** حوار مع الداعية عمرو خالد ......... جديد **
لم تجف بئر أفكار عمرو خالد بعد, ولم تمر مبادرته في الدنمارك منذ مايقرب من عام مرور الكرام, فقد ظلت كلمة التعايش تتكرر علي لسانه, وهي مجرد دعوة نادي بها المسلمون في الدنمارك, إلا أن دعوة عمرو خالد أخذت نطاقا أكبر, فهو يحاول الآن ترجمة التعايش وتحويله من كلمة في خطبة إلي سلوك فعلي, ليصل بها إلي الغرب.. لذا سألنا عمرو خالد عن دعوة للتعايش وأجابنا من خلال الحوار التالي...
=== أعلنت مؤخرا عن برنامجك الجديد دعوة للتعايش .. فما هو جديد البرنامج؟ وماهي أهدافك من خلاله؟
فكرة برنامج دعوة للتعايش هي الدعوة إلي الحوار المتبادل والانفتاح علي الآخر وكذلك ترجمة مفهوم التعايش عمليا والذي طالما تحدثنا عنه, وذلك من خلال قبول الآخر بدءا من التعايش بين أفراد الأسرة مرورا بالطوائف الإسلامية وصولا إلي الغرب.
كما أن هدفي ونيتي أيضا حقن الدماء في العراق ولبنان ودارفور, فالآخر كل من نتعامل معه ولايقصد به الغرب فقط بالإضافة إلي احترام الإسلام في الغرب وهو يساعد المسلمين علي الاندماج الإيجابي في الغرب وعدم انغلاقهم علي أنفسهم.
=== قمت في الفترة الأخيرة بالتعامل مع أكثر من قناة فضائية بعضها غير دينية, فهل ستكرر التجربة مع برنامجك الجديد؟
نعم, والهدف نشر الفكرة علي أكثر من مستوي من خلال أكثر من قناة عربية وأوروبية في آن واحد.. وذلك لتكوين اكبر شريحة جماهيرية ممكنة للتفاعل مع البرنامج.
=== ولماذا قررت دبلجة البرنامج لأكثر من لغة؟ وكيف سيضيف ذلك للبرنامج ولفكرة التعايش؟
في كل مرة كنت أقدم البرنامج باللغة العربية, مع محاولات من البعض بترجمة الحلقات, ولكن الآن قررنا أن نقدم البرنامج بأكثر من لغة عن طريق دبلجة الحلقات إلي أربع لغات هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأسبانية وسيتم عرض تلك الحلقات في عدد كبير من القنوات العربية والأوروبية في آن واحد, وذلك نظرا لطبيعة البرنامج وفكرته والهدف منه, فهدف البرنامج هو التعايش, لذا فنحن لانخاطب أنفسنا فحسب, ولكننا نخاطب الآخر أيضا, لذا علينا أن نصل إليه بلغته.
والهدف من دبلجة البرامج التليفزيونية القادمة وعرضها في القنوات الأوروبية هو الوصول إلي أكبر شريحة من الغربيين وكسب تعاطفهم مع قضايا المسلمين وتعريفهم بسماحة وإنسانية الدين الإسلامي وإزالة تصوراتهم السلبية عنه.
=== تعرضت لهجوم حاد أثناء مؤتمر الدنمارك وذلك بعد نشر الصور
الكاريكاتيرية المسيئة للنبي الكريم صلي الله عليه وسلم, فهل كان ذلك بمثابة نقطة تحول في توجهاتك؟
تجربة مخاطبة الآخر ومبادرة الحوار التي قمت بها مع مجموعة من العلماء والدعاة والشباب شكلت نقطة تحول في المحتوي والهدف الذي أقوم بتقديمه, فمن خلال احتكاكنا بالغرب وجدنا إشكالية حضارية بين مفهومين أساسيين بين المسلمين والغرب, وهي السبب الرئيسي في الصراع بين الطرفين, حيث إن الغرب يحترم ويقدس مفهوم الحرية, وكذلك للمسلمين مفهوم آخر يحترم المقدسات والرموز والتعاليم الدينية, لذا فالحضارة الغربية وحضارة المسلمين تحتاج أن تلتقي علي مجموعة من المفاهيم, حيث إن الغرب يجهل القدسية الدينية لدي المسلمين غير أن المسلمين غير قادرين علي استيعاب فكرة الحرية لدي الغرب, لذلك فالطرفان في حاجة إلي التواصل.
=== من خلال فكرة التعايش يصبح من الضروري التعرض لبعض القضايا السياسية والطائفية... فهل مازلت متمسكا بمبدأ لا للسياسة؟
أعلم أن الدعوة إلي التعايش قد تثير حساسية خاصة, نظرا لأن مفهوم التعايش قد يتعرض لبعض الأوضاع السياسية والمفاهيم المتضاربة بين الطوائف الإسلامية, إلا أنني لن أتناول قضايا سياسية بشكل مباشر.. ولكن سأقدمها من خلال رؤية دينية واجتماعية.
=== ولمن إذن ستوجه دعوتك للتعايش؟
دعوة للتعايش سوف يخاطب المسلمين في الدول العربية والغربية, وسيخاطب الأقليات المسلمة في الغرب أيضا, فبحكم إقامتي في لندن السنوات الأخيرة لاحظت أن كثيرا من المسلمين عاجزون عن الاندماج في المجتمعات الغربية, فهم بين فريقين, فريق ذاب في المجتمع الغربي حتي تلاشت هويته العربية والإسلامية, وفريق آخر تشدد في الاحتفاظ بالهوية وحاول فرضها علي الآخر دون قيامه بمحاولة للتحاور مع الآخر أو التعايش معه مع احترام قيمه ومقدساته واحترام حرية الآخر.
لذلك وجدت ان علي الفريقين التمييز بين الذوبان والاندماج, خاصة الأجيال الشابة لضمان نجاح فكرة التعايش مع الآخر والحفاظ علي هويتهم الدينية لإزالة الأحكام النمطية عن الإسلام ولتحسين صورة الإسلام المشوهة لديهم نتيجة أخطاء البعض.
=== البعض يري ان فكرة التعايش تعني تقديم التنازلات للآخر وذلك من خلال تقبل أفكاره.. فكيف ستواجه هذا الفكر؟
أري أن مفهوم التعايش يعني التلاقي بين البشر في مساحات مشتركة للتفاهم والقبول بالاخر واعتبار الخلاف معه إثراء وغني حضاريا, كما أن قبول الآخر لايعني قبول أفكاره بقدر ماهو قبول وجوده علي اختلاف فكره ومذهبه معنا.
فمثلا أول درس في التاريخ من الله إلي البشرية كان درس التعايش, حيث تمت أول عملية قتل في تاريخ البشرية حين قتل قابيل هابيل علي الرغم من أنهما أخان من أب واحد وأم واحدة... لون واحد.. جنس واحد.. وعائلة واحدة ولكنهما لم يستطيعا التعايش.. فألغي أحدهما وجود الآخر فقتله.. فكان أول درس من الله للبشرية هــــــو ضرورة التعــــايش.
=== وماهي المجالات والقضايا التي ستتناولها من خلال البرنامج؟
قمنا بوضع الخطوط العريضة لمفهوم التعايش من خلال توضيح عدة مجالات مثل التعايش الثقافي والتعايش في المجال الرياضي والعلمي والمعماري واللغوي.. بالإضافة إلي مزيد من الأفكار التي استعين فيها بالشباب.
=== هل تراهن علي نجاح برنامجك الجديد بعد توقف برنامج صناع الحياة الذي دام أكثر من عام؟
دعوة للتعايش هو استكمال لأهداف برنامج صناع الحياة والذي لاقي تفاعلا كبيرا والحمد لله من قبل الشباب في الوطن العربي وبعض الدول الغربية, وأنا أثق بحماس الشباب وفكرهم وتفاعلهم مع البرامج العملية التي أقوم مع الشباب بطرح أفكارها.
=== هل نسيت صناع الحياة؟
وهل ينسي الأب أولاده؟ بالتأكيد لا, فقد يترك الأب ابنه ليعتمد علي نفسه ولكن عينيه عليه ويسنده ويشد من أزره في الوقت المناسب. والدليل علي ذلك نجاح كثير من مشروعات صناع الحياة واستمرارها رغم توقف البرنامج وتواصل الشباب مستمر معي حتي الآن, فهم يخبرونني دائما ويشركونني في إنجازاتهم, وأنا علي ثقة بهؤلاء الشباب, فقد قلت في بداية برنامج صناع الحياة إنه برنامجهم وليس برنامجي ومهما توقف برنامج وجاء غيره.. فالمسيرة مستمرة لأننا وضعنا الأساس الذي نقوم عليه فيما بعد.
===========
حوار : خالد بركات
|