العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > ســـوالف الأصــدقـاء العامـــة > غرفــــة الـــقيــــادة
المشاركة في الموضوع
تاج الوقار تاج الوقار غير متصل    
عضو نشيط  
المشاركات: 90
#1  
غرفــــة الـــقيــــادة


غرفــــة الـــقيــــادة







هَلْ أفكِرُ بِقَلْبِي أمْ بِعَقلِي ؟

أخْطَأ مَن قَالَ لَكَ لا تُفَكِر بِقَلْبِكَ وَفَكِر بِعَقلِكَ، أو مَن يَدّعِي أنّ مَن يُفَكِرُ بِقَلْبِهِ شَخَصٌ عَاطِفِي أو خَيَالِيٌ وَبِالْتّالِي فَسُلُوْكُهُ يَكُونُ غَيرَ مَقْبُولٍ ...
وَلَعَلّ هَذَا سَبَبُ ابتعاد النّاسِ عَنِ النّظَرِ إِلى قُلُوْبِهِمُ وَمَتَابَعَتِهَا وَمُتَابَعَةِ أحْوَالِهَا.
ذَلِكَ لِأنّ الْقَلْبَ يُفَكِرُ وَيَعْقِلُ وَيُؤَثِرُ عَلَىَ الْمُخِ ، بَلْ إنّ لَهُ التّأثِيْرَ الْكَبِيْرَ عَلَىَ تَصَرّفَاتِ وَأَقْوَالِ وَفِكْرِ الإِنْسَانِ.
وَهُوَ مَا لَزَمَ مَعَهُ تَنْقِيَتُهُ الْمُسْتَمِرّةَ وَالرّجُوْعَ لِمَا وَضَعَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ مِنْ فِطْرَةٍ نَقِيّةٍ وَمَعْلُوْمَاتٍ لِتَتَحَقّقَ إِنْسَانِيّةُ الإِنْسَانِ وَلاَ يَكُونَ آلةً بِدُونِ إحْسَاسٍ ، بَلْ يَكُونُ إنسَاناً لَدَيهِ الإحْسَاسُ
وَالفِكْرُ العَاقِلُ المُسْتَقِيمُ الّذِي لاَ يَمِيلُ عَنِ الحَقّ وَلا يَضعُفُ ولا يَتَجَبّرُ.

إن مَوضُوعَ التّفْكيرَ بِالقَلْبِ وَالحُكْمُ بِالقَلْبِ هُو أسَاسُ التّفْكِيرِ وَالفَهمِ غَيرَ أنّه لَيسَ مُطْلقاً ، وَالمَطْلُوبُ فِيهِ هُو مَا وَافَقَ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى.
لِذَلِكَ لَيسَ كُلّ مَا يَخْطُرُ عَلَى القَلْبِ يَكُونُ سَلِيماً وَنَأخُذُ بِهِ فِي قَرَاراتِ حَيَاتِنَا ، بَلْ إنّ لَهُ مَعَانِي
وَمَفَاهِيمَ وإتّجَاهَاتٍ تَجْعَلُ مِن القَلبِ مَركَزَ عَقلٍ للإنسَانِ وَفَهَمٍ وَتَمْييزٍ وإحْسَاسٍ بَلْ وَرُؤيَةٍ مِن نُورٍ أيضاً.
ونَقِيسُ سَلامَةَ وَصَحَةَ مَا يَخْطُرُ عَلَى قُلُوبِنَا بَأن نَسْألُ أنفُسَنَا هَلْ هَذَا يُرضِي اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَرَسُولَهُ ؟
فِإذَا كَانَ فِيهِ رِضَا للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَكُونُ حُكْمَ القَلْبِ سَلِيماً ، وَإذَا كَانَ لا يُرْضِي اللهَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى فَيَكُونُ حُكْمَ القَلْبِ خَطَأ.

إنّ هَذِهِ المَقُولَةِ يَأخُذُهَا النّاسُ وكَأنّ التّفْكِيرَ بِالقَلْبِ فِيهِ مُشْكِلَةً تَتَنَاقَضُ مَعَ الوَاقِعِيّةِ عَلَى الرّغْمِ مِن أنّ القّلْبَ إذَا إسْتَقَامَ وَلانَ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَفَكّرَ
ثُمّ قَرّرّ سَيُعْطِي نَاتِجاً رَائِعاً يَجْعَلُ مِن الإنسَانِ فَرْداً وَاعِياً وَمُميّزاَ وَوَاقِعِياً جِداً بَلْ وَعَابِدَاً للهِ طَائِعاً لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى...
وَلَعلّ هَذِهِ المَعْرِفَةُ الخَاطِئةُ لِتَقْدِيرِ تَأثِيرِ القَلْبِ عَلَى عَمْلِ الإنسَانِ هِي سُبَبُ تَحَوّلِ بَعْضِ النّاسِ إلَى قَسْوةِ المُعَامَلاتِ وَجَفَافِهَا بَلْ وَمَيْلَهُم عَنِ الحَقّ ، فَإنّ تَأثِيرَ القَلْبِ
عَلَى عَملِ الإنسَانِ هُو تَأثِيرٌ فِطْرِي لا إرَادِي وَضَعَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دَاخِلَ كُلّ إنسَانٍ فِطْرَةً نَقِيّةً عَابِدَةً طَائِعَةً للهِ تَكُونُ مَرْجِعِيتَهُ فِي شُئونِ حَيَاتِهِ كُلهَا.



الأمْرُ الّذِي لَزِمَ فِيهِ ضَرُورَةَ إزَالَةَ أيّ شَوائبَ تَعْتَرِي القَلْبَ لِتَجْلُوهُ وَيُصْبِحَ نَقِيّا
لاَمِعاً يَتَقَبّلُ الحَقّ وَيَتَفَاعَلُ مَعَهُ مُؤثّراً وَمُتَأثّراً وَيَرفُضُ البَاطِلَ وَيَرْفُضُ التّفَاعُلَ مَعَهُ بَلْ يُصَحِحَهُ بِالحُسْنَى وَبِمَا أمْرَ اللهُ بِهِ.

مَا هُو ما المَقْبُولُ الحُكْمُ بِالقَلْبِ أم الحُكْمُ بِالهَوَى ؟

هُنَا يَجِبُ أن نُفَرّقَ بَيْنَ الحُكْمِ بِالقَلْبِ وَالحُكْمِ بِالهَوَى وَهُوَ مَا يَخْتَلِطُ عَلَى كَثِيرٍ مِن النّاسِ.
فَبِدَايَةً يَجِبُ مَعْرِفَةُ أنّ الحُكْمَ بِالقَلْبِ وَمُرَاقَبَةُ القَلْبِ هُوَ المَطْلُوبُ ، وَبَيْنَمَا الحُكْمُ بِالهَوَى هُوَ المَرْفُوضُ..
وَلَعَلْ النّاسَ عِندَمَا تَقُولُ لاَ تَحْكُم بِقَلْبِكَ يَقْصُدُونَ لاَ تَحْكُم بِهَوَاكَ فَكَانَ هَذَا
السّبَبُ فِي خَلْطِ المَعَانِي ، لَكِنّ يَظَلّ المَبْدَأ الّذِي يَعْمَلُ بِهِ النّاسُ خَطَأ وَيَتَطَلّبُ بَعْضَ التّصْحِيحِ لِنَصِلَ إلَى التّعْبِيرِ السّليمِ
والعَمَلِ السّليمِ الّذِي يُؤدّي الغَرَضَ المُطْلُوبَ ، فَلْنُفَرقْ بِينَ الحُكْمَ بِالهَوَى وَالحُكْمَ بِالقَلْبِ لِتَتّضِحَ الأمُورَ.

الْحُكْمُ بِالهَوَى هُو كُلّ مَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِ الإنسَانِ وَيُرِيدُ أن يَفْعَلَهُ أيّاً كَانتْ دَرَجَةُ صِحَتِهِ ، وَبِالتّالِي مَيلَ القَلْبِ لِشيٍء لاَ يَكُونُ كُلّهُ سَلِيماً
وَلاَ يَكُونُ كُلّهُ خَطَأ، وَمِمّا يَخْطُرُ عَلَى بَالِ الإنسَانِ:

- وَسْوسَةُ الشّيطَانِ التّي إذَا إسْتَجَابَ لهَا الإنسَانُ كَبُرتْ وَكَانتْ فِعلاً يُحَاسَبُ عَليْهِ وَإذَا طَرَدَهَا ولم يستجب لهَا كَانتْ لَهُ دَرَجَةً أعْلَى عِندَ اللهِ وَحَسَنةً لأنّ كَيْدَ الشّيطَانِ ضَعِيفٌ ،

- وَمِنهُ أيْضَاً مَا يُلْقِيْهِ الشّيْطَانُ فِي نَفْسِ الْإنْسَانِ مِنْ أَشْيْاءٍ وَأفْكَارٍ لِتَمِيْلَ بِهِ عَنْ الْوِضْعِ السّلِيمِ الْذي يُرِيْدَهُ اللهُ تَعَالَى لَهُ فَيُبْعِدَهُ عَنِ الْخَيْرِ،

- وَمِنْهُ مَا يَرَاهُ الُإنْسَانُ حَوْلَهُ مِنْ أَخْطَاءٍ فَيُقَلِدَهَا بِهَوَاهُ دُوْنَ تَفْكِيْرٍ فِي رِضَى اللهِ فِيْهَا، لَكِنْ تَظَلْ الْقَاعِدَة لَا تَتَغَيّرْ أَبَداً أنّ الْحَقّ حَقٌ وَالْبَاطِلَ بَاطِلٌ وَإنّ اجتمع عَلَيْهِ الْعَامَةُ.

لِهَذَا فَالْهَوَى يَجْمَعُ كُلَ شَيْء بِدُوْنِ تَصْنِيْفٍ وَلَا تَمْيِيزٍ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشّرِ، وَبِدُونِ وَعْيٍ ولَا تَقْدِيْرٍ
لَأيّ خُطْوَةٍ قَادِمَةٍ تَمُرّ فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَهَذَا بِالطّبْعِ يُسَبْبُ الْمَشَاكِلَ لِلإِنْسَانِ سَوَاءً فِي عَلَاقَتِهِ مَعَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أوْ فِي عَلَاقَتِهِ مَعَ نَفْسِهِ أوْ فِي عَلَاقَتِهِ مَعَ النّاسِ أوْ مَعَ مُفْرَدَاتِ بِيْئَتِهِ حَوْلَهُ...
وَلَمْ يُخْلُقْ الْإنْسَانَ لِهَذَا بَلْ خُلِقَ وَمَعَهُ مَنْهَجٌ رَفَعَ الْحَرَجَ عَنْهُ وَالْمَشَقّة
لتكون لَهُ طَرِيْقاً فِي تَعَامُلِهِ مَعَ مُشْكِلاتِ حَياتِهِ فَيُقِيّمَهَا وَيُصْلِحُهَا
فَيَعِيشَ حَيَاةً كَرِيمَةً تُرْضِي اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

بَيْنَمَا الحُكْمُ بِالقَلْبِ فِيهِ وَعْيٌ وَفِقهٌ وَفَهمٌ، فَفِي الحُكْمِ بِالقَلْبِ يُوجِدُ إختِيار
وتَمْييزٌ فِيمَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِ الإنسَانِ ومَا يَتَعَامَلُ مَعَهُ وَمَا يَرَاهُ وَيَتَأثّرُ بِهِ، وَهَذَا التّمْييزُ يَخْتَارُ الحَلالَ كُلّهُ وَيَرْفُضُ الحَرَامَ كُلّهُ.
فَالإنسانُ عِندمَا يُولَدُ تَكُونُ فِطْرَتَهُ التِي فَطَرَهُ اللهُ عَليهَا فِي قَلْبِهِ فِي أنقَى حَالاتِهَا، وَهِي فِطْرةُ تَوحِيدُ للهِ وَعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَحُبّ
كُلّ مَا هُو خَيرٌ وَحَلالٌ، وَكُرهُ كُلّ مَا هُو شَرّ وَحَرَامٌ...
هِي فِطْرةُ الإسْلامِ الكَامِلُ وَالتّسْليمُ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى.
لَكن كُل مَولُود يَعِيشُ فِي بِيئةٍ تُغْيرُ مِن طَبَائعِهُ وَفِطْرَتُهُ الأوُلَى
كَمَا قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلْمْ : فَأبْوَاهُ يُهَودْانَهُ أوْ يُنَصّرَانَهُ أوْ يُمَجِسَانَهُ، أوْ أنْ يَمُنَ اللهُ عَلَيْهِ بِفِطْرَةِ الْإسْلَامِ فَيُوْلَدُ عَلَيْهَا وَيَعِيْشُ بِهَا فَتَكُوْنُ لَهُ نُوْرً فِي طَرِيْقِ حَيَاتِهِ ...
وَهَذِهِ الْفِطْرَةُ بَابَهَا مفتوحٌ مَعَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِتَنْصَلِحَ وَلِتَزْدَادَ وَلِيتّبِعَهَا الإنسَانُ وَيَعْمَلَ بِهَا .

ولأنّ كُلّ إنسَانٍ يُولَدُ عَلَى فِطرَةِ التّوحِيدِ وَالإسْلامِ، فَيكُون ُالقَلْبُ مَقَرّهُ كُلّ مَعلُومَاتِ العِبَادَةِ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَكُلّ الهِدَايَةِ إليهَا، فَالقَلبُ مَقَرّ الإيمَانِ وَالتّقْوَى
وَمَقَرّ رُؤيَةِ الأمُورِ وَالتّمييزِ بَينَهَا .
فَعِندمَا يَقُولُ لنَا ربّ العِزّةِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " الحجرات13...
وَالقَلْبُ هَو مَقَرّ التّقْوَى ( أي العَمَلُ بِخَشْيةٍ مِن اللهِ وَمَعْرِفَةٍ لِرَحْمَتِهِ وَتَقْدِير عَظَمَتِه ) ، وَتَرْجَمَةُ التّقْوَى تَظْهَرُ فِي الأفْكَارِ وَالأقْوَالِ والأفْعَالِ، فَمَعنَى ذَلِكَ
أنّ لِلقَلْبِ مَعنَى أكْبَر مِن كَونِه مَضَخةٌ تَضُخُ الدّمَ، بَلْ وَلَهُ أهَمِيةٌ يَرتَكِزُ عَليهَا حَالُ الإنسَانِ عِنَد رَبّهِ ...
عِندَهَا يَجِبُ التّوقّفُ لِلتّفكِيرِ وَالقَرَارِ وَالفِعلِ لأنّ لِلمَوضُوعِ قِيمَةٌ وَعَائدٌ قَوي إذَا حَصلَ أيّ إنسَانٍ عَليهِ مِن فَضْلِ اللهِ تَعَالَى .

قَدْ يَقُولُ قَائلٌ وَهَلْ القُلوبُ تَعِي وَتَفْهَمُ ؟
فَنَقُولُ : نَعَم إنّهَا تَعِي وَتَفهَمُ وَتَفقَهُ لأنّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَال هَذَا وأقرّهُ، وَعَلينَا أن نَعمَلَ بِهِ لأنّ فِيهِ هِدَايَةُ لنَا لِنُصَحِحَ بِهِ مَفَاهِيمَنَا عَن الأشْيَاءِ.
كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى ، فِإذَا قَرأنَا قَولَ رَبّ العِزّةِ وَسِرنَا مَعَ الكَلِمَاتِ كَلِمةً كَلِمَة :
" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ " الأعراف179،
نَفْهَمُ مِن كَلِمَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنّ القُلوبَ لِلفِقهِ وَالفَهمِ وَالإدْرَاكِ وَالرّؤيَةِ، وَمَن لاَ تَتَفِقُ هَذِهِ الوَظَائفُ
مَعَ أجْزَاءَ جَسدِهِ يَكُونُ لَدَيهِ مُشْكِلَةٌ ، وَهَذِهِ المُشْكِلَةُ يَمكِنُ حَلُهَا بِسُهُولَةٍ جِداً وَصَدَقَ مَعَ اللهِ إذَا إسْتَعَانَ بِاللهِ وَلجَأ إلَى مَن لاَ يَرُدّ طَاِلبُهُ .

وَهَذِهِ الآيَةُ أيضاً تُؤكِدُ نَفْسَ مَفْهُومِ وَعْي القَلْبِ وَفَهْمِهِ، يَقُولُ رَبّنَا العَزِيزُ الحكيم : " رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ " التوبة78.

وَمَا عَلينَا إلا أن نَقُولَ سَمِعْنَا وَأطْعَنَا رَبّنَا ، ثُمّ نَعْمَلَ بِيَقِينٍ وَثِقَةٍ وَنَتَقَدّمَ وَنَسِيرَ فِي حَيَاتِنَا مُعْتَصِمينَ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقُلوبٍ مُتّجِهَةٍ نَحوَ خَالِقِهَا وَرِازِقِهَا وَوَليّهَا ..

كَيفَ نَنظُرُ إلَى قُلُوبَنَا وَنُغَذّيهَا ؟



فَعَلينَا أن نَنَظُرَ بِأيّ شَيءٍ نُغَذِي قُلُوبَنَا وَقَنَاعَاتِنَا وَإيمَانِنَا فِي كُلّ جَانِبٍ مِن جَوانِبِ حَيَاتِنَا، لأنّ هَذِهِ الأشْيَاء هِي مَا سُوفَ
تَعمَلُ بِهَا أدَوَاتُ أجْسَادِنَا مِن أمْخَاخٍ وأيادٍ وَألسِنَة وَأرجُل ...
فَلنَنَظُر أيّ شَيءٍ نَضَعُهُ فِي قُلُوبِنَا لِتَسِيرَ بِهِ حَيَاتنَا ؟
هَلْ هَذَا يُرْضِي اللهَ تَعَالَى؟
هَلْ هَذَا يَتّفِقُ مَعَ مَا قَالَهُ اللهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ المُوقِفِ بِعَينِهِ ؟

مِن الأشْيَاءِ الّتِي نُغَذِي بِهَا قُلُوبَنَا لهَا القُدرَةُ عَلَى طَردِ أيّ شَائبَةٍ تُحَاوِلُ إخْتِرَاقَ قُلُوبِنَا وَتَنظِيفُ مَكَانِهَا..
هَذِهِ هِي ذِكْرُ اللهِ المُستَمِرِ مِثلُ التّسْبِيحِ (سبحان الله) مَثلاً ،
فَهَلْ فِي التّسْبِيحِ مُشْكِلَة ؟
هُي كَلِمَتَين يُمْكِنُ أن يَسْتَمِرّ عَلَيْهِمَا الإنسَانُ فِي أيّ وَقتٍ وَكُلّ وَقَت فَتُعْطِيهِ
رَاحَةً دَاخِليةً لِنَفْسِهِ وَتَكُونُ سَدّاً يَسُدّ عَنهُ أيّ شَائبَةٍ تُحَاوِلُ دُخُولَ قَلْبَهِ ..
وَمثلُ كُلّ ذِكْرٍ يَجِدُه الإنسَانُ سَهلاً عَليهِ فَالحَمْدُ للهِ وَاللهُ أكْبرُ وَلا إلهَ إلا الله وَلا حَولَ وَلا قُوّةَ إلا بِاللهِ، كُلّهَا قَدْ يُيسّر بَعْضُهَا فِي وَقَتٍ وَالبَعْضُ الآخَرُ فِي وَقَتٍ غَيرَهُ
المُهِم أن يَكُونَ هُنَاكَ ذِكْرٌ مُسْتمِرٌ للهِ بأسْهَلِ الكَلِمَاتِ الّتِي أعْطَاهَا اللهُ لنَا نِعْمةً تُصْلِحُ مَا يَمُرّ بِنَا فِي حَيَاتِنَا .


هُنَا الصّدقُ مَعَ النّفْسِ هُو الأسَاسُ لأنّهُ تَصْرِيحٌ بِنَقَاءِ القَلْبِ
وَاسْتِجَابَتِهِ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فَلا سُلْطَانَ لأحدٍ عَلَى قَلْبِ الإنسَانِ إلا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فَقَلْبُ الإنسَانِ بَينَ إصْبَعينِ مِن أصَابِعِ الرّحمَنِ يُقَلّبُهُ كَيفَ يَشَاءُ، وإذَا لجَأ الإنسَانُ للرّحمنِ
وَصَدقَ مَعَهُ بِأنّهُ يُرِيدُ أن يَكُونَ إنسَاناً صَالِحاً بِحقّ يَصْدُقُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَهُ وَلا يَخْذُلُهُ أبَداً، فَهُو سُبْحَانَهُ أقْربُ للإنسَانِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ.


يَقَولُ نَبِينَا صَلّى اللهُ عَليهِ وَسَلمَ : إنّ العَبدَ إذَا أذْنَبَ ذَنباً كَانتْ نُكْتةٌ سَودَاء فِي قَلْبِهِ فَإن تَابَ مِنهَا صُقِلَ قَلْبُهُ وإن زَادَ زَادتْ ،
فَذَلكَ قَولُ اللهِ تَعَالَى : " كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ".
والآيتان معاً يَقُولُ رَبّنَا تَبَاركَ وَتَعَالَى فِيهِمَا : " كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ. " المطففين14-15.




وَلِكَي نَتَخَيلَ أحْوالَ قُلوبِنَا إذَا أخْطَأنَا - وَنَحْنُ نَعلَمُ وَنَمَيّزُ- وَنَحْذَرُ مِنهَا جَيّداً لأننَا
مَسْئولِينَ وَأصْحَاب قَرَارٍ وَعَملٍ بإذنِ مِن اللهِ ،
---

الأمْرُ الّذِي يَعنِي أنّ قُلوبَنَا يَجِبُ أن تَكُونَ فِي حَالةٍ نَقِيةٍ ..
يَجِبُ أن تَكُونَ حَيّةً نَابِضَةً رَقِيقَةً لتَعِي وَتَفْهَمَ وَتُمَيّزَ وتُقَرِرَ وَتَتَفَاعَلَ لِيكُونَ التّصَرُفُ سَلِيماً وَعَاقِلاً لِيسَ فِيهِ ظُلماً لِلنفْسِ ولاَ لِلنّاسِ .

إن اللينَ والرّحْمة َوالرّفْقَ وَمُحَاوَلَةُ الفَهْمِ وَالتّفَاعُلُ مَعَ أحْوالِ النّفْسِ
وَأحْوَالِ النّاسِ عَلَى اعْتِبَارِ الطّبِيعَةِ الّتِي خَلَقَ اللهُ تَعَالَى بِهَا الإنسَانَ مِن المُهِمِ جَداً أن يَكُونُوا أسَاساً دَاخِلَ قُلُوبِنَا جَمِيعاً ...
فَهَذِهِ المَبَادِيءُ تَفْتَحُ للإنسَانِ مَجَالاً لِيُمَيّزَ بَينَ أفْعَالِ النّاسِ حَولَهُ إذَا كَانتْ تُرضِي اللهَ أو لا تُرضِي اللهَ، وَبِالتّالِي يَكُونُ قَادِراً عَلَى الفَهمِ ثُمّ القَرَارِ ثُمّ العَملِ السّلِيمِ .


فليكن المِقيَاس القَلْبِي دَاخِلَ كُلّ مِنَا فِي تَفْكِيرِهِ وَفِي كَلامِهِ وَفِي تَصَرّفَاتِهِ،

هَلْ هَذِه الكَلِمَةُ تُرْضِي اللهَ ؟

هَلْ هَذَا الفِعْلَ يُرضِي اللهَ ؟

هَلْ هَذَا التّفْكِيرَ يُرْضِي اللهَ ؟

فَإذَا كَانَ يُرْضِي اللهَ بِصِدق فَلنَأخُذُهُ بِثِقَةٍ وَقُوّةٍ وَبِدَونِ أيّ رِيبَةٍ وَلا إهْتِزَاز أمَامَ الأحْوَالِ من حَولِنَا،
وإذَا كَانَ لاَ يُرْضِي اللهَ فَنَرْفُضُهُ بِنفْسِ الثّقَةِ وَالقُوّةِ وَالتّأكِيدِ مَهْمَا كَانتْ أوضَاعُ النّاسِ فِيهِ
لأن طَرِيقَنَا نَسْعَى فِيهِ إلى اللهِ وَلا نُرِيدُ سِوَاهُ، وَهُو سُبْحَانَهُ سَيُعْطِينَا مِن فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ وَرِزْقِهِ
مَا لا يَخْطُرُ عَلَى البَالِ ...
فَليَكُن إرضَاءُ اللهِ وَحْدَهُ هُو الهَدَفُ أمَامَ أعْيُنِنَا فِي كُلّ مَا نَقُومُ بِهِ سَواءً كَان دِرَاسَةً أو عَمَلاً أو تَعَامُلات .


فَلنَلزم النّظَرَ إلى قُلوبِنَا لتَنقِيتِهَا بِإسْتِمَرَار بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى والرّجُوعُ إليهِ
وَتَصْحِيحُ أيّ خَطَأ وَمُلازَمَةُ شيء مِن القُرآنِ الكَريمِ مَعَ الصّدقِ مَعَ النّفْسِ
وإمْهَالِهَا بِالتّفْكِيرِ لِكي تُحْسنِ الحُكمَ وَالعَمَلَ، لأنّ الإيمَانَ يَزِيدُ وَينقُصُ
وَليسَ كُلّ مَا يَفْعلُهُ النّاس واعتَادُهُ يكون سَلِيماً وَمَقْبُولاً عِندَ اللهِ بَلْ إن كلّ إنسَان مسْؤليتَهُ مُسْتقِلةُ وحِسَابُهُ مستَقِلٌ

قَالَ تَعَالى :
(كُلّ نفْسٍ بمَا كَسَبتْ رهِينةٌ)





::وتقبلوا هديتنا لكم ::




بالضّغط على الصورة يتمّ التّحميل


خلفيّات رمضانية




،،


تواقيع رمضانية






،،


وسائط رمضانية




،،


ملف واحد يجمعها كلها


تاج الوقار غير متصل قديم 21-08-2010 , 07:32 AM    الرد مع إقتباس
بشاير بشاير غير متصل    
مراقبة سوالف الاصدقاء قلب زايد  
المشاركات: 7,838
#2  

جزاك الله خير أخي تاج الوقار

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

بشاير غير متصل قديم 27-09-2010 , 12:07 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.