، كما يختلفون ايضاً حول ما اذا كانت تلك السمات والخصائص القيادية وراثية ام مكتسبة، وهذا المدخل يعتبر في الفكر الاداري من أقدم المداخل التي انحاز اليها الفكر الاداري في دراسته وتفسيره لحقيقة نشأة القيادة الإدارية، ونستطيع أن نتبين العديد من النظريات القيادية التي سلكت هذا المدخل في دراستها وتفسيرها للقيادة، وإن اختلف بعد ذلك مواقفها فيما عدا ذلك، ولعل من أشهر تلك النظريات:

(أ) نظرية الرجل العظيم: The Great Man Theory: إن الجذور الأولى لهذه النظرية، تعود لعهود الإغريق والرومان، حيث كان الاعتقاد بأن القادة يولدون قادة، وأنهم قد وهبوا من السمات والخصائص الجسمانية والعقلية والنفسية ما يعينهم على هذا[2]، ولقد اختلفت المواقف، وتباينت فيما عدا ذلك حول ماهية تلك السمات والخصائص، وأهمية كل منها. وتنطوي تحت هذه النظرية عدد من النظريات الفرعية ومن أمثلتها[3]:

1ـ نظرية الأمير: The Prince Theory

2ـ نظرية البطل: The Hero Theory

3ـ نظرية الرجل المتميز: The Superman Theory

ويعتبر فرنسيس جالتون[4] من ابرز الدعاة لتلك النظرية، وقد قدم العديد من البيانات الإحصائية والوراثية تأييداً لصحة تلك النظرية من حيث تأثير الصفات والسمات الوراثية على القيادة، وقد كان للدارسة التي قام بها جالتون في عام 1879 تأثيراً كبيراً على عدد من الباحثين والمفكرين الذين تبنوا هذا الاتجاه من حيث تفسير نشأة القيادة على أساس السمات الوراثية ابتداء من وودز: Woods في عام 1913[5] وانتهاء بجنينجز Jennings في عام 1960[6]. ولقد قام Woods بدراسة عن الظروف القيادية لـ 14 أمة عبر فترات امتدت من خمسة الى عشرة قرون. ونخلص من تلك الدراسة في النهاية الى أن شخصية القائد وقدراته هي التي تصنع الأمة، وتشكلها طبقاً لهذه القدرات القيادية.

أما جينجز: Jennings فقد قام في عام 1960 بعمل مسح وتحليل شامل لنظرية الرجل العظيم في القيادة، وقام بتحديد عدد من النماذج على غرار الرجل العظيم، حيث قدم نموذج الأمير وأمثلة له[7]، ثم قدم نموذج البطل وأمثلة له[8]، كما قدم نموذج الرجل المتميز وأمثلة له.[9]

ونستطيع القول ـ على ضوء ما سبق ـ أن هذه النظرية قد ظلت موضع اهتمام من قبل الباحثين والدارسين، على مدار فترات طويلة خلال هذا القرن، وقد كانت غالبية هذه الدراسات موجهة نحو كشف وتحديد السمات الجسمانية (الفسيولوجية) والعقلية والشخصية لهؤلاء القادة العظام، وبالرغم من ذلك فإن هذه الدراسات قد فشلت في الاتفاق على تحديد تلك السمات القيادية الوراثية، هذا بالإضافة الى نمو وذيوع آراء واتجاهات المدارس السلوكية النفسية التي تعارض الاتجاه السابق، وتؤكد على أن سمات القيادة ليست وراثية، وأن القادة يصنعون ولا يولدون قادة.[10]

ب ـ نظرية السمات: Treaits - Theory: تذهب هذه النظرية الى أن هناك سمات محددة تتميز بها شخصية الأفراد القادرين على القيادة، وأن هذه السمات من الممكن اكتسابها. ومن ثم فإنها ليست بالضرورة وراثية كما تدعي ذلك نظرية الرجل العظيم.

أما نوع وكم وأهم تلك السمات القيادية، فقد اختلفت على ذلك، فهناك العديد والعديد من الآراء والأبحاث والدراسات ولكل منها مواقف مختلفة ومتباينة في هذا الخصوص[11]، فمن هؤلاء الأنصار من يرى أن أهم تلك السمات يتمثل في الصحة الممتازة، والقدرة على الاهتمام بالآخرين والنزاهة، وبقدرة الحكم على الأشياء، وغريزة الولاء للجماعة، ومنهم من يرى أن أهم سمات القيادة الشخصية القوية التي تمتاز بالاستواء النفسي والسلوكي بالاضافة الى الثقة بالنفس والقدرة على التعرف على أفكار الآخرين وميولهم، ومنه من اهتم بسمة الذكاء وأعطاها أهمية كبيرة. ومنهم من اهتم بسمة المرح حيث القدرة على تلطيف جو ومناخ التعامل بين الجماعة والقائد.

كما قدم ارادوي تيد: Tead في كتابه (فن القيادة)[12] قائمة بسمات أوصاف عشرة لابد من توافرها لنجاح القيادة وهي:

الطاقة البدنية والعصبية، والشعور بالغرض والاتجاه والحماس والشغف بالعلم والصداقة والمودة، والكمال والتكامل والأمانة والحكم، والمهارة الفنية، والبت في الأمور والحسم، والذكاء، والمهارة في التعليم، والإيمان، وقد أفرد لتلك الصفة الأخيرة أكثر من فصل في كتابه.

كما قدم كليليان: Killian[13] أكثر من قائمة بالصفات الضرورية لنجاح القيادة.

ونستطيع أن نتبين أن معظم الدراسات في الفترة السابقة عن عام 1949، بل ولفترة قريبة جداً، كانت تركز جهودها نحو تحديد نوعية تلك السمات القيادية. ولكن الغريب في الأمر، أن الفكر الإداري قد فشل ايضاً في ظل هذه النظرية في الخروج بموقف موحد حول ماهية تلك السمات القيادية، وقد قام Stogdill[14] باجراء دراسة مسحية مقارنة لكافة السمات القيادية التي اسفرت عنها الدراسات والبحوث التي تمت خلال الفترة من 1904 ـ 1947.

وقد بدأ بالإشارة الى الطرق والوسائل التي اتبعت في إجراء هذه البحوث والدراسات، ثم تناول مدى التباين والاختلاف حول بعض السمات ومدى الاتفاق حول بعض السمات الأخرى، ولقد خصص لذلك الفصل الخامس من كتابه.

كما قام باجراء دراسة مماثلة عن البحوث والدراسات التي تمت خلال الفترة من 1948 ـ 1970 خصص لها الفصل السادس والسابع، ونظراً لأهمية هذه الدراسات، فسوف نقوم بتناولها وبيان نتائجها والتعليق عليها بشكل تفصيلي في موضع آخر من هذه الدراسة.

ورغم كل هذا الجهد والدراسات والأبحاث من جانب الفكر الإداري وفق مدخل السمات طوال تلك السنوات، فإن هذا الفكر قد واجه من بين أنصاره من يتنكر لكل هذا الجهد، ويقول عن مدخل السمات:

(إن دراسة سمات القائد لم يكن مدخلاً مثمراً لشرح وبيان حقيقة القيادة، فليس كل القادة يمتلكون كل هذه السمات، كما أن كثيراً من غير القادة يمتلكون معظم او كل هذه السمات)، ناهيك عن الاختلاف حول الكم الضروري من كل سمة واللازم لنجاح القيادة، ناهيك ايضاً عن اختلاف كثير من هذه الدراسات حول تلك السمات، وتعريفها، وحول مدى ارتباطها بالنماذج والأمثلة القيادية الفعلية.

وليس هذا رأينا الخاص، بل هو رأي لأحد الباحثين المتخصصين من رجال الفكر الإداري وهو كونتزKoontz [15]، وهذا رأي مفكر آخر من المتخصصين في هذا المجال وهو جنينجز:Jennings [16]حيث يقول:

(إن خمسين سنة من الدراسات والبحوث قد فشلت في تقديم سمة شخصية واحدة من سمات القيادة ـ او مجموعة منها ـ يمكن ان تستخدم في التمييز بين القادة) وغير القادة، وهذا نص كلماته:

(Fifty years of study have failed to produce one personality or set of qualities that can be used to discriminate between leaders and no leaders).

وإذا كان البعض يقول هذا، فإن هناك آخرين يقولون خلاف ذلك، حيث يرون أن هناك سمات محددة لها مرتبطة بالقيادة الفعالة، وإن كان هذا البعض الأخير يختلفون فيما بينهم حول تلك السمات، كما يختلفون حول أمية كل من تلك السمات، وقد سبق أن أشرنا الى ذلك.

ومن ثم يتبين لنا على ضوء ما سبق أن موقف الفكر الاداري حول حقيقة القيادة على ضوء المفهوم الى تقدمه نظرية السمات ـ ليس موقفاً واحداً، بل مواقف متعددة متباينة وتصل الى حد التعارض في بعض الأحيان، ولعل هذا التعدد والتباين في المواقف والآراء حول نظرية السمات، ومن قبلها نظرية الرجل العظيم هو الذي دعى البعض الى التخلي عن مدخل السمات والأخذ بمدخل المواقف ونظرياته كأساس لتفسير حقيقة القيادة.



ثانياً: موقف مدخل المواقف ونظرياته من حقيقة القيادة الإدارية:

The situational Approach To Leadership:



ولعل أبرز ما يميز هذا المدخل أنه يرجع نشأة او ظهور القيادة الى عوامل خارجية ـ غير ذاتية ـ لا يملك القائد إلا سيطرة قليلة عليها، أو لا يملك عليها أي سيطرة، وعلى ذلك فالمعول الأساسي والرئيسي لظهور أية قيادة يعود الى طبيعة وظروف الموقف البيئي وما يحيط به وما يتضمنه من عوامل وعناصر موقفية وبيئية هي بطبيعتها عرضة للتغير والتحول من فترة لأخرى ومن موقف لآخر، ومن ثم فقد ساد الاعتقاد بأن القادة هم نتاج مواقف محددة، وعلى ذلك فقد تزايدت الأبحاث والدراسات التي أخذت بهذا الاتجاه، خاصة من جانب اولئك الذين لم يقتنعوا بنتائج بحوث ودراسات مدخل السمات، وخاصة بعدما تبين لهم أن مدخل المواقف أكثر إقناعاً في تفسير نشأة كثير من القيادات على مدار التاريخ، على ما بين هذه القيادات من تباين في الصفات والسمات، ومن هؤلاء (هتلر) في المانيا و(موسوليني) في ايطاليا و(روزفلت) في الولايات المتحدة في الثلاثينات من هذا القرن، وظهور قيادة ماوتسونج في الصين وسطوع نجمه فيما بعد الحرب العالمية الثانية، فكل من هؤلاء القادة - بالرغم من اختلافهم في السمات - إنما هم نتاج تلك العوامل والظروف البيئية التي سادت الموقف ابان الفترة التي تولوا فيها القيادة. اما ماهية وكم واهمية تلك العوامل والعناصر الموقفية التي تؤثر في نشأة وظهور القيادة، فإن المؤيدين لهذا المدخل يختلفون حول هذه العناصر الموقفية وأهمية كل منها، ومن هنا نشأت نظريات مختلفة تعكس اختلاف المواقف حول تلك العناصر والعوامل البيئية الموقفية، واهمية كل منها، ومن ذلك:

(أ) نظرية التابعين The Follower Theory[17]: حيث يرى القائلون بهذه النظرية بأن الافراد يميلون لتسليم زمام قيادتهم، واتباع الشخص الذي يعتقدون فيه - بحق او بغير حق - ان لديه القدرة على تحقيق رغباتهم الشخصية، وعليه فتولى شخص ما قيادة جماعة من الجماعات رهن بنظرة أفراد تلك الجماعة لذلك الشخص، واعتقادهم بأن ذلك الشخص اكثر تقديراً لرغباتهم واكثر حرصاً على مصالحهم واكثر قدرة على تحقيق أهدافهم واشباع رغباتهم وعلى ذلك يتضح لنا ان المعول الاساسي والرئيسي لنشأة وظهور القيادة وفق هذه النظرية هم التابعون (اعضاء الجماعة).

(ب) النظرية الموقفية The Situational: ويطلق عليها البعض[18] The Environmental Theory، وهذه النظرية تختلف عن سابقتها في أنها ترى ان المعول الرئيسي في ظهور القادة لا ينحصر فقط في الاستجابة لاحتياجات ورغبات ومصالح افراد الجماعات المنقادة، بل ترى ان هناك أبعاداً متعددة في أي موقف هي العامل الرئيسي في تحديد وافراز القيادة في ظل هذا الموقف[19]، وعلى ذلك فلكل موقف - طبقاً لمفهوم تلك النظرية – متطلبات القيادية، والشخص الذي يملك قدراً اكبر من المهارات والقدرات التي تستجيب لمتطلبات هذه الابعاد والعناصر والعوامل الموقفية - سوف يكون هو أنسب الاشخاص لتولي القيادة في ظل هذا الموقف، ومن ثم سوف تكون فرصته اكبر فيتولى قيادة تلك الجماعة الموقفية.

اما عن ماهية تلك العوامل الموقفية، وأهمية كل منها في تحديد وابراز القيادة فتعدد المواقف وتتباين، فهناك من يرى ان نمط او نوع القيادة المقبول من الجماعة موضوع القيادة - يتحدد على ضوء طبيعة وظروف هذه الجماعة، وطبيعة وظروف المشاكل التي يجب ان تحل[20]، كما ان هناك من يرى ان للعناصر الموقفية الثقافية اهمية كبرى في تحديد وابراز القيادة في أي موقف من المواقف[21]، وهناك من يرى غير ذلك، فإذا أردنا ان نقف على حقيقة القيادة من بين كل هذه الآراء والمواقف شق علينا الامر، وقريبا من هذه النظرية تقف النظرية الوظيفية “The Functional Theory”.

والقيادة وفق هذه النظرية لا تتعلق بشخص ما في حد ذاته، بل هي وظيفة تؤدي، حيث يتطلب الموقف القيادي أنواعاً محددة من الاجراءات والاعمال ينبغي تأديتها، وعلى ذلك فالقيادة هي القيام بتلك الاعمال او الوظائف التي يتطلبها الموقف،و كذلك فن القيادة وفق هذا المفهوم لا تعنى القيادة، فالقائد هنا إن هو الا أداة يتم من خلالها تنفيذ هذه الاجراءات المؤدية الى تحقيق الحل الملائم طبقاً لمتطلبات الموقف القيادي[22]، حيث يسهم في تحديد وتوزيع الادوار على اعضاء الجماعة والتنسيق بين هذه الادوار، بهدف مساعدة الجماعة على تحقيق المهام الموكولة إليها او الاهداف التي تبغي تحقيقها.

وهناك من يرى[23] ان الحروب وغيرها من المواقف الحرجة او الاحداث المفاجئة قد اتاحت وهيأت الرصة لبعض الاشخاص المغمورين لان يتولوا زمام القيادة، وأنه لولا هذه المواقف لكان من الممكن ان يظلوا مغمورين يحجبهم عن القيادة الروتين اليومي للحياة، وقد يظن البعض منا ان هذا يقوي ويدعم نظريات القيادة الموقفية، ولكن يحد من هذا ان ذلك الترابط بين الموقف وظهور القيادة لم يكن مطرد الحدوث في جميع الحالات، فالملاحظ ان هناك حالات تضمنت عددياً من المواقف الحرجة، ومع ذلك فلم تسفر تلك المواقف عن ظهور القيادات القادرة على تولي زمام تلك المواقف.

وعلى ذلك فليس الموقف في حد ذاته هو العامل الاساسي أو الرئيسي في ظهور القيادة، ولكن لعل توافر الاشخاص ذوي القدرات القيادية والقادرين على مجابهة تلك لمواقف له دوره وتأثيره ايضاً في ظهور القيادة، كما ان هناك من يضيف الى ذلك[24]، ان الانماط القيادية الناجحة التي تولت قيادة توجيه تلك الجماعات في الظروف والفترات السابقة، لها تأثير كبير في تحديد المواصفات والشروط القيادية المطلوبة، ومن ثم فإن لها تأثيرها في تحديد وظهور القائد التالي لها.

وعلى ذلك فليس الموقف الحالي وحده، ولكننا نستطيع ان نضيف ان للاعتبارات والظروف التاريخية تأثيرها ايضاً في اختيار وتحديد وظهور القائد. ولقد كان لهذه الاعتبارات، بالاضافة الى تعقد العناصر والعوامل الموقفية والاختلافات في مواقف المؤيدين لمدخل المواقف حول ماهية تلك العناصر الموقفية، واختلافهم حول مدى أهمية كل منها في تحديد وأبراز القيادة، فلقد كان لكل هذه الاعتبارات تأثرها في تشكك جانب من المفكرين في مدى دقة هذا المدخل ومدى صلاحيته لتفسير حقيقة القيادة، وقد أوقع هذا التشكك الفكر الاداري في حيرة، خاصة أنه سبق للبعض ان تشكك في مدخل السمات وفي مدى صلاحيته لتفسير حقيقة القيادة، ولقد كان المخرج الذي تصوره الفكر الاداري للخروج من هذا المأزق هو محاولة التوفيق بين المدخلين: مدخل السمات ومدخل المواقف ومن ثم عرف الفكر الإداري المدخل المشترك في تفسير حقيقة القيادة وحقيقة مقوماتها.

ثالثا: موقف المدخل المشترك ونظرياته من حقيقة القيادة الادارية:

The Trait The Situational Approach to Ledership:

ان ابرز ما يميز هذا المدخل في تفسيره لحقيقة القيادة أنه يرجع نشأة او ظهور القيادة الى شخصية القائد وسماته وخصائصه، كما يرجعها ايضاً الى عوامل خارجية ترتبط بطبيعة وظروف الموقف البيئي وعلى ذلك فهذا المدخل في تفسيره للقيادة يأخذ بكل من المدخلين السابقين، السمات والمواقف، ويرى أن نشأة أو ظهور القيادة يتحدد على ضوء الموقف الذي يحدد المواصفات القيادية التي تستجيب لمتطلبات هذا الموقف، كما يتحدد في ذات الوقت على ضوء مدى توافر السمات القيادية في الأفراد في ظل هذا الموقف، وعلى ذلك فليس للموقف وحده، وليس لتوافر الشخصية القيادية وحدها تأثيراً كبيرٌ في ظهور ونشأة القيادة، بل العبرة بهما معاً، فالقيادة وفق هذا المدخل تتوقف على الشخصية والموقف وظروفه وعلى التفاعل بينهما، فهي ما سبق أن اشرنا نقف في موقف وسط بين المدخلين السابقين.

ولقد أسفر هذا المدخل عن عديد وعديد من النظريات التي راحت جميعها تحاول تفسير القيادة في اطار هذا المدخل، ولكن حسب اجتهاد ووجهة نظر كل منها، في تحديدها لماهية تلك السمات القيادية او العناصر الموقفية، ومدى أهمية ودور كل منها في نشأة وظهور القيادة، ولقد تناول ستوجدول[25] في كتابه الشامل عن القيادة، عددياً من هذه النظريات ولعل من أهم تلك النظريات:

(أ) النظريات الموقفية الشخصية: Personal - Situation Theory

حيث يرى أنصار ذلك الاتجاه أنه لفهم القيادة ينبغي علينا ألا نغفل تأثير التفاعل بين القائد وعناصر الموقف القيادي، ولعل هذا هو جوهر هذا الاتجاه، أما فيما بعد ذلك فتتباين اهتماماتهم حيث تتركز حول جزئيات يرى كل منهم أنها جديرة بالاهتمام.

فهناك من يرى وجوب الاهتمام بالسمات العملية والعقلية والعاطفية للأفراد، في ذات الوقت الذي نهتم فيه بالظروف الموقفية السائدة التي يتعامل معها وفي ظلها الافراد[26].

وهناك من أصحاب هذا الاتجاه - ايضاً - من اولى اهتمامه لتوضيح وظيفة القيادة وفق هذا الاتجاه، حيث يرى أنها تتلخص في مساعدة الجماعة على اكتشاف السبل والوسائل التي بها وعن طريقها يمكن تحقيق أهداف موجودة ومتفق عليها، وكذلك مساعدة الجماعة على التمسك بأهداف متفق عليها[27].

وهناك من رأى ان فهم حقيقة القيادة يتطلب منا ان نوجه اهتماماتنا نحو التعرف على سمات ودوافع القائد كفرد وإنسان، وأبرز ملامح وخصائص الدور الذي يلعبه أو يؤديه كقائد، وتصورات وأفكار الجماهير المنتخبة التي تحيط به ودوافعهم لمتابعته، وكذلك مضمون الموقف الذي يشمله ويحتويه هو تابعيه[28].

(ب) النظرية التفاعلية: Interactional Theory: ويرى انصار هذه النظرية أن ظهور ونشأة القيادة رهن بمدى التكامل والتفاعل بين عدد من المتغيرات الرئيسية وهي: شخصية القائد، وأفراد الجماعة، وطبيعة الجماعة، وخصائصها، والعلاقات بين أفرادها، والعوامل الموقفية والبيئية[29]. وعلى ذلك، فالقيادة - وفق هذه النظرية - هي نتاج عملية تفاعل اجتماعي تتم بين القائد والمتغيرات الرئيسية المشار اليها هنا، وعلى ذلك فإن هذه النظرية تعطى اهتماماً بشخصية القائد ومدى إدراكه لنفسه وللآخرين، ومدى إدراك الآخرين له، وإدراك كل من القائد والآخرين للجماعة وللموقف[30].

(حـ) النظريات التبادلية في القيادة: Exchange Theories To Leadership

وقد قاد هذا الاتجاه وما تفرع عنه من نظريات مجموعة الباحثين ورجال الفكر الاداري المتخصصين[31]، فقد قاموا بتأسيسه انطلاقاً من الافتراض القائل بأن التفاعل الاجتماعي ما هو إلا تعبير عن نموذج او شكل من اشكال التبادل الذي فيه يقوم أعضاء الجماعة بالتضحية بجهودهم لصالح آخرين، مادام هناك آخرون يقومون في المقابل بالتضحية بجهودهم لصالح هؤلاء الاعضاء، ويستمر التفاعل الاجتماعي داخل الجماعة مادام اعضاؤها يحققون من وراء التبادل الاجتماعي منافع متبادلة، ويرى بلو Blau [32] على ضوء هذا المفهوم أنه على قدر اسهام القائد ودوره المتميز في معاونة وتنمية أعضاء الجماعة ترتفع مكانته لديهم، وفي المقابل فإنه على قدر التزام اعضاء الجماعة وتعاونهم مع القائد يكون إسهام وعطاء القائد ومعاونته لهؤلاء الاعضاء، وعلى ذلك فإن القائد يستفيد كثيراً كما يستفيد اعضاء الجماعة من اتباع نصائحه الجيدة والمتميزة، حيث إن افتقارهم لنصائحه وتقديرهم لهم يكسبه مزيداً من الإمكانيات القيادية.

أما جاكوبس Jacobs [33] فقد قدم نظرية التبادل الاجتماعي، ودعمها بالعديد من الدراسات الواسعة، وهو يرى ان الجماعة تقدم للقائد المكانة والمركز والتقدير كمكافأة له نظير خدماته ومساهماته المتميزة والفريدة من أجل تحقيق أهدافها، وأن دور القائد حتى في المنظمات الرسمية إنما يرتكز بصفة اساسية على حث أعضاء الجماعة على أداء وإنجاز الاعمال الموكولة إليهم بدون استخدام القوة أو الجبر، فالقيادة من وجهة نظره إنما تتضمن قيام علاقات تبادلية متكافئة بين القائد والتابعين، وبدون هذه العلاقة لا تتحقق القيادة.

تلك هي نظرة إجمالية وعامة على أهم مداخل ونظريات القيادة الادارية في الفكر الاداري المعاصر، ومنها يتضح مدى الاختلاف والتباين في تفسيرات ومواقف هذه النظريات من حقيقة القيادة الادارية. بل والاكثر من هذا إننا نود ان نلفت النظر الى امر آخر ألا وهو تزامن هذه النظريات، أي ان هذه النظريات القيادية بالرغم من أنها جميعها تسعى للوقوف على حقيقة القيادة، وبالرغم من ان سعيها هذا قد انتهى بها الى الوقوف في مواقف مختلفة ومتباينة من حقيقة القيادة، بالرغم من هذا وذاك فإن هذه النظريات المختلفة والمتباينة قد وجدت وتعايشت مع بعضها البعض على امتداد فترات زمنية متزامنة، بمعنى ان ظهور أي نظرية جديدة لم يكن يتبعه حتماً اختفاء او سقوط النظرية أو النظريات السابقة عليها في الظهور، إنما كان يعني في أغلب الاحوال إضافة لما هو موجود وقائم من نظريات قيادية، ولقد ترتب على هذا أن تواجدت وتزامنت هذه النظريات من ناحية، وأدى هذا الى أ، كل نظرية جديدة إنما كانت تعني زيادة الطين بلى - كما يقولون - حيث كانت تمثل تعميقاً لمدى هذا الاختلاف والتباين القائم في موقف الفكر الاداري المعاصر من حقيقة القيادة، ومن الطبيعي أن كل نظرية من هذه النظريات كانت تظهر ويظهر معها المؤيدون لها الذين يرون في تفسيرها لحقيقة القيادة الصواب وفي تفسيرات غيرها من النظريات الخطأ، وطبيعي أن لدى كل منهم البراهين والأدلة والاسانيد التي تؤيد صحة دعواهم وبطلان دعاوى الآخرين.

ومن ثم فإننا لا نبالغ حين نقول: إن هذا الوضع قد جعل من الصعب - إن لم يكن من المستحيل - على الانسان المنصف غير المنحاز لهذه النظرية أو تلك ان يقف على حقيقة القيادة الادارية من خلال التحاكم الى الفكر الاداري المعاصر، وهذا هو واقع حال نظرياته.

ولعلنا الآن نستطيع ان ندرك مدى صدق تلك الكلمات، لاحد رجال الفكر الإداري المعاصر وهو Killian حيث تضمنت إشارة واضحة الى مدى الغموض المحيط بحقيقة القيادة الادارية، حيث يقول:

(إنه خلال الحرب العالمية الثانية، وعندما كانت الامة الامريكية تواجه احتياجاً ملحاً لالاف من القادة للعمل في كل من القوات المسلحة والصناعة، اكتشف الجميع، مع ظهور هذا الاحتياج، بأنه لا يوجد احد يعرف على وجه اليقين مكونات القيادة، أو يعرف على وجه التحديد كيفية التعرف على الاشخاص القادرين على القيادة، وها هي نص كلماته:

"During World War II, when our nation was confronted with the need for thousands of leaders in both industry and the armed services, it was discovered that no one Knew either Leadership consisted op or how to identify potential Leaders:.[34]

رابعاً: نتائج ودلائل اختلاف وتباين مواقف نظريات القيادة من حقيقة القيادة الإدارية:

لعل أهم النتائج التي يمكن ان نستخلصها على ضوء هذا الواقع للفكر الاداري المعاصر هي:

(أ) التثبت من أن الفكر الاداري المعاصر ليس له موقف موحد من حقيقة القيادة الادارية، بل إن له مواقف مختلفة ومتباينة، بل والأكثر من هذا أن تلك المواقف متزامنة - بالرغم من اختلافها وتباينها.

(ب) أن هذا التزايد والتعدد في نظريات القيادة الادارية التي أفرزها الفكر الاداري المعاصر، إنما تحسب على هذا الفكر ولا تحسب له، حيث ان ظهور أو إضافة أي نظرية مستحدثة لهذا الفكر إنما يسهم في مزيد من التعمية على حقيقة القيادة، مادام هذا التعدد والتباين المتزامن أمراً مقبولاً من رجال الفكر الإداري المعاصر.

وفضلاً عن هذه النتائج، فإننا نود ان نلفت النظر الى ان تلك المداخل والنظريات القيادية المختلفة والمتباينة، إنما هي بمثابة الاطار الفكري لظاهرة القيادة الادارية، ذلك الاطار الذي يمثل أحد الدعائم الاساسية التي تقوم وترتكز عليها كافة الابحاث والدراسات القيادية.

ومن ثم فإن ذلك الإطار الفكري سوف يؤثر الى حد كبير - ايجاباً وسلباً - على نتائج أية أبحاث أو دراسات، فتوافر الاطار الفكري السليم يعتبر ضرورة اساسية يجب ان تسبق أي فعل أداري هادف للإنسان، ومن ثم فإنه على قدر دقة وسلامة هذا الفكر تتوقف الى حد كبير دقة وسلامة الفعل والتنفيذ.

وعلى ذلك فإن مثل هذا الخلل والقصور في الإطار الفكري لظاهرة القيادة الإدارية في الفكر المعاصر، والمتمثل في هذا التعدد والتباين المتزامن في مداخل ونظريات القيادة الادارية، لابد ان ينعكس ويؤثر الى حد كبير على نتائج الابحاث والدراسات قيادية التي استهدفت الوقوف على تعريف محدد للقيادة الادارية، وكذلك الوقوف على مقوماتها وعناصرها القيادية، فتلك النظريات إنما هي بمثابة المنطلقات والأطر الفكرية التي تحكم وتنظم وتوجه وتحدد مسار وخطى تلك الابحاث والدراسات، ومن ثم فإنه إذا ما اختلفت وتباينت تلك المنطلقات الفكرية، فإنه من البدهي ان تختلف وتباين تلك الابحاث والدراسات القيادية تبعاً لاختلاف وتباين المنطلقات الفكرية لكل منها.

وبناءً على ما سبق، فإن ذلك الاختلاف والتباين المتزامن في مداخل ونظريات القيادة في الفكر الاداري المعاصر يعد دليلاً يدفعنا للتشكك في قدرة الفكر الإداري المعاصر على:

(أ) الاتفاق على تعريف محدد للقيادة الادارية، ناهيك عن الوقوف على التعريف الحقيقي لهذه القيادة.

(ب) الاتفاق على مقومات وعناصر قيادية محددة يجب توافرها في القائد الإداري الرشيد حتى يتمكن من تحقيق اهدافه بكفاءة وفعالية، ناهيك عن الوقوف على المقومات والعناصر القيادية الحقيقية التي يكفل توافرها في القائد الاداري الرشيد تمكينه من تحقيق أهدافه بكفاءة وفعالية، من هذا المنطلق كان حرصنا على ان نتناول في الصفحات التالية موقف الفكر الإداري المعاصر من تعريف القيادة الادارية، وكان حرصنا ايضاً على تناول موقف هذا الفكر من المقومات والعناصر القيادية لهذه القيادة في الفصل التالي.

خامساً: مواقف الفكر الاداري المعاصر من تعريف القيادة الإدارية:

لاشك أن الوقوف على تعريف واضح محدد ودقيق لاي ظاهرة من الظواهر يعتبر امراً ذا أهمية، فإن توافر المفاهيم الصحيحة يعد من العوامل الرئيسية لاستقرار ونمو التفاهم والعلاقات الطيبة بين أفراد أي مجتمع، ودرءً لأية اختلافات تحدث بينهم، كما أنه يعتبر ضرورة حيوية وعلى قدر كبير من الاهمية لتقدم البحث العلمي في كافة المجالات، فتلك المنازعات والاختلافات في الآراء والمواقف، ومن ثم الاختلافات في التطبيق إن هي الا نتاج الاختلافات في تحديد مفاهيم الظواهر والاشياء، ومدلول الكلمات والمصطلحات[35]، ومن شأن أفراد المجتمعات الانسانية أن يختلفوا في فهمهم ومفاهيمهم، كنتاج لتباين بيئات وخبرات وقدرات كل منهم، وتباين تأثر كل منهم بهذه البيئات والخبرات، وإذا كان ذلك قد يكون مقبولاً من عامة الناس، فإنه ليس كذلك بالنسبة للباحثين والعلماء وقادة الفكر والباحثين عن الحقيقة في أي مجال من المجالات، فمثل هؤلاء يجب ان يستقوا مفاهيمهم من الحقائق الثابتة وحدها المعبرة عن الجوهر الحقيقي للأمور والاشياء التي يتصدون لوضع وتحديد مفهوم لها، وليس من حق أي من هؤلاء ان يركن الى تحديده هو لمفاهيم الاشياء، ومدلول الكلمات والمصطلحات، بل يجب ان يكون موضوعياً في تحديده لتلك المفاهيم[36] وأن يعمل على الوقوف على الحقيقة وحدها ومن مصدرها، فالحقيقة لا تتعدد، والحقيقة ليست نسبية - كما يشيع كثير من الناس افتراءً عليها.

فإذا تم ذلك وانتهج كافة الباحثين والمفكرين هذا النهج والتزموا به، توحدت مفاهيمهم، واتفق مدلول الكلمات والمصطلحات لديهم، فإذا لجأنا الى الفكر الاداري المعاصر لنقف منه على تعريف ومفهوم القيادة الادارية، فسوف نواجه بعشرات، بل مئات من التعاريف والمفاهيم، حتى أن البعض يرى أنه ليس من الميسور الوقوف على تعريف واضح محدد.

وبالرغم من هذا الكم المتزايد من الأبحاث والدراسات، فإن الفكر الإداري المعاصر مازال يفتقر لوجود مثل هذا التعريف الواضح الذي يحوز على قبول عام بل إن Stagdill يذهب لأبعد من ذلك، حيث يرى أن الفكر الإداري المعاصر يضم تعريفات عديدة للقيادة، وأن هذه التعريفات يكاد يكون عددها يتكافأ مع عدد الأشخاص الذين حاولوا تعريفها[37]، ولعل خير شاهد على ذلك هو تلك التعريفات التي تزخر بها المؤلفات والأبحاث العربية والاجنبية المعنية بالقيادة، ولقد ارفقنا هنا نماذج من هذه التعريفات[38]، ولقد تضمن مرجع Stagdill وحده ما يقرب من المائة تعريف من تعاريف القيادة، وبالرجوع الى هذه التعريفات يتضح لنا مدى صعوبة الوقوف على تعريف واضح محدد للقيادة يحوز على قبول عام، حيث تتباين تعريفات رجال الفكر الإداري للقيادة من واحد لآخر، ولاشك أن هذه الاختلافات إنما تعكس:



(أ) اختلاف المنطلقات الفكرية لرجال الفكر الإداري المعاصر في تعريفهم للقيادة:

فمما لا شك فيه أن تعدد وتباين وتزامن نظريات القيادة الإدارية في الفكر الإداري المعاصر، قد اسفر عن اختلاف وتباين المنطلقات والانتماءات الفكرية الإدارية المعاصرة، تبعاً للنظرية التي انحاز اليها كل منهم، ومن ثم فلقد جاءت تعريفاتهم لحقيقة القيادة الإدارية انعكاساً لاختلاف وتباين نظريات القيادة التي انحاز اليها كل منهم، ومن الأمثلة على ذلك:

1ـ وجود تعريفات تنهج في تعريفها للقيادة، نهج نظرية السمات، ومن الأمثلة على ذلك التعريفات التالية:

ـ (القائد: هو ذلك الشخص الذي يحوز أعظم قدر ممكن من السمات والخصائص والصفات الشخصية المرغوبة).[39]

ـ (القائد: هو ذلك الشخص المتأثر باحتياجات الجماعة، والمعبر عن رغبات اعضائها، ومن ثم فهو يركز الاهتمام، ويطلق طاقات أعضاء الجماعة في الاتجاه المطلوب).[40]

ـ (تنشأ القيادة) حينما تتوافر في فرد معين الشخصية المسيطرة ازاء آخرين تتوافر فيهم خواص الشخصية التابعة).[41]

2ـ وجود تعريفات تنهج في تعريفها للقيادة منهج نظرية المواقف ومن الأمثلة على ذلك التعريفات التالية:

(القيادة عملية تجهيز وترتيب الموقف القيادي حتى يتمكن مختلف أعضاء الجماعة بما فيهم القائد من تحقيق أهداف مشتركة بأقصى عائد اقتصادي، وأقل تكلفة اقتصادية في الوقت والعمل).[42]

(القيادة المباشرة: هي عملية التفاعل التي من خلالها يمارس القائد من خلال الاتصال الشفهي عادة التأثير على سلوك الآخرين وتوجيههم في اتجاهات معينة).[43]

3ـ وجود تعريفات تنهج في تعريفها للقيادة نهج النظريات المشتركة ومن الأمثلة على ذلك التعريفات التالية:

ـ (القيادة: هي وظيفة موقفية وإن ظهورها يتم ـ جزئياً على الأقل ـ استجابة لظروف ومتطلبات موقفية، وأن المعول الأساسي في هذا الصدد، هو تحديد تلك الشروط او الخصائص القيادية التي إن توافرت في القائد تجعل التابعين له ينقادون له، ويقبلون على تنفيذ قراراته وأوامره وتوجيهاته بكفاءة وفاعلية).



(ب) اختلاف المداخل التي انتهجها رجال الفكر الإداري المعاصر في تعريفهم للقيادة الإدارية:

ولعل من الأمثلة الدالة على ذلك:

1ـ وجود عدد من التعريفات تنحو نحو المدخل الغائي في تعريفها للقيادة، حيث تركز على الغاية من القيادة، ومن الأمثلة الدالة على ذلك التعريفات التالية:

(إنها النمط القيادي الذي يتوافر له بعدا التعاطف، والمبادأة والتنظيم، حيث يهدف البعد الأول الى تحقيق الأهداف الشخصية والجماعية للمرؤسين، ويهدف البعد الثاني الى تحقيق الأهداف الرسمية الخاصة بالمنظمة).[44]

(إنها سلطة او فن عملية التأثير في الأفراد (المرؤسين) من أجل حثهم على بذل الجهد عن رغبة من أجل تحقيق أهداف الجماعة).[45]

(القيادة: هي النشاط الخاص باستمالة وإقناع الأفراد وحثهم على التعاون من أجل تحقيق هدف مشترك).[46]

2ـ وجود عدد من التعريفات تنحو نحو المدخل الاجرائي في تعريف القيادة، حيث تركز على الوسيلة الموصلة للغاية، ومن الأمثلة على ذلك التعريفات التالية:

ـ (القيادة: هي عملية تجهيز وترتيب الموقف القيادي حتى يتمكن مختلف أعضاء الجماعة بما فيهم القائد من تحقيق أهداف عامة مشتركة بأقصى عائد اقتصادي، وأقل تكلفة اقتصادية في الوقت والعمل).[47]

ـ (القائد: هو ذلك العضو الذي يمارس وظيفة قيادية داخل التنظيم، ويقوم بأعمال التخطيط والتنظيم والإشراف والرقابة).[48]

ـ (القيادة: هي النشاط الايجابي الذي يباشره شخص معين في مجال الإشراف الإداري على الآخرين، لتحقيق غرض معين بوسيلة التأثير والاستمالة، او باستعمال السلطة الرسمية عند الاقتضاء والضرورة).[49]

3ـ وجود عدد من التعريفات تنحو نحو مدخل الماهية في تعريفها للقيادة، حيث تركز على ماهية القيادة وكيفية ظهورها واستمرارها، ومن الأمثلة على ذلك التعريفات التالية:

ـ (القيادة: هي فن التعامل مع الطبيعة البشرية (الانسانية)، حيث أنها فن التأثير في مجموعة من الأفراد عن طريق الاقناع والاستمالة واعطاء وتقديم المثل من اجل حثهم على اتباع خط معين او اسلوب معين في العمل، ومن ثم فهي لا يجب أن تتشابه مع عملية الدفع او السوق التي هي فن أو أسلوب إلزام او إجبار الأفراد بالقسر والقوة على اتباع خط معين في العمل).[50]

ـ (القيادة: هي محصلة او نتاج ممارسة شخص ما (أ) أقصى قوة تأثيرية على شخص آخر (ب) مطروحاً منها أقصى مقاومة يمكن ان تصدر من (ب) في الإتجاه المعاكس).[51]

ـ (القيادة عملية تفاعل تتم بين شخص وبين أعضاء الجماعة، وكل مساهم في هذا التفاعل يجب أن يلعب او يقوم بدور من الأدوار، ومن ثم فإن هذه الأدوار بداهة يجب أن تختلف من شخص لآخر، وأساس هذا الاختلاف والتباين في الأدوار يعود الى عنصر التأثير، وفيه نجد أن هناك شخصاً واحداً ـ القائد ـ يؤثر بينما باقي الأشخاص ـ أعضاء الجماعة يستجيبون ويتقبلون مثل هذا التأثير).[52]



جـ ـ اختلاف مناهج وأساليب البحث التي انتهجها رجال الفكر الإداري في تحديدهم لمفهوم القيادة:

فهناك من استقصى مفهومه للقيادة بناء على دراسات ميدانية انتهجت المنهج العلمي ـ الاستقرائي الميداني ـ حيث راحت تبحث عن النماذج القيادية وتخضعها للدراسة والبحث؛ لنستخلص منها تعريفاً محدداً نظن أنه يعبر عن حقيقة طبيعة القيادة[53]، وهناك من انتهج في دراسته وتحديده لمفهوم القيادة المنهج الاستقرائي المكتبي، حيث راح يجمع تعريفات القيادة التي توصل اليها من سبقه من الباحثين والكتاب سواء من انتهج منهم ذات نهجه، او من انتهج منهم المنهج العلمي ـ الاستقرائي الميداني، ثم اخضع هذه التعريفات للدراسة والتحليل، وخلص منها جميعها الى تعريف ارتضاه هو.

تلك هي من وجهة نظرنا ابرز العوامل والأسباب التي ادت لهذا التعدد والاختلاف والتباين في تعريفات القيادة والغريب في الأمر حقاً، أن كل من تصدى لتعريف القيادة انتهى ـ في الغالب الأعم من الحالات ـ الى تعريف مغاير لتعريفات من قبله، سواء منهم من انتهجوا ذات الاطار او المدخل او المنهج او من خالفوهم في الإطار او المدخل او المنهج، ونادراً ما نجد باحثاً يقبل تعريفات من سبقه، والغريب في الأمر ايضاً أن معظم هؤلاء الكتاب والباحثين يعتقدون أو يظن كل منهم أنه قد غطى، او ابرز جانباً هاماً، او كشف عن نقطة جوهرية تساهم في توضيح طبيعة حقيقة تلك القيادة[54]، والغريب في الأمر كذلك أن معظم هذه التعريفات بالرغم من تباين مداخلها واهتماماتها، ومن ثم تباينها فإنها قد تواجدت وتزامنت معاً[55]، شأنها في ذلك شأن نظريات القيادة.

والأغرب من ذلك بعد هذا كله أن يشير Stogdill الى أن القيادة قد تتضمن كافة هذه الاتجاهات او العناصر او الأمور التي اسفرت عنها هذه التعريفات العديدة[56]، وإن كنا لا نقره على ذلك، فقد سبق لنا الإشارة الى تلك التعريفات التي أوردها هو نفسه، وتنحو في تعريفها للقيادة نحو مدخل السمات، وتعرف القيادة بأنها مجموعة من السمات، وفي ذات الوقت توجد تعريفات ثانية تنحو في تعريفها للقيادة نحو مدخل المواقف، وتعريفات اخرى تنحو نحو المدخل المشترك الذي يجمع بين كل من مدخلي المواقف والسمات، فكيف يتأتى أن تكون القيادة كل هذا في ذات الوقت، وكيف يمكن التوفيق بين مدخل السمات ومدخل المواقف، كما أن هناك تعريفات ترجع نشأة وظهور القيادة الى تباين وتمايز في الأدوار داخل الجماعة[57]، كما أن هناك تعريفات أخرى ترجع نشأة القيادة وظهورها الى تباين وتمايز في القوى داخل الجماعة[58]، فكيف يمكن التوفيق بين هذه التعريفات، وكيف يمكن كذلك التوفيق بينها وبين باقي التعريفات.

وقد يطالبنا البعث بوضع تعريف للقيادة وفقاً لما تعارف عليه الباحثون خاصة وأننا قد توافر لنا هذا القدر من التعريفات العديدة، واستخلاص تعريف محدد يمثل قاسماً مشتركاً للعناصر القيادية المشتركة التي اشتملت عليها هذه التعريفات، ونحن نتحفظ تجاه هذا المنهج في البحث، نظراً لأنه يستغني باستقراء آراء الخبراء والباحثون عن استقراء مفردات ونماذج الظاهرة موضع البحث ـ ظاهرة القيادة، وهذا الاستغناء قد يكون له مبرران:

المبرر الأول: أن هناك صعوبات ومشقة كبيرة في الوقوف على الظاهرة موضع البحث.

المبرر الثاني: أن هناك ثقة كبيرة في آراء هؤلاء الخبراء والباحثين.

فإذا ما تبين لنا أن كلا المبررين مردود عليه بالنسبة لظاهرة القيادة، سقطت حجتهم في التحاكم الى تلك التعاريف، للوقوف على تعريف محدد للقيادة الإدارية حيث يمكن القول:

أولاً: بالنسبة للمبرر الأول فإن أمر الوقوف على عدد من النماذج القيادية أمر ميسور.

ثانياً: بالنسبة للمبرر الثاني فإن تعدد واختلاف وتباين تعريفات هؤلاء الخبراء والباحثين للقيادة الإدارية تجعل ثقتنا فيهم تهتز.[59]

وعلى ذلك فإننا نؤثر في هذا الصدد أن نورد الملامح الأساسية التالية للقيادة الإدارية، خاصة أن تلك الملامح تكاد تلقى قبولاً عاماً من رجال الفكر الإداري المعاصر:

1ـ أن القائد هو شخص يتوافر له قدر من التأثير الشخصي ـ السلطة غير الرسمية ـ على عدد من الأفراد تجعله قادراً على توجيه سلوك هؤلاء الأفراد.

2ـ أن المدير، هو ذلك الشخص المعين من قبل سلطة أعلى لقيادة، وتوجيه مجموعة من الأفراد نحو تنفيذ أهداف محددة، ومن ثم يتوافر له بحكم موقعه الرسمي قدر معين من السلطة الرسمية على هؤلاء الافراد تعطيه الحق في إصدار الأوامر والتوجيهات الملزمة لهم.

3ـ أن المدير القائد ـ القائد الإداري ـ هو ذلك الشخص المعين من قبل سلطة أعلى لقيادة، وتوجيه مجموعة من الأفراد نحو تنفيذ أهداف محددة، ويتوافر له قدر من التأثير الشخصي على هؤلاء الأفراد، كما يتوافر له فضلاً عن ذلك بحكم منصبه الرسمي قدر معين من السلطة الرسمية عليهم، ولكنهم يعتمد بصفة أساسية في توجيهه وقيادته لهؤلاء الأفراد على تأثيره الشخصي أكثر من اعتماده على سلطته الرسمية.

4ـ أن الرئيس ـ الرئيس الإداري ـ يختلف عن القائد الإداري في أمرين:

الأول: أنه يفتقر لتوافر التأثير الشخصي ـ السلطة غير الرسمية ـ على الأفراد المرؤسين له.

الثاني: أنه يعتمد بصفة أساسية ـ وترتيباً على ما سبق ـ على ما توافر له من سلطات رسمية في توجيهه لمرؤسيه.

وعلى ضوء ما سبق يتبين لنا:

(أ) أن قوة تأثير القائد على الأفراد أدوم وأقوى من سلطة الرئيس.

(ب) أن قوة تأثير القائد، وبهذا الدوام والقوة لو أضيفت اليها السلطة الرسمية، فسيصبح هذا القائد الرئيس ـ القائد الإداري ـ أقوى من كليهما، القائد فقط والرئيس فقط.

وفي ضوء ما سبق ـ وفي نطاق هذا البحث ـ نستطيع أن نعرف القائد الإداري بأنه: (شخص معين من قبل سلطة أعلى لتوجيه مجموعة من الأفراد نحو تنفيذ أهداف محددة، ولا يعتمد في توجيهه لهؤلاء الأفراد على سلطاته الرسمية، ولكنه يعتمد بصفة أساسية على تأثيره الشخصي).

ولعلنا نلاحظ في هذا أننا قد انتهجنا في الشق الأول من هذا التعريف نهج التعريف بمفهوم المخالفة[60]، أما في الشق الثاني من هذا التعريف، فقد إكتفينا بالإشارة الى الوسيلة الأخرى المقابلة للسلطة الرسمية والتي يعتمد عليها القائد الإداري في توجيهه لمرؤسيه بدلاً عن تلك السلطة الرسمية التي يعتمد عليها الرئيس الإداري في توجيهه لمرؤسيه.

ويجدر بنا أن نشير في هذا الصدد الى الآتي:

(أ) أن الوقوف على كنه وطبيعة هذا التأثير لا يعد ضرورة حتمية لنشأة القيادة، وإنما العبرة بتوافر مثل هذا التأثير لدى القائد، والتحقق من ذلك من خلال الوقوف على مدى التفاعل الايجابي بين القائد ومرؤسيه.

(ب) أن احدى غايات البحث الأساسية هو الوقوف على المقومات والعناصر القيادية التي إن توافرت في القائد اكسبته القدرة على توجيه مرؤسيه، والتأثير فيهم بكفاءة وفعالية.

ومن هنا كانت أهمية التعرف على المقومات والعناصر القيادية التي يكفل توافرها في القائد الاداري توافر وتضافر كل من السلطة الرسمية مع السلطة غير الرسمية، ومن ثم نجاح هذا القائد في توجيه وقيادة مرؤسيه نحو تحقيق أهداف المنظمة بكفاءة وفعالية.

وهذا ما سوف نسعى للوقوف عليه من خلال هذا البحث، ومن هذا المنطلق فإننا سنتناول خلال الفصل التالي موقف الفكر الإداري المعاصر من تلك المقومات والعناصر القيادية.





الفصل الثاني



مواقف ودراسات الفكر الإداري المعاصر

من حقيقة المقومات والعناصر القيادية



مقدمة:

سبق أن أشرنا الى أن هناك اختلافاً وتبايناً في مواقف الفكر الإداري المعاصر تجاه تحقيق القيادة الإدارية، ومن ثم تجاه حقيقة مقوماتها وعناصرها القيادية، وقد تثبتنا خلال الفصل السابق من وجود اختلاف وتباين في مواقف الفكر الإداري المعاصر تجاه حقيقة القيادة الإدارية، ويبقى أمامنا الآن أن نتثبت من مدى الاختلاف والتباين في مواقف الفكر الإداري المعاصر تجاه حقيقة المقومات والعناصر القيادية للقائد الإداري الرشيد، وذلك من خلال تحليل وتقويم نتائج أبحاث ودراسات الفكر الإداري ـ المعاصر التي استهدفت الوقوف على تلك المقومات والعناصر.

ونود أن نشير بداية الى أن هناك كماً هائلاً من الأبحاث والدراسات القيادية قام بها رجال الفكر الإداري المعاصر طوال القرن الحالي، وقد سبق أن أشرنا الى تلك الحقيقة في مستهل الفصل السابق، ويكفي في هذا الصدد أن نشير الى أن متوسط عدد الدراسات القيادية خلال الفترة من 1930 ـ 1939 قد كان 21 دراسة سنوياً، وظل هذا المتوسط يرتفع، بل ويتضاعف الى أن بلغ 152 دراسة في السنة خلال الفترة من 1950 ـ 1953، وعلى ذلك فقد كان الوقوف على نتائج هذا الفيض المتدفق من الأبحاث والدراسات القيادية ناهيك عن تحليله وتقويمه ـ يمثل تحدياً حقيقياً يصعب علينا مواجهته في حدود قدراتنا والامكانيات المتاحة أمامنا، ولكن شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى ـ بعد أن كدنا أن نجهد أنفسنا فيما لا طائل من ورائه إلا النزر اليسير والنفع منه ضئيل، فشاءت حكمته ورحمته بنا أن يضع أمامنا تلك الدراسة المسحية القيمة التي قام بها Ralph Mellvin Stogdill[61] الذي تصدى فيها لمواجهة ذلك التحدي، وقام باجراء دراسة مسحية لنتائج أهم الدراسات القيادية التي استهدفت الوقوف على المقومات والعناصر القيادية للقائد الإداري، حيث قام أولاً ببيان نتائج أهم الدراسات القيادية المعنية بهذا الموضوع، والتي أجريت خلال الفترة من 1904 ـ 1947، ثم قام بعد ذلك بعرض نتائج أهم الدراسات القيادية التي أجريت خلال الفترة من 1948 ـ 1970، والمعنية بذات الموضوع، وسوف نقوم خلال الصفحات التالية بعرض نتائج تلك الدراسات التي تمت خلال الفترتين السابق الإشارة اليهما، وإن كان تركيزنا سوف يكون بصفة أساسية على نتائج الدراسات التي تمت خلال الفترة من 1904 ـ 1947، وذلك نظراً لوفرة البيانات التي قدمها Stogdill عن دراسات تلك الفترة، ومما يجدر الإشارة اليه بداية أن كافة تلك الدراسات قد استخدمت المنهج العلمي وأساليبه وأدواته[62] في سعيها للوقوف على حقيقة المقومات والشروط القيادية، ويجدر بنا أن نشير كذلك الى أن عدد دراسات الفترة الأولى قد بلغ 124 دراسة، وعدد دراسات الفترة الثانية قد بلغ 163 دراسة، وسوف يكون عرضنا وتناولنا لنتائج تلك الدراسات وفقاً للترتيب التالي:

أولاً: بيان أهم المقومات والخصائص القيادية التي اسفرت عنها نتائج الدراسات التي تمت خلال الفترة من 1904 ـ 1970.

ثانياً: دراسة وتحليل المقومات والخصائص القيادية التي انتهت اليها الدراسات القيادية التي اجريت خلال الفترة من 1904 ـ 1947.



أولاً: بيان اجمالي عن المقومات والخصائص التي اسفرت عنها دراسة الفكر الاداري المعاصر:



(أ) المقومات والعناصر القيادية التي اسفرت عنها دراسات الفترة من 1904 ـ 1947[63]:

لقد أسفرت الدراسة المسحية لنتائج 124 دراسة قام بها الفكر الإداري المعاصر خلال الفترة من 1904 ـ 1947 مستهدفاً الوقوف على مقومات وعناصر القيادة عن أن من أهم المقومات والعناصر القيادية التي يتميز فيها القادة عن غيرهم هي المقومات والخصائص التالية[64]:

مسلسل
المقومات والعناصر القيادية
عدد الدراسات



الايجابية
السلبية

1
الذكاء
23


2
المشاركة الاجتماعية
20


3
التفوق الدراسي ـ التعليمي
22
5

4
الثقة في النفس
17


5
استشعار المسئولية عن تحقيق الاهداف
17


6
القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية
14


7
طلاقة الحديث
13


8
المكانة الاجتماعية ـ المركز الاجتماعي
15
2

9
الدافع على تحمل المسئولية
12


10
الثبات والمثابرة في مواجهة العقبات
12


11
التعاون
11


12
المعرفة والخبرة
11


13
القدرة على التكيف
10


14
الشعبية والمهابة
10


15
المظهر والزي
13
3

16
الحكم والحسم
9


17
الالتزام بقواعد الأدب وأصول التعامل
8


18
القدرة على تكثيف وتنمية التعاون
7


19
الرغبة في التفوق والطموح
7


20
الابداع والابتكار
7


21
قوة العقيدة ـ الايمان
7


22
الشخصية المستقيمة
6


23
اليقظة والانتباه للظروف البيئية
6


24
الاهتمام بالعمل
6


25
النشاط والطاقة
5


26
الميل للتغيير واتساع مجال التحرك الوظيفي والاجتماعي
5


27
الرغبة في الاستعلاء والتسديد على الآخرين
11
6

28
الطول
9
4

29
الوزن
7
4

30
الاتزان العاطفي والسيطرة على المشاعر
11
8

31
العمر
10
8

32
الانبساط ـ عدم الانطواء
5
6




تلك هي أهم المقومات والعناصر القيادية التي أسفرت عنها نتائج تلك الدراسات التي أجريت خلال الفترة من 1904 ـ 1947، وقد راعينا ترتيبها تنازلياً وفقاً لمعدل التكرار الذي حصل عليه كل عنصر، ونود أن نشير الى أن لنا ملاحظات على هذه النتائج سوف نتناولها فيما بعد.



(ب) المقومات والعناصر القيادية التي أسفرت عنها دراسات الفترة من 1948 ـ 1970:

إن النتائج التي أسفرت عنها 163 دراسة أجريت خلال الفترة من 1948 ـ 1970 حول ذات الموضوع تختلف مع نتائج الدراسات الـ 124 التي أجريت خلال الفترة السابقة لها حول بعض العناصر السابق الإشارة اليها، وتتفق معها حول البعض الآخر وتضيف من جانبها عناصر أخرى مستحدثة ترى أنها من بين المقومات والخصائص القيادية التي يتميز بها القادة عن غيرهم، وفيما يلي أهم المقومات والعناصر القيادية والتكرارات الايجابية لكل منها، والتي اسفرت عنها دراسات تلك الفترة[65] والتي اشتركت فيها مع الدراسات التي تمت في الفترة السابقة:



مسلسل
المقومات والعناصر القيادية
التكرارات الايجابية

1
القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية
35

2
الرغبة في الاستعلاء والتسيد على الآخرين
31

3
الثقة في النفس
28

4
الذكاء
25

5
النشاط والطاقة
24

6
الرغبة في التفوق والطموح
21

7
المركز الاجتماعي والاقتصادي
19

8
الدافع على تحمل المسئولية
17

9
طلاقة الحديث
15

10
الاتزان العاطفي والسيطرة على المشاعر
14

11
التعليم ـ التفوق الدراسي او التعليمي
14

12
الابداع والابتكار
13

13
الاهتمام بالعمل
13

14
المعرفة والخبرة
12

15
المشاركة الاجتماعية
9

16
الشخصية المستقبلية
9

17
الحكم والحسم
6

18
العمر
6

19
الاستشعار بالمسئولية عن تحقيق الاهداف
6

20
الميل للتغيير واتساع مجال التحرك الوظيفي والاجتماعي
6

21
التعاون
5

22
اليقظة والانتباه للظروف البيئية
4

23
المظهر والزي
4

24
الالتزام بقواعد الأدب وأصول التعامل
4

25
القدرة على تكثيف وتنمية التعاون
3

26
الانبساط ـ عدم الانطواء
1




وتلك العناصر القيادية التي أسفرت عنها دراسات الفترة الحالية والتي اسفرت ايضاً عنها دراسات الفترة السابقة، وإن كانت تعكس احد جوانب التشابه في نتائج دراسات الفترتين، إلا أن العناصر التالية التي انفردت بها دراسات الفترة الحالية تبرز من ناحية أخرى أحد جوانب الاختلاف والتباين بين نتائج دراسات كل من الفترتين[66]:

مسلسل
المقومات والعناصر القيادية
التكرارات الايجابية

1
القدرة الإدارية
16

2
الاستقلالية
12

3
فرض النفس على الآخرين
12

4
السلوك الطبيعي المتوافق
11

5
المبادرة والمبادأة
10

6
القدرة على تقبل التجاوزات والاختلافات في الرأي
9

7
الموضوعية
7

8
الدهاء وسعة الحيلة
7

9
الشخصية الجذابة غير المنفرة
4

10
القدرة على تعهد واحتضان ورعاية الآخرين
4

11
الحماس وقوة المشاعر
3




ويجدر بنا أن نشير كذلك الى أن الجوانب الأخرى التي تبرز حقيقة مدى الاختلاف والتباين بين نتائج دراسات الفترة الحالية ونتائج دراسات الفترة السابقة، حيث نلحظ أن النتائج التي أسفرت عنها دراسات الفترة الحالية قد جاءت خالية من بعض العناصر التي أسفرت عنها دراسات الفترة السابقة وتلك العناصر هي:



مسلسل
المقومات والعناصر القيادية
عدد الدراسات



الايجابية
السلبية

1
الثبات والمثابرة في مواجهة العقبات
12


2
الشعبية والمهابة
10


3
القدرة على التكيف
10


4
قوة العقيدة ـ الايمان
7


5
الطول
9
4

6
الوزن
7
4




ومن اجمالي نتائج دراسات تلك الفترة، والفترة السابقة لها يتضح لنا الآتي:

1ـ أن العدد الإجمالي للمقومات والخصائص القيادية التي أشارت اليها كل من الدراستين قد بلغ 42 عنصراً.

2ـ أن العدد الإجمالي للمقومات والعناصر القيادية المشتركة التي أجمعت كل من الدراستين على وجود ارتباط ايجابي بينها وبين القادة قد بلغ 26 عنصراً أي 60.5% من اجمالي العناصر.

3ـ إن إجمالي عدد المقومات والعناصر التي أسفرت عنها الدراسات التي أجريت خلال الفترة من 1904 ـ 1947 قد بلغ 32 عنصراً.

4ـ إن اجمالي عدد المقومات والعناصر القيادية التي أسفرت عنها دراسات الفترة من 1948 ـ 1970 قد بلغ 37 عنصراً.

5ـ إن عدد المقومات والعناصر القيادية التي انفردت بها دراسات الفترة الأولى ولم تسفر عنها دراسات الفترة الثانية قد بلغ 6 عناصر.

6ـ إن عدد المقومات والعناصر القيادية التي انفردت بها دراسات الفترة الثانية ولم تسفر عنها دراسات الفترة الأولى قد بلغ 11 عنصراً.

7ـ إن أعلى تكرار متجمع من الدراستين ـ حصل عليه عنصر من العناصر المشتركة قد كان لعنصر القدرة والمهارة الاجتماعية، حيث بلغ 49 دراسة أجمعت على ارتباطه ايجابياً بالقيادة، وذلك من بين 287 دراسة ـ إجمالي دراسات الفترتين، وهذا يعني:

ـ أن 17.1% فقط من اجمالي هذه الدراسات هي التي اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين هذا العنصر وبين القيادة.

أن 82.9% من اجمالي هذه الدراسات قد جاءت نتائجها خلواً من أي إشارة الى وجود ارتباط بين هذا العنصر وبين القيادة.

وإذا كان هذا هو مبلغ حظ ونصيب أهم عنصر أسفرت عنه تلك الدراسات حيث لم تتجاوز نسبة الدراسات التي قررت ارتباطه الايجابي بالقيادة 17.1% من اجمالي الدراسات، فمن البدهي ان نسبة الدراسات التي افرزت بقية العناصر المشتركة أقل من 17.1%. وإن نظرة انتقادية سريعة على الحقائق السابق تؤكد لنا مدى التباين والاختلاف في مواقف الفكر الإداري المعاصر تجاه المقومات والعناصر القيادية، يتضح لنا ذلك من الشواهد التالية:

1ـ ذلك الاختلاف والتباين بين المقومات والعناصر القيادية التي انتهت اليها دراسات الفترة من 1948 ـ 1970، حيث انفردت كل منهما بعدد من المقومات والخصائص القيادية، جاءت دراسات الفترة الأخرى خلواً منها.

2ـ ذلك الاختلاف والتباين في مواقف الدراسات تجاه كافة العناصر التي أسفرت عنها هذه الدراسات، فلم يحدث أن حدث إجماع تام على عنصر من العناصر من جانب كافة الدراسات او حتى من جانب إجمالي دراسات الفترة الواحدة، بل الملاحظ أن الدراسات التي قررت وجود ارتباط بين القيادة والعناصر السابقة كانت تمثل نسبة بسيطة من إجمالي الدراسات.

3ـ بل والأكثر من ذلك، أن بعض العناصر قد انقسمت ازاءها دراسات الفترة الواحدة، حيث اسفرت نتائج بعض الدراسات عن وجود ارتباط ايجابي بين هذه العناصر والقيادة، بينما أسفرت نتائج البعض الآخر من هذه الدراسات عن وجود ارتباط سلبي بين ذات العناصر والقيادة، وسوف نناقش فيما يلي هذه النقطة بشيء من التفصيل وذلك نظراً لأهمية وخطورة دلالتها وحتى يتسنى لنا التحقق والتثبت بشكل أوثق من حقيقة، ومدى هذا الاختلاف والتباين في مواقف دراسات الفكر الإداري المعاصر تجاه عناصر ومقومات القيادة، وسوف يتم ذلك من خلال القيام بدراسة تحليلية لمقومات العناصر القيادية التي أسفرت عنها نتائج الدراسات التي اجريت خلال الفترة 1904 ـ 1947 بصفة خاصة، ونتائج دراسات الفترة من 1904 ـ 1970 بصفة عامة.



ثانياً: بيان تحليلي عن مواقف دراسات الفترة من 1904 ـ 1947 من المقومات والعناصر القيادية[67]:

إن تحليل النتائج التي اسفرت عنها دراسات تلك الفترة يتضح منها الى حد كبير صحة ما سبق أن أشرنا اليه فيما يتعلق بوجود انقسام وتبيان في مواقف دراسات الفكر الإداري ازاء عديد من العناصر القيادية، بل إن هذا الانقسام والتباين ـ كما سيتبين لنا ـ يصل في بعض الحالات الى وقوف هذه الدراسات في مواقف متناقضة تماماً حيال بعض العناصر، وسوف نعمد من خلال هذا الجزء الى تحليل وتقويم تلك النتائج التي انتهت اليها الدراسات الـ 124 التي أجريت خلال الفترة المشار اليها، والتحقق من حقيقة ومدى هذا الانقسام والتباين في مواقف تلك الدراسات ازاء كل عنصر من هذه العناصر، وسوف يشمل التحليل بصفة أساسية الجوانب التالية:

1ـ بيان الدراسات التي اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين ذات العنصر والقيادة.

2ـ بيان الدراسات التي اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط سلبي بين ذات العنصر والقيادة.

3ـ بيان الدراسات التي اسفرت نتائجها عن عدم وجود أي ارتباط بين هذا العنصر والقيادة. وفيما يلي تحليل وتقويم هذه العناصر:



1ـ العمر:

(أ) اسفرت نتائج 6 دراسات عن أن عمر القادة أصغر من متوسط أعمار التابعين.

(ب) اسفرت نتائج 10 دراسات من ناحية أخرى عن أن عمر القادة اكبر من متوسط أعمار التابعين.

(ج) اسفرت نتائج دراستين عن ان العمر ليس عاملاً او عنصراً مميزاً بين القادة والتابعين.

(د) اسفرت نتائج احدى الدراسات عن أن هذا يختلف من موقف لآخر.

ومن هذا يتبين لنا أن نتائج 19 دراسة فقط هي التي تعرضت لهذا العنصر ومدى ارتباطه بالقيادة، وفي مقابل ذلك نجد أن 105 من الدراسات الـ 124 لم تتعرض من قريب او بعيد لهذا العنصر، هذا فضلاً عن أن الدراسات الـ 19 التي تعرضت له، لم يكن لها موقف موحد، بل تبين لنا من التحليل السابق مدى اختلاف وتباين مواقفها حول هذا العنصر.



2ـ الطول:

(أ) أسفرت نتائج 9 دراسات على ان القادة أطول من التابعين.

(ب) اسفرت نتائج دراستين عن ان القادة أقصر طولا من التابعين.

(ج) أسفرت نتائج دراستين عن عدم وجود ارتباط بين القيادة والطول.

(د) أسفرت نتائج أحدى الدراسات عن ان هذا يختلف من موقف لآخر.

وتسري على هذا العنصر ذات ملاحظاتنا على العنصر السابق، حيث نجد ان 14 دراسة فقط هي التي تعرضت نتائجها لهذا العنصر، وأن هذه الدراسات مع صغر حجمها كانت مواقفها متباينة ومختلفة ازاء مدى ارتباط هذه العناصر بالقيادة.



3 - الوزن:

(أ) اسفرت نتائج 7 دراسات عن ان القادة اكبر وزناً - أثقل - من التابعين.

(ب) من ناحية اخرى اسفرت نتائج دراستين عن ان القادة اقل وزناً - اخف - من التابعين.

(ج) أسفرت نتائج دراستين عن عدم وجود اختلافات ملحوظة في الوزن بين القادة والتابعين.

وتسري على هذا العنصر كذلك ذات ملاحظاتنا على العنصرين السابقين.



4 - البنيان الجسمي:

(ا) اسفرت نتائج 5 دراسات عن وجود ارتباط بين البنيان الجسمي السليم والقيادة، وان تباينت قوة الارتباط من دراسة لاخرى.

(ب) اسفرت نتائج دراستين عن عدم وجود ارتباط بين البنيان الجسمي والقيادة.



5 - الصحة:

(أ) أسفرت نتائج 4 دراسات عن تميز صحة القادة عن صحة غير القادة.

(ب) في حين اسفرت نتائج دراستين عن ان الحالة الصحية للقادة ليست عنصرا مميزا لهم عن غيرهم.



6 - البسالة الجسمانية والرياضة البدنية:

اسفرت نتائج 7 دراسات عن تميز القادة في هذه النواحي عن غير القادة.



7 - الطاقة والنشاط:

(أ) اسفرت نتائج 5 دراسات عن تميز القادة في هذا العنصر عن غير القادة.

(ب) اسفرت نتائج 4 دراسات[68] عن ان ارتباط هذا العنصر بالقيادة يختلف من موقف لآخر، وكذلك بقية العناصر الجسمانية السابق الاشارة اليها. وتسري الى حد كبير ملاحظاتنا السابقة على العناصر من رقم 4 الى رقم 7.



8 - المظهر والزي:

(أ) أسفرت نتائج 11 دراسة عن تميز القادة عن غير القادة بالمظهر الافضل وان كانت بعض الدراسات قد اشارت الى ان هذا يتوقف الى حد ما على حسب طبيعة نشاط الجماعة[69].

(ب) اسفرت نتائج دراستين عن تميز القادة بالزي واللباس الافضل عن غير القادة.

(ج) ومن ناحية اخرى فقد اسفرت نتائج احدى الدراسات عن عدم وجود ارتباط بين القيادة والمظهر.

(د) بل والاكثر من ذلك ان دراستين من دراسات تلك الفترة، قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط سلبي بين المظهر الحسن والقيادة.

وهذه النتائج لا تحتاج الى أي تعليق، فهي خير شاهد على صدق ملاحظاتنا السابقة.

9 - طلاقة الحديث: حتى هذا العنصر رغم بداهة اهميته لم يسلم هو الآخر من الاختلاف حول ارتباطه بالقيادة، فبالرغم من ان 15 دراسة قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين القيادة وطلاقة الحديث واللباقة وعذوبة الصوت، والقدرة على المشافهة، الا ان معدل الارتباط قد تباين من دراسة لأخرى وهذه ملاحظة هامشية، ولكن الجدير بالملاحظة هنا هو ان احدى الدراسات قد اسفرت نتائجها عن عدم وجود ارتباط بين القيادة وطلاقة الحديث، بل ان هناك دراسة أخرى أسفرت نتائجها عن وجود ارتباط سلبي بين قوة الصوت والقيادة[70]

10 - الذكاء: وهذا عنصر اخرى من العناصر البدهية الواجب توافرها في القائد، فإذا بنا نجد المواقف التالية من هذه الدراسات تجاه ذلك العنصر.

(أ) وجود 23 دراسة اسفرت نتائجها عن ان القادة اكثر ذكاء عن أفراد جماعاتهم.

(ب) وجود 5 دراسات اسفرت نتائجها عن عدم وجود اختلاف بين القادة والتابعين من حيث الذكاء.

(ج) والادعى للدهشة هو وجود دراسات قد أسفرت نتائجها عن وجود ارتباط سلبي بين الذكاء والقيادة.

ولا شك ان ذلك يعضد ملاحظاتنا السابق الاشارة اليها.

11 - التفوق الدراسي - التعليمي: وهذا العنصر لم يسلم ايضاً من الاختلاف حوله، يتضح لنا ذلك من الآتي:

(أ) وجود 22 دراسة اسفرت نتائجها عن ان القادة اكثر تفوقاً في مراحل الدراسة والتعليم من غير القادة.

(ب) وجود 4 دراسات اسفرت نتائجها عن عدم وجود ارتباط بين التفوق الدراسي والقيادة.

(ج) بل ان احدى الدراسات قد اسفرت نتائجها عن ان القادة اقل تفوقاً في مراحل الدراسة والتعليم من غير القادة.

12 - المعرفة والخبرة: ولعل هذا العنصر هو احد العناصر القيادية التي سلمت من هذا الاختلاف، وان لم يسلم من عدم اجماع كافة الدراسات عليه، حيث ان 11 دراسة فقط - من بين الدراسات الـ 124 - هي التي اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين العنصر والقيادة.

13 - الحكم والحسم: وهو ايضاً من بين تلك العناصر التي سلمت من هذا الاختلاف، وان كان عدد الدراسات التي اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين القيادة وهذا العنصر 9 دراسات فقط من بين اجمالي الدراسات الـ124، حيث تبين وجود:

(أ) 5 دراسات تربط بين سلامة ودقة الحكم على الامور والفصل في المنازعات والقيادة.

(ب) 4 دراسات تربط بين السرعة والدقة في اتخاذ القرار والقيادة.

14 - البصيرة وبعد النظر وحسن الادراك: وموقفه مشابه للعنصرين السابقين حيث تبين:

(أ) وجود 6 دراسات أسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين اليقظة والتنبه للظروف البيئية والموقفية والقيادة.

(ب) وجود 5 دراسات اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين القدرة على تقويم المواقف والحكم عليها والقيادة.

(ج) وجود 5 دراسات اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين البصيرة الاجتماعية والقيادة.

(د) وجود دراستين اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين البصيرة الذاتية وحسن فهم المرء لنفسه والقيادة.

(هـ) وجود 7 دراسات اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين حسن تفهم العواطف والاحاسيس والمشاعر والقيادة.

ويجدر بنا ان نشير الى تلك الصعوبة التي اشار اليها Stogdill المتعلقة بطبيعة مثل هذه الخصائص، وخاصة المتعلق منها بالامور الذاتية[71].

15 - الابداع والابتكار: وهو ايضاً احد العناصر التي سلمت من الاختلاف حولها، وان كانت الدراسات التي اشارت الى وجود ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة لم تتجاوز 7 دراسات، حتى ان Stogdill بعد ان اشار الى تميز هذا العنصر بارتفاع معدل ارتباطه بالقيادة، يرى ان هذا العنصر يحتاج الى مزيد من الدراسات.

16 - القدرة على التكيف: وهذا العنصر من العناصر التي لم يحدث حولها خلاف، وان كانت الدراسات التي اشارت الى وجود ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة لم تتجاوز 10 دراسات من بين اجمالي الـ 124 دراسة، هذا فضلاً عن ان دراسات الفترة من 1948 – 1970 الـ163 لم تسفر نتائج أي دراسة منها عن وجود ارتباط بين هذا العنصر والقيادة، وان نتائجها جميعاً قد جاءت خلوا من أية اشارة الى هذا العنصر.

17 - الانبساط ـ عدم الانطواء: وموقف هذا العنصر يعد احد الادلة القوية على مدى اختلاف وتباين مواقف رجال الفكر الاداري حول عناصر ومقومات القيادة، هذا الاختلاف الذي يصل الى حد التناقض في المواقف تجاه العنصر الواحد، فبينما اسفرت نتائج 5 دراسات عن وجود ارتباط ايجابي بين الانبساط - عدم الانطواء - والقيادة، نجد ان هناك دراستين قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بين الانطواء - عدم الانبساط - والقيادة، كما نجد ان هناك 4 دراسات قد اسفرت نتائجها عن عدم وجود أي ارتباط - سلبي ام ايجابي - بين القيادة والانبساط والانطواء، فكيف يتسنى لنا التوفيق بين هذه النتائج المتباينة والمتناقضة؟ وكيف يتسنى لنا الثقة في كفاءة وفاعلية الدراسات التي افرزتها لنا؟.

18 - الرغبة في الاستعلاء والتسيد على الآخرين: وموقف هذا العنصر يكاد يتطابق مع موقف العنصر السابق، حيث تبين من الدراسة المسحية:

(أ) وجود 11 دراسة اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين القيادة وهذا العنصر.

(ب) وفي ذات الوقت نجد 4 دراسات قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط سلبي بين الرغبة في السيادة وحب السيطرة - (المريسة) - والقيادة.

(ج) بينما نجد ان هناك دراستين قد اسفرت نتائجها عن عدم وجود أي ارتباط بين القيادة وهذا العنصر.

ويرى Stogdill انه في ظل هذه الاختلافات والتناقضات، فإننا لا يمكننا الجزم بأن هذا العنصر يعتبر احد عناصر ومقومات القيادة[72]. ويجدر بنا ان نشير الى ان دراسات الفترة من 1948 - 1970 قد بلورت وأبانت الى حد كبير عن موقف الفكر الاداري في هذا الخصوص، حيث أسفرت نتائج 21 دراسة عن وجود ارتباط ايجابي بين الرغبة في السيادة وحب السيطرة والقيادة، ولا يعني هذا اننا نقر بهذا، فنحن نرى ان السعي الى القيادة والحرص على الرئاسة والرغبة في السيادة والسيطرة، كل هذه المعاني لا تتطابق مع مبادئ وأصول الفقه الاداري الاسلامي[73].

19 - الدافع على تحمل المسئولية، والثبات والمثابرة، والاهتمام بالعمل، والطموح والرغبة في التفوق: وهذه العناصر هي من بين العناصر التي سلمت من الخلاف عليها من دراسات تلك الفترة حيث تبين:

(أ) ان 12 دراسة قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين الاقدام او الدافع على تحمل المسئولية، والقيادة، ويجدر بنا ان نشير الى ان دراسات الفترة من 1948 - 1970 قد أيدت الى حد كبير هذا الموقف، حيث اسفرت نتائج 17 دراسة من دراسات تلك الفترة وجود عن ارتباط ايجابي بين هذا العنصر والقيادة.

(ب) ان 12 دراسة قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين الثبات والمثابرة في مواجهة العقبات والقيادة، وفي مقابل هذا نجد ان دراسات الفترة من 1948 - 1970 لم تسفر نتائجها عن وجد أي ارتباط بين هذا العنصر والقيادة.

(ج) ان 6 دراسات قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين الاهتمام بالعمل والرغبة في التنفيذ والتطبيق والقيادة، وقد اسفرت نتائج 13 دراسة من دراسات الفترة التالية عن نفس الموقف، ولاشك ان هذا من الامور المطلوبة في القائد، فالقائد الذي يكتفي بالتنظير ولا يستطيع ان يبلور أفكاره ومبادئه في صيغ وممارسات وتطبيقات عملية، ينقصه مقوم هام من مقومات القيادة.

(د) ان 7 دراسات قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين الطموح والرغبة في التفوق والقيادة، وقد اسفرت نتائج 21 دراسة من دراسات الفترة التالية - 1948 - 1970 - عن نفس الموقف، ونحن نرى ان الرغبة في التفوق شيء مشروع، وخاصة من قبل القادة، وذلك بخلاف الرغبة في السيطرة والتسيد وتزكية النفس، فهي تحمل آفات الغرور.

20 - استشعار المسئولية عن تحقيق الاهداف: وهذا العنصر هو من العناصر التي سلمت من الخلاف حولها، فقد اسفرت نتائج 17 دراسة عن وجود ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة، كما ان هناك 6 دراسات من دراسات الفترة التالية قد اسفرت نتائجها عن نفس الموقف.

21 - الشخصية المستقيمة والسلوك الاخلاقي: وبالنسبة لهذا العنصر فقد اسفرت نتائج 6 دراسات من الفترة الاولى - موضع البحث - و8 دراسات من الفترة التالية عن وجود ارتباط ايجابي بين هذا العنصر والقيادة، ولاشك ان ذلك الارتباط يمثل امراً منطقياً، فليس من المتصور ان يكون القائد غير ذلك.

ويجدر بنا هنا ان نشير مرة اخرى الى ان هذا العنصر - وغيره من العناصر المماثلة - وإن كان قد سلم من اختلاف وانقسام الدراسات حول مدى ارتباطه بالقيادة، إلا انه لم يسلم من ذلك الموقف الصامت السلبي للغالبية العظمى من الدراسات تجاهه، وقد بلغ مجموع الدراسات التي اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط بينه وبين القيادة 14 دراسة من دراسات كل من الفترتين، وهذا الرقم من 287 دراسة، أي ان 5% فقط من الدراسات هي التي اشارت الى وجود هذا الترابط، بينما نجد ان الغالبية العظمى من الدراسات - 95% منها - قد جاءت نتائجها خلواً من أي اشارة الى وجد ارتباط بين هذا العنصر والقيادة، وتسري نفس هذه الملاحظة على كافة العناصر الاخرى التي اسفرت عنها هذه الدراسات.

22 - قوة العقيدة - الإيمان: وبالنسبة لهذا العنصر، فقد اسفرت نتائج 7 دراسات من دراسات الفترة موضع البحث عن وجود ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة. ولا شك ان ذلك أمر منطقي فتوافر العقيدة القوية يعتبر أحد المقومات القيادية الهامة، وبالرغم من تلك الاهمية المنطقية وبالرغم من تلك النتائج التي اسفرت عنها هذه الدراسات السابق الاشارة اليها، بالرغم من هذا وذاك، فقد جاءت الدراسات الـ163 التي اجريت خلال الفترة التالية خلوا من أي اشارة الى وجود ارتباط بين الايمان وقوة العقيدة وبين القيادة، ويجدر بنا هنا ان نشير الى موقف Ordway Tead في كتابة (فن القيادة) ازاء هذا العنصر، حيث خصص سبعة فصول كاملة من مجمل فصول الكتاب الستة عشر[74].

ولا عجب، فهكذا حال الفكر الانساني في مجالات العلوم والظواهر الاجتماعية والنفسية يثبت اليوم ما أنكره بالامس، وما اثبته بالامس ينكره اليوم، وفي الغد قد يدير ظهره ويتنكر لكل من مبادئ اليوم ومبادئ الامس.

23 - الثقة في النفس: وهذا العنصر قد اسفرت نتائج 17 دراسة عن وجد ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة، كما اسفرت نتائج 28 دراسة من دراسات الفترة التالية عن نفس الموقف، وهو يعد من حيث عدد الدراسات التي اجمعت على ارتباطه بالقيادة ثاني العناصر، فقد بلغت اجمالي تكراراته 45 دراسة - في مقابل 49 دراسة بالنسبة لعنصر القدرة والمهارة الاجتماعية - أي أن نسبة الدراسات التي اجمعت على ارتباطه بالقيادة قد بلغت 7ر15% من اجمالي الدراسات، وهي نسبة تعد مرتفعة نسبياً بالمقارنة ينسب غيرها من العناصر، وإن كانت مازالت دون المستوى المطلوب بكثير.

24 - اعتدال المزاج والتفاؤل والابتهاج: وقد أسفرت الدراسات عن وجود اختلاف وتباين في المواقف تجاه هذا العنصر، حيث اسفرت نتائج 4 دراسات عن وجود ارتباط ايجابي بين اعتدال المزاج وندرة الاكتئاب والقيادة، وفي ذات الوقت نجد دراستين قد اسفرت نتائجهما عن وجد ارتباط ايجابي بين عدم اعتدال المزاج والقيادة. كما اسفرت نتائج 4 دراسات عن وجود ارتباط بين السعادة والاستبشار والابتهاج وبين القيادة، وفي ذات الوقت اسفرت نتائج دراستين عن عدم وجود ارتباط بين السعادة والاستبشار والابتهاج والقيادة، بينما اسفرت نتائج 6 دراسات عن وجود ارتباط بين روح المرحة والدعابة وبين القيادة.

25 - الاتزان العاطفي والسيطرة على المشاعر: ونفس الوضع السابق ينطبق على هذا العنصر، حيث نجد ان هناك:

(أ) 11 دراسة قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط إيجابي بين اتزان وثبات المشاعر والسيطرة على الانفعالات والقيادة.

(ب) 5 دراسات قد اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بين الانفعال وعدم السيطرة على المشاعر والقيادة.

(ج) 3 دراسات قد اسفرت نتائجها عن عدم وجود ارتباط سلبي او ايجابي بين هذا العنصر والقيادة.

ولا شك ان مثل هذا التعدد والاختلاف والتباين في مواقف تلك الدراسات تجاه ذات العنصر، يوضح مدى صعوبة الموقف على المقومات القيادية الحقيقية من خلال التحاكم الى دراسات الفكر الداري المعاصر.

26 - المركز الاجتماعي والاقتصادي: وهذا العنصر هو الآخر لم يسلم من الاختلاف حوله حيث تبين:

(أ) وجود 15 دراسة اسفرت نتائجها عن ان القادة كانوا أعلى في المكانة الاجتماعية والاقتصادية من مكانة التابعين لهم.

(ب) وجود دراستين اسفرت نتائجهما عن عدم وجود اختلافات بين القادة والتابعين فيما يتعلق بهذا العنصر.

ويجدر بنا ان نشير الى ان دراسات الفترة الثانية قد بلورة الى حد كبير الموقف تجاه ذلك العنصر، حيث اسفرت نتائج 19 دراسة منها عن وجود ارتباط ايجابي بين المركز الاجتماعي والاقتصادي والقيادة.

27 - المشاركة الاجتماعية، والميل للتغيير واتساع مجال التحرك الوظيفي والاجتماعي: وقد اسفرت نتائج 20 دراسة عن وجود ارتباط ايجابي بين القيادة والمشاركة الاجتماعية، وان القادة يشاركون في أنشطة اكثر من جماعة المرؤسين، ونفس النتائج اسفرت عنها 9 دراسات من الفترة الثانية، وأهمية هذا العنصر بالنسبة للقائد الإداري منطقية، فطبيعة العمل القيادي تستوجب مثل تلك المشاركة وهذا النشاط الاجتماعي. وكذلك الحال بالنسبة لكثرة الانتقالات الوظيفية والاجتماعية، وقد اسفرت نتائج 11 دراسة عن وجود ارتباط بين هذا العنصر وبين القيادة، منها 5 دراسات الفترة الاولى، و6 دراسات من دراسات الفترة الثانية من 1948 - 1970.

28 - الأنشطة ذات الطبيعة الاجتماعية:

(أ) اسفرت نتائج 6 دراسات على ان القادة كانوا أ:ثر إقبالاً ومشاركة في المباريات والانشطة الرياضية عن غير القادة.

(ب) اسفرت نتائج 9 دراسات عن ان القادة كانوا اكثر نشاط وحيوية من غير القادة.

(ج) اسفرت نتائج 3 دراسات عن ان القادة كانوا أكثر جرأة وإقداماً من غير القادة.

ويرى Stogdill ان الصعوبة بالنسبة لهذه الدراسات ونتائجها تكمن في التصنيف والتعريف الدقيق المحدد لكل عنصر من العناصر السابقة، حيث وجد ان هذه الدراسات تخلط بين مفاهيم تلك العناصر ومفاهيم بعض العناصر الأخرى[75].

29 - القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية: ويتميز هذا العنصر عن بقية العناصر الاخرى التي اسفرت عنها نتائج كل من الفترة الاولى - موضع التحليل - والفترة الثانية بأن تكرارات الدراسات التي اسفرت نتائجها عن ارتباطه ايجابياً بالقيادة تمثل اعلى تكرارات حصل عليها عنصر من العناصر حيث بلغ عدد دراسات الفترة الاولى التي اسفرت نتائجها عن ذلك 14 دراسة، وعدد دراسات الفترة الثانية 35 دراسة، كما يتميز هذا العنصر كذلك بارتفاع معدل الارتباط الايجابي بينه وبين القيادة، ولا شك ان هذه الاهمية التي لهذا العنصر أمر منطقي يستوجبه طبيعة النشاط القيادي القائم أصلاً على التفاعل الاجتماعي بين القائد والتابعين له.

30 - الالتزام بقواعد الأدب وأصول التعامل: وكان نصيب هذا العنصر من الدراسات 8 دراسات اسفرت نتائجها عن وجود ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة، وبالرغم من ذلك فان هذا العنصر لم يسلم هو الآخر من الاختلاف عليه، حيث تبين وجود دراستين: احداهما أسفرت نتائجها عن وجود ارتباط سلبي - وان كان ضعيفا - بين المجاملة ولطف الحديث والقيادة، واسفرت نتائج الاخرى عن وجود ارتباط ايجابي بين الوقاحة وسوء الأدب والقيادة[76].

ومما يجدر الاشارة اليه في هذا المجال ان نتائج احدى دراسات هذه الفترة موضع البحث قد اسفرت عن ان سوء السلوك لا يمثل عائقاً يحول بين الفرد السيء السلوك والقيادة، بل انها تقرر وجود ارتباط ايجابي بين السرقة والقيادة[77].

ولسنا هنا بصدد الانتصار لوجهة النظر هذه او تلك، او ترجيح تلك النتائج على غيرها من النتائج، ولكن الذي نود توضيحه من خلال هذا التحليل وتلك الملاحظات هو ان الانقسام وانتقال دراسات الفكر الاداري من النقيض الى النقيض الآخر يجعل الانسان المنصف اذا تحاكم الى نتائج تلك الدراسات يقف حائراً متحيراً لا يدري من امر حقيقة مقومات القيادة إلا النزر اليسير.

31 - الشهرة والشعبية: ان هذا العنصر برغم انه من بين العناصر التي سلمت من الاختلاف حول ارتباطها الايجابي بالقيادة حيث اسفرت نتائج 10 دراسات عن وجد ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة، وبالرغم من ذلك فان نتائج دراسات الفترة الثانية الـ163 لم تشر الى وجود مثل هذا الارتباط، وهذا يعني ان تلك الدراسات اما أنها تجاهلت ذلك العنصر كلية - ربما لعدم أهميته او لغير ذلك من الاسباب - واما أن نتائجها جاءت سلبية أو لم تسفر عن وجود مثل هذا الارتباط[78].

32 - القدرة على تنمية وتكثيف التعاون: وبالنسبة لهذا العنصر فقد اسفرت نتائج 7 دراسات عن وجود ارتباط ايجابي بينه وبين القيادة، وهذه بدهية منطقية، وقد اسفرت نتائج 3 دراسات من دراسات الفترة الثانية عن نفس الموقف، إذ كان الملاحظ هو انخفاض نسبة الدراسات التي اشارت الى وجود ارتباط بين هذا العنصر والقيادة، حيث بلغت 10 دراسات من بين 287 دراسة، وهي نسبة لا تتجاوز 5ر3% فقط من اجمالي دراسات الفترتين موضع البحث.

ويجدر بنا ان نشير في ختام هذا التحليل لموقف الفكر الاداري من نتائج دراسات هذه الفترة موضع البحث الى أمرين:

الامر الاول: ان هذا التباين والمواقف المتعارضة قد كان في معظم الحالات يقع بين قلة من الدراسات لها موقف معين تجاه عنصر من العناصر وكثرة من الدراسات لها موقف مخالف او متناقض - لموقف القلة - تجاه ذات العنصر، وهنا قد يظن البعض ان هذا الانقسام مرجعه لاخطاء او لخلل شاب هذه القلة من الدراسات، ولكن بالرجوع الى هذه الدراسات وحصرها بالنسبة لجميع هذه العناصر القيادية، نجد ان هذه المواقف المخالفة او المتناقضة مع موقف الغالبية، لم تقتصر على دراسات بعينها بالنسبة لكافة العناصر، وان الدراسات المعارضة لموقف الغالبية بالنسبة لعنصر معين ليست كذلك على طول الخط بالنسبة لبقية العناصر، بل كثيراً ما نجدها تقف في موقف الغالبية، وتأتي دراسات أخرى كانت تقف موقف الغالبية لعنصر معين لتقف في موقف الاقلية بالنسبة لعنصر آخر، وعلى ذلك فلا يمكن التعلل بوجود خلل في هذه الدراسات التي تقف مواقف متعارضة لمواقف غالبية الدراسات، ومن ثم القول باستبعادها ليستقيم موقف الفكر الاداري، ولينتفي هذا التباين والاختلاف في مواقفه إزاء العناصر والمقومات القيادية التي اسفرت عنها دراساته[79].

الامر الثاني: وجود 19 دراسة من دراسات الفترة موضع البحث أسفرت نتائجها عن ان معظم العناصر والمقومات القيادية تختلف وتتباين من موقف الى آخر[80]، ولا شك ان هذا يرجع الى أن هناك صعوبة تعترض الفكر الاداري في الوقوف على المقومات

والشروط الحقيقية للقيادة، أكثر مما يشير او ينتصر لنظرية من النظريات القيادية على حساب غيرها من النظريات، فالباحث يرى ان التحاكم الى النظرية الموقفية لا يحل المشكلة - مشكلة التعرف على القادة الحقيقيين ومقوماتهم القيادية - بل يتركها هلامية غير محددة المعالم، وكأن الفكر الاداري بعد ان اعياه البحث، يريد ان ينفض يده من هذا الموضوع بمثل هذا التصور الافتراضي، الذي يبرهن به على عجزه عن الإحاطة بالمقومات والشروط القيادية الحقيقية، ويريد من خلال النظرية الموقفية ان يقنن لعجزه هذا، وان يجعل من هذا العجز او القصور قاعدة أو قانوناً، كما ان الفكر الاداري المعاصر نفسه قد نحى - او تجاهل - الى حد كبير هذه النظرية، ولعل أحدث نظرياته تسير وفقاً لاطار المدخل المشترك، وذلك طبقاً لما سبق ان اشرنا اليه في الفصل الأول، ومعلوم لنا ان المدخل المشترك يرجع ظهور القائد الى شخصيته وسماته ومقوماته، كما يرجعها الى عوامل خارجية (موقفية)، وعلى ذلك فهو يعود بنا الى الموقف الاول، ويجعلنا نتساءل عن ماهية هذه المقومات والعناصر القيادية، والعناصر الموقفية الخارجية، ولعل الذي يشير الى هذا التجاهل للنظرية الموقفية، هو ذلك التزايد المضطرد في عدد دراسات الفكر الاداري المعاصر التي تستهدف الوقوف على هذه المقومات والشروط، فلا شك ان هذا التزايد يؤكد هذا الرفض للنظرية الموقفية، ويشير في ذات الوقت الى ان الفكر الاداري موقن بوجود المقومات والعناصر القيادية، لذا فهو يكثف من دراساته لعله يتمكن من الوقوف عليها، فهل نجح في هذا أم لا؟.

بالرجوع الى التحليل السابق لمواقف الفكر الاداري المعاصر إزاء أهم العناصر والمقومات القيادية التي اسفرت عنها هذه الدراسات الـ124 التي قام بها الفكر الاداري المعاصر خلال الفترة من 1904 - 1947، مع الاسترشاد احياناً بنتائج الدراسات الـ163 التي تمت خلال الفترة من 1948 - 1970، يتبين لنا من هذا التحليل ان العناصر القيادية التي اختلفت وتباينت إزاءها مواقف هذه الدراسات هي:

1 - العمر.

2 - الطول.

3 - الوزن.

4 - البيان او التركيب الجسمي.

5 - الصحة.

6 - البسالة الجسمانية والرياضية البدنية.

7 - الطاقة والنشاط.

8 - المظهر والزي.

9 - طلاقة الحديث.

10 - الذكاء.

11 - التفوق الدراسي - التعليمي.

12 - الانبساط - عدم الانطواء.

13 - الرغبة في الاستعلاء والتسيد على الآخرين.

14 - اعتدال المزاج والتفاؤل.

15 - الاتزان العاطفي والسيطرة على المشاعر.

16 - المركز الاجتماعي والاقتصادي.

17 - الالتزام بقواعد الادب واصول التعامل.

ولعل هذا يوضح لنا مدى نجاح او اخفاق الفكر الاداري المعاصر في الوقوف على المقومات والعناصر القيادية الحقيقية، حيث ان هذا يشير الى ان اكثر من نصف العناصر والمقومات القيادية التي أسفرت عنها دراسات الفترة موضع البحث (5ر51%) لم تسلم من الاختلاف والتباين والانقسام في مواقف الدراسات ازاء مدى ارتباطها بالقيادة، وكيف ان هذا الانقسام إزاء بعض هذه العناصر والمقومات قد وصل الى حد وقوف بعض هذه الدراسات في مواقف مناقضة لمواقف بعضها الآخر إزاء العنصر الواحد. ولعل ذلك يؤكد لنا الآن الى أي مدى كان Jennings صادقاً مع نفسه، ومع اقرانه من رجال الفكر الاداري المعاصر، ومع الحقيقة، حين قال ان نتائج خمسين عاماً من الدراسات قد اخفقت في تقديم سمة شخصية واحدة، او مجموعة من الصفات يمكن استخدامها في التمييز بين القادة وغير القادة[81].

ومن جماع التحليل والبيان السابق، يتضح لنا الى حد كبير وجود اختلاف وتباين حقيقي في مواقف الفكر الاداري المعاصر تجاه حقيقة العناصر والمقومات القيادية الواجب توافرها في القائد الاداري الرشيد.

والآن على ضوء ما سبق، وبعد ان انتهينا الى التثبت من وجود اختلاف وتباين في مواقف الفكر الاداري المعاصر تجاه حقيقة القيادة الادارية، وكذلك تجاه حقيقة مقوماتها وعناصرها القيادية، اصبح في الامكان المضي قدماً نحو التحقق من مدى صحة الفرض الاول الذي يرجع هذا الاختلاف والتباين في مواقف الفكر الاداري المعاصر تجاه حقيقة القيادة الادارية، وتجاه حقيقة مقوماتها وشروطها القيادية الى:

1 - قصور مناهج البحث المستخدمة.

2 - قصور عمليات القياس المستخدمة.

وسوف نخصص الفصل الثاني للتحقق من مدى صحة الشطر الاول من هذا الفرض ، حيث سيقتصر على تحليل وتقويم مدى صلاحية مناهج البحث المستخدمة في المجالات الاجتماعية والنفسية، ومن بينها ظاهرة القيادة الادارية، اما الفصل الثالث فسوف نخصصه للتحقق من مدى صحة الشطر الثاني من هذا الفرض حيث سنتناول من خلاله تحليل وتقويم مدى صلاحية عمليات القياس المستخدمة في المجالات الاجتماعية والنفسية.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] د. حامد عبدالسلام زهران، علم النفس الاجتماعي، القاهرة: عالم الكتب، 1977، ص 4، ص 270.

Koontz, Harold & Others, Principles of Management, N. Y: Mc Graw - Hill, 7th ed. , 1980, p. 664.

[2] Ibid., pp. 664 - 665.

[3] Jennings, E.E., An Anotomy of Leadership: Princes, Heroes, Superman, N. Y.: Harper, 1960, pp. 1-169.

[4] Gdlton, F., Hereditary Gineus, N. Y., Appleton, 1870, English Men of Science: Their Nature and Murture, N. Y., Pletonoentery, 1890.

[5] Woods., The Influence of Monarchs, N. Y.: Macmillon 1913.

[6] Jenninns E.E., po. cit.

[7] Ibid, pp. 32 - 69.

[8] Ibid, pp. 0 - 121.

[9] Ibid., pp. 122 - 146.

[10] Koontz, Herold & Others, op. cit. pp. 665.

[11] Koontz, Horold & others, op cit, pp. 665 - 666.

Ficher, Victor B. Effective Supervision, Columbus, Ohio: Charles E. Merrill publishing Company, 1965, pp. 1920.

[12] Tead, O., The Art of Leadership, N. Y: MaGraw - Hill, 1935.

[13] Kilian, Ray A., Manvoers Musi Lead, N. Y: American Managment Assiociations, 1979. pp. 16 - 37.

[14] Stogdill, R.M., op cit, pp. 35 - 82.

[15] Koontz, Harold & Others, op. cit., p. 665.

[16] Ibid, p. 665.

Jennings, E. E. The Anatomy of leadership, Managment of Personal Quarterly, 1961, Vol. I. No. 1, p. 2.

17 د. خميس السيد اسماعيل، القيادة الادارية مرجع سابق ص 45 - 46

[18] Stogdill, R.M., op. cit., p. 18.

[19] Koontz, H, & Others, op. cit., p. 666.

[20] Bogardus, E. S., Essentials of Social Psychology, Los Angeles, University of Southern California Press, 1918.

[21] Schneidr J., The Cultural Situation as a Condition for The Achievement of Fame, Amer Social, Review, 1937, p. 2 pp 480 - 491.

[22] Murphy, A. J., A Study of The Leadership Process, Amer social: Review, 1941. P. 6pp. 674 - 687.

[23] Stogdill, R. M. op. cit, P. 18.

[24] Person, H. S., Leadership as a Respones To Environment Educ.. No. 6., 1928. pp. 9 - 21.

[25] Stogdill, R. M., op. cit., pp. 18 - 23.

[26] Westburth, E. M., A point of View: Studies in Leadership, Soc> Psychology., P. 25, PP. 418 - 423.

[27] Case, C. M., Leadership and Conjunture Social, Soc Res. 1933, P. 17, pp. 510 - 513.

[28] Gerth H. & Mills C. W, A sociology Note on leadership in J. E Hulett & R. Stogher Probiems insocial Psychology. Utgana: University Of lllinois Press 1952.

[29] د. سيد خير الله (القيادة الادارية - مفهومها وانماطها. القاهرة: المعهد القومي للادارة العليا، 1968، ص 11.

[30] د. سيد خير الله، المرجع السابق، ص11.

31 Stogdill, R. M., op. cit pp. 22 - 23.

[32] Blau, P. M., Exchange and power in Social Life, N. Y., Willey, 1964.

[33] Jacobs, T. O., Leadership and Exchang in Formal organiztions, Alsxandria, VA: Human Resources Organization, 1961.

[34] Killian, R. A., op. cit, P. 14.

[35] د. محمد البهي، تحديد المفاهيم ااولاً، القاهرة مطبعة الازهر، بدون تاريخ ص3.

[36] المرجع السابق، ص 4.

[37] Stgdill, R.M., op. cit., p. 16.

[38] انظر: مرفق رقم 3: تعريفات القيادة من المراجع العربية.

مرفق رقم 4: تعريفات القيادة المستقاة من المراجع الاجنبية.

[39] د. زكي محمد هاشم، الجوانب السلوكية في الإدارة، القاهرة: دار الكتاب الجامعي، 1977، ص 244.

[40] Stogdill, R.M., op. cit, p. 7.

نقلاً عن: (Bernard, 1927).

[41] د. فتوح أبو العزم، القيادة، معهد الإدارة العامة، 1966، ص 21.

[42] Stogdill, R.M., op. cit, p. 13.

نقلاً عن: (Bellows, 1959).

[43] Ibid, p. 14.

نقلاً عن: (Gorden, 1955).

[44] د. حنفي محمود سليمان، إدارة الموارد البشرية، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الاسلامية، 1981، ص 210.

[45] Koontz, Harold and Other’s op., cit., pp. 661.

[46] Ready, R.K., op.cit., p. 90.

[47] Stogkill, R.M., op. cit., p. 13.

(Bellows, 1959).

[48] د. مصطفى صبحي الغيث، القيادة الإدارية في العصر الحديث، الاسكندرية: جامعة الاسكندرية، كلية الحقوق، 1981، ص 180.

[49] د. خميس السيد اسماعيل، القيادة الادارية، القاهرة: مكتبة صبري أبو علم، 1970، ص 37.

[50] Stogdill, R.M., op. cit., p. 11.

نقلاً عن: (Opeland 1948).

[51] Ibid, p. 12.

نقلاً عن (French, 1958).

[52] Ibid, p. 14.

نقلاً عن: (Gorden, 1955).

[53] سوف نتناول في الفصل التالي العديد من الدراسات التي انتهجت هذا المنهج في دراسة القيادة.

[54] Stogdill, R.M., op. cit, p. 16.

[55] Ibid., p. 16.

[56] Ibid., p. 16.

[57] Stogdill, R.M., op. cit., p. 14.

نقلاً عن: (Gorden, 1955).

[58] Ibid, p. 12.

نقلاً عن: (French, 1958).

[59] وهل هناك اكثر من أن تعريف القيادة يختلف لدى الواحد من رجال الفكر من فترة الى أخرى، ومن الأمثلة الدالة على ذلك تعريف Hemphill للقيادة والموضحة بالمرفق رقم 4 البند 15، 29.

[60] وهو المفهوم الذي بمقتضاه يتم تعريف الشيء بنقيضه، ولعل أستاذي الدكتور محمد حسن يس وهو الذي وجهني للأخذ بهذا النهج في تعريف القيادة قد استقاه أصلاً من النهج القرآني في أكثر من موضع، ومثال ذلك ما نلحظه في قول الحق سبحانه وتعالى في سورة (آل عمران، الآية 93) منها:

{كل الطعام كان حلاً لبني اسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه}.

[61] Stogdill, R.M., op. cit., pp. 35 - 91.

[62] Stogdill, R.M., op. cit., pp. 36 - 39.

[63] إن تقسيم الفترة من 1904 ـ 1970 الى فترتين: الأولى من 1904 ـ 1947، الثانية من 1948 ـ 1970 قد تم على أساس تحكمي، ولا يحمل أي دلالة سوى التفرقة بين دراسات ما بعد الحرب العالمية الثانية ودراسات ما قبل ذلك.

انظر:

Stogdill, op. cit., pp. 72 - 73.

[64] Stogdill, R.M., op. cit., pp. 74 - 75.

[65] Stogdill, R.M., op. cit, pp. 74 - 75.

[66] Sogdill, R.M., op. cit, pp. 74 - 75.

[67] Sogdill, R.M., op. cit, pp. 39 - 61.

ومما يجدر الاشارة اليه هنا أن البيان الاحصائي لـ Stogdill عن النتائج الإجمالية لدراسات كل من الفترتين موضوع البحث لم يشر الى نتائج بعض الدراسات التي تضمنها تحليله التفصيلي لنتائج الفترة الأولى، أنظر:

Ibid., pp. 74 - 75.

[68] Stogdill, R. M., op. cit., p. 41.

[69] Stogdill, R. M., op. cit., p. 42.

[70] Ibid., p. 43.

[71] Stogdill, R. M., op. cit., p. 48.

[72] Stogdill, R. M., op. cit., p. 50.

[73] انظر: الفصل السابع، سابعا: الاصطفاء، احد اشتراطات القائد الاداري الرشيد في الاسلام.

[74] Tead, Ordway, The Art of leadership, N. Y: Mc Graw - Hill Company, Inc, 1935.

[75] Stogdill, R. M., op. cit., p. 56.

[76] Stogdill, R. M., op. cit., p. 58.

[77] Stogdill, R. M., op. cit., p. 58.

[78] انظر ملاحظات Stogdill على نتائج دراسات الفترة من 1948 - 1970.

- Ibid, p. 73.

[79] لقد قمنا بحصر الدراسات التي اتخذت مواقف معارضة لمواقف الغالبية فتبين ان اجمالي تكراراتها هو 56 دراسة موزعة على 36 دراسة (اي 29% من اجمالي دراسات الفترة موضع البحث)

[80] Stogdill, R. M., op. cit., pp. 59 - 61.

[81] Koontz, Harold & others, op. cit., p. 665.
**********عن طريق القدس

ابو الامير غير متصل قديم 02-05-2003 , 12:59 AM    الرد مع إقتباس
moon_back moon_back غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,133
#2  

جزاك الله الف خير على الموضوع،،

بس ما تلاحظ انه طويل شوى :p

moon_back غير متصل قديم 04-05-2003 , 12:40 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.