|
عضو نشيط جداً
|
|
المشاركات: 361
|
#3
|
لن أتحدث عن الحبِّ الذي يخبئه عمري وعداً لك ولا عن ثراء العمر في دقائقه معك ، لن أتحدث عن العين المطفأة لا لأنها عمياء ولكن لأنَّ قوة النظر لا تنطلق منها ، بل الأشياء والكائنات هي من يحدق لرؤيتك ، وحين لا تكون أنت تتعطل وظائف الرؤية كلها .
لن أتحدث عن شئ ثابتٍ أو متحرك فقد توقف الحديث كما تجمد الوقت بين اللقاء واللقاء .. نقطتان هما أنا وأنت وبينهما الحركة .. فهل تصبح الحياة ذات قيمة حين نكون بين هنا وهناك ، لن أتساءل عن هذا أيضا لأن المعاني كلها انتهت بالوجود الذي احتويته خارجياً في حركة المرئيات والبشر وداخلياً في نبض قلبي وجريان دمي .
كل ما أراه يتغذى من اسمك فقط ، وليعلم كل ذي روح وكبدٍ رطبة بأنك كائنُ كائنْ ذو وهج يسبق نهاري قبل وهج الشمس وذو نور يسبق ليلي قبل نور القمر . كائنُ أنت كائنْ بروح معلقة كحدائق تفيض زهراً وقناديل ، وتمطر الرحمة على كلِّ عذابٍ يتقصد أنفاسي وهناً وشجناً .
أنت الكائنُ الكائنْ الذي يغني بنوتةٍ من خفاء الروح والذي يفتح كفيه فتنطلق الأغاني الشجية وقصائد العشق والوجد ، أو يضع قدميه على الحصى فيتحول كعكاً معجوناً بقلبك الذي يكبر ويزدهي مع كل قضمةِ حبٍّ يأخذها منك إنسانٌ أو نبات أو شئ فيهدأ عصف البرد ويتدفأ الآخذ فيصبح أنتَ وحدك .
ضع يدك على قلبي ، أو اخترقه بأصابعك لتعلم كم هو طريٌ وبحاجة لدمك وسكر يديك ليتشكل وجبةً شهية حلوة يعشقها الصغار ويستلذ بها الكبار وتتغذى منها الكائنات شجراً وطيراً , لكنني لا أريد قلبي هكذا ، بل أريده كعكةً ملونةً تقضمها وحدك كل عيد لأصبح قوسَ قزحٍ تستطيب به الأرض التي هي أنت .
ها أنا أضع خطوي بين قدميك لتتقاطع الخطوات في الخطوة ذاتها وفي التراب ذاته أو حتى في الحذاء ذاته , خطوتي الآن مشبعة بروحك التي تحركني بحركتك الواثقة فأتقمص وقع حياتك وتتقمص وقعي ونتحول كائناً كائنْ واحداً منك ومني .
كائنُ كائنْ أنت ، وكلما أخط كلمة تأتيني أخرى لأنك بلا انتهاء ، ولأنك مرآة من صور لا تنتهي أو مرايا وراء أخرى فأراني كثيرة وأراني واحدة وأراني بوجوه وأجساد عديدة ، فأنتهي مرة أخرى إلى بداية المرآة لتكتمل جميع الصور وجميع الوجوه بصورة واحدة فقط كونتها أنت وجعلت من كينونتها زورقاً يختال في وداعة تحت كفيك ويمضي هادئاً نحو صورة واحدة هي قلبك ويستقر في الميناء .
|
|
23-04-2006 , 01:22 AM
|
الرد مع إقتباس
|