سبق أن ذكرنا قصة دويدة أو ( دويدة أم الزبان ) وكنت أعجب في هذه القصة من تصرفات الحصان أو الفرس مع دويدة وما سببها حتى وجدت بحث كتبه أبو أوس إبراهيم الشمسان الآستاذ في كلية الآداب بجامعة الملك سعود على هذا الرابط :
http://www.aboaws.com/MALAFAAT/HIKAYATMINNAJD.doc
عن الحكايات الشعبية في نجد ذكر من ضمنها قصة دويدة وروى في بحثه السالف الذكر رواية أخرى منتشرة في نجد تذكر أن للقصة مقدمة قد تبين هذا الأضطراب الذي تبدأ به القصة !
ودويدة هي بطلة قصة مشهورة من القصص الشعبية في نجد والحجاز ، وتتشابه هذه القصة في نهايتها بقصة السندريلا .
والقصة تحكي قصة فتاة وجاريتها وأخيها وفرس لأخيها وكان هذا الفرس متجنس ( أي جني في شكل حصان ) وكان هذا الفرس كلما رأى دويدة صهل وجن جنونه حتى أنه قام أخيها ( يسميه عبد الكريم الجهيمان خضير ، بينما في بعض الروايات أن الحصان يعرف بهذا الاسم وسنذكر ذلك بعد قليل ) بسكان أخته أعلى منزله المسقف ومنع عنها جميع الادوات الصلبة حتى عظام الأكل .
حتى طلبت من جاريتها أن تعطيها العظم لاشتيقها له وبعد أن تحاول كسر عظمة من العظام بالسقف ينهار جزء منه فيشاهدها هذا الفرس المتجنس فيجن جنونه فيكون ذلك سبب في أن يأمر الأخت بالمقادرة مع جاريتها ويطارد ذلك الفرس دويدة وجارتها حتى يقترب منهم ولا يعصمها إلا شجرة ترتقيها هي وجاريتها ويحاول الفرس الوصول إليهما ولا يتمكنان من الخلاص منه إلا بمقص ترميه دويده عليه فيبتلعه الفرس ويموت بسبب ذلك .
ثم تسير دويدة وجاريتها حتى تجدان ناراً فترسل دويدة جاريتها وعندما تصل إلى النار إذا بها ناراً لرجل أكل للحوم البشر ( غول ) فيذبحها ويعلقها ولما تاخرت جارية دويدة تذهب دويدة إلى النار فترى ما حدث لها كما يعجب الرجل بدويدة وجمالها فتحتال عليه حتى تلقي به في التنور .
ثم تلبس رداء جاريتها وتسود وجهها حتى تصل إلى منزل كبير أو قصر للسلطان وتعيش خادمة في ذلك القصر وتعامل على أنها خادمة ، حتى يأتي مناسبة أو حفل أو عرس ويذهب جميع النساء للعرس ويدعون دويدة فتمتنع ، وبعد رحيلهم تلبس أجمال ملابسها وتتزين بمجوهراتها وتذهب إلى العرس فتبهر الجميع بجمالها ورقصها وتصبح جميلة الحفل ثم تقادر باكراً من الحفل ( العرس ) فتصبح حديث البلدة والمدينة بجمالها مما تثير إعجاب ابن السلطان أو ابن صاحب المنزل الكبير ( تختلف هذه حسب الرواية ) .
ثم يحدث عرس أو حفل أخر فتذهب دويدة ويعجب بها من بالحفل ويترصدها ابن السلطان أو هذا الفتى المعجب عند خروجها غير أنها تفلت منه بعد أن سحبت خاتم يده .
ثم تجد دويده نفسها في ورطة مع هذا الخاتم وترغب في التخلص منه فتتحين الفرصة وتضعه في عجينة القرصان ( تختلف هذا القصة في إعادة الخاتم فالبعض يقول أنها تعيده وهي تصنع الفطير مع أم صاحبة المنزل ، والبعض يقول أن السلطان أمر بأن يصنع نساء شعبه فطائر ويرسل وعاء لك النسوة مسجل اسمهن عليه بطريقة سرية فتضع دويدة الخاتم في العجين فيتعرف عليه ) وعندما يجد الفتى الخاتم يعلم أن دويدة هي صاحبة الحفل فيتزوج منها ..
وقد ذكر عبد الكريم الجهيمان هذه القصة في كتابه ( أساطير شعبية ) في قصة ( حصان أخوي أخيضر ) [ ج 1 ص 17 ] غير أن نهاية القصة تختلف اختلاف كثير في نهايتها مع ما ذكرناه هنا ، فالجهيمان يذكر أنه وبعد أن تخصت دويدة من ذلك الرجل المستوحش سارت حتى وصلت إلى بستان كبير ووجدت بعض الطعام في طبق فأكلته ثم نامت في مكان أخر ، وكان هذا الطعام قد جهز من الخادم لصاحب البسات فعجب صاحب البستان من هذا وتكرر المشهد عدة مرات حتى كمن البستاني في مكان وهو يراقب ما يحدث فيرى دويده فيغرب بها ويطلب الزواج منها فتقبل به ويتزوجا ..
والجهيمان لا يسمى بطل القصة بدويدة بل يسميها ( بجوزاء ) كما يذكر الجهيمان قصة ( دويد أم الذبان ) ج2 ص 363 من كتابه سالف الذكر وتحكي القصة قصة فتاة وابن عمها تربيا معاً وكانت الفتاه في طفولتها ذات رائحة نتنه غير نظيفة حتى تسمى ( بدويد أم الذبان ) وتكبر دويدة وابن عمها ويتوفى والد دويدة وتتزوج دويدة من رجل أخر فتسكن دويدة في منزل عمها ويرغب والدي الفتى في تزويجه من دويدة غير أن الصورة التي علقت برأسه عن دويد لم تزل مترسخه في رأسه فيرفض ذلك بل ويعيرها بدويد أم الذبان ، مما يجعل والد الفتى والفتاة يقبلون خطبة دويد لأي خاطب ولو غريب .
ويتم ذلك ويخطبها رجل غريب ، وفي يوم من الأيام يرى ابن عم دويد صدفة ويعجب بجمالها الأخذ ويسال عنها فيقال له أنها دويد ابنة عمه فيندم أشد الندم على ما فاته ويتزوج الغريب دويد ويرحل بها ويكون صاحبهم ابن عم دويد وفي سفرهم وقد عشق ابن عم دويد دويد يوذكر ابيات يسجل فيها آلامه وحرقته على زواج ابنة عمه ويلمح لزوجها الغريب عن حبه لدويد فيكون ذلك سببا لتعاطف الغريب مع ابن عم دويد فيطلقها ويتزوجها ابن عمها . وتنتهي القصة .
بينما يروي أبو أوس إبراهيم بن الشمسان في كتابه حكايات من نجد ( كتاب إلكتروني ) قصة دويدة التي ذكرتها -وإن اختلفت بعض التفاصيل وخاصة في بداية القصة حيث يذكر أن اسم الحصان ( خضير ) وإن كان له عدة محاولات للظفر بدويده - ويسميها بـ ( دويده أم الذبان ) رغم أنه يذكر أن معنى دويد (( ومعنى دويدة أي ذات الرائحة النتنة فالشيء المدود الذي فاحت رائحته الخبيثة وهو في الأصل مأخوذ من الجلد المنتن الذي أكله الدود أما (الذبان) فجمع ذباب )) !
وقد ذكرنا كل هذا من قبل ولم نبقى إلا أن نذكر مقدمة القصة والتي تجلو الأضطلااب عن القصة في مقدمتها يقول أبو أوس إبراهيم بن الشمسان : ((تقول الحكاية: "سبحان الله العظيم سبحان المعتلي مكانه، يقولون هاك البنت اللي(التي) بلغ من جمال وجهها وطول شعرها واعتدال قوامها أنها كانت تفتن كل من يراها، حتى إن كائنًا خرافيًّا يسمى (خضيّر) هام بها حبًّا، وكان من شأنه أنه يتحول بأشكال مختلفة ليلازمها، ولكنها كانت تفلح كلَّ مرة في التخلص منه. يقال إنه سمع عن رغبتها في خواتم فطلب من صاحب له أن يتولى بيعه عند تحوله إلى خواتم إلى أخ الفتاة، وهكذا فرحت الفتاة بالخواتم اللماعة ولبستها، ولكنها ما لبثت تحس حكة في أصابعها أزعجتها أيما إزعاج فرمت بها إلى أخيها ليبيعها بأرخص الأثمان. وحين أقبل الحج خرج أخوها يطلب جملاً قويًا يحمل أخته عليه إلى مكة فسمع من ينادي ويقول: (من يشتري البعير بملى اذنه شعير) فتزاحم القوم حوله كل يدفعه الطمع ليفوز بهذا البعير الرخيص. ولكن أحدًا من الناس لم يستطع الفوز به فهو يوالي ملء الأذن بالشعير وهي لا تمتلئ وتتابع الرجال واحدًا بعد واحد حتى استيأسوا وتفرقوا عنه وحسبوه لغزًا عصي الحلّ وكاد أخو الفتاة تنصرف عنه لمّا رأى صنيع القوم لولا نظرة تشجيع من البائع فأقدم وحاول أن يملأ أذن البعير بالشعير فامتلأت وفاز ببعير رخيص قوي ومضى به إلى أخته. وكان يوم الرحيل إلى مكة وزمت الحمول وشدت الرواحل واعتلت الفتاة ظهر (عليّان) وهو الاسم الذي أطلقته على جملها ومشى بها مع القوم وفي ظاهر البلدة وقفت القافلة لتسقي الرواحل قبل المضي في الصحراء وارتوت الرواحل وهموا بالمسير غير أن الفتاة تستمهلهم ليرتوي علينان الذي يعب من الماء ولا يكتفي حتى ضج الناس فقالوا سنتقدم وأنت كوني في ساقتنا بعد أن يروى عليان، ولما غابت القافلة عن الأنظار تكلم عليان وقال لها ما لك مفرّ إن نزلت من رجلي اليمنى أو اليسرى صقلتك (رفستك) وإن نزلت من إيدي اليمنى أو اليسرى خبطتك وإن نزلت من رقبتي عضيتك. ما لك إلا إنك تزوجيني أو آكلك، فاختاري. أرتج على الفتاة وتحيرت في أمرها ولم تنبس ببنت شفه من خوفها وهلعها. وفي هذه الأثناء بصر بها أبا الحصين (الثعلب) وأدرك ما هي فيه من همّ وغمّ فقال لها: أساعدك ولي حقّ؟ (مكافأة)، قالت: لك ما تريد. فأخذ الثعلب يدلي ذيله في الماء ويرفعه وهو يغني فأدهش فعله عليان وأدام مراقبته وأشر الثعلب لها أن تنفخ قربة وترفعها فوق السنام ليكون لها ظل يخدع عليان، وهكذا فعلت وانسلت بهدوء وهو مشغول بمراقبة الثعلب. وبعد أن اطمأن الثعلب أنّ الفتاة بلغت مأمنها قال لعليان: وين(أين) صاحبتك؟ قال: فوق اظهري (ظهري)، ثم التفت وحرك جسده وفطن إلى الخدعة أما الثعلب فانتهز فرصة انشغاله وهرب إلى الفتاة ليطالب بحقه. وعاد الأخ إلى أخته التي أبلغته بخبرها وبخلوصها من شرّ ذلك المخلوق. ولما كان أخوها في السوق ذات يوم رأى حصانًا بريًّا نشيطًا فأعجبه فاشتراه وأسرع به إلى أخته ليكون عوضًا من ذلك البعير، وربطه في بيته وسافر في طلب الرزق على أن يعود لعسفه (ترويضه) وإعداده للركوب. أما الحصان فلم يكن سوى (خضيّر) بصورة حصان. وكان لا يفتأ يحاول الانفلات من أسره لينقض عليها فقد غضب منها وهددها بأن يلتهمها. فما كان منها إلا أن أمرت عبدتها بخفية أن تجمع ما خف من ثيابها وزينتها وهربتا. فلما علم بأمر هربهما لاحقهما وهما هائمتان في الصحراء وكانت الفتاة على يقين أنه ملاحقها .. )) إلى أخر القصة على الرابط السابق ..