صباح الخير.....
أخالفك الرأي أختي الفاضلة..
فها أنت قلتيها من أن بداية القصيدة النثرية كانت من ترجمة الشعر الغربي أي لا يمت للجذور العربية بصلة فلماذا بالله عليك نقحم هذا الشكل باسم الشعر العربي وما علا قة الشعر العربي الهوية بالشعر الغربي من حيث القواعد والخصائص ترى هل يعرف الغرب القصيدة العمودية هل وجدتهم يقسمون أشعارهم لبحور الشعر المعروفة عندنا من حيث العروض والوزن والقافية وترى لو وجد فيهم هذا أتظنينهم سيقبلونه باسم الشعر الغربي ...
اللهم لا أختي الكريمة....
نحن أمة عريقة في البلاغة اللغوية أختي الفاضلة ونحن أمة لها من سحر البيان وقوة المفردات ما تعجز عنه أمم الأرض قاطبة ولم تصل لغتنا ولن تصل الى الحد الذي ستحتاج فيه الى أن تأخذ فيه من الغرب نوع جديد من الشعر لكي ندخله في لغتنا الراقية...
وليس كل شئ كما لا يخفاك أيتها العزيزة يحتاج الى التطوير بل هناك من الأمور كلما عدت الى الوراء من الناحية التاريخية كان أرقى وأفضل ومنها ما نتكلم عنه وهو اللغة وبلاغتها من نثر أو شعر ترى والكلام أوجهه إليك ....
هل ترين القوة اللغوية في هذا العصر هي الأقوى أم ما سبقها من العصور السالفة ما أظن أحداً سيختلف في أن اللغة كانت أرقى وأقوى في تلك العهود من مثيلاتها في هذا العصر نعم قد تكون الكتابة النثرية في هذا العصر أفضل من العصور القديمة هذا أمر لا يجادل به أحد من حيث تشعب الموضوعات وطرق كثير من الكتاب النثريين لفنون لم تكن معروفة للأقدمين وحيث أن الفرد في هذا العصر أكثر اطلاعاً ولا شك من الأفراد في العهود الماضية....
هذا أنا لا أختلف معك فيه نعم الكتابة النثرية اليوم تعيش أرقى عصورها غير مدافع...
ولكن رغم ذلك هل القوة البلا غية وشمول المفردات لكتاب النثر اليوم هي أقوى من الماضي لا أختي الكريمة بل ترينهم يكتبون موضوعاتهم بشتى فنونها بما يشبه المعلقات من حيث الطول بما أجزم معه بأنه لو كان أحد الكتاب الأقدمين معاصراً لنا اليوم لأتى على كل ذلك بسطرين...
وخلاصة المقصد في هذه النقطة أنه ورغم أن كتاب النثر أرقى من الأقدمين في تنوع مو ضوعاتهم وسعة اطلاعهم وثقافتهم وطروقهم لفنون جديدة لم تكن معروفة من قبل إلا أنهم والحق يقال لا يجارونهم من حيث البلاغة والتمكن في اللغة...
أختي الكريمة
أما من حيث إدراج القصيدة النثرية في الشعر العربي على أنه نوع جديد من الشعر فهذا مما أخالفك فيه ولست وحدي في هذا الأمر هل لك أن تذكرين من هم الذين يرون تسمية القصيدة النثرية بالشعر أنا ما علمت أحداً من النقاد أو الأدباء ممن كان لهم وزن في العصر الحديث تجرأ وأطلق على القصيدة النثرية هذا الأسم بل الذي أعلمه أن نقاد العرب اجمعوا على أنه لا يصح تسمية القصيدة النثرية بالشعر هذا ما علمته...
كيف تكون قصيدة النثر نوع شعري نوع ماذا؟؟
نعم قد تكون نوع شعري غربي من حيث أنها استمدت من هناك لكن عربي اللهم غفراً على أي أساس صارت شعراً عربياً إن الشعر العربي له قواعد وأركان هل ينطبق هذا على القصيدة النثرية حتى نسميها شعراً بأمر من تم هذا؟؟؟
نحن ما عرفنا القصيدة النثرية الا في العصر الحديث وظل أجدانا طوال أكثر من ألف وخمسمئة سنة وهو عمر الشعر العربي بصورته المعروفة يعرفون الشعر بشكله المشهور هكذا بجرة قلم صارت القصيدة النثرية شعراً.....؟؟؟
لم أختي الكريمة لسحرها لبلا غتها لبيانها لقوة مفرداتها هذا لا يكفي لكي تكون شعراً كل هذه العناصر قد تتوفر في النثر في الخطب في المقالات بكل لغات أهل الأرض ترى هل نسمي هذا شعراً..؟؟
فكما ترين كل تلك العناصر السابقة قد تتواجد في شتى الموضوعات غير الشعر ما ميز الشعر العربي عنها إلا الوزن والقافية هذان هم ركناه الأساسيان إن نحن أسقطناهما فماذا بقي للشعر بعد هذا أختي الكريمة سيصير كغيره من الكلام ولصار كل الناس شعراء..
هل سمعتي أحداً من الأولين والآخرين عزيزتي سمى القرآن شعراً مثلاً
لا تقولين أختي الكريمة ما دخل هذا في الموضوع فالقرآن هو كلام الله ما علاقته فيما نحن بصدده...
فالقرآن كما لايخفاك نثر ليس بالشعر وبه خاطب الله سبحانه وتعالى أمة العرب بما يفهمونه وهو من جنس كلامهم .....
هل سموه شعراً فلو جمعتي كل قصائد النثر بشى اللغات ما وازت سطراً من القرآن ...
فإن كان القرآن لا يسمى شعراً ولا ينبغي أن يكون ترى هل يكون ما هو أدنى منه شعراً؟؟
لأنك لو قلتي أن القصيدة النثرية نوع شعري محتفظ بكل العناصر الشعرية عدا الوزن والقافية انطبق هذا الوصف على كتاب الله فهو يحوي كل تلك العناصر بل خير منها فهل يسمى شعراً؟؟
أو ليس القرآن أنزل بلسانٍ عربيٍ مبين؟؟
فهذا كلام غير صحيح أختي الكريمة وهو نوع تستغربه الفطرة العربية الأصيلة ولا تقبله...
نأخذ فناً من الغرب ثم نريد أن ندخله قسراً في الشعر العربي بدعوى أنه حوى كل العناصر الشعرية ما عدا الوزن والقافية وهل الشعر العربي الا الوزن والقافيه أما ما عداه من قوة التشبية وسحر البلاغة وجمال الكلمة فهذا أمر يستوي فيه ناظم الناس وناثرهم فإن نحن أسقطنا ذانك الركنان هوى الشعر وصار كما قلت كلام من كلام الناس في شتى مجالسهم...
أما ضعف الشعر في هذا العصر فليس هو من ذنب الشعر العربي بل هو برئٌ منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب كما يقال هذا أمر يعود لضعف اللغة وافتتان الناس بالغرب وقلة اطلاع الشعراء ومجاراتهم لواقع الحياة وحملهم هموم أمتهم...
وأسباب ضعف الشعر العربي هو أمر يحتاج لموضوع مستقل لوحده ولا دخل فيه للوزن والقافية من قريب أو بعيد فالقصور من الشاعر لا من الشعر وكما قيل المرء يعجز لا المحالة...
أما الكسور والعلل أختي الكريمة فليس هذا سبباً أن نهجر الشعر العربي ونلجأ الى نوع جديد لأن هذا هروب من الشاعر مما لا يحسنه فالعيب إذن منه وهو بعد أمر لا يسلم منه أحد ...
فإن كنت لا تعلمين حتى المتنبي وهو من هو في الشعر العربي كان ديوانه مليئاً بمثل هذه الأخطاء وعيب عليه كثيراً الخروج عن أوزان العرب في شعرهم ومخالفة التفعيلة وعلم العروض الذي وضعة الخليل بن أحمد...
لكن هذا لم يقدح في شاعريته ولم يمنع شعره أن يطبق الآفاق نعم سيخطئ الشاعر وسيخطئ من هذا الباب لأنه أولا بشر ولضعف اللغة ثانياً ماذا في ذلك .....
فالتطوير والتجديد لا يعني أن تهدم أركان البيت بل أن تبني فوقه أما أن نخرج عن المألوف ونسلخ الشعر تماماً فلا أرى في ذلك أي تطوير بل هو معول هدم وتخريب...
فالتطوير والتجديد أختي الكريمة إنما يكون في الموضوع في الأسلوب لا في الأركان والقواعد...
وهذا ما دأب عليه شعراء العرب أليس أبو نواس طور الشعر العربي وأدخل عليه فنون جديدة وخالف القوم في بكائهم على الأطلال لأن ذلك كان سابقاً في عصر البداوة لا يتناسب مع الحضارة المدنية في عصره لكنه لم يشذ عن وحدة القصيدة العربية...
أليس أبو تمام طور في الشعر العربي حتى أتهم في عصره بالغموض وخروجه عن ما ألفه العرب بإدخاله البديع على نهج أستاذه مسلم بن الوليد وإدراجه للشعر الفلسفي في القصيدة العربية وتبعه في ذلك المتنبي والمعري؟؟......لكنهم لم يشذوا عن وحدة القصيدة العربية باسم التطوير والتجديد
أليس المتنبي طور في الشعر العربي وأبدع في التغزل بالممدوح على نسج لم يعرفه العرب من قبل وغزلة في القتال ووصفه للمعارك لكنه لم يشذ عن وحدة القصيدة العربية...
هؤلاء غيض من فيض ممن خرجوا عن السابق وخلقوا هوية جديدة ونجحوا في ذلك وهاهي أعماهم بقيت قروناً بعد موتهم تشهد بحسن بلائهم...
لكنهم لم يهدموا البيت من أركانه بدعوى التجديد والتطوير ونحن هنا لا نزعم أن الكتابة النثرية سهلة ولا الشعر العمودي سهل هو الآخر فكلٌ له أهله وأعود وأكرر نحن هنا لا ننعى على من يريد أن يكتب ما يسميه بالقصيدة النثرية لا فليكتب ما يشاء فهو كما نقول نوع من الفنون الأدبية لا ننكره عليه إنما أنكرنا عليه زعمه بأنها شعر عربي جديد...
وكما قلت أختي الكريمة الشعر ليس حكراً على العرب وحدهم فكل أمم الأرض لها أشكالها الشعريه فكما أنه لا ينبغي لنا أن نلزمهم بالوزن والقافية على أساس أنه هذا الشعر عندنا فكذلك هم لا يلزمونا بهدمها بالكتابة الحرة على أساس أن هذا هو الشعر عندهم
أما قولك أنه ليس لزاماً علينا أن نتبع تعريفات الآخرين فهو أمر غريب جداً فهل نتبع تعريفات الغربيين اذاً؟؟ هذا يعتمد على من هم الآخرين فإن كانوا من أئمة اللغة والأدب كالأصمعي وخلف الأحمر والفراهيدي والثعالبي فترى من نتبع اذاً إن لم نتبعهم كفاهم فخراً أنهم حفظوا لغتنا وأدبنا وهويتنا الشعرية من أذى العابثين هذا أمر لا نقبله البتة ترى هل أتبع من ينادون بهذا النوع الجديد من الشعر زعموا بشكله الغربي الذي أخذوه منهم فعلى أي أساس هل هم أئمة اللغة أم أولئك أم أن الأمة العربية سلمتهم مقاليد أمورها الأدبية...
أم هو كما يقال خالف تعرف...
لا أختي الكريمة هذا أمر غير مقبول وهو جد غريب بأن نهمش فحول علماء اللغة والأدب بدعوى أنه لا يلزمنا أن نفصل أذواقنا الشعرية حسب تقييمهم فهم ما ألزموا أحداً أن يفصل حسب رأيهم ولا نحن نطلب منهم هذا ولكي نخالف رجلاً بلغ الغاية في اللغة والأدب فيجب أن تأتي هذه المخالفة كما لا يخفاك من رجل هو صنو له حتى يرى في أمر هذه المخالفة أما أن يأتي رجل من الأقزام من ذوي الأقلام وهو لا في العير ولا في النفير لكي يقول نحن نخالف الشعراء السابقين ونخالف العالم الفلاني ونرى كذا وكذا فهو أمرٌ مردودٌ في وجهه ومن هو لا أم له حتى يخالف وهو لا يجاريه لا علماً ولا أدباً ولا لغةً ولا فضلا...
أظنك ترين معي أن مثل هذه المخالفة لا وزن لها لا من الناحية العلمية ولا من الناحية الأدبية خصوصاً إن كان بينهم مثل هذا البون الشاسع في الإحاطة باللغة...
أختي الفاضلة
لا تظنين أني أعنيك أنت بهذا الكلام أو أني أشن عليك حملة شرسة معاذ الله من ذلك إنما حديثي هم لمن ينطبق عليهم هذا الكلام ممن زعموا بأنهم قتحوا فتحاً مبيناً في اللغة العربية...
وختاماً....
أعود لأكرر أعجابي بقلمك المتميز وعظيم شكري وامتناني لطرحك القيم وأرجو أن تمتعينا بالمزيد والمزيد من مثل هذه الأطروحات الجميلة ولا عليك من تجاهل كثير من الأعضاء وهو أمر يؤسف له ولكن نحن معك على الدوام إن شاء الله ....
وأعتذر إن بدرت مني إساءة غير مقصودة لا سمح الله وتذكري أن اختلاف الرأي لا يفسد للود القضية
ثم أن الأخت العزيزة هند توافقني فيما ذكرته وكما لا يخفى عليك هي مشرفة على القسم الأدبي ألا يكفيك موافقتها لي مما يعطيني ميزة تفوق
أم ستجرين عليك متاعب مخالفة المشرفين مما أخشى أن تصيبك منه دائرة;)
مع فائق التقدير والإحترام
أخوك/ابن الرومي.