العودة سوالف للجميع > سوالف شخصيه وثقافيه ادبيه > سوالف الأدب والثقافة > يوم من أيام المخيم \مأمون أحمد مصطفي (3)
المشاركة في الموضوع
Um-Shahad Um-Shahad غير متصل    
عضو فائق النشاط الامارات  
المشاركات: 877
#1  
يوم من أيام المخيم \مأمون أحمد مصطفي (3)
الانتهاء من خبرة الانتقاء، يشكل بداية جديدة، خبرة يكرهها ويمقتها الرجال،
لذلك تعتقد النسوة بأن فقدان هذه الخبرة دليل دامغ على استهانة الرجال بتعبهم
وعرقهم، بل ويذهبن إلى ابعد من ذلك، حين يصرحن بأن كل الرجال يستمرؤون الضحك
عليهم وخداعهم، ليصبحوا في النهاية حاملين لصفتي البله والهبل، وعلى صاحب
المحل أو البسطة أن يفقأ مرارته مع بداية ممارسة هذه الخبرة، لان دمه سينشف،
وروحه ستطق، وصبره كله سيتحول لتسرع يؤذي الأعصاب، لكنه في النهاية سيخضع وهو
يضرب جارور النقود بيده مع الزبد المتصاعد في عقله وقلبه، وفي أحيان أخرى
يندفع نحو الأكياس المملوءة ليفرغها في الصناديق من جديد وهو يصرخ بعبارات تدل
على عدم رغبته في البيع أو الرزق القادم من هذا العناء، أما النسوة، فيغادرن
وهن يتهمن البائع بالسرقة والحرمنة وعدم معرفة الله، وهذا الاتهام قائم في كل
الظروف والأحوال، سواء حصلن على السعر الذي يردن ام لا، فالإيمان بلصوصيته
وحرمنته غير قابل للشك أو النقاش.
غرفة الانتظار في العيادة الصحية التابعة للوكالة، تغص بالنساء والأطفال، تمور
بالأصوات والأحاديث المختلفة المواضيع والصور، لكنها تصب في محور واحد، الشكوى
من مصاعب الحياة، وخبث الكنه والجارة، أثواب مختلفة الألوان، ووجوه تتركز في
مساحات الزمن المعبأ بالذهول.
- خير ماله الولد يا أم محمد؟
- والله ما بعرف يا أختي، اليوم صحي من النوم ساخن، الله يلطف فيه وفينا.
- وانت، خير إنشاء الله بعيد عنك المكروه؟
- لا والله، قربي أوشوشوك، عيب يسموعونا الناس.
- لا والله؟ معقول؟ ما عليك شر، انت مليحة وبنت أصول، وما بتستاهلي الا كل خير.

في زاوية أخرى، بعض النسوة يتحلقن وهن يهمسن بصوت يسمعه المار من الشارع
الفاصل بين العيادة والبقالات.
- انتن مش عارفات انه أبو حسن طلق زوجته من يومين.
- لا والله ما بعرف، يا حرام، والله زوجته فقيره.
- فقرها من نقرها، هاي حرباي بسبع وجوه وألف لون.
- خافي الله يا مستوره.
- يعني هو اللي بحكي الحق بتنخزق طاقيته.
- بينك وبين الحق الله.
- وليش طلقها؟
- الله واعلم، أنا ما بحط بذمتي، وهي تنفخ داخل صدرها.
- والله ذمتك بتسع المخيم واللي فيه.

ويلفت نظرك منظر النساء العائدات من المدينة، بعد انتهائهن من تسوق، وهن يضعن
\" المِدْوَرَة ْ\"- وهي عبارة عن فقطعة قماش ملفوفة حول نفسها لتشكل دائرة
توضع فوق منتصف الرأس- على رؤوسهن، والسلال أو خبايا الزيت، أو أي شيء مستدق
أو ثقيل، حرات الأيدي، سريعات الخطى، وما يقف على رؤوسهن، يظل متوازنا بطريقة
تثير الدهشة والاستغراب.

تقفر الشوارع من جديد، إلا من بعض المتبطلين الذين يلتصقون بمقاعد المقاهي
يشعلون دخينة من أخرى، أو يسحبون أنفاسا عميقة من نرجيلة تتقلب مياهها بقوة،
ثم تسكن، وأصحاب المحلات يتحلقون مع بعضهم أمام متجر واحد، يرمون نظراتهم نحو
محلاتهم ودكاكينهم، يخوضون في أسرار البيوت، ويفتحون صفحات الديون المتراكمة
على أهل المخيم، يتهامسون بعدم الرضا من فلان وفلان، ويتهمون فلان بتهم يندى
لها الجبين، وكل زادهم وعتادهم انفعالات تتعلق بالبيع والمتاجرة.

ولكنك، إذا ما خطوت داخل الازقة، فانك ستجد حلقات متفرقة للنساء، هنا وهناك،
يجتمعن حول وعاء لتنقية الأرز من شوائبه، أو للف بعض الدوالي والملفوف،
أو\"لتقطيم\" الملوخية، أو الزعتر، وأحيانا للحديث ليس إلا، وكلها حلقات تنوء
بحمل اللسان في الحلق، وتضيق ذرعا بالصمت الذي قد يجلب نوعا من الهدوء أو
الراحة من استغابة الناس والنم عليهم.

هذه الحلقات، كانت، ولا زالت، المشكلة الكبرى، بين الرجال الذين يرفضون تجمعات
النساء، على اعتبار أنها تجمعات شياطين، تغذي المغيبة والنميمة، وتجلب القيل
والقال، مما يتسبب بمشاكل بين عائلات كان يجمعها الود والصفاء.

لكنهم هم، الرجال، الذين يتخذون من حافة المسجد، أو ساحة بقالة، مركزا
لتجمعهم، فأنهم، لم يحاسبوا أنفسهم، على الغيبة والنميمة التي يمارسونها بشكل
يبدو انه للنقد اقرب من الغيبة، فهم برجولتهم، وهدوء ملامحهم، وتقطيع نبرات
جملهم، يحاولون تغليف أخطاءهم بوجه غير وجه أخطاء النساء شكلا وظاهرا، لكنهم
بالحقيقة، أكثر تأثيرا، وأقوى تعرية للناس من النساء اللواتي يتناولن الفضائح
المكشوفة المعروفة، أما هم، فإنهم، بحكم حركتهم واتصالهم بالمجتمع، يكشفون
فضائح وأسرار، كانت قبل أيام، في علم الغيب، وطي الكتمان.

وفيما أنت تجول بين الأزقة، ترى بعض الأطفال المنتشرين على حواف الحارات بعد
أن تسلقوا سوق المدرسة، مولين الأدبار من مدرس طالبهم بواجب لم ينفذوه، أو
طلبا للخلاص من رتابة اليوم والصف.

ينتصف النهار، تعلن الشوارع استعدادها من جديد، يبدأ الصخب، حين تفتح المدارس
أبوابها أمام الطلبة ليغادروا نحو البيوت، تفيض الجموع فيضا، ويهدر الجو
بموجاتهم المتلاحقة، معركة تنشب هنا، ومعركة تنشب هناك، وبعض المارة يقف حائلا
بين المتعاركين، لكن صخب الجموع يستمر بالهدير، وتتعالى أصوات الصفير
والمناداة، يرقب الطلاب الفتيات بعيون حذرة، ترتد خجلا وحياء، وتسير الفتيات
من بين الجموع، بتمنع أنثوي يسيل على الأرض أنوثة مغلفة بالرقة والحنان
والاستحياء.

رائحة الطبخ، تحاصر الأجواء، وتشدها إليها، تعوم الرائحة الزكية على نسمات
الهواء، فتصدم انفك بقوتها، وتنوعها، ويشكل اختلاطها، إثارة عصية على
المقاومة، وتبدأ الزوايا بسحب الجموع إلى أحشائها، فتفترق، وتتوزع، وتبدأ
بالاختفاء التدريجي، وما هي إلا دقائق، حتى تجد الشوارع قد خلت من السيل الذي
كان يندفع بقوة فياضة، مشكلا هديرا قاسيا وسط هدوء كان يستعد لاستقباله.

وإذا ما قادتك قدماك داخل بيت، فأول ما يلفت نظرك، المراوح الموزعة في السقوف
والزوايا من اجل التخلص من حرارة الجو ورطوبته، رطوبة تكاد تمسك بالجلد مثل
صمغ قوي، وتأتيك حركة الأم وهي تهرول بين المطبخ وبين المائدة المفروشة على
الأرض، أو على \"طبلية\" مستديرة من الخشب، بهمة ونشاط، بفرحة وحنان، وهي
تتلفظ بجمل تفيض روعة وأمومة لأبنائها وبناتها، وستلحظ دون أدنى شك، كيف تخفي
بحرص وبشعور خاص بعض من قطع الدجاج أو اللحم للزوج الغائب في عمله.

دقائق قليلة، وتعج الأزقة بالبنات والأطفال، فهؤلاء يلعبن \"النطة\"، أو \"بيت
بيوت\" أو \"القال\" أو \" الخرز\"، أما الأولاد، فإنهم ينقسموا إلى مجموعات،
فمنهم من يتجه نحو السهول أو الجبال، باحثا عن متعة الدوران بين الأعشاب
والزهور، وسرقة اللوز والبرتقال، أو البوملي، وبعض يهتم بجمع الأعشاب البرية
التي تضاف للشاي، أو تستخدم كطعام، كاللوف والزعمطوط، واللسينه، والبقله، وقسم
يبقى في الأزقة يمارس لعبة \"الدقة والحاح\"، أو \" البنانير\" أو \"الرنه\"،
وغيرها من الألعاب.
.
.
.
يتبع

Um-Shahad غير متصل قديم 18-06-2007 , 10:30 PM    الرد مع إقتباس
صوت وصورة صوت وصورة غير متصل    
ملك الأدب  
المشاركات: 1,101
#2  

أتمنى أكمال القصة بعد عودتي من السفر ...

لك التحية أختي ام شهد

وسلمت يد من نقل ومن كتب ....

صوت وصورة غير متصل قديم 19-06-2007 , 06:33 PM    الرد مع إقتباس
Um-Shahad Um-Shahad غير متصل    
عضو فائق النشاط الامارات  
المشاركات: 877
#3  

الله بسلمك صوت وصورة.. ترجع بالسلامة ان شاء الله



وهذا هو الجزء الاخير


يدهشك الصوت القادم من حلقات البنات والأولاد وهم يعلنون احتجاجهم على الغش
الممارس من احدهم، أو القادم من معركة بين مجموعتين اثر خلاف على خسارة، أو
انتقاما للكرامة اثر مسبة أو لعنة أتت من غيظ مكتوم.

ومن احد الأبواب يطل رجل ووسن القيلولة في عينيه، وهو يصرخ ويشتم، ويلعن
الساعة التي أُنجب فيها الأولاد، كما يلعن كل الآباء الذين لا يتقنون تربية
أولادهم، والذين ينجبوا ويقذفوا نتاجهم بالشارع، لكنه يفاجأ بوجود ولده بين
الجميع، فيثأر للسباب الذي حاق به من ولده بلسعات الصفعات ووجع الركل.

يقترب المساء، وللمساء في المخيم نكهة خاصة، محملة بأريج زهور البيارات
المحيطة به، البيارات المنتشرة بكثافة كسوار من خضرة حول منافذه جميعا، تعطيه
رونقا خفيا، ينعش الجو، ويجعله أكثر شفافية، وإذا ما أضفت إلى ذلك، روائح
الياسمين المعربش على الحيطان، ورائحة شجرة ليلة القدر المنتشرة على أبواب
البيوت، وعلى بعض الأرصفة، تكون قد جمعت في ذاتك روعة المساء القادم من بين
رموش النهار المستعدة للنزول نحو العين.

تعج الشوارع من جديد، بالمقاهي التي بدأت بإرسال روائح النراجيل، والقهوة،
والشاي، واليانسون، لتتكاتف مع روائح مقالي الفلافل التي بدأت بإرسال بخار
زيتها مع روائح بسطات الشواء.

في هذه اللحظات، تتعالى أصوات الناس من جديد، صحن حمص، صحن فول، واحد مسبحة،
ومن مكان ليس ببعيد، دجاجة محمره، صحن لحمه حمره مع بعض أسياخ الكلى.

وعلى رصيف المقهى الأصوات تتعالى، واحد شاي، طاولة نرد للشباب، ورق لعب على
طاولة حبيبنا فلان، واحد قرفة، واحد يانسون.

مساء ساخن، بحركة الناس والأولاد، تتقلب فيه الأشياء وتتنوع بروعة العفوية
المنتظمة بكل ما فيها من اختلاف وتنافر، في لوحة رائعة لا يمكن لبشري على
الأرض أن يجمع اختلافها وتنافرها، إلا في روعة المشهد وقدرته على التوحد
والانصهار ليشكل بكل ما فيه وحدة لا يمكن فصل أي من مكوناتها.

يأتي صوت الآذان، رقراقا، ليثير في النفس نوازع الروح المنشغلة بالدنيا، تتوقف
أحجار النرد، وتتوقف أوراق اللعب، تغلق المسجلات والمذياعات، ويستعد الجميع،
للتوجه إلى المسجد.

تقفر الشوارع إلا من بعض الشباب المحتاج إلى زمن كي ينخرط في الصفوف المنتظمة
بالمسجد، يأتيك همس النساء وهن متجهات نحو القسم الخلفي للمسجد، أمهات،
وأخوات، وزوجات، فتيات وعجائز.

تنتظم الصفوف، تتراص، ترفع الأيدي بالدعاء والابتهال، ويأتي صوت الإمام، الله
واكبر، يسود صمت غارق بالإيمان، بالذوبان في شعائر تتخلل القلب وتخضله بندى
الخوف والرجاء.

تعود الشوارع لتحمل الضجيج المتناسق المتناغم، يعلو صوت المذياع والمسجل،
وتضرب أحجار النرد الطاولة، وتأتي الأيمان المستثارة من هزيمة غير معترف بها،
تتالى الاحتجاجات، والاتهامات، يحاول البعض التدخل للفصل بين المختلفين، لكنه
يعود بندم حارق على تدخله فيما لا يعنيه.

في الأزقة يطيب السمر، فحيث درت، وحيث يممت وجهك، تصطدم بحلقة من حلقات الشباب
والأولاد، أو حلقة من حلقات النساء، المدعومة بإضاءة باب البيت، أو عامود
النور، والشاي الذي تتحرك الملاعق بأكوابه برنين خاص، بمذاق خاص، فهو شاي
السمر الممزوج بنكات وأحاديث وقصص، وأحيانا بأسى وشجن، ودموع تهطل من عيون
قرحها الألم وأضناها الوجع.
تتكون المشاهد كلها على الأرض، وفي الذاكرة، لتستقر بكل ما فيها من متناقضات
داخل النفس، التي ترتب الأشياء بكيفية لا نعرفها، ولا ندرك لماذا يأتي إلى
الذاكرة حدث ما في لحظة تكون النفس فيها بأقصى البعد عن الحدث أو ما يصل به،
لكنه يستقر في عمق الوعي، كصورة تسجيلية على شريط مرئي، لينازع العقل والنفس
في لحظة صفاء، منازعة نباح في ليلة غائصة في الهدوء والتأمل.

تحاول الخلاص من استبداد المشهد، لكنه يتجذر بقوة خفية بأعماقك، تشعر بالضيق،
بالتعب، تتعوذ بالله من الشيطان، لكنه يستمر في الإيغال باستفزاز ذاتك الموزعة
بين الغضب وبين محاولة الخلاص منه، تتأفف، ويبدأ خلقك يضيق، تتراكم مشاعر
النقمة.

وفجأة يهزك شخص وهو يصرخ، ما بالك، أين شارد، السلام لله، يخرج المشهد من
ذاكرتك وكأنه لم يكن، وعليكم السلام، سامحني، والله بالي مشغول.

تهبط من مكانك إلى الشارع، أباريق الشاي ودلات القهوة في كل بقالة ومحل،
والناس تتحدث بالسياسة التي أصبحت محور حياتهم ونواة وجودهم، تصلك الشتائم
المصبوبة على العرب، كنيران تصب غضبها على غيب غير مشهود، خلافات في الرأي،
تتبعها ألفاظ عدائية جارحة، يتجمر الموقف ويتلظى المتحدث، يصبح همه الوحيد
النيل من محاوره، يغضب، فيعلن خروجه من الجلسة.
مجموعة من الدعاة تقترب من المقهى، تتوقف أحجار النرد، وتختفي الأصوات، بعض
الشباب ينسل من مكانه بهدوء متقن، والبعض الآخر يشغل نفسه بشيء ما، وبعض ينصت
للمجموعة التي تفيض بالطيبة والسماحة، لحظات وتنهي المجموعة عظتها بدعوة
الموجودين إلى المسجد بعد صلاة عصر الغد للمشاركة بالموعظة.

يبدأ الليل بالتعمق، بنشر غلالته على المساحات كلها، فتبدأ الأجساد بالتراجع
نحو البيوت، وهي محملة بهموم الغد والرزق والمعاناة.

تقفر الشوارع، وتغيب رائحة الشواء والفلافل، لتنتشر روائح البيارات القادمة من
السهول المحيطة بالمخيم، لتتشابك مع روائح الياسمين المعربشة على الأسوار
والجدران ومداخل البيوت، ولتندمج مع روائح العطرية وليلة القدر، وليتوحد
المشهد مع القمر المرسل ضياءه بتأنق حياء يزيده روعة وبهاء.

قليل من الشباب يظل مسامرا الليل الغائص بالعتمة، يتحدثون عن الرتابة القاتلة،
والبطالة المحكمة قبضتها على مستقبلهم الموزع بين النوم والمقهى والسمر.

أصبحنا وأصبح الملك لله، الحمد لله الذي أحيانا بعد ما آماتنا واليه النشور،
اللهم بارك لنا في هذا الصباح وقنا شره، الله واكبر، لا اله إلا الله وحده لا
شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب يسر ولا تعسر.

يوم جديد.


تمت

Um-Shahad غير متصل قديم 25-06-2007 , 03:38 AM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.