العودة سوالف للجميع > سـوالف التجارة والتطوير والتوظيف > سوالف تطوير ذاتي واقتصادي > أهمية رسم الأهداف.... من أجل إنتاجية أفضل
المشاركة في الموضوع
محب الشيخ العثيمين محب الشيخ العثيمين غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 1,403
#1  
أهمية رسم الأهداف.... من أجل إنتاجية أفضل

يعيش العالم المتقدم أزمة حضارة بسبب افتقاده الوجهة أو الهدف الأكبر الذي

يجذب إليه جميع مناشط الحياة ، ويمنحها المنطقية والانسجام . أما المسلمون

فأزمتهم الأساسية ، هي أزمة حركة في العالم ، وأزمة شهود على العصر ؛ فهم في

أكثر الأحيان يتأثرون ، ولا يؤثرون ، ويأخذون من الحياة أكثر مما يعطونها ؛ وذلك

بسبب انخفاض إنتاجيتهم ، وضعف إدارتهم لإمكاناتهم الشخصية والعامة . نقرأ

آيات الاستخلاف وشروط التمكين في الأرض ، وأدبيات النجاح والفلاح ، لكنّ

قليلين منا الذين يسألون أنفسهم عن وظيفتهم الشخصية في تحقيق كل ذلك !

إن الأماني الوردية حول قيادة أمتنا للعالم تداعب أخيلة الكثيرين منا ، وتدغدغ

مشاعرهم ، لكن لا أحد يسأل عن آليات تحقيق ذلك ، ولا عن الإمكانات المطلوبة

للسير في طريقه !

إني أعتقد أن هناك حقيقة أساسية غائبة عن أذهان الكثيرين منا ، هي أننا لا

نستطيع أن نوجد مجتمعاً أقوى من مجموع أفراده ؛ ولذا فإن النهوض بالأمة يقتضي

على نحوٍ ما أن ينهض كل واحد منا على صعيده الشخصي ، وما لم نفعل ذلك ،

فإن الغد لن يكون أفضل من اليوم .

إن رسم الأهداف نوع من مدِّ النظر في جوف المستقبل ، وإن الله جل وعلا

يحثنا على أن نتفكر في الآتي ، ونعمل له : ] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ

نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [ [الحشر : 18]

إن المسلم الحق لا يكون إلا مستقبلياً ، ولكننا بحاجة إلى أن نعمم روح الالتزام

نحو الآخرة على مسلكنا العام تجاه كل ما يعنينا من شؤون وأحوال .


محب الشيخ العثيمين غير متصل قديم 18-03-2005 , 04:05 AM    الرد مع إقتباس
محب الشيخ العثيمين محب الشيخ العثيمين غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 1,403
#2  
أهمية وجود هدف :

من الأدوات الأساسية في تحسين وضعية الفرد أن يكون له هدف يسعى إلى

تحقيقه . ونرى أن حيوية وجود هدف واضح في حياتنا تنبع من اعتبارات عديدة ،

أهمها :


1- إن كل ما حولنا في تغير دائم ، والمعطيات التي تشكل المحيط الحيوي

لوجودنا لا تكاد تستقر على حال ، وهذا يجعل كل نجاح نحققه معرضاً للزوال ؛

ووجود هدف أو أهداف في حياتنا ، هو الذي يجعلنا نعرف على وجه التقريب ما

العمل الذي سنعمله غداً ، كما أنه يساعد على أن نتحسس باستمرار الظروف

والأوضاع المحيطة ؛ مما يجعلنا في حالة دائمة من اليقظة ، وفي حالة من الاقتدار

على التكيف المطلوب .

وقد جرت عادة الكثيرين منا أن يسترخوا حين ينجزون عملاً متميزاً ؛ مما

يضعهم على بداية الطريق إلى أزمة تنتظرهم . ولذا فإن الرجل الناجح ، هو الذي

يسأل نفسه في فورة نجاحه عن الأعمال التي ينبغي أن يخطط لها ، ويقوم بإنجازها ؛ فالتخطيط هو الذي يجعل أهمية المرء تأتي قبل الحَدَث . أما معظم الناس فإنهم لا

يفكرون إلا عند وجود أزمة ، ولا يتحركون إلا حين تحيط بهم المشكلات من كل

جانب ، أي يستيقظون بعد وقوع الحدث ، وبعد فوات الأوان !


2- إن وعي كثيرين منا بـ (الزمن) ضعيف ، ولذا فإن استخدامنا له في حل

مشكلاتنا محدود . وحين يجتمع الناس برجل متفوق فإنهم يضعون بين يديه كل

مشكلاتهم ، ويطلبون لها حلولاً عاجلة متجاهلين عنصر (الزمن) في تكوينها

وتراكمها ، وطريقة الخلاص منها . ووجود هدف في حياة الواحد منا يجعل وعيه

بالزمن أعظم ، ويجعله يستخدمه في تغيير أوضاعه . إذا سأل كل واحد منا نفسه :

ماذا بإمكانه أن يفعل تجاه جهله بعلم من العلوم مثلاً أو قضية من القضايا ؟ فإنه يجد

أنه في الوقت الحاضر لا يستطيع أن يفعل أي شيء يذكر تجاه ذلك . أما إذا سأل

نفسه : ماذا يمكن أن يفعل تجاهه خلال خمس سنين ؟ فإنه سيجد أنه يستطيع أن

يفعل الكثير ؛ وذلك بسبب وجود خطة ، واستهداف للمعالجة ، وهما دائماً يقومان

على عنصر الزمن . إني أعتقد أن كثيراً من الخلل المنهجي في تصور أحوالنا ،

وحل أزماتنا ، يعود إلى ضيق مساحة الرؤية ، ومساحة الفعل معاً ، وذلك كله

بسبب فقد النظر البعيد المدى .


3- إن كثيراً من الناس يظهرون ارتباكاً عظيماً في التعامل مع (اللحظة

الحاضرة) وذلك بسبب أنهم لم يفكروا فيها قبل حضورها ، فتتحول فرص الإنجاز

والعطاء إلى فراغ قاتل ومفسد ؛ وهذا يجعلنا نقول : إننا لا نستطيع أن نسيطر على

الحاضر ، ونضبط إيقاعه ، ونستغل إمكاناته ، إلا من خلال مجموعة من الآمال

والأهداف والطموحات ، وبهذا تكون وظيفة الهدف في حياتنا هي استثمار اللحظة

الماثلة على أفضل وجه ممكن .


إني أتجرأ وأقول : إن ملامح خلاص جيلنا ، والجيل القادم على الأقل من

وهن التخلف والانكسار قد تبلورت في أمرين : المزيد من الالتزام بالمنهج الرباني ، والمزيد من التفوق ، ولا نستطيع أن نجعل هذين الأمرين حقيقة واقعة في حياتنا

من غير تحديد أهداف واضحة .


محب الشيخ العثيمين غير متصل قديم 18-03-2005 , 04:07 AM    الرد مع إقتباس
محب الشيخ العثيمين محب الشيخ العثيمين غير متصل    
عضو فائق النشاط  
المشاركات: 1,403
#3  
سمات مطلوبة في الهدف :

1- المشروعية :

إن مجمل أهداف المرء في الحياة ، يعادل على نحو تام (استراتيجية) العمل

لديه ، ولذا فإن الذين لا يأبهون لشرعية الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها يحيون

حياة مضطربة ممزقة ، تختلط فيها عوامل البناء مع عوامل الهدم ، وينسخ بعضُها

بعضَها الآخر . إن الهدف غير المشروع ، قد يساعد على تحقيق بعض النمو في

جانب من جوانب الحياة ، لكنه يحطّ من التوازن العام للشخصية ، ويفجّر في داخلها

صراعات مبهمة وعنيفة . وليس المقصود بشرعية الهدف أن يكون معدوداً في

(المباحات) فحسب ، وإنما المقصود أن يكون مندمجاً على نحو ما في الهدف

الأسمى والأكبر الذي يحيا المسلم من أجله على هذه الأرض ، ألا وهو الفوز

برضوان الله تبارك وتعالى وهذا يعني أن الأهداف المرحلية والجزئية للواحد منا

يجب ألا تتنافر معه في وضعيتها أو مفرزاتها أو نتائج تفاعلها . ولعل من علامات

الانسجام بينها وبين الهدف الأكبر شعور المرء أنه يحيا (حياة طيبة) وهي لا تولد

من رحم الرخاء المادي ، ولا من رحم التمتع بالجاه أو الاستحواذ على أكبر كمية

من الأشياء ، وإنما تولد من ماهية التوازن والانسجام بين المطالب الروحية والمادية

للفرد ، ومن التأنق الذي يشعر به من يؤدي واجباته .

الهدف المشروع عامل كبير في إيجاد التطابق بين رموزنا وخبراتنا ، وهو

إلى ذلك مولِّد لما نحتاجه من حماسة للمضي في الطريق إلى نهايته .



2- الملاءمة :

لكل منا طاقاته وموارده المحدودة ، وله ظروفه الخاصة ، وله إلى جانب ذلك

تطلعات وتشوّفات ؛ ومن الواضح اليوم أن الحضارة الحديثة أوجدت لدى الناس

طموحات فوق ما هو متوفر من إمكانات لتلبيتها ، وهذا يؤدي بكثير من الناس إلى

أن يسلكوا طرقاً غير مشروعة لتلبيتها ، أو يؤدي بهم إلى الشعور بالعجز والانحسار .

والهدف الملائم ، هو ذلك الهدف الذي يتحدى ولا يعجز . ومعنى التحدي دائماً : طلب تفجير طاقات كامنة أو استخدام موارد مهملة ، لكنها جميعاً ممكنة . حين

يكون الهدف سهلاً فإنه لا يؤدي إلى حشد إمكاناتنا الذاتية ، ولا إلى تشغيل أجهزتنا

النفسية والعقلية ، كما لو أننا طلبنا من شخص أن يقرأ في كل يوم ربع ساعة ، أو

يستغفر عشر مرات .

في المقابل فإن الهدف الكبير جداً يصد صاحبه عن العمل له ، وفي هذا

السياق نرى كثيراً من أهل الخير ، يشعرون بالإحباط ، ويشكون دائماً من سوء

الأحوال ، وتدهور الأوضاع ، وهذا نابع من وجود هدف كبير لديهم هو (الصلاح

العام) لكن ليس لديهم أهداف صغيرة ، أو مرحلية تصب فيه . إن كل هدف صغير

يقتطع جزءاً من الهدف الكبير ، ويؤدي إلى قطع خطوة في الطريق الطويل ؛ وعدم

وجود أهداف صغيرة ، يجعل الهدف النهائي يبدو دائماً كبيراً وبعيداً ، وهذا يسبب

آلاماً نفسية مبرحة ، ويجعل المرء يظهر دائماً بمظهر الحائر العاجز . إنه لا يأتي

بالأمل إلا العمل ، وقليل دائم خير من كثير منقطع .



3- المرونة :

إن أنشطة جميع البشر ، تخضع لعدد من النظم المفتوحة ، ومن ثم فإن النتائج

التي نتطلع إلى الحصول عليها ، تظل في دائرة التوقع والتخمين . حين يرسم

الإنسان هدفاً ، فإنه يرسمه على أساس من التقييم للعوامل الموجودة خارج طبيعة

عمله ، وخارج إرادته ، وهذه العوامل كثيراً ما يتم تقييمها على نحو خاطئ ، كما

أنها عرضة للتغير ، بالإضافة إلى أن إمكاناتنا التي سوف نستخدمها في ذلك هي

الأخرى متغيرة ؛ ولهذا كله فإن الهدف يجب أن يكون (مرناً) ، أي : له حدود دنيا ،

وله حدود عليا ؛ وذلك كأن يخطط أحدنا لأن يقرأ في اليوم ما بين ساعتين إلى أربع

ساعات ، أو يزور ثلاثة من الإخوة إلى خمسة وهكذا .. هذه المرونة تخفف من

ضغط الأهداف علينا ؛ فالناس يشعرون حيال كثير من أهدافهم أنها التزامات أكثر

منها واجبات ، والالتزام بحاجة دائماً إلى درجة من الحرية ، وسيكون من الضار بنا

تحوّل الأهداف إلى قيود صارمة ، وحواجز منيعة في وجه تلبية رغبات شخصية

كثيرة .



4- الوضوح :

هذه السمة من السمات المهمة للهدف الجيد ، حيث لا تكاد تخلو حياة أي إنسان

من الرغبة في تحقيق بعض الأمور ، لكن الملاحظ أن قلة قليلة من الناس ، تملك

أهدافاً واضحة ومحددة ، ولذا فمن السهل أن يتهم الإنسان نفسه أو غيره بأنه لم يتقدم

باتجاه أهدافه خطوة واحدة خلال عشرين سنة ، مع أنك لا تراه خلال تلك المدة إلا

منهمكاً ومتابعاً بما يعتقد أنه هدف يستحق العناء !

إنه يمكن القول بسهولة : إن كل هدف ليس معه معيار لقياسه وللكشف عما

أنجز منه ، وما بقي ؛ ليس بهدف . ولذا فإن من يملك أهدافاً واضحة يحدثك دائماً

عن إنجازاته ، وعن العقبات التي تواجهه . أما من لا يملك أهدافاً واضحة ، فتجده

مضطرباً ، فتارة يحدثك أنه حقق الكثير الكثير ، وتارة يحدثك عن خيبته وإخفاقه ؛

إنه كمن يضرب في بيداء ، تعتسفه السبل ، وتشتته مفارق الطرق ! نجد هذا

بصورة أوضح لدى الجماعات ؛ فالجماعة التي لا تملك أهدافاً واضحة محددة ، تظل

مشتتة الرأي في حجم ما أنجزته ، ولا يكاد خمسة من أبنائها يتفقون في تقويمهم

لذلك ! لا يكفي أن يكون الهدف واضحاً ، بل لا بد من تحديد توقيت لإنجازه ،

فالزمان ليس ملكاً لنا إلى ما لا نهاية ، وطاقاتنا قابلة للنفاد . ثم إن القيمة الحقيقية

للأهداف ، لا تتبلور إلا من خلال الوقت الذي يستغرقه الوصول إليها ، والجهد

والتكاليف التي نحتاجها . ولهذا كله فالبديل عن وضوح الهدف ، ووضوح تكاليفه

المتنوعة ، ليس سوى العبث والهدر والاستسلام للأماني الخادعة !

إن من أسباب ضبابية أهدافنا أننا لا نبذل جهداً كافياً في رسمها وتحديدها ،

وهذا لا يؤدي إلى انعدام إمكانية قياسها فحسب ، وإنما يؤدي أيضاً إلى إدراكها

بطريقة مبتذلة أو رتيبة ، مما يُفقدها القدرة على توليد الطاقة المطلوبة لإنجازها .

سنعمل الكثير من أجل أهدافنا إذا أدركنا أنه عن طريقها تتم الصياغة النهائية

لوجودنا .


ولله الأمر من قبل ومن بعد .





بقلم : د . عبد الكريم بكار



محب الشيخ العثيمين غير متصل قديم 18-03-2005 , 04:10 AM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.