العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > سـوالــف إســلامــيـة > ثورة الزنج في الإسلام لم تكن إصلاحية
المشاركة في الموضوع
AhMaD_1 AhMaD_1 غير متصل    
عضو جديد  
المشاركات: 14
#1  
ثورة الزنج في الإسلام لم تكن إصلاحية
[CENTER]ثورة الزنج في الإسلام لم تكن إصلاحية
د. عبدالله بن مرعي بن محفوظ[/CENTER]

هذا العمل الأمني يدعونا لأن ندين بأعلى صوت لدينا كل من قام بالاعتداء على الأبرياء على مر العصور بالقتل أو الترهيب أو التفجير، مهما كان دافعه ومهما سرد من مبررات.
لابد لكل قارئ للتاريخ أن يتزود بقدر كافٍ من المعرفة مع أدوات التحليل السياسي ليتفادى محاولات تزييف الوعي التي يمارسها المستشرقون لتمويه دوافعهم الحقيقية في نقد التاريخ الإسلامي، وإظهار حركات التمرد بأنها تنطوي على أهداف اجتماعية أو دعاوى إنسانية، مثل ثورة (العبيد) التي حظيت باهتمام المؤرخين المستشرقين بالتاريخ الإسلامي في العهد العباسي، والتي سجلها المؤرخ (Noldeke Theodor) في عام 1892 ميلادي، وظلت نظريته سائدة تاريخيًا من غير أن يعاد النظر فيها، إلى أن قامت الدكتورة فايزة إسماعيل أكبر من جامعة الملك عبدالعزيز، ببحث تاريخي يوضح جوانب هامة أغفلتها قراءة المستشرق (Noldeke)، والتي أكدت بالوقائع التاريخية أن مؤسسها عربي جنَّد الزنوج والعبيد السود المملوكين لفكره، ثم وضحت بأنها حركة غير إصلاحية من الأساس، وقالت للأسف أغلب مؤلفات العرب التاريخية أو المستشرقين يأخذون بفكرة نولدكه، والذين حملت كتبهم الأسماء التالية وهي: ثورة العبيد في العراق، أو ثورة العبيد في الإسلام، أو ثورة العبيد الإفريقيين.
وهنا لا يمكن تجاهل جهود المؤرخين بالتعريف بثورة العبيد وتقديمها في أبحاث علمية رصينة، ولكن التوضيح الأدق هو أن (قائدها) ومؤسسها علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، كما ذكر الطبري في مؤلفه (تاريخ الأمم والملوك) بأنها حركة تمرد في عهد الخلافة العباسية لقائد عربي استخدم الزنوج المرتزقة والعبيد المملوكين، وعرفت بعد ذلك تاريخيًا بهذا الاسم.
ثورة الزنج كانت من أخطر الثورات التي شهدها العصر العباسي بل ومن أبرزها، فقد هزت وبعنف أسس الدولة العباسية أكثر من 14 عامًا، إذ بدأت منذ عهد الخليفة المهتدي سنة 255هـ وازداد خطرها في عهد الخليفة المعتمد (256-279) وكان زعيم هذه الثورة العربي (علي)، وهو معلم للخط والنحو والفلك في سامراء، أعلن التمرد في عام 248هـ على الخلافة العباسية، وانطلق من (الردم) في البحرين وفشل في أول معركة عسكرية بينه وبين جنود الخلافة العباسية، ثم حاول من مدينة (برنجل) في دراسة أحوال سكان منطقة جنوب العراق لضمهم إلى حركته، فالتفت حوله جموع غفيرة من سكان المنطقة وفي مقدمتهم الزنوج والعبيد الذين كانوا يعملون في الأسباخ.
واستطاع علي بن محمد المعروف باسم (صاحب الزنج) بين عامي (255هـ - 261هـ) أن يسيطر على البصرة وما حولها ثم امتد نفوذه إلى الأهواز وعبدان وكانت منطقة جنوب العراق أرضًا خصبة لحركات التمرد، وشهدت فيها أحداث انتفاضة متعددة، لأنها منطقة (عشوائية) ملأى بالمستنقعات وغابات النخيل حيث الملاحة النهرية الصعبة، ولكن لم تستمر انتصارات محمد علي قائد الزنوج بعد أن تسلم القائد (الموفق) عام 261هـ -وهو أخو الخليفة المعتمد- قيادة الجيوش العباسية، حيث أبدى الموفق بطولات مجيدة في حروبه مع صاحب الزنج، ودارت معارك عنيفة انتهت باحتلال المختارة عاصمة علي بن محمد وقتله سنة 270هـ وانتهاء ثورة علي بن محمد والتي عرفت بثورة الزنوج.
كذلك وضحت الدكتورة فايزة تصحيحًا لما كتبه المستشرق (نولدكه)، فلم تكن هذه أولى حركات التمرد للزنوج التي عُرفت بثورة العبيد، بل كانت الأولى في العصر الأموي في الفترة التي تولى فيها مصعب بن الزبير ولاية البصرة وأخمدها، ثم ثار عناصرها مرة أخرى سنة (75هـ) في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي على البصرة وكانوا أكثر تنظيمًا، وزعيمهم كان رباح الإفريقي ولقب بـ(شيرزنجي) أي أسد العبيد وقد استطاع شيرزنجي أن يمد سلطته لتشمل منطقة الفرات، بدعم الإفريقيين وجماعات من الرقيق السود الذين اتصفوا بقوة البنية، والذين جلبهم التجار المسلمون بأعداد كبيرة إلى البصرة، حيث كان من بين السلع التجارية تجارة الرقيق، إلا أن الحجاج بمساعدة الأهالي تمكن من إنزال الهزيمة بهم وقتل قائدها، ولم تقم لهم قائمة حتى قيام ثورة محمد علي، الذي أدرك حاجتهم لتغيير الوضع المعيشي بعد أن مكث زمنًا يتجول في سهول البصرة يدرس أحوال هؤلاء الزنوج فاستغل ذلك أحسن استغلال ونجح في استقطابهم إلى حركته، وكان أول زنجي من غلمان الشورجيين الذي انضم إلى ثورة علي بن محمد سنة 255هـ هو ريحان بن صالح الذي أصبح فيما بعد من أكثر المقربين إليه، ثم انضم إليه شبل بن سالم الإفريقي ومعه العبيد والشورجيون والداباسيون الزنوج، ولهذا السبب سميت بثورة العبيد ولهذا السبب أيضًا أطلق عليها البعض اسم ثورة العبيد في الإسلام أو ثورة العبيد الإفريقيين، وعلى الرغم من أن الغالبية الساحقة من المتمردين الذين انضموا إلى ثورة علي بن محمد كانوا من العبيد، إلا أن الثابت تاريخيًا أنها حركة تمرد على الحكم، ولم تكن تسعى للإصلاح أو لتحرير العبيد من الرق والعبودية أو من الفقر وسوء العيش.
ختامًا التاريخ يعيد نفسه مرة بعد أخرى في تمرد عناصر الفئة الضالة، فقد أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على 520 فردًا من إحدى الخلايا الخمس هذا العام، وهذا العمل الأمني يدعونا لأن ندين بأعلى صوت لدينا كل من قام بالاعتداء على الأبرياء على مر العصور بالقتل أو الترهيب أو التفجير، مهما كان دافعه ومهما سرد من مبررات، آن الأوان لنأخذ موقفًا حاسمًا وواضحًا من موضوع الفئة الضالة، ونقول للذين يروجون للعنف بدعوى التكفير أو الإصلاح أو الجهاد أو تطبيق الشريعة أو غيرها من المبررات، إن قيمة الحياة التي نسوها تحت وطأة مطامعهم، تكمن في الأمان والاطمئنان التي هي حاجة المجتمع الأصلية لتحقيق الإصلاح، ومن الآن فصاعدًا لا مساومة مع الفئة الضالة.
* نقلاً عن صحيفة "المدينة" السعودية.

AhMaD_1 غير متصل قديم 03-08-2008 , 05:40 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.